أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل حبه - يوميات ايرانية- 11-الوقوع في الفخ















المزيد.....

يوميات ايرانية- 11-الوقوع في الفخ


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 1623 - 2006 / 7 / 26 - 08:38
المحور: سيرة ذاتية
    


سارت الأمور على مايرام إلى أن وصلتنا أخبار عن كبس رجال الأمن العراقي لقاعدتنا في البصرة والتي كان يقودها المسؤول السابق في طهران المرحوم محمد حسن مبارك. ولحسن الحظ فقد فلت الرجل من قبضة الأمن العراقي عندما قفز من سطح البيت القاطن فيه، وكسرت رجليه ولكنه إستطاع الوصول إلى أحد البيوت السرية للمنظمة في البصرة. هذا الخبر لم يوقف عملنا ولكنه شكل تحذيراً لنا خاصة وإنه لا يعرف بيت المسؤول إلاً أحد أعضاء حزب توده إيران الذي كان يتردد بين العراق وإيران منذ سنوات وهو عباس شهرياري. وقد عرفنا فيما بعد أن هذا الشخص يعمل لصالح المخابرات الإيرانية وتسلل أيضاً إلى المخابرات العراقية وقام بالتعاون معها. ولربما كان هو الشخص الذي وشى بمخبأ مسؤول البصرة الى المخابرات العراقية. لقد لعب هذا الاستفزازي دوراً مريباً وخطيراً، ولقب من قبل المخابرات الإيرانية لاحقاً بأسم "الشخص ذي الألف وجه"، لكثرة تلونه وعلاقاته السياسية الواسعة. وسنأتي لاحقاً على هذا الاستفزازي ونلقي الضوء على ما مارسه ضدنا وضد حزب توده إيران من دور خطير في فترات لاحقة. وفي الحقيقة لم يخطر ببالنا مدى خطورة هذا الشخص لأن العلاقة مع رفاق توده قد قطعت بناء على توجيهات الحزب بعيد وصولي إلى طهران، ولكن يبدو أن هذه العلاقة مع عباس شهرياري، الذي كان يعرف بإسلامي، وعائلته التي بدأت قبل إنقلاب شباط، إستمرت مع مراسلينا الى البصرة. فقد كان مراسلينا يترددان على عائلة في عبادان لها علاقة مع عباس شهرياري والمخابرات الإيرانية دون أن يعرف بالطبع بذلك ودون أن نعلم بعلاقتهما بهذه العائلة. وسببت هذه العلاقة كارثة لنا فيما بعد .
ورغم حذرنا، إلاً أن عدم تطبيق إجراءات الصيانة بصورة تامة من قبل بعض أفراد فريقنا بات يضعنا في موقف حرج. ففي شهرحزيران من عام 1964، كنت بإنتظار مراسلنا الثاني من البصرة وهو الرفيق محمد والذي غادرنا ومعه البريد الحزبي وكومة من حروف الرصاص الطباعية التي طلبها الرفاق في المنطقة الجنوبية متجهاً إلى العراق و ليعود بعدها إلى طهران، كما هو مخطط، بمجموعة من المرضى من العراق ممن هربوا من السجن بعد إنقلاب عبد السلام عارف على حزب البعث والذين كانوا قد تعرضوا إلى التعذيب في قصر النهاية بعد إنقلاب شباط عام 1963. كان مراسلنا كاظم موجود في طهران لاسباب مرضية. وشارك كاظم رفيقه سعيد في غرفة استأجرها سعيد عند عائلة أهوازية في طهران. وكان من المفترض أن يعود محمد مرة أخرى من البصرة إلى طهران عبر عبادان وخرمشهر ليلتقي بالآخرين في هذا المنزل، وطال الإنتظار. وفي اللقاءات الدورية مع سعيد خارج هذا البيت أخبرني بتأخر محمد مما أثار القلق لدينا وإتخذنا بعض الإحتياطات أيضاً.
ولكن في أحد الأيام لم يحضر سعيد إلى الموعد المحدد. ولم يأتي كذلك إلى الموعد الإحتياطي في اليوم الثاني في أحد شوارع طهران. وهذا ما دفعني إلى التمهل بضعة أيام كي أراقب عن بعد بيت العائلة الأهوازية لعلي أظفر برؤية أحد الرفاق وهو خارجاً من البيت. ولكن كل ذلك مر من دون جدوى عدا مشاهدتي لأمرأة من أفراد العائلة وهي تخرج للتسوق. وبعد يوم أو يومين غامرت فطرقت الباب ليلاً لأسأل عن العراقيين القاطنين مع العائلة في هذه الدار. فتحت الباب أمرأة متقدمة في السن وعندما سألتها عن غايتي أجابتني ببرود إنهم خرجوا من الصبح ولربما سيعودون في وقت متأخر ليلاً. وفي الحقيقة تضاءل قلقي بعد هذا الجواب وحسبت أنهم مشغولين مع المرضى القادمين من العراق. ولكن مع ذلك