رسالة غزة المحتلة !!!


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 5390 - 2017 / 1 / 2 - 05:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

" حماس لا تعارض إنشاء اتحاد فيدرالي بين غزة والضفة " – موسى أبو مرزوق / نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
" أمنيتي أن أصحو لأجد البحر قد ابتلع غزة " – إسحق رابين / رئيس وزراء إسرائيلي.
-------------------------------
يبدو أن حركة حماس هي البحر الذي تنبأ به رئيس وزراء إسرائيل الراحل، ذلك أنه وبعد خطة الانسحاب أحادي الجانب، قامت حماس باستغلال ضعف السلطة التي انتخب أعضاؤها حماس في انتخابات 2006، وبالتالي حصلت على كيان مشوه، محاصر، فقير، يعتاش 80 % من سكانه على مساعدات الأنروا والمؤسسات الإنسانية، فيما تحصل حماس على موازنتها ( المجهولة ) من الضرائب والمكوس ورسوم التحصيل الإداري للتراخيص والمعاملات الإدارية المبالغ فيها بشكل لا يتناسب مع دخل معظم الناس، ففي حين تصل رسوم ترخيص السيارة الملاكي في الضفة الغربية إلى 700 شيكل فإن رسوم حماس هي 2100 شيكل سنوياً، الأمر الذي يؤدي تلقائياً إلى ارتفاع أسعار المواصلات بأكثر من 50 % !

غزة في عصر حماس لا توجد بها كهرباء إلا 3 ساعات مقابل قطع 12 ساعة، وهذا ما أدى إلى إطالة وقت كتابة هذا المقال إلى 4 أيام بدلاً من نصف ساعة. غزة يوجد بها أكثر من 300 ألف عاطل عن العمل خلاف 180 ألف خريج لا يجدون وظائف أو مصادر رزق، وخلاف انتشار مروع للفقر وظاهرة عمالة الأطفال، غزة لا يوجد بها مستشفى لأمراض السرطان، ويعتبر الحصول على تحويلة للعلاج في إسرائيل أو الضفة أو مصر أمراً صعب المنال، وقد تكرر موت العديد من الحالات نظراً لعدم وجود خدمات صحية راقية. غزة تعاني الآن بشدة من ارتفاع معدلات العنوسة فيما تحدثت صحف عن 125 ألف فتاة عانس في قطاع غزة.

هذه هي غزة التي تعتبرها حماس دولة مستقلة وتسعى بكل الطرق إلى ترسيخ حكمها الديكتاتوري وسياسة السطو على أرزاق الناس من خلال وسائل الجباية المختلفة والمتنوعة.
الأمر الذي لا ينتبه له أحد في غزة، هو أنه لا يوجد مواطن واحد في العالم يضطر لدفع الضرائب الباهظة لحكومتين معاً، حكومة رام الله وحكومة غزة !

اللافت في الأمر أن كلتا الحكومتين تقومان بجباية فواتير الكهرباء من سكان غزة .. فواتير تدفع بلا كهرباء، ما يعني أنه لا هم للسلطتين تحت الاحتلال سوى الربح والسلب والنهب، فسلطة رام الله تنهب 170 شيكل من مستحقات موظفيها الشهرية، فيما تقوم حماس بنهب 40 % من الطاقة المتوفرة لصالح وزراتها ومؤسساتها ومساجدها وبلدياتها وأنفاقها ومراكزها الشرطية والأمنية التي لا تنقطع عنها الكهرباء على مدار 24 ساعة، ما يعني أن الكهرباء في غزة من حق حماس وليست من حق الناس وبيوتهم وأطفالهم !
غزة المختطفة بقوة السلاح الحمساوي، المحاصرة والفقيرة، التي لا يجد مرضاها علاج أو سفر، أصبحت في نظر حماس دولة مستقلة تبحث عن اتحاد فيدرالي مع الضفة " المحتلة " !!!

