لماذا القلق على مستقبل مصر ؟! زويل واحد لا يكفي !


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 5708 - 2017 / 11 / 24 - 14:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في سبيل متابعة ردود الأفعال على مقال " رسالة إلى الرئيس السيسي " أورد السيد عبد المعبود خيال في مواقع التواصل، تعليقاً جميلاً يتساءل فيه عن السبب الذي يجعلني قلقاً على مستقبل مصر، والحقيقة أن القلق يتجاوز القضية الفلسطينية ومصر إلى مؤشرات تدل على تصفية الأمة الناطقة بالعربية وزوالها واندثارها إن لم تواكب التحولات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية التي تشهد منافسة محمومة ضارية معولمة بين الأمم.

قلق جدا من الانفجار السكاني في مصر ومدى خطورته على خطط التنمية، كما أني قلق على مستقبل المورد المائي الرئيس لمصر وهو نهر النيل بعد إطلاق مشروع سد النهضة الأثيوبي والذي يتجاوز قدرات وحاجات دولة متخلفة مثل أثيوبيا إلى وجود أصابع قوى رأسمالية عظمى معادية لمصر.
قلق لأن مصر في نهاية الستينات وبداية السبعينات كانت تحقق خرقاً في العلوم والتكنولوجيا موازياً مع الخرق الذي كانت تحققه دولة ناهضة مثل كوريا الجنوبية، والآن بعد مرور خمسة عقود نتساءل، لماذا قفزت كوريا الجنوبية في شتى الصناعات إلى مصاف الدول الإنتاجية العظمى حتى بلغ دخلها القومي عام 2016 512 مليار دولار، فما الذي يحدث في دولة تمتلك مقومات وموارد أضعاف ما تمتلك اليابان وكوريا مجتمعتين ؟؟! هنا يقفز إلى الأذهان سؤال المفكر العربي شكيب أرسلان في مطلع القرن المنصرم ( لماذا تقدموا هم وتخلفنا نحن ؟! ).
إننا كشعوب ناطقة بالعربية لم نتمكن من بناء الدولة الحديثة الديمقراطية ولا دولة القانون والرفاه الاجتماعي، ولا دولة الإنتاج والتصدير للقضاء على البطالة والحد من التضخم. للأسف أننا ما زلنا نقحم الشأن الديني في إدارة مؤسسات الدولة، فتلقينا رغماً عنا فتاوى إرضاع الكبير ومضاجعة الجثث والعلاج ببول البعير ومغموس الذباب ! أي دين هذا الذي تروج له المؤسسات الرسمية بحيث يصبح إطلاق اللحية وحف الشارب أهم من إرساء قواعد العدل وهو الهدف الأسمى للدين ؟؟!

كنت سعيداً متفائلاً، بدعوة الرئيس السيسي الأزهر إلى ضرورة القيام بثورة عنوانها " التجديد الديني "، لكن للأسف فاقد الشيء لا يعطيه، فالأزهر لم يمتلك الجرأة على تكفير الدواعش، بل إن رئيس الأزهر وصفهم بأنهم من أهل القبلة !

أتمنى لمصر وكلي أمل وثقة، بأن مصر التي تفكر وتبدع وتتألق حضارياً سوف تعود بقوة إلى جوقة الأمم المتقدمة، فنشاهد منتجات مصر الصناعية والزراعية تغزو العالم. الأمم اليوم لا تتنافس في الفتاوى الساذجة وتغييب العقول وتحطيم بديهيات التفكير، بل تتنافس في ترتيب أول مائة جامعة على العالم كما تتنافس في عدد جوائز نوبل وعدد براءات الاختراع، كما تفاخر بالأقمار الصناعية ومحطات الفضاء ! فهل نشاهد مصر كقوة عظمى تنتهي فيها مظاهر البطالة والفقر والبؤس والمرض، ونحاول طرح تساؤل الأمن القومي الذي لم تتم إجابته حتى الآن منذ قرن من الزمان .. " لماذا تقدموا هم وتخلفنا نحن ؟؟! ".