أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - تناسخُ أرواحٍ














المزيد.....

تناسخُ أرواحٍ


فتحي البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6612 - 2020 / 7 / 7 - 14:48
المحور: الادب والفن
    


[مدخل:
تهويمات بين الأرواح التي سكنت الكلاب, و الهلال, و النّجوم, و الزّهور, و الملح, و الزّبد, و برجَ خديجة...]
___________________________
أعداد الكلاب السّائبة -في بلادنا- كثيرة.
أؤمن جيّدا
بتناسخ الأرواح!
أؤمن خاصّة
أنّ ارتداءَ جلدِ كلب أفضلُ من كلّ أحلامنا الممزّقة!
رأيتُ في المزبلة
مواطنا يعوي جوعا..
رأيتُ آخرَ
ينبح خوفا..
رأيت أيضا
مواطنا يحرّك ذيله مرحّبا بسيّده.
وحدها أرواح الأمّهات تنتقل إلى السّماء:
الهلالُ –مَثَلاً- ظَهْرُ أمٍّ انحنى من جمع ثمن الموت لابنها.
زورق الهجرة يشقّ جرحا
مِن ضفّة المهديّة*
إلى ضفّة لامبيدوزا*.
مسافة الرّحيل لا تكفيها:
(إبرةٌ معقّفة,
خيوطٌ طبّية,
..)Anti-cicatriceمرهمُ
لتقطيب أثرِ جرحٍ يمتدّ
من جنوب المتوسّط
إلى شَماله.
دمعُ الأمّهات نجومٌ تنثر النّور مثل زهور على وجه الماء.
يقول الفراعنة:
"القرنفل,
الرّيحان,
عطر البكاء..
يذكّر الموتى برائحة الحياة"
لكنّي أظنّ أنّ
الزّهرةَ
تؤلم جثّةَ مهاجر غير شرعيّ,
مثلما تؤلمه رصاصةُ شرطيّ أيقظت مواطنًا كلبًا من موته.
جثّةُ المهاجر –إذن-
لا تحبّ رائحة الحياة..
لا تحبّ أن تتعثّر
بالدّمع,
بالزّهر,
بالنّجوم
حين تطفو النّهاية على سطح الماء.
الموتُ
يشفيك من الذّاكرة,
يستأصل أورام أحزانك اليوميّة.
المساءُ
مِشرطٌ يكتب على وجهك
صمتا يشبه نارا باردة.
أمّك المصابة بضغط الدّم
نَصَحتْها جارتُها
أن تقتلع شجرة مِسكِ اللّيل* الّتي زرعَتْها بأغصانِ أعصابِها.
ولأنّ أمَّكَ وردةٌ تقف بِسَاقِها المبتورة في كأسِ ماءٍ,
فضّلتْ العطرَ على الحياة.
أمّك
مثل كلّ أمّهات المهاجرين الفقراء
تظنّ أنّ فانوس قلبها لم يعد له من الزّيت ما يكفي ليضيءَ!
بما أنّها تعتقد أنّ مسك الليل زهرةٌ تضمّد الظّلام بالعطر,
لم تتردّد في إشعالِ دمها.
بعد كلّ هذا لم أجد من يصدّقني و أنا أفسّر
[كثرةَ الكلاب السائبة,
انحناءَ ظهور الأمّهات في السّماء,
الدّمعةَ التي صارت نجمة,
النّجمةَ الّتي صارت زهرة على وجه البحر,
شجرةَ الياسمين التي نبتت من عظام أبي ربّما.]
بتناسخ الأرواح!
رغم كلّ التّكذيب مازلتُ مصرّا:
[على حَفْر بحر الشابّة* بالمهديّة,
على تذوّق رمل الشّاطئ بِطَرفِ لساني,
على سكب ماء عيني الأبيض في الغيوم..]
بحثا عن سرّ انتظار عاشقة لحبيبها المهاجر.
و بما أنّني أؤمن جيّدا بتناسخ الأرواح,
أظنّ أنّ
خديجةَ*
تركتْ باب البرج* مواربا لتلتحق بها كلّ العاشقات!
الآلهة أيضا تترك الأبواب مفتوحةً
لِيَزورَنا الرّاحلون,
لتسكن الأرواح أجسادا جديدة,
لتمتلئ آنية الطّين بما يناسبها:
من الماء,
من الهواء,
من التّراب,
من النّار.
روح حبيبتك صارت
طائرا بحريّا,
ملحا..
ينتظر الزّبد..
ينتظر المهاجر.
خديجةُ تضفر الشيبَ
نوارسَ.
تمشط حقولَ الملح
بعينيها.
و الزّبدُ أصابعُ الغريق
تداعب
خصلةً من شعرها بطول أسوار البرج..
بطول الغياب و الانتظار.
هكذا
أؤمن جيّدا أنّ المواطنَ الكلبَ
تَبْكيه أمُّه في السّماء..
تضفر حبيبتُه الشّيبَ
نوارسَ.
و تمشط حقول الملح بعينيها
إلى أن يعود.
هوامش:
*المهديّة: منطقة ساحليّة بالبلاد التونسية تعتبر من أهمّ المناطق التي ينطلق منها المهاجرون غير الشرعيين نحو أروبا
*الشابّة: منطقة تتبع إداريّا منطقة المهديّة.
*لامبيدوزا: منطقة ساحليّة بإيطاليا يحطّ فيها أغلب المهاجرين غير الشرعيين المنطلقين من المهديّة أو الشابّة.
*مسك الليل: شجرة تتفتّح زهورها عند غياب الشّمس و يُقال أنّ رائحتها لا تناسب المصابين بضغط الدّم لذلك ينصح بعضهم بعدم غراستها في حديقة منزل يشكو أحدُ أفراده من هذا المرض.
*البرج أو برج *خديجة: هو آخر ما بقي من قلعة يبدو أنّ البيزنطيين شيّدوها بالمنطقة المعروفة اليوم بالشابّة و قد استعمله
المسلمون (الأغالبة ثم الحفصيّون) لأغراض دفاعيّة.
أمّا خديجة التي ارتبط اسمها بهذا البرج فهي خدوج أو خديجة الرّصفيّة و هي شاعرة كانت تلجأ إلى البرج حيث تكتب أشعارا في التغزّل بحبيبها الشاعر الأندلسي أبي مروان بن عبد الملك بن زيادة الله إلى أن وشى بها الوشاة إلى أخيها الذي رفض تزويجها من حبيبها. و قد نَحَتْ المخيّلة الشعبيّة إلى نسج أساطير حول هذه الشخصية و من بين ما يُروى أنّها لجأت إلى البرج أو سُجنت فيه, و ظلّت تنتظر حبيبها رافضة الارتباط بغيره. و قد التقطتُ أسطورة ممتعة مثيرة زعَم راويها أنّ خديجة قد طال شَعرُها طوال فترة الإقامة أعلى البرج حتى صار بطول السّور .



#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طَاوِلاَتٌ
- فرخٌ نَبَتَ الرّيشُ بجناحيْهِ
- جثّة ألقى بها البحّارة من مركبهم
- نصٌّ بِلاَ جنس
- بشفتها السّفلى علّقتْ شمسا
- هروبا من ضفدع يقبّلني بلسانه الطّويل
- دخان أسود و نقاط دمGalerie
- شيْطان يثقب السّماء
- أضغاثُ الحَجْر بين الزّعانف و الأجنحة
- يوميّات]] الصّباح الفيروسيّ العظيم
- جريمة قتل فراشة
- كأس البيرّة الأخيرة قبل أن أصير شجرة قابوق
- الشّاعر ليس نبيّا
- تفّاحة أكلت الجنّة
- قتلتُها على وجه هبّةِ ريحٍ
- حبّ غير صالح للمطر
- نعُوشة
- عن رسالة إرنستو و بسمته
- -كوكاكولا و لاكريموجان- (قصّة أخرى لعشقنا)
- القبلة –أيضا- لا ترمّم الرّماد


المزيد.....




- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - تناسخُ أرواحٍ