أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - أوقفوا هذا العبث في غزة !















المزيد.....

أوقفوا هذا العبث في غزة !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2252 - 2008 / 4 / 15 - 08:56
المحور: كتابات ساخرة
    


أصبح مألوفا لمن يمشي في شوارع غزة أن يرى مجموعاتٍ من العاملين، يحملون المكانس وأدوات التنظيف، وهم يُنظفون الشوارع بهمة ونشاط ، وغير بعيدٍ عتهم ،يقف على رأس كل مجموعة مسؤولٌ يحركهم أيضا بهمة ونشاط.
ومن يتمهل ،يرَ بأنهم يلبسون قبعاتٍ وفانيلات بيضاء مطبوع عليها أسماء الممولين لمشروع النظافة ( الكبير) ، وهم لا يتحركون إلا باليافظات التي تشير إلى جهة الدعم أيضا ، وجهة التنسيق للدعم .
كل ما سبق لن يستثير أحدا ، بعد أن أعتاد الفلسطينيون امتهان التسول على أرصفة العالم منذ زمن بعيد.
غير أن الغريب في الأمر، هو طريقة تنظيف الشوارع.
ولمزيد من الإيضاح ، فإن شوارع غزة، لا علاقة لها بالشوارع ، فهي ممرات إجبارية نجتْ بإعجوبة من الاعتداءات على حرمتها ، وهي ما تزال تقاوم حتى هذه اللحظة محاولات إغلاقها والاعتداء عليها واغتصاب أجزاء منها ، كما أنها على الرغم من هياكلها كشوارع، إلا أنها تختلط بالأرصفة في بعض مواقعها،، كما أن اكثرها يعيش منذ أمدٍ طويل بلا أرصفة، تحيط بها الرمال من كل جانب.
وهذه الشوارع المحاطة بالرمال، تخضع لبورصة الرياح ، ولنشرة الأحوال الجوية، فهي تارة تتقلص لتصبح في نصف حجمها ، وطورا تُعريها الرياح فتوسعها قليلا.
وإكمالا لصورة غزة ، فإن المتابع يرى عاملي النظافة ، أو العمال الموسميين، أو عمال البطالة كما يسمون في بلدنا ، أو ذوو الحظوة ممن ظفروا بفرصة عمل مدعومة لبضعة أيام ، أو بضعة شهور، وهم يطاردون الرمال حول الشوارع، فيكحتون الرمال عن أطراف الشوارع في الصباح ، ويكومونها بجوار الشوارع أيضا ، في انتظار هبة ريح في المساء لتعود سريعا إلى مواقعها من جديد ، بل إنها تكون أكثر حرية لأن العاملين قد فتتوها بالمكانش الخشنة، فأصبحت حرة خفيفة طليقة، تطير مع النسمات، وتتراقص مع أرجل الماشين لتعود إلى الشارع من جديد ، ونظرا لخفتها، فإنها ستدخل الأنوف والأفواه وحتى غرف النوم من النوافذ والشرفات أيضا .
ويبدو أن الداعمين الممولين والمنسقين الرابحين ، يرغبون في أن يكون الحالٌ كما هو كائنٌ بالفعل ، فهم يريدون منا أن نمارس طقسا عربيا قديما ، وهو طقس:
" الخرقاء التي وجدتْ صوفا" فلم تتمكن من صنع شيء من الصوف لأنها بلهاءٌ خرقاء، كما أنها أتلفت الصوف ولم يعد صالحا لها ، أو لغيرها.
فكل ما يقوم به ثلاثون عاملا أو أكثر ، طوال ثلاثة أيام في شارع واحد، تُنجزه آلةٌ من آلات النظافة الموجودة في غزة في دقائق معدودة ، هذا لو كانت النية هي التنظيف والنظافة!
أما وإن موضوع النظافة العبثية في غزة، لا يهدف إلى النظافة ، بل يهدف إلى تدريبنا على أسس العبث المقصود والمنظم لنعتاد السلبية والكسل ، وأن نجلس على أرصفة العالم في انتظار المحسنين الكرماء ، أو الأثرياء الرحماء ، أو المؤسسات البروبوزلية التي تحرك الدعم برموت كونترول عن بعد، فإننا ندرك حجم المؤامرة الخطيرة التي تُحاك ضدنا.
فلا يُمكن لعاقل أن يُصدق بأن الفلسطينيين المناضلين ، الذين يطلبون النصرة من العالم ، لأنهم مناضلون شرفاء ،وأنهم يرددون دائما فخرهم بأنهم بنوا أوطانا أخرى بجهودهم ، وأنهم مثالٌ في غربتهم على التفاني والإخلاص والمثقابرة ، فلا يمكن لأحد أن يصدق بأن هؤلاء يقبلون أن يمارسوا في أوطانهم أبشع أنواع الكسل والتدمير والإفساد .
ولا يُمكن أن يُصدق أحد بأن أمهر العاملين ، وأكثرهم خبرة يعجزون عن شوارعهم وأزقتهم .
قليلون الذين يكنسون واجهات محلاتهم وبيوتهم ، وكثيرون ممن يكنسون بيوتهم ، يُلقون مخلفاتهم في الشوارع أمام بيوتهم ، لأن الشارع ببساطة ليس ملكا لأحد !
فليس غريبا أن يرى السائرون يدا تمتد من أحد البيوت الجميلة ثم تطوِّح فأرا ميتا إلى الشارع.
وليس غريبا أن يرى المتابعون كيف أصبح البصاق في الشوارع عادة شعبية .
