حول خيار الدولة الواحدة !


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 5607 - 2017 / 8 / 12 - 13:02
المحور: القضية الفلسطينية     

يعود التصور التاريخي لتعايش المسلمين والمسيحيين واليهود في فلسطين ضمن دولة واحدة إلى العام 1944 حينما دعت عصبة التحرر الشيوعية ( من عرب ويهود ) إلى إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإقامة دولة علمانية واحدة.
مصطلح الدولة الواحدة يمكن استخدامه بصورة ملتبسة للتعبير عن مفهومين مختلفين، الأول هو الدولة ثنائية القومية التي تحتفظ بالمكونات الثقافية والدينية للأقليات، أما الثاني فهو الدولة الديمقراطية التي تمنح حقوقا متساوية لكل مواطن بغض النظر عن عرقه أو دينه أو لونه أو جنسه.


ومن الفصائل التي أعلنت صراحة أن الدولة الواحدة مطروحة ضمن أجندتها الاستراتيجية هي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكذلك الجبهة الديمقراطية، أما حركة فتح فقد تبنت قبل العام 1974 أطروحة الدولة العلمانية الواحدة لجميع مواطنيها.
وبعيداُ عن التمايز والفروقات بين الدولة ثنائية القومية أو الدولة الديمقراطية، فإن الواقع السياسي والتشابك الاستيطاني اليهودي في فلسطين مع مناطق التواجد العربي، قد عرقل كثيراً من أطروحة حل الدولتين، حيث التف اليمين الصهيوني على هذا الخيار من خلال سياسة ممنهجة وشرسة للاستيطان في الضفة الغربية حيث أصبحت المستوطنات والطرق الالتفافية تشكل حوالي 60 % من أراضي الضفة، بالإضافة إلى التهام جدار الفصل ما نسبته 8 % إلى 12 %، بمعنى أن الحديث عن ضياع 70 % من أراضي الضفة تحتوي أكثر من 80 % من مصادر المياه العذبة.


وحتى عندما طرحت الأمم المتحدة قرار التقسيم رقم 181 في العام 1947، لم يكن يسيراً فصل مناطق التواجد اليهودي عن مناطق التواجد العربي، ذلك أن مدن يافا وتل أبيب كانتا متداخلتين، وحيفا متعددة الطوائف، وبين كل قريتين فلسطينيتين كان اليهود يقيمون مستوطنة !

************

لكن حتى خيار الدولة الواحدة يجد معارضة لأسباب أيديولوجية لدى اليهود الذين يطرحون مفهوم " يهودية الدولة " حرصاً منهم على عدم إقامة دولة واحدة تضمن حقوقا متساوية وعادلة لجميع الأقليات، الأمر الذي يواجه معارضة هائلة من المنظمات الحقوقية والإنسانية في العالم. تجدر الإشارة إلى أن خيار إسقاط العنصرية الصهيونية من أجل إقامة دولة واحدة تحقق الحرية والعدل والمساواة لجميع الناس دون تمييز، يمثل استراتيجية يتم طرحها وتداولها من حركة BDS الآخذة في التوسع والانتشار في الدول الغربية !
ورغم أن خيار سقوط الأيديولوجيات يحتاج إلى تراكم نوعي للوعي لسنوات طويلة، إلا أن الزمن الحالي في ثورة الاتصال والتواصل كفيل بتعجيل وتسريع هذا التراكم.


الآن فلسطينيا مطلوب الإجابة على التساؤلات التالي:

1- أيهما أفضل، دولة بحقوق متساوية لجميع مواطنيها على كامل فلسطين التاريخية، أم دولة فلسطينية مقطعة الأوصال على 18 % من فلسطين ؟!
2- إذا كانت عنصرية اليمين الصهيوني تطرح مفهوم " يهودية الدولة " من أجل مواجهة أي احتمال لقيام دولة ديمقراطية لجميع سكانها، فهل يوجد في فلسطين من يرفضون هذا الطرح ؟؟!