أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عامر عبد زيد - في أنماط الاتصال بين الإسلام والغرب المسيحي















المزيد.....

في أنماط الاتصال بين الإسلام والغرب المسيحي


عامر عبد زيد

الحوار المتمدن-العدد: 1913 - 2007 / 5 / 12 - 13:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لابد من التساؤل عن الكيفية التي حدث بها الاتصال بين المسيحية والإسلام عبر المدينة اذ تشكلت فعاليات سلطة الإسلام والقواعد التي قامت عليها العلاقات بين الإسلام واليهودية ومع الهجرة الى المدينة تحققت للإسلام دعامة اجتماعية وسياسية منذ (622م) اذ أصبحت الأمة مجتمعاً تاريخياً مزوداً بدولة، ومؤسسات وله أهداف سياسية وعسكرية واقتصادية (اتجه الخطاب القرآني في الأعم الأغلب الى شؤون الدنيا الى تأسيس المدينة الإسلامية وتنظيمها والى التشريع للفرد والمجتمع في العبادات والمعاملات معاً)( ) وبذلك تشكلت السلطة الإسلامية بفعل ظروف داخلية واخرى خارجية ساهمت في الثقافة العربية الإسلامية في ظل السيادة العليا للقران ظهر هذا المجتمع وشكله القانوني في وثيقة المدينة التي جسدت الدستور السياسي الذي يحدد العلاقة داخل المدينة ويقرر السلطة الإسلامية اذ يحدد العلاقة بين المؤمنين (مهاجرين وانصار والعلاقة بأهل الكتاب من اليهود الذين يعيشون في ظل الإسلام وقد خضع اليهود لهذه السلطة عندما اتفقوا مع الرسول (ص) على جملة امور وردت في الوثيقة وبذلك يكونون اقروا الخضوع للسلطة الجديدة، وقد دخل الرسول في حوار مع المسيحيين في نجران. وقد اتخذ الإسلام بعدين: الأول يقوم على محاربة الشرك بوصفه خطاب اللا عقل مقابل خطاب العقل القائم على التوحيد اما البعد الثاني: فيقوم على نقد وتقويم لتاريخ النجاة اليهودي والمسيحي هذا من الجهة الإسلامية اما من الجهة الاخرى اي المسيحية واليهودية وكيف تشكلت صورة الإسلام في المخيال المسيحي( ) وبالتالي كيف تشكلت تلك الصورة القروسيطة المسيحية عن الإسلام اي كيف تمثل العالم المسيحي صورة الإسلام وكيف اورثها الاستشراق( ). اي هناك اختلاف بين الإسلام كما هو مبين صورة في المخيال المسيحي واليهودي، وقد اتخذت تلك الصورة للإسلام في المخيال المسيحي موفقاً مسيحياً اتجاه الإسلام بوصفه الآخر الخارج عن نظامه وقد اتخذ منه موقفاً معادياً في اغلبه، وهو وليد ذلك المخيال الذي عكس طريقة إدراكهم للصور ومحاكمتهم للاشياء ثم في تصرفاتهم وسلوكهم( ). وقد وقف اليهود من قبل من الإسلام موقفاً متمثلاً بشعورهم بالازدراء يغذيه إحساس بالتفوق الديني تجاه كل ما يمكن ان يظهر بوصفه تلفيقاً للتقليد التوراتي، الا ان هذا التفوق كان يستند ايضاً على ارث كتابي عتيق وعلى غرور قومي وثقافي. ان ما رفضه اليهود في دعوة يسوع ذلك الشخص المتطور داخل اليهودية يرفضونه كذلك في محمد (ص) ذلك العنصر الغريب والخارجي. واذا كان مسيحيو نجران اكثر تحفظاً واقل عدائية فذلك دون شك بسبب بعدهم عن صراع والنفوذ الذي يجتاح المدينة. هذا بالإضافة الى كونهم عرباً. وهذا نوع من التعاطف القاعدي للقران مع المسيحية، خال من النقد الذي كان موجهاً نحو العنصر اليهودي في المدينة والذي وضع نفسه رقيباً ونموذجاً الا ان تقلص اليهودية في المدينة جعل من المسيحيين موضوع اهتمام الفاتحين العرب.