وليس غريبا أن ترى النفايات تتطاير من شبابيك السيارات المسرعة .
واحذر دائما أن تسير بالقرب من حافلة مملوءة بالركاب ، لأنك قد تفاجيء بزجاجة عصير تقع بالقرب من قدميك ، أو ببقية طعام يصيب ثيابك .
وما أزال أذكر كيف أننا منذ سبعة سنوات استضفنا مجموعات من شباب العالم، ليقوموا بتنظيف شاطئنا من نفاياتنا.
مع العلم بأن مدرستين من مدارس غزة يمكنها أن تقوم بتنظيف الشاطيء في يوم واحد ، بلا بروبوزل ، أو وسماسرة ووسطاء . وإليكم هذه اللقطة :
من يجُب شوارع غزة، يرَ يافطة تقول :
"مشروع تعشيب ملعب كرة قدم ، مقدم هدية من ......"
حتى زراعة ملعب من الملاعب يحتاج إلى بروبوزل وفق المقاييس ، فالمجد كل المجد في فلسطين لمحترفي كتابة البربوزولات، الذين لا يضيعون فرصة من الفرص إلا واغتنوها من أجل (مصلحة الوطن) !
ثمة يدٌ في الخفاء تسعى لإفقادنا مراكز قوتنا الكامنة في نشاطنا وطاقاتنا، هذه اليد تهدف إلى تدريبنا كيف نتخلص من آخر مجالات فخرنا بالنشاط والعمل والإخلاص، وأن ندرب أبناءنا على الكسل والتمطي والاعتماد على الغير ، فنفقدهم روح المبادرة والعمل .
ثمة يدٌ ملوثة تريد أن تقول للعالم :
انظروا هذا هو الشعب الفلسطيني الغارق في قمامته، وهو لا يستطيع أن يقوم بتنظيف نفسه لأنه مُقعد مكفوف معوّق ذليل ، أيستحق مثل هذا الشعب منكم أن تتعاطفوا معه وتنصروه في قضيته العادلة ؟
ثمة يد خطيرة أسهمت في إنشاء البنية الأساسية للكسل ، فأُنشئت طبقة جديدة تتغذى على لحم الوطن ،بادعاء أنها مؤسسات ديموقراطية ، تسعي لنشر الوعي ، وهي عمليا تتاجر بالديموقراطية في بورصة الأوطان ، هدفها النهائي دفن الوطن حيا في ترابه ، لتنشر نعيه في كل الجرائد قائلة :
انتقلت فلسطين إلى رحمة الله بعد معاناة طويلة مع مرض عُضال ، أقعدها منذ ستين عاما .
وكانت فلسطين مثالا للخير والصلاح والوفاء والإخلاص.
عظم الله أجركم جميعا .
وإكمال لصيغة العزاء المقدمة أيضا في ( مشروع للدعم ) أو بروبوزل لدفع ثمن الإعلان في الجرائد :
"يُقبل العزاء في كل شوارع الوطن ، مع العلم بأنكم مدعوون على الغداء وفق بروبوزل [ العشاء الأخير] بدعم ورعاية جمعية أيتام الأوطان ".





#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من ...
- جمعية المختصرين !
- مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
- هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
- موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
- غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
- في وصف إسرائيل !
- لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
- هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
- مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
- العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
- إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
- باراك أوباما....وعشق إسرائيل !
- ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة
- بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
- من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
- قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!
- الإعلاميون العرب والتسلية على أسماء الشخصيات الأجنبية !


المزيد.....




- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...
- دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك ...
- بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك ...
- شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا ...
- برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
- مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين ...
- معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف 
- 865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع ...
- -شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - أوقفوا هذا العبث في غزة !