أوقفوا احتفالات الفصائل الآن !!!


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 5366 - 2016 / 12 / 9 - 09:04
المحور: القضية الفلسطينية     

أوقفوا احتفالات الفصائل الآن !!!

تقاس قوة الإنسان بقدرته على تحمل الحقيقة !!
وليم شكسبير
------------------------------------------

في شهر ديسمبر الجاري ولغاية الأول من يناير، تحتفل معظم التنظيمات الفلسطينية بانطلاقاتها، على اعتبار أن مجرد بقاء تلك التنظيمات على قيد الحياة هو إنجاز بحد ذاته. فهل هو استغباء للناس أم استخفاف بمعاناة الناس من ضحايا الحروب والأرامل والأيتام والبيوت المهدمة والجرحى والمعاقين ؟؟! هل يرقصون على عذابات البسطاء المغفلين الذين صدقوا يوماً خرافة فيتنام والجزائر التي لا تنطبق أي منها على ظروف غزة ؟! هل هم فرحون حقاً بإنجاز انتفاضتين وثلاثة حروب مدمرة ؟؟! هل تعتبر فصائلنا المبجلة أن مجرد تقديم الشهداء والجرحى والأسرى والأيتام هو إنجاز بحد ذاته ؟؟!

ها قد حل الشتاء على الآلاف الذين ما زالوا يسكنون الكرافانات الحديدية التي لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء. ربما كان الأجدى من الفصائل أن تختفي من وجوه الناس، فكل ما نشهد من هزيمة حضارية وثقافية وسياسية، سببها تخلف الفصائل وعدم احترام المفكرين والمثقفين، والأهم هو ذلك الغباء المستفحل في صياغة أدبيات " ثورية " لا تنتمي لواقعنا الجغرافي أو الجيوسياسي، وقد أوضحت في مقال العام الماضي في ذكرى الانتفاضة الأولى، أن أمثلة فيتنام والجزائر لا تنطبق على الضفة وغزة بأي حال من الأحوال.
عندما كانت الثورة في الأردن وحدث الصدام بين الثورة والدولة الأردنية لأسباب لا داعي لذكرها لأنها ماثلة الآن في غزة والضفة، من فساد وعربدة وقمع حريات وإفقار منظم لشرائح واسعة من المجتمع – كان يفترض في مفكري الثورة أن ينتجوا مئات الكتب في علم الاجتماع السياسي، لكي لا تتكرر مأساة الأردن في لبنان، وبالتالي، وطالما لم يتم التعرف على حقيقة المرض، تم نقل العدوى إلى لبنان ومن ثم إلى تونس ومن ثم إلى غزة والضفة !

الخطأ الأساسي يكمن في منطلقات الثورة الفلسطينية ( القومية والوطنية والإسلامية )، وأول منطلق هو افتراض وجه للمنافسة العسكرية بين الشعب الفلسطيني المسكين والدولة العبرية، والحقيقة التي يكره الفلسطينيون سماعها، هو أن دولة الاحتلال دولة متقدمة، منظمة، منتجة، حافلة بمراكز البحث والجامعات التي تحتل مراتب عالمية متقدمة، علاوة على تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة التي تمدها بأعتى أسلحة الدمار وأحدثها على الإطلاق.

لكن المستغرب والمستهجن، هو غباء الثورة الفلسطينية في جميع مراحل النضال طوال 70 عاماً، بدءا من رفض التقسيم وإعلان الحرب عام 1948 والذي ترتب عليه حدوث النكبة وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ونهب ممتلكاته، ومرورا بالفشل الذريع في الأردن ولبنان وانتهاء باتفاق الخيبة الكبرى في أوسلو، وهو بالمتاسبة ليس اتفاقاً سياسياً بقدر ما هو صفقة أمنية نقدم نحن فيها الأمن لإسرائيل ومستوطناتها مقابل أموال المقاصة التي تجبيها إسرائيل من دمائنا لصالح السلطة، والحقيقة التي يجهلها معظم الناس في غزة والضفة، هو أن أكثر من 65 % من موازنة السلطة هي أموال غير مشروعة تجبيها إسرائيل من خلال الضرائب وتجبيها السلطة نفسها من خلال الاحتكارات القذرة كالاتصالات والجوال والإنترنت والكهرباء، وكلها سلع إسرائيلية بحتة، بما فيها شركة جوال التي لا تعدو عن كونها سمسار أو مسوق للتكنولوجيا الإسرائيلية، ومن المهم معرفة أن بدالة قطاع غزة 08 هي نفس بدالة مدينة المجدل، وأن مقدمة الهاتف الخلوي الإسرائيلي هي 05، فنرى السيلكوم 052 وأورانج 056 وبيلفون 050 وكذلك جوال 059 !!!!

