أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعوب محمود علي - مرور ب رحلة في محطّات الذاكرة















المزيد.....


مرور ب رحلة في محطّات الذاكرة


شعوب محمود علي

الحوار المتمدن-العدد: 6539 - 2020 / 4 / 16 - 10:12
المحور: الادب والفن
    


لشيوعي من العراق
تقديم احسان شمران الياسري لهذا التقديم مساحة جميلة ورائعة تأكّد فيها قيم
الأمانة والبصيرة النافذة لأوراق وغصون السدرة التي تقود الى الصعود من
الجذر لثمرة الأحداث وقد سحب عليها غطاء الماضي بكلّ ملامحه حيث أشار
الى تلك الرقابة وسمّاها بالصارمة حيث صوّر داخل مربّع الصدق
ومربّع الأمانة والتي اكتسبت شرعيّتها في القاموس السياسي الذي يتساوق
وشرعيّة الحضور في عالم السرد والغوص للأعماق التي تجري بها
الحياة في الصفحة المشرقة من ماراثون العبور صوب شمس المناضلين لإقامة
ناطحات مجد هندسيّة منحوتة في الجماجم وعلى أرضيّة روّيت بدماء
روّادها في شارع الحياة كان حيدر حاتم جري أحد تلك النجوم المتألّقة في سماء
العراق وساعة يشطح القلم ليقف مذهولاً في المحطّة النموذجيّة
التي تتشعّب منها مسارات التاريخ وما ان حصلت حركة الضبّاط الأحرار
واسقطت النظام الملكي الرجعي السائر
بركب الاستعمار البريطاني حتى تحرّكت الأصابع العميلة لتقوم بتخريبات
وتفجيرات هنا وهناك الى جانب التحركات على مستوى خطير فبريطانيا
انزلت قوّتها في الأردن وامريكا جاءت بأساطيلها البحريّة الى المياه اللبنانيّة
على أمل القيام بإعادة الجواد الى اصطبلّه القديم وعلى أثر هذا التحرّك المحموم
جاء الإنذار السوفيتي مثل سقوط الصاعقة فافشل التحرّك الثنائي لقوى الاستعمار
وفي ذلك الظرف الدقيق خرجت قوى وأحزاب قوميّة ورجعية وبعثيّة تمد عنقها
صوب الافول والحنين الى الماضي ومنذ فجر المسيرة العظيمة حيث نبتت قرون
الثور الهائج المتمثّلة بالقرون الحادة والمتميّزة بالهمجيّة لقتل الوليد في مهده والمتمثّلة
بحركة الشوّاف تناغما مع ساحة التهريج الناصري وتدفّق السلاح من الجانب الثنائي لفرض
الوحدة العربيّة قبل نضوج الظروف المناسبة وإيجاد قاسم مشترك وحصول قناعات
لدى الأطراف بين النظم المختلفة الاشكال ملكيّة واقطاعيّة رجعيّة وجمهوريّة لقتل
الروح في العراق العظيم ولإطفاء شمس المسيرة في تلك الظروف الشائكة والمحن
للمصائر المجهولة ولأعراس تمّوز ولو التفتنا قليلاً الى الوراء لرأينا العراق يوم كان
يخضع نظام السلطنة العثمانيّة وخلال الحرب الكونيّة الأولى تغيّرت خارطة العالم
والعراق اضحى في ظل نظام ملكي جيء بالبديل فيصل الاوّل ليتوّج ملكاً على العراق
بعد ان توّج ملكاً على سوريا ولكن عقب فترة وجيزة انفجر الشعب السوري عليه وعلى
تاجه المبجّل فطرد من سوريا والعمليّة كانت مقايضة بين الامبراطوريّة التي لا تغيب عنها
الشمس والقبائل التي كانت عوناً وسنداً لتهشيم الخلافة العثمانيّة فكان نتاج القسمة
للعراق وبلاد الشام ولوضع مقايضة او وموازنة تجري بين القبائل العربيّة من جهة
لكسب النفوذ والجاه ومن جهة اخرى فوزها بالتيجان الورقيّة الى جانب تغيير السيّد من
العثماني الى السيد البريطاني وامّا فوائدها للمحتل كانت ككلاب حراسة لحراسة الثمار
المكتسبة مقابل خسارتها جرّاء دخولها الحرب الكونيّة الأولى مع حلفائها لأزاحت الرجل المريض المتمثّل بالخلافة العثمانيّة من جانب الدولة التي لا تغيب عنها الشمس
الى جانب بغداد المكحّلة بالكحل الأسود المختلط بحمرة الدماء دماء ضحايا النظم الرجعيّة
المتلاحقة على الضفة التي تطلق كلابها بين الفينة والفينة لنهش لحوم الضحايا ضحايا العشق لسنفونيّة الأنغام الاشتراكيّة
ومع تنهّدات العمّال وحسرات الفلّاحين على ارضيّة الجوّال والباحث عن سر الخلود
الى جانب الأعقاب الذين تحرّكوا بشكل دائب على ابجديّة المعاناة والعذاب المصحوب
بالإصرار للمواصلة فوق طريق مفروش بالشوك والعوسج وهم نعم الأعقاب للباحث عن سر الخلود حيث يقطعون محطّة اثر محطّة وهم يطاولون المعزة وضرب مثل في بطولة نادرة يركع لها التاريخ وذلك لتحقيق هدف يكاد ان يكون الحلم الأنبل للبشريّة جمعاء
والمتخيّل بشكل رائع كروعة العراق العظيم والمظلوم على مدى تبدّل الصور الباهتة والقبيحة
تبعاً لترتيبات العم سام بعد ان سقطت عربة السلطنة العثمانيّة لوادي الضمور والانحسار في الدائرة الضيّقة والمحروسة (بجندرمة) العصور السالفة والمتولّدة عن كهل الاقطاعيّة
وصبي الرأسماليّة لخلفيّة الأجناس وروّاد الحضارة التي تجاوزت العابر لمحيط التاريخ
بتجلّيات جلجامش الباحث عن الخلود ومنذ تفتح البشريّة لغرض العبور ولكن للزمن غدره في سباق المسافات حيث ضعف العراق واقتيد ضيفاً الى اهل الكهف فكان النوم على سرير المديات المحكومة بالأحلام والمراوحة على بلاط الماضي الذي اقام سرادقه تحت شمس الغروب وتخلّف عن سباق المسافات الطويلة خلال الكبوة الأحادية والتغافل عن ترويض النفس على المسار المؤدي لقطع المراحل التي يمرّ بها الموكب البشرى في السباق غير المعلن


عنه منذ البدائيّة لوثوب المرحلة الاقطاعيّة ومن تلك التي كهلت عند ربيع الرأسماليّة فكان
الجواد العراقي خافت الصهيل بعد بحث الأب الثاني والوارث ابينا آدم جلجامش الباحث
عن الخلود والتساوق في سباق المسافات الطويلة وانسياب السفن عند هبوب الرياح العاصفة
والعالم يتقدّم والعراق ينزوي في عالمه المضبّب ولم يجد المكان المناسب ليصطفّ
تحت شمس المعرفة وشيئاً فشيئا تراجع ليجد مكاناً في العربة الاخيرة من قطار التاريخ والشاهد
الغائب الحاضر كان وما زال قائماً الى جانب ذلك السهم الذي يشير الى تردّد الابناء حيث أعطى
قمر السعد خلفيّته المعتمة ليسدلها على ذلك الذي أدمن المراوحة في الماراثون والنوم في قاع بئر
النسيان ولم يصحو الا في ظل العزلة وبعد ان نام قروناً تحت الخيمة الفارسيّة
وطوراً تحت الخيمة العثمانيّة ولم يصحو الاّ وعربة العم سام تدور دواليبها
على صدره لتحطّم ما بقي له من عظام سليمة ولتقام له دولة رجالهالا يملكون الاستقلاليّة باتّخاذ
القرار الّا بموافقة المستشار وفي تلك المحنة تمّ رفع ملك على عرش العراق من غير العراقيين
ولم يكن للعراق صوتاً يسمع مع فقدان سيادته طيلة تلك القرون السود من تاريخه الطويل
إلّا صبيحة الرابع عشر من تمّوز بقيادة ابنه البار الشهيد عبد الكريم قاسم