وتحسباً لأي طارئ رحت وأنا أبتعد عن البيت أراقب من حولي لعل أحداً يتابعني من رجال الأمن الإيرانيين. ولكن لم ألمح ولم اشعر بأي وضع غير عادي، خاصة وأني ذهبت ليلاً حيث يقل المارة في مثل هذا الوقت في الشارع. ومن أجل الإحتراز أوقفت سيارة أجرة لكي تذهب بي بعيداً عن المكان. ولكن لسوء الحظ سرعان ما تركت سيارة الأجرة عندما أدركت أنها تعمل لصالح أحدى المومسات التي كانت قد حشرت نفسها في المقعد الخلفي وشرعت بعد ركوبي السيارة تعرض خدماتها !!. ودمدمت بضجر مع نفسي: "عرب وين طنبورة وين ".
عدت إلى البيت بعد أن تأكد لي أن ليس هناك من يتابعني وأنا أتجه إلى محل سكني في شارع روزفلت في طهران. جلست أضرب أخماساً بأسداس عن مصير أعضاء الفريق وهل تم القبض عليهم أم إنهم مشغولون بأمر ملح. تناولت الأوراق الخاصة بالحبر السري وكتبت رسالة إلى مقر قيادة الحزب في براغ أعلمهم بالتطورات وتصوراتي للوضع دون أن أبالغ بالأخطار المحدقة. في تلك الليلة لم يغلبني النوم وسهرت وأنا أفكر في كيفية حل لغز إنقطاع أعضاء الفريق خاصة وإن هناك إتفاق بيننا حول العديد من المواعيد الإحتياطية. هل هو السهو؟ أم هناك اسباب مرضية؟ أم أنهم قد وقعوا في فخ الأمن الإيراني؟ وإذا هم وقعوا في فخ الأمن الإيراني فلماذا لم يتم متابعتي وأنا أطرق باب بيت العائلة الأهوازية؟ ولماذا لم تخبرني المرأة العجوز عن مصير أفراد الفريق خاصة وإن هذه العائلة كانت تبدي الكثير من الرعاية والحرص عليهم ولا يمكن أن تتردد في أخباري عن أي مكروه يصيبهم؟ هكذا كنت أتصور الأمور.
وبعد المزيد من التفكير قررت التريث ثم الذهاب بعد يوم أو يومين إلى بيت العائلة الأهوازية لأعاود الإستفسار عن مصير رفاقنا. ومن باب الإحتياط رحت أتلف بعض الأوراق غير الضرورية وخبأت البعض الاخر ومنها جواز السفر العراقي وحافظة أوراق الحبر السري عند بنت الخال سهام بحيث لم يبقى لي في البيت الذي أسكنه سوى قدر قليل من المتاع الشخصي البسيط ومن ضمنه رواية ميخائيل شولوخوف الدون الهادئ بالطبعة الروسية!!. على أي حال بعد تردد صممت على الذهاب ليلاً مرة أخرى إلى البيت لتتبع أخبار الجماعة.
وصلت البيت في الساعة الحادية عشر ليلاً، وكان الزقاق خالياً تقريباً من المارة بحيث لم يراودني أي أحساس بوجود مراقبة على البيت. ولكن مع ذلك ومن باب الحيطة رحت أتخطى في الشارع والشوارع الفرعية لكي أتأكد من عدم وجود شئ يلفت الأنظار. ثم خطوت ببطئ في اتجاه البيت وطرقت الباب دون أن يرد علي أحد لدقائق معدودة. ولكن ما أن عاودت طرق الباب حتى إنفتح الباب بقوة ليخرج منه رجلان غريبان وهما يحملان مسدسين وكانا نصف عراة. تعالى صياحهما وصراخهما باللغة الفارسية وهما يطالبان بالإستسلام. وكنت ألاحظ إنهما يرتجفان وبإرتباك، ولربما ظناً منهما إنني كنت أحمل سلاحاً نارياً. ولم يكن أمامي من مفر، فالشوارع كانت خالية وقد يطلقون النار علي في أية لحظة أقدم فيها على الفرار من قبضتهم. تقدموا نحوي بسرعة وبدأوا التفتيش. ورفع أحدهم جهاز اللاسلكي طالباً التعزيزات من قوى الأمن، التي سرعان ما ظهرت في الساحة أمام البيت ووضعوا الأغلال في يدي وعصبوا عيناي. وبعد لحظات شعرت إنني قد حشرت في سيارة وأجلسوني في وسط المقعد الخلفي ويحيطني إثنان مفتولي العضلات من رجال الشرطة الإيرانية. كل ذلك جرى بسرعة مدهشة لم تترك لي المجال حتى للتفكير بما سيخبئه لي الدهر، وما هي عواقب هذا الحدث. توقفت السيارة بعد مسيرة ربع ساعة تقريباً، وأنزلوني منها وقادوني وانا معصوب العينين إلى مبنى حيث صعدت درجات عديدة لا أتذكر عددها وشعرت إننا دخلنا ممراً طويلاً ثم ولجنا أحدى الغرف وأغلقوا باب الغرفة. وتقدم أحدهم ونزع عني العصابة والقيد وعرفت أنه واحد من الشخصين المسلحين الذين كانا يترصدانني في بيت العائلة الأهوازية.