لقد قيل ان مسيحية الشرق القائلة بالطبيعة الواحدة للمسيح قد عجلت بقبول السيطرة السياسية للفاتح العربي لأنها كانت تأمل منه تسامحاً كبيراً. حتى اصبح الشرق المسيحي المتقدم اكثر من الغرب، يعيش تحت وصاية دولة متسامحة. ولان المسيحية الشرقية قد فقدت التعبير والقوة السياسية بان تطور موقفها تجاه الإسلام يفقد كل اهمية، وبمقدار ما تتقدم في الزمن فتماهى المسيحية السياسية مع الغرب الأوربي لتبلغ القرون الوسطى الأسس الانفعالية لتمثله الإسلام( ). ذلك التمثل المجبول اساساً بالعداوة. ولكن خلال العصور الوسطى الاولى لم يستطع الغرب المحصور في آفاق ضيقة ان يفرز رؤية متجانسة ومتحققة بوصفها غاية عن الإسلام حيث ان التقليد الكاروليجي لم يعرف هذه المفاهيم لكن الامور اخذت منحى اخر عندما اكتمل قوام الثقافة القروسطية، وعندما قذفت أوربا بنفسها نحو الخارج بفعل الحروب الصليبية( ) لكن كانت هناك قنوات اتصال نمت وتوسعت بين الطرفين كثيرون من عوام المسلمين يظنون ان العالم الإسلامي في عصوره الزاهرة كان مقفلاً في وجه العالم المسيحي، كما ان كثيراً من المسيحيين يعتقدون ان العالم المسيحي كان في عزلة تامة عن العالم الإسلامي وانه لا يدين له بأي شي، ولم يتأثر به في قليل ولا كثير وقد ظهر هذا لدى المؤرخين والمفكرين الذين تأثروا بالنزعة الأوروبية خصوصاً في القرن التاسع عشر حتى انهم اوغلوا في هذا الامر بوصفه جزءاً من الإرث الصليبي من هذا الأثر الفلسفي الذي هناك الكثير من يعمل على تجاهله او تحجيم دور المسلمين في تحقيق إضافة في هذا النطاق والواقع ان العالمين (الإسلامي والمسيحي) كانا على اتصال بين الثقافتين كانت متعددة متنوعة بفضل روح التسامح التي جاء بها الإسلام وقبوله للتعايش مع مختلف السلالات والثقافات الأوليات في جميع المناطق الإسلامية شرقاً وغرباً( ) ويمكن ان تصف القنوات التي شهدت الاتصال بالآتي:
1- القنوات الاجتماعية: مثل المساكنة والمثاقفة قنوات المصاهرة وقنوات السياحة وقنوات السفارة وقنوات الحج الى الأماكن المقدسة وقنوات التجارة والملاحة، وقنوات الجوار، وقنوات القراصنة والآسر والرق وقنوات الحرب.
2- القنوات الثقافية: وهي قنوات الاستغراب والتفاهم باللغة نفسها وقنوات التلقي وقنوات الترجمة. لقد ساهمت تلك القنوات في الاتصال وتبادل الخبرات فلقد كان لهذه القنوات مجال واثر فاعل في التأثير والتأثر بين الثقافتين وخصوصاً اثر الإسلام في الغرب فقد كان للحرب وخصوصاً في اسبانيا وما يتبعها من انتقال المدن من المسلمين الى ايدي الأسبان فان هذا الامر يعني بقاء المسلمين تحت يد هؤلاء وهم الذين عرفوا (المدجنينMudejares) وكان لهؤلاء اثر في نقل الصناعة والحرف والفنون والثقافة من ثقافة مزدهرة الى اخرى تعاني التخلف ومن بين هذه المدن (طليطلهToledo-) التي استعادها الأسبان كان لها دور مهم فيما بعد( ) وكان ايضاً للمجاور وما يتبعها من علاقات كالأزواج المختلط الذي كان شائعاً بين المسلمين والمسيحيين داخل الأندلس( ). وقد كان لكل هذا اثر عميق في الغرب منها:
أسباب التشكل: تغيرت بنية الثقافة المسيحية عما كنا قد عرضنا له في الفصل الأول عن تكوين الفكر المسيحي عرضنا لمرجعيات ذلك الفكر والاشكالات الاجتماعية والسياسية التي تبلورت داخلها الثقافة المسيحية وظهرت داخلها سلطة الكنيسة. وقد ظهرت تغيرات واضحة ومهمة في القرن الثاني عشر والثالث عشر ولعل ابرز دليل على هذه التغيرات البنيوية هو انتقال الثقافة من بنية الخطاب الديني الى بنية الخطاب الذي ادخله كل ما استطاع من الموروث اليوناني والإسلامي ولذلك عرفت القرن الثاني عشر من خلال النمو الحضاري والمدني والثقافي، وما صاحب ذلك من ظهور طبقات جديدة ساهمت في خلق تغيرات اجتماعية وثقافية مهمة وما صاحب ذلك من تغيرات (اجتماعة –ثقافية) وعوامل
(جيو سياسية) تعرض لها الغرب وساهمت في بلورة شخصيته ونعني هنا ان الأسباب تعود لما واجهه الغرب من تغيرات بفعل عوامل داخلية واخرى خارجية.