بماذا إذن نحتفل ؟؟؟ بالانتصارات المزعومة ؟؟! أين المنطق وأين العدل عندما ندفع 2500 شهيد و 90 ألف منزل مدمر مقابل أسير إسرائيلي ؟؟! هل إطلاق سراح الأسرى أهم من الحفاظ على حياة الناس ؟؟! هل يحق لسائق إسعاف ينقل مريض في حالة حرجة أن يدهس عشرة أشخاص في الطريق ليقتلهم من أجل إنقاذ حياة شخص واحد ؟؟! حسناً، الثورة الفلسطينية تفعل الشيء نفسه، وفقط تذكروا معنا كم شهيد دفعنا من أجل شاليط ؟!

----------------------------------
ملاحظة: جزء كبير من الأسرى الذين تم تحريرهم في صفقة وفاء الأحرار تم اغتيالهم أو اعتقالهم مرة أخرى !!!
----------------------------------

أم لعلهم يحتفلون بجرحى المصادمات العبثية شرق مخيم البريج، حيث جميع الإصابات بالرصاص الحديث المتفجر الذي يحمل مواد كيميائية تعمل على تعفن الجزء المصاب. لدينا أحمد أبو شكيان من جباليا قد يواجه بتر القدم لعدم حصوله على تحويلة للعلاج بالخارج. لدينا الصحافي محمود اللوح من غزة حيث تم تحويله إلى مصر وتم إجراء 4 عمليات جراحية في قدمه دون جدوى، والآن ينتظر بلا جدوى أي تحويلة على دولة أجنبية !

كل التقدير والمواساة لأسر الضحايا والأيتام والأرامل والجرحى والمعاقين، وكل التحية للمشردين الذين فقدوا بيوتهم، وأطالب في الختام بما سبق وطالبت به لإنقاذ الشعب الفلسطيني من واقعه المدمر والمأساوي، وهو ضرورة الاعتراف بالهزيمة والفشل ولو مرة واحدة، وبالتالي العمل على التخلص من اتفاق أوسلو والقيام بحل السلطة في الضفة وغزة وحل جميع الفصائل بلا استثناء، ثم عقد مؤتمر إنقاذ وطني للبحث في أهداف الشعب الفلسطيني من جديد، وأهم تلك الأهداف هي حقه في حياة كريمة .. حياة وليس مزيدا من الموت والخراب !

الخلاصة:

1- مبدأ العنف الثوري بين شعبنا الفلسطيني الأعزل والدولة العبرية يقوم على تهميش التفوق الكاسح لدولة الاحتلال في السلاح والتكنولوجيا وهو ما أوقع الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات على مدار 68 عاماً.

2- على السيد محمود عباس الإعلان عن فشل أوسلو ثم حل السلطة التي تعفي الاحتلال من واجباته تجاه الشعب الواقع تحت الاحتلال.

3- إنهاء الاحتكارات القذرة والمتوحشة لشركات الاتصالات والإنترنت والكهرباء وفتح السوق أمام الشركات الأجنبية للمنافسة في السوق المحلي.

4- على حركة حماس وباقي الفصائل الإعلان عن فشل المقاومة المسلحة واحترام عذابات شعبنا المسكين، وعدم الانجرار إلى الإعلام الإسرائيلي الملغوم بالأكاذيب مثل خوفها المزعوم من مواجهات مسلحة جديدة.

5- الإعلان عن حل كافة التنظيمات المسلحة وتحويل موازناتها الضخمة لصالح بناء مستشفى خاص بأمراض السرطان في قطاع غزة، حيث يوجد 14 ألف مريض سرطان منهم من لا يمتلك أي تحويلة للعلاج في الداخل المحتل أو مصر أو الضفة الغربية.
6- الشروع في تعيين فريق من الخبراء لكتابة مناهج فلسطينية جديدة تحترم مبادئ الديمقراطية وتعزز العمل التعاوني والتفكير الحر.

7- أدعو دولة الاحتلال إلى الكف عن سلب ونهب الضرائب من الشعب الواقع تحت الاحتلال لصالح مشاريعها الأمنية، والقيام بمسؤولياتها الأخلاقية تجاه السكان الأصليين الواقعين تحت الاحتلال.

8- إذا أصرت دولة الاحتلال على جباية ضريبة القيمة المضافة من غزة والضفة فهذا يجبرها على التخلي عن عنصريتها الصهيونية والدخول في ترتيبات قيام دولة ديمقراطية واحدة لجميع مواطنيها دون تمييز، فلا يوجد في هذا الكون دافع ضرائب لا يمتلك حق الاقتراع في الدولة التي تجبي منه الضرائب.

دمتم بخير