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات ايرانية 10
- تحديات خطيرة امام حكومة المالكي
- يوميات ايرانية ( 9 ) رحلة
- يوميات ايرانية ( 8 )
- يوميات ايرانية 7
- مأزق الوعي والعقل والتدين في البلدان العربية والاسلامية
- يوميات ايرانية ( 6 ) تنامي التيار الديني السياسي
- حزيران 1776 أول لائحة لحقوق الانسان وضمان الحريات الفردية
- يوميات ايرانية 5 الشعب الايراني ونظام الشاه ومحنة العراقيين
- يوميات ايرانية - 4
- يوميات ايرانية ( 3 ) التوجه نحو العاصمة طهران
- يوميات ايرانية - 2
- برتولت بريخت : أحد قمم اعمدة المسرح في القرن العشرين
- يوميات إيرانية
- حول رسالة كيانوري السكرتير الاسبق للجنة المركزية لحزب توده أ ...
- ايران تسعى الى سلاح نووي وليس الى طاقة نووية
- اليقظة ايها العراقيون...-الطالبان- يدقون ابوابكم
- 72 [عاماً على تأسيس الحزب الشيوعي العراقي [ حزب العراقيين بك ...
- على هامش الاحداث الخطيرة في العراق
- حكومة مهنية وطنية وليس حكومة ولاءآت حزبية وطائفية


المزيد.....




- قضية مقتل فتاة لبنانية بفندق ببيروت والجاني غير لبناني اعتدى ...
- مصر.. تداول سرقة هاتف مراسل قناة أجنبية وسط تفاعل والداخلية ...
- نطق الشهادة.. آخر ما قاله الأمير بدر بن عبدالمحسن بمقابلة عل ...
- فشل العقوبات على روسيا يثير غضب وسائل الإعلام الألمانية
- موسكو تحذر من احتمال تصعيد جديد بين إيران وإسرائيل
- -تهديد للديمقراطية بألمانيا-.. شولتس يعلق على الاعتداء على أ ...
- مصرع أكثر من 55 شخصا في جنوب البرازيل بسبب الأمطار الغزيرة ( ...
- سيناتور روسي يكشف سبب نزوح المرتزقة الأجانب عن القوات الأوكر ...
- ?? مباشر: الجيش الإسرائيلي يعلن قتل خمسة مسلحين فلسطينيين في ...
- مصر.. حكم بالسجن 3 سنوات على المتهمين في قضية -طالبة العريش- ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل حبه - يوميات ايرانية- 11-الوقوع في الفخ