إن الشيء المنطقي الوحيد الذي يمكن أن يفعله أهل غزة، هو الثورة على الحكم الحمساوي والفتحاوي معاً، للمطالبة بحل السلطة وتحميل دولة الاحتلال كامل المسؤولية عن حياة المدنيين تحت الاحتلال وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة.
أبو مازن لا ينكر أن الضفة محتلة، ولكن من يقنع حماس أن غزة محتلة بالكامل بل وبصورة أكثر قسوة من ذي قبل ؟؟! ماذا لدى حماس لكي تقاوم التفوق الجوي الإسرائيلي حيث تمتد سلطة الطيران بأنواعه إلى كل سنتيمتر في قطاع غزة ؟؟؟ ماذا لدى حماس لكي تقاوم الاقتصاد الإسرائيلي حيث إن دورة الاقتصاد الكاملة هي دورة إسرائيلية عمادها الشيكل الإسرائيلي ؟؟! ماذا فعلت حماس لإنقاذ حياة الناس من السرطان المتفشي في الخضروات واللحوم المصنعة ؟؟! ماذا فعلت حماس لصادين غزة الذين يواجهون الموت اليومي من السفن الحربية الإسرائيلية ؟!
لابد من مقاومة الفاشية والفساد والانهيار الأخلاقي لدى سلطة أوسلو بفرعيها، فكلتا السلطتين تحكمان غزة والضفة بالنيابة عن دولة الاحتلال، وهو ربح صاف لإسرائيل بصفتها الدولة المحتلة، ويظل السؤال نازفاً، لماذا تقوم فئات وشرائح معينة من الشعب الفلسطيني بإعفاء الاحتلال من مسؤولياته القانونية والتزاماته تجاه السكان تحت الاحتلال ؟؟ هل تسعى حماس لتهجير كامل قطاع غزة، وهو ما فشلت فيه إسرائيل على مدار 68 من احتلالها لفلسطين عام 1948 ؟؟!

الخلاصة:

أولاً: فوائد حل سلطة أوسلو بفرعيها

1 – التخلص من الاحتكار القذر لشركة الاتصالات والجوال وخدمات الإنترنت التي تنهب أكثر من 150 دولار شهرياً في حين أن تكلفة هذه الاتصالات مجتمعة في دولة مثل بريطانيا لا تزيد عن 25 دولار !!!
2- سوف يقوم الاحتلال بحل فوري لمشكلة الكهرباء لكي تتوفر بسعر معقول طيلة 24 ساعة، وهو ما يساهم في إعادة إحياء الصناعة التي دمرتها سلطة أوسلو ثم قضت عليها حركة حماس !
3 – ستعود إسرائيل إلى فتح مصانع الحياكة في غزة لتشغيل أكثر من 60 ألف عامل، وستفتح إسرائيل حدودها للطبقة العاملة لتشغيل عشرات الألوف من العاطلين عن العمل !!
4- ستعود إسرائيل إلى تسهيل تصير الورود الغزية إلى الدول الأوروبية الغنية !
5- إعادة ازدهار صناعة الخيرزان وصناعات الأثاث وورشات الحدادة.
6- ستعود إسرائيل إلى استيراد ثلاجات العرض الغزية وهو ما يفتح آفاق السوق التشغيلي للعمال والفنيين المحليين.
7- سيعود الإسمنت متوفرا في غزة بسعر 360 شيكل بدلا من الاحتكار المافيوي 800 شيكل وأحيانا 1200 !!!

ثانياً: مخاطر بقاء غزة تحت الحكم الحمساوي

1- زيادة معدلات الفقر والبطالة والتسول !
2- زيادة عمالة الأطفال اللاأخلاقية.
3- انعدام الخدمات الصحية والاجتماعية.
4- استمرار نهب وسلب 40 % من الكهرباء على حساب الناس هذا خلاف الجباية الوحشية وغير المعقولة لثلاث ساعات وصل.
5- استمرار تفشي السرطان بمعدلات غير طبيعية نتيجة الفساد وضعف الرقابة على استخدام المبيدات الحشرية.
6- استمرار معاناة المرضى في السفر في ظل فساد دائرة العلاج بالخارج.
7- ازدياد وتفشي ظاهرة الإدمان على المخدرات.
8- استمرار تجميد إسرائيل لاستيراد البضائع الغزية وهو ما أدى إلى تفاقم معدلات البطالة بصورة خطيرة.
9- ارتفاع معدلات الجريمة والقتل على خلفية السرقة.
10 – ارتفاع معدلات الهجرة للكفاءات والطاقات الشابة.

أخيراً، على الماكنات الإعلامية الضخمة للسلطة وحماس، التوقف عن تصوير غزة والضفة كأقاليم مستقلة والاعتراف أن إسرائيل تحتل كامل الضفة وغزة وتمارس سيادتها السياسية والأمنية من خلال ما تملكه من وسائل الدمار والقوة الغاشمة التي لا يمكن مجابهتها بأدوات بدائية بسيطة.