اولاً/ الأسباب الداخلية: يعود هذا السبب الى داخل الثقافة ذاتها من التراكمات الاجتماعية والثقافية التي كان المجتمع قد أنتجها خلال تلك الانشقاقات السياسية التي واجهها المجتمع المسيحي والذي ساهم في بلورتها بوصفها اتجاهات فكرية كرد فعل للصراعات السياسية حتى تجذرت في الاخر بنية ثقافية تقوم على مرجعيات معرفية وهذا ما يخبرنا به (ادوارد جونو) عندما يصف ذلك القرن (الثاني عشر) بقوله:(اذا كان المؤرخون مختلفين حول الاعتراف لعصر شارلمان بلقب عصر النهضة فكلهم تقريباً مجمعون على وجود نهضة في القرن الثاني عشر، ويرى الاب شينو (Chenu ) ان السنة 1100 هي (عقدة) في المنحى العظيم الذي تكونه ((إعادة الاستيلاء على رأسمال الحضارة القديمة)) ففي تلك السنة تحركت أشياء كثيرة كانت ان تبدو حتى ذلك الحين جامدة: انهزام الإقطاعية الكبرى امام الملكيات الفنية، ولادة مدن، تحرر الطبقات الريفية، الحروب الصليبية،…الخ وبذلك الوقت رأت النور اهتمامات ثقافية جديدة فقد اريد للغة اللاتينية ان تستعيد باسها ونقاءها وبرز الاهتمام بالحقوق الرومانية وبالعلوم الطبية، وازدهرت المدارس الدينية، وباختصار قام نشاط فكري كبير، فوضوي قليلاً ربما، ولكنه غنى بالبشائر( ) ويصفه اميل برهييه بقوله: ( انه قرن عرف فيه الفكر تقدماً حثيثاً ومتنوعاً صاخباً وملتبساً ايضاً: فمن جهة اولى حاجة ماسة الى المذهبية والوحدة تولدت عنها تلك الضروب من الموسوعات اللاهويته التي عرفت باسم (الإحكام) ومن الجهة الثانية فضول عقلي كبير ترجم عن نفسه في بعض الأوساط يعوده الى النزعة الآنسة القديمة وبالتفات جديد الى علوم المجموعة الرباعية. ولنضف ان تراث العصور القديمة راح يتكشف رويداً رويداً عبر ترجمات لمؤلفات كتاب كانوا لا يزالون مجهولين الى ذلك الحين، وان المكتبات اغتنت)( ).
ان هذه التغيرات جاءت انعكاساً للصراع بين سلطة الكنيسة وحلفائها من الإقطاعيين والدول وحلفائها من الطبقة الجديدة (البرجوازية) والتجار ساهمت في ظهور تلك الحركات الهرطقية التي حاربتها الكنيسة واقامت رداً على ذلك محاكم التفتيش ورهبانيات الصدقة وقرارات التحريم وغيرها حتى تحافظ على رهبتها وبقائها كان كل ذلك له تأثير على الثقافة، والتي اثرت في القرن الثالث عشر(فهو العصر العضوي الأمثل الذي حقق الوحدة الروحية او الكاثوليكية ألحقه صوب هذا القرن اتجهت أحلام جميع اولئك الذين يعتقدون ان السلم الاجتماعي مستحيل اذا لم يقم على اساس ايمان مشترك يوجه الفكر والعمل ويلحق به الفلسفة والفن والأخلاق وربما كان حقيقة انه لم يمر عصر توطدت فيه اطر الحياة الروحية وتوضحت كالقرن الثالث عشر. كانت الظروف عهدئذ مناسبة للغاية، فقد كانت نهضة المدن القومية والتجارة تيسر تبادل الافكار وجامعة باريس التي لعبت دور مهم في عهد "فيلب اوغست"، لقد أثمرت تلك الأوضاع (الجيوسياسية) في خلق بنية ثقافية هي وليدة تلك الظروف وجاءت استجابة لها وبالتالي جاءت فيها إضافة وتجديد على مستوى المرجعيات اليونانية وهنا نكتشف دور التراث الإسلامي.
ولقد جاءت الظروف السياسية والاقتصادية مواتية اذ ساهمت في بناء العقل الغربي المسيحي، وقد ظهر هذا من خلال تلك الحوادث والجدل بين الفرسكانين والدومنيكان والرشديين اللاتين في صراعهم الفكري الذي استمد جذوره من الظروف السياسية والعقائدية.
ثانياً/ السبب الخارجي:- هذا السبب الذي يأتي من الخارج ويحدث تاثيراً في الداخل، وهذا يعود اساساً الى الوضع (جيوسياسي) الذي ظهر في الغرب المسيحي، وكيف رفع شعارات دينية كان يرغب في تحقيقها كان لهذا الامر كبير التأثير، وبالاضافة الى جوانب اخرى للاتصال سبق شرحها ساهمت في تشكيل اثر إسلامي في الغرب. لكن الغرب اتخذ من الإسلام موقفين متباينين كان لهما اثر كبير في تشكيل اثر عميق في البنية الثقافية المسيحية الغربية، وقد اتخذ هذا التعامل موقفين:
الاول/ وهو الموقف الرافض الذي قدم تصوراً خاصاً عن الإسلام وهو وليد فضاء معادٍ، وقد اتخذ الغرب الوظيفتين التاليتين ازاء هذا:
الوظيفة الدينية:- تمثلت بالدفاع عن الله تجريبياً، اي انها غذت الصراع مع الإسلام بشكل تعبوي ديني وذلك من خلال اسباغ الشرعية على نفسها بوصفها تمثل المعنى الصحيح وتسقط الخصم في الضلال اي انها دخلت في (رهانات المعنى) من خلال اسباغ الشرعية على نفسها بوصفها تمثل الدين القويم واسقاط الإسلام في الضلالة.
الوظيفة العقائدية (النظرية):- وهي التي استلهمت الصراع مع الإسلام في تشكيل وعي مسيحي ازاء العالم الإسلامي، وقد اتخذ كل من الوظيفتين الرؤيتين الأولى تغذت من الحروب الصليبية فيما الثانية تغذت من العالم المدرسي الذي تغذى من المواجهة المسيحية في اسبانيا، الوظيفة الأولى وما تعتمده من رؤية تشكلت داخل الصدام المسلح بين المسيحية والإسلام، وهذه الرؤية الشعبية هي المادة التي استثمرتها الكنيسة في بناء يوتوبيا تداعب فيها عواطف الريفيين والغاية كانت دينية سياسية تعبر عنها سياسة الكنيسة القائمة على إنشاء مخيال مسيحي يصور الإسلام بشكل شعبي وقائمة على شعار انقاذ قبر المسيح من المسلمين، وكانت تلك احدى رسائل الوظيفة الدينية في الدفاع عن الله على المستوى الشعبي، لقد اتخذت هذه الوسائل الآتية:
1- لقد كانت الافكار التي تدور حول نهاية العالم بعد الالف من معاناة المسيح والافكار التي تتعلق بالعالم الاخر احد ينابيع الفكرة الصليبية مضافاً اليها الظواهر الطبيعية، وما صاحبها من تقلبات ومجاعة وامراض كانت تتغذى بواسطة الرؤية الشعبية والدينية الى قوى غيبية من ناحية ويتم ربطها باقتراب نهاية العالم والأفكار الألفية والأخروية من جهة اخرى. ولقد كان الناس الذين سيطرت على وجدانهم تلك الأفكار لضمان الخلاص، وقد تحولت مشاعرهم هذه الى التأكيد على ضرورة الرحلة الى بيت المقدس.
2- لقد كانت الحوليات والمؤرخات اللاتينية التي ساهم كتابها أنفسهم في صياغة الايديولوجية الصليبية الاولى ونجاحها، وهو ما يعني انهم كانوا يتوخون ان يصوغوا نموذجاً مثالياً يكون عامل جذب دائم في حالة الدعوة الى حملة صليبية.
3- ثم شكلت فكرة الحج وفكرة المكافأة التي ينالها الصليبي من ناحية اخرى. وقد تطورت فكرة المكافآت في مفهوم الغفران الصليبي الذي تطور ليصل الى صكوك الغفران( ) وقد تم تشكيل مخيال عاطفي يؤكد على صور نمطية تم اختزالها وقد وظفت تلك الابعاد في الرؤية الشعبية لغرض التعبئة الدينية اذ تتحقق فيه اكتمال الازمنة عبر اجتماع الامم حول المدينة المقدسة الام مركز العالم. (وتغدو هذه الصور وكأنها حارسة للذاكرة من تحولات الزمن، الامر الذي يجعلها متموجة ولكنها حاضرة باستمرار)( )
الثاني/اما الرؤية العالمية المدرسية: وهي الرؤية العالمة القائمة في المركز الفكري والثقافي لا الرؤية الشعبية، ومن الملاحظ ان الرؤية العالمة قد جاءت داخل الوظيفتين سواء الدينية او العقائدية والفكرية) القائمة على تحقيق تماسك عقلي للمقولات النظرية وضبط صحتها، ولهذا (فالتأمل الميتافيزيقي) يبحث عن عقلنة العقائد( ). وهنا يجب التميز بين الخلاف الموجه ضد الإسلام وتأثير الفلسفة الإسلامية على المدرسيين عنصراً اساسياً في تاريخ الفكر. ولكن هذا الاعتراف من جهة، يقابله من جهة ثانية الرفض بوصفه ديناً واخلاقاً، هذا مع العلم انه في كل الحالات مأخوذ بعين الاعتبار، وهكذا يفصل الغرب اسهام الفكر العربي الإسلامي من حكمه على قيمة الإسلام، وعلى هذا فهناك رؤية فكرية تهيأت في القرن الثاني عشر، ثم توسعت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، لتمتد حتى العصر الاستعماري دونما تغيير في أسسها المكونة، وهذه الرؤية تنطلق من عداء للنبي( ) ولقد شكل هذا الموقف تحولاً في التعامل مع الإسلام اذ يقول (بطرس الجليل) رئيس ديركلوني الذي قام بجولة على الحدود الفرنسية مع الأندلس فتعرض الى الإسلام والمسلمين فقال:((يجب ان نقاوم الإسلام لا في ساحة الحرب بل في الساحة الثقافة)) فتشكل لهذا الغرض فريق من المترجمين كانت مهمته ترجمة القران لقد أدرك انه لإبطال العقيدة الإسلامية يجب التعرف عليها( ). بالإضافة الى هذا التأثير الخارجي للإسلام فإن له اثراً كبيراً في تشكيل الوعي الغربي وساهم في بلورة ثقافته بشكل فاعل ومتميز ورغم موقف الغرب العدائي من الإسلام الا انه اجتهد في التعرف على الفكر العربي الإسلامي، وهذا هو جوهر مانريد البحث عنه. اي الاثر العربي –الإسلامي بشكل عام وابن سينا بشكل خاص. ويقول (الان دي لييرا) في كتابه (التفكير في العصر الوسيط): (ان هذا الخطاب الفلسفي لم يولد من تلقاء نفسه، بل لقد تعلمه أصحابه واستوعبوه انطلاقاً من مصدر محور معروف هو ذلك التصور للحياة الفلسفية الذي صاغه فلاسفة بلاد الإسلام الورثة الأوائل للفلسفة اليونانية في القرون الوسطى( ). فاذا كانت الفلسفة في غالب الاحيان، هي قراءة لتاريخها، فإننا نعتقد انه لم يكن في وسع أوروبا باللاتينية المسيحية، في اواخر القرون الوسطى ان تقرا فكر الأوائل من اليونان لولا اطلاعها على القراءة العربية الإسلامية لهم، وبالفعل ولدت أوروبا جديدة بعد عبور هذه الثقافة لسلسلة جبال البرانس فكان ان قسم تاريخها العلمي والفلسفي الى ماقبل تاريخ العلم والفلسفة ومابعدها وجعل الثقافة العربية فكراً ولغة جزءاً لا ينفصل عن التراث الغربي



#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعور العربية بين نفوذ الاخر واستبداد الذات
- أسلمة الخطاب عند محمد باقر الصدر
- إشكالية النفس والمعرفة في الفكر اليوناني
- جماليات المكان
- محور في الحداثة والمشروع النهضوي
- الحداثة المرجوة
- ما بعد الحداثة
- تنزع الفلسفة كل ماهو لا معقول وتحيله الى كائن تاريخي عقلاني ...
- نقد بنية الذهنية العراقية - عند علي الوردي-
- الطوفان بوصفه حدثاً
- فرويد والقراءة الطباقيه
- منهج التأويل الرمزي
- جماليات المكان في نص -مكابدات زهرة اليقطين
- المتخيل السياسي في العراق القديم
- الخطاب السياسي وراغامات الوعي
- المثقف ورهان الاختلاف
- الجذور الحضارية لمدينة الكوفة
- رابطة المواطنه
- مقاربة نقدية في السرد الروائي
- الأعلام والعولمة


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عامر عبد زيد - في أنماط الاتصال بين الإسلام والغرب المسيحي