أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل حبه - الجزء الثامن عشر - يوميات ايراني -سجن القصرة















المزيد.....

الجزء الثامن عشر - يوميات ايراني -سجن القصرة


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 1672 - 2006 / 9 / 13 - 09:22
المحور: سيرة ذاتية
    


تعالى نداء السجّانين لنا في السجن المؤقت بالتوجه نحو بوابة الحرس الذي كان يطلق عليه بالفارسية "زير هشت" أي "تحت الثمانية". ولا أدري ماذا يعني ذلك ولماذا سمي بهذا الاسم. وسرعان ما تجمع العديد من السجناء العاديين وعلى رأسهم زردشت فروهر لتوديعنا وبلطف وعواطف كنا ندهش أن تصدر من قبل قبل هذا النمط من السجناء. ولكن كما يبدو يبقى لهؤلاء البشر من ضحايا المجتمع جوهر إنساني كامن يبرز للعيان عندما تتبلور حالة إنسانية معينة. ودعناهم بالشكر على عواطفهم وتضامنهم وفي جو إنفعالي إنشددنا إليه جميعاً. كنا نتساءل هل من المعقول أن تصدر مثل هذه العواطف والمحبة من أناس متهمون بتهم بعضها شديد الوطئة. إنسللنا الواحد تلو الآخر إلى غرفة الحرس، وبعد التفتيش البدني ووضع الأغلال في المعصمين، فتحت البوابة الحديدية الرئيسية ذات الصرير الذي يخرش الآذان لنرى أنفسنا أمام ناقلة مصفحة ذات شبابيك صغيرة مخصصة لنقل السجناء. ورحنا نحتل أماكننا بدفع من الشرطة وضجيجهم المعتاد لنجلس على المصطبات المثبتة على الجانبين. أمتلأت الناقلة بالسجناء والمعتقلين وصدرت الأوامر بالتحرك في ظل حراسة مشددة من قبل الشرطة سواء في داخل الحافلة أو في سيارات مرافقة لها. السجن المؤقت يقع في وسط المدينة، ولهذا أخذت السيارة تتجه شمالاً صوب شمرانات لكي تصل إلى سجن قصر الرئيسي في طهران.
بعد حوالي نصف ساعة توقف الموكب أمام بوابة كبيرة لبناء ضخم أشبه بالحصون القديمة ويحيط به جدار مرتفع. وتدل هيئة البناء على أنه قد بني في عهود سابقة. وبالفعل فإن أسمه أي سجن القصر يعود إلى كونه كان بلاطاً قديماً للسلسلة الشاهنشاهية القاجارية ذات الأصول الآذرية والتي حكمت إيران منذ عام 1779 وحتى عام 1925. وقد انتهى هذا الحكم عندما قاد رضا خان الضابط القوزاقي في الجيش الإيراني إنقلاباً عسكرياً أطاح بالسلسلة القاجارية وإعلان ما سمي بعدئذ بالسلسلة البهلوية أرساء نظاناً استبدادياً مستغلاً فشل ثورة المشروطة التي أندلعت في السادس من آب عام 1906.
كان الهدف الاول لهذا الانقلاب هو تكريس الاستبداد و الحيلولة دون أحياء مبادئ ثورة المشروطه، او ما يطلق عليها الايرانيون بـ "انقلاب مشروطيت"، هذه الثورة التي تعتبر أول ثورة ديمقراطية ليس في أيران فحسب، بل وفي بلدان العالم الثالث قاطبة والتي يمر عليها هذا العام، أي في السادس من أب عام 2006، قرن كامل بالضبط. ولم يأتي إندلاع الثورة نتيجة لدوافع داخلية وهي الاساس، بل ومن تأثيرات عالمية ابرزها ثورة 1905 الديمقراطية في الجارة الشمالية روسيا. أن ثورة المشروطة في إيران هي حلقة من حلقات الاحداث الكبرى في العالم المعاصر، وهي مظهر من مظاهر نزوع شعوب البلدان المقهورة في العالم نحو التحرر من قيود الاستعمار وتجبره والاستبداد الداخلي ودماره والسير على طريق الازدهار والتقدم. وليس من قبيل الصدفة ان يشير الشاعر والفليسوف الايراني الفقيد إحسان طبري، أحد قادة حزب توده إيران، مراراً الى هذا الحدث التاريخي ويقول: "إنه من قبيل الفخر القول أن حركة المشروطه في ايران، لها طبيعة أكثر شعبية بالمقارنة مع جميع الانتفاضات التي حدثت في بداية القرن العشرين في القارة الاسيوية. وإستهدفت هذه الثورة إزالة النظام الاقطاعي وتصفية النفوذ الامبريالي في إيران. لقد تطورت هذه الثورة من منطلقاتها الليبرالية لتتجذر فيها العناصر الديمقراطية الراديكالية وخاصة بعد إنتفاضة مدينة تبريز".



الشاعر والكاتب والفليسوف إحسان طبري
أحد قادة حزب توده إيران

نعود الى سجن قصر، ففي عهد رضا شاه تم التخطيط لتحويل القصر والقسم الجنوبي من حديقته الى سجن رئيسي في العاصمة طهران في عام 1929، اي بعد اربع سنوات من حكم السلسلة البهلوية على يد رضا خان. وجرى بناء السجن طبقاً للمواصفات الاوربية. وقام رضا شاه نفسه بإفتتاحه، ولكنه تردد وخاف أن يدخل الى زنزانات السجن. يحيط بالسجن سياج مرتفع بحيث لا يتسنى للناظر من الخارج، حتى ولو كان على أسطح المنازل المحيطة، النظر إلى ما يجري في داخل السجن. ويضم السجن قلاعاً داخلية تشكل مختلف أقسام السجن، خمسة قواطع، وملحاقاتها من إدارة ومرافق للحرس ومطابخ ومستشفى ومرافق للنظافة والإستحمام وقسم ذي طراز يختلف عن البناء القديم ومخصص للسجينات. ما أن دخلنا السجن حتى قادونا ونحن مكبلين بالقيود إلى الإدارة حيث جرى تحويلنا بعد أن دققت الأمور الروتينية. ثم نودي على عدد من حرس السجن لكي يقودوننا إلى القاطع رقم 3 المخصص للسجناء السياسيين. كنا نحن ستة عراقيين وهم محمد علي سيادت ومحمد الحمداني وكاظم غنتاب المالكي وسعيد المسعودي ومحمد حسن عيدان وأنا. وكان معنا من الإيرانيين حسين قبادي الذي أشرت أليه وكان قد حكم عليه بالإعدام.
سرنا مشياً على الأقدام من إدارة السجن الرئيسية إلى القاطع رقم ثلاثة. كانت أشجار السرو تحيط بباحة السجن الواسعة. وعبرنا مختلف قواطع السجن حتى وصلنا إلى القاطع رقم 3 المخصص للسجناء السياسيين. وقرع الحرس المرافق لنا البوابة الحديدية. وبعد لحظات فتحت بوابة القاطع ليطل منها حارس بدين ذو شارب غليظ مفتول وصوت رعدي مجلجل. دخلنا القاطع وقادونا إلى إدارته حيث كان يجلس ضابط الخفر ذو الوجه العبوس وراء طاولته. تحدث معنا بلغة الكبرياء والسخرية خاصة عندما عرف أننا من العراق. وبدأ يستفزنا مما أثار حفيظة أبو ثائر – محمد حسن عيدان– الذي بادره بأجوبة مخلوطة بين الفيلية والفارسية وتليق به. وبدأت الملاسنة بين الضابط وبيننا جميعا، ولم أكن أسمع إلا خليطاً من الشتائم العربية والكردية والفارسيةً، وتطور الامر حيث حاول الإعتداء علينا باليد علاوة على السباب والشتائم بالفارسية، والتي لم أدرك فحوى غالبيتها. وسرعان ما تدخل حرس القاطع وأعادوا القيود في أيدينا وصاحوا على حلاق القاطع لكي يحلق رؤوسنا "بالنمرة صفر" كما يصطلح عليه العراقيون، وذلك بمثابة عقوبة وأول بوادر "الترحيب" بنا في هذا القاطع. وجاء الحلاق وعرف نفسه وبدأ مهمته غير المشرفة بحلق رؤوسنا بشكل عبثي وخبيث كما بدا لنا بعد أن نظر كل واحد منا تجاه الآخر مما أثار الضحك لدينا. عرفنا فيما بعد أن الحلاق إسمه معروف وهو من أهالي مدينة مهاباد في كردستان إيران. وكان معروف هو الآخر سجيناً سياسياً متهماً بالنشاط في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، حيث أعتقل وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، ولكنه قدم براءة لكي يجري إطلاق سراحه.
لمحت في تلك اللحظات الضابط الايراني السجين حسين قبادي وهو ينظر بفضول الى تلك الملاسنات التي جرت بيننا وبين حرس السجن وعلى شفتيه ابتسامة سخرية لربما من هؤلاء الحرس ولكنه آثر الانزواء وعدم التدخل. لاحظت ان ضابط الخفر والحرس كانوا ينظرون برهبة الى هذا السجين ممزوجة بقدر من الاحترام. وبتقديري انهم كانوا يعرفون قصته وهو الضابط السابق في نفس السجن والذي سهل هروب السجناء من قادة حزب توده ايران، إضافة الى كونه قد عمل في نفس الموقع سابقاً، ولكنه الآن في عداد السجناء. كما لاحظت ان احد العرفاء المتقدم في السن كان يعامله بلطف واحترام خاص، وتبين لنا بعدئذ ان هذا العريف كان يخدم في السجن في وقت هروب السجناء وتحت امرة نفس الضابط حسين قبادي.
بعد هذه الممارسة المهينة من قبل السجانين فتحت بوابة حديدية ضخمة مؤدية إلى ممر طويل وعلى احد ضلعيه تصطف غرف السجناء الواحدة تلو الأخرى. كان في إستقبالنا عند البوابة سجين وهو ممثل السجناء محيياً قدومنا وبلغة عربية ذات لكنة إيرانية. وجه كلامه إلينا قائلاً: أهلاً وسهلاً. كان هذا السجين هو السيد سقايت، وكان في غاية الأدب واللطف معنا. وعرفنا أنه من أهالي شيراز ويتحدث باللهجة الشيرازية المميزة، وهو يقضي فترة حكمه البالغة عشر سنوات بتهمة النشاط في صفوف حزب توده إيران. توجه السيد سقايت الى الضابط السجين حسين قبادي وكلمه بإحترام وبالحاح عسى ان يرافقنا الى الغرفة التي سنتجه إليها، ولكنه اعتذر وآثر البقاء في ممر السجن الطويل مع ما يحمله من ملابس شخصية بسيطة. واخيراً قادنا السيد إلى الغرفة التي يعيش فيها مع عدد من السجناء الذين رحبوا بنا أشد الترحيب، وراح البعض منهم يحاول أن يتخاطب معنا ببعض الكلمات العربية التي تعلموها من المجموعة الكبيرة العراقية التي سبقتنا الى السجن بعد أن فروا من العراق بعد إنقلاب شباط عام والقي القبض عليه في ايران 1963، والذين تم تحويلهم إلى العراق قبل بضعة أشهر من قدومنا إلى سجن قصر.
في أثناء الحديث، وبعد ان تناولنا الطعام ، إستمعنا الى نكات احد السجناء من اهالي كرمنشاه والذي لم ينفك طوال مدة سجنه عن النكته والضحك حتى اطلاق سراحه بعد سنوات. انه العزيز محمود وهو من اكراد كرمنشاه والمتهم بنشاطه في صفوف حزب توده ايران ايضاً.
أثناء تناولنا الشاي الايراني اقترب منا ثلاثة سجناء. وما ان بدأوا الحديث حتى تبين لنا انهم عراقيون فضلوا في البداية التزام الصمت لحين التعرف على هويتنا. انهم كل من عبد الوهاب، الكردي الفيلي النبيل من محلة عكد الاكراد في بغداد، وحسين المراياتي من اهالي كربلاء ومحمد رضا، وقد قبض عليهم اثناء محاولتهم التسلل عبر الحدود الشمالية الايرانية متوجهين الى الاتحاد السوفييتي ويرافقهم الشاعر المبدع مظفر النواب. لقد وقع هؤلاء في فخ عملاء الساواك الذين انتحلوا صفة التنظيم السري لحزب توده ايران، ونقلوهم الى الحدود، ثم تم القبض عليهم بحركة مسرحية مفتعلة. لقد وقع العديد من الفارين العراقيين من جحيم شباط في العراق بهذا الفخ المخابراتي الايراني. ولم يتم تحويل هؤلاء الاعزاء الثلاثة الى العراق مع وجبات السجناء التي سلمت الى السلطات العراقية بسبب حيازتهم للجنسية الايرانية أوما كان يطلق عليهم بالتبعية. كانوا في انتظار المحكمة العسكرية لمحاكمتهم باتهام العبور غير القانوني الى الاتحاد السوفييتي والنشاط في تنظيم معادي للحكم. وهكذا اصبح عددنا نحن العراقيين ثمانية سجناء في سجن قصر المركزي في العاصمة طهران. وفي الحقيقة كان لقاء هؤلاء الاحبة قد شكل مصدر نشوة ودعم لنا خاصة، خاصة وإننا نجهل طبيعة السجن والسجناء وما ينتظرنا، وكانوا خير عون لنا في الايام القادمة ولحين خروجهم من السجن بعد اشهر بعد ان تم الحكم عليهم من قبل المحكمة العسكرية بأحكام تتراوح بين السنة والسنتين.
لم يتيسر لنا في بداية قدومنا الى السجن الا الحصول على غرفة رطبة صغيرة في آخر ممر السجن وبجانب المرافق الصحية، وهي الغرفة رقم 7، حيث انحشرنا نحن الستة في هذا الجب. وجمعنا ما تيسر لنا من البطانيات السجنية لكي نستخدمها للنوم والغطاء في آن واحد. وتفضل بعض السجناء بمد يد العون لنا لكي ننعم ببعض الشراشف النظيفة. وقام سجناء آخرون بتزويدنا بطباخ نفطي صغير لكي نتولى طبخ طعامنا عليه، حيث ان ادارة السجن كانت تدفع مبلغاً زهيداً لكل سجين من اجل تأمين حاجاته من الغذاء وغيره. ورحنا نتدبر أمر حياتنا في السجن علماً اننا كنا مقطوعين عن الاهل في العراق، وبالتالي لم نستطع في البداية تأمين موارد مالية لسد حاجاتنا سوى الاعتماد على ما تقدمه ادارة السجن من مبالغ زهيدة جداً لامرار قوتنا.
بني قاطع رقم ثلاثة المخصص للسياسيين على شكل مثلث قائم الزاوية. ويطل على باحة مثلثية ايضاً يتوسطها حوض يملأ بالماء. ويتم غلق باب الباحة في ساعات الليل. ويمثل هذا القاطع واحداً من القواطع الموجودة ضمن القلعة الكبيرة التي تحيط بكل السجن. والى جانب القاطع المخصص للسياسيين فهناك القاطع رقم واحد الذي يحتضن القسم الاكبر من السجناء العاديين المتهمين بتعاطي بالمخدرات وترويجها والذين يصل عددهم الى الالاف. وهناك قسم آخر للسجناء المتهمين بالقتل والسرقة وقسم آخر مخصص للسجينات، هذا اضافة الى قسم آخر للمصابين بالامراض المعدية أو بالمراض العصبية ومستشفى السجن والبناء المخصص للنظافة والاستحمام. لقد شهد هذا السجن كل الاحداث السياسية الايرانية في القرن العشرين الى ان تم ازالته أخيراً في بداية القرن الحادي والعشرين بعد ان بني سجن حديث رهيب آخر هو سجن إيفين في العاصمة طهران وسجون اخرى مماثلة في بعض المحافظات الايرانية في مطلع السبعينيات من القرن العشرين.
لقد إحتضن سجن قصر في طهران جميع قادة الحركة الوطنية الايرانية. ففي هذا السجن تم اعتقال قادة الحزب الشيوعي الايراني في منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين. وتم فيه اغتيال سكرتير الحزب الدكتور تقي اراني في عهد الشاه رضا خان بعد زرقه بإبرة ماء. كما تم سجن مجموعته المعروفة بـ"مجموعة الاثنين وخمسين"، ومن ضمنهم الكاتب الايراني الروائي الشهير بزرك علوي. وقد ألف بزرك علوي روايته الشهيرة "52" الذي تحدث فيها عن يوميات السجناء مشيراً ايضاً الى اوائل النــــــزلاء الشيوعيين لسجن قصر



الدكتور تقي اراني
كاتب وعالم وفليسوف وسكرتير الحزب الشيوعي الايراني
أغتيل في سجن قصر في 3 شباط عام 1940

ومنهم عبد الحسين تيمورتاش وسردار اسعد بختياري وعشرات من الوطنيين الايرانيين الآخرين. ومن هذا السجن ايضاً تم تهريب قادة حزب توده ايران في عام 1950 كما اسلفت سابقاً، وهوالحدث الذي هز ايران والعالم انذاك بسبب ما انطوى عليه من استخفاف وتعرية للحكم المتهري في ايران. وكان هذا السجن المكان الرئيسي لسجن ضحايا الانقلاب العسكري في عام 1952 ضد حكومة الدكتور مصدق، وخاصة اعضاء حزب توده واعضاء تنظيم الضباط التابع للحزب.
إن ايران كبلد مجاور لنا، فقد كان للسياسيين العراقيين من مختلف الالوان زاوية خاصة بهم في سجن قصر. فقد قبع وراء جدران هذا السجن اؤلئك الذين هربوا من العراق من انصار حركة رشيد عالي عام 1949. كما قبع في هذا السجن لفترة دامت بضع سنوات الشهيد محمد حسين ابو العيس الذي فارق الحياة بعد التعذيب الرهيب على يد انقلابيي شباط عام 1963. فلقد جرى القبض على الشهيد ابو العيس من قبل المخابرات الايرانية عندما هرب بعد حملات البطش التي طالت قيادة الحزب في عام 1949. ومكث في طهران بضيافة قيادة حزب توده ايران الى ان وقع الانقلاب الذي دبرته وكالة المخابرات المركزية الامريكية ضد الدكتور محمد مصدق ولصالح عودة السلطة للشاه الهارب. ولكن بعد الانقلاب التحق أبو العيس بتنظيم منشق عن حزب توده ايران واسمه "المحفل الماركسي" مع عدد من كوادر حزب توده ايران ومنهم الدكتور هاشم بني طرفي. وقد لام هذا الجناح الحزب على الاخطاء التي ارتكبها في عهد الدكتور مصدق وعدم تصديه بشكل مناسب وفي الوقت المناسب للانقلابيين. وتم الكشف عن هذا التنظيم من قبل المخابرات الايرانية وحكم على الشهيد أبو العيس بالسجن لمدة ثلاث سنوات. وإحتضن هذا السجن ايضاً الشخصية النقابية لعمال النفط في عبادان وهو المرحوم موسى اسد ابن البصرة، الذي كان يحمل الجنسية العراقية، والذي التجأ بعد اطلاق سراحه من السجون الايرانية الى العراق بعد ثورة تموز عام 1958 ، وعين ملحقاً ثقافياً في السفارة العراقية في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وبقي موسى اسد في منصبه حتى انقلاب شباط 1963، حين فصل من وظيفته واستقر لاجئاً في براغ حتى وافته المنية في التسعينيات من القرن الماضي اثر اصابته بمرض السرطان.
تراجع صيت هذا السجن بعد ان نقل السجناء السياسيين الايرانيين، كما اسلفت، الى سجن إيفين الرهيب الجديد في شمال العاصمة وعلى سفوح البرز، والى السجون الاخرى. واصبح سجن قصر مركز ما يعرف بلجنة مكافحة التخريب المخيفة في بداية السبعينيات من القرن العشرين. ولكن اسم سجن قصر عاد ليتداول على ألسنة الرأي العام الداخلي والعالمي بعد ثورة عام 1979، عندما اقتحم الميدان رجل دين مثير للجدل هو صادق خلخالي، الذي أشرف على التحقيق وبسط محاكمات "صاروخية" لرجال العهد السابق ثم لمعارضين من مختلف الالوان وخاصة من الحركة القومية الكوردية في ايران، واعدامهم في السجن نفسه بعد ان جرى ترميم جدران السجن بعد الخراب الذي حل به خلال الثورة. الا أن السجن أصبح مصدر حركة وضوضاء اثارت حفيظة السكان، مما دعى المسؤولين أخيراً الى التفكير بهدم السجن وتحويله الى حديقة، وهذا ما جرى بالفعل في عام 2003.

يتبع



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آراء حول مشروعي النظام الداخلي والبرنامج الجديدين للحزب الشي ...
- يوميات ايرانية ( 17 ) السجن المؤقت
- عذر أقبح من الذنب
- يوميات إيرانية 16
- يوميات ايرانية ( 15 )
- يوميات ايرانية ( 14 ) تفنن في البطش
- يوميات ايرانية 13
- يوميات ايرانية 12
- يوميات ايرانية- 11-الوقوع في الفخ
- يوميات ايرانية 10
- تحديات خطيرة امام حكومة المالكي
- يوميات ايرانية ( 9 ) رحلة
- يوميات ايرانية ( 8 )
- يوميات ايرانية 7
- مأزق الوعي والعقل والتدين في البلدان العربية والاسلامية
- يوميات ايرانية ( 6 ) تنامي التيار الديني السياسي
- حزيران 1776 أول لائحة لحقوق الانسان وضمان الحريات الفردية
- يوميات ايرانية 5 الشعب الايراني ونظام الشاه ومحنة العراقيين
- يوميات ايرانية - 4
- يوميات ايرانية ( 3 ) التوجه نحو العاصمة طهران


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل حبه - الجزء الثامن عشر - يوميات ايراني -سجن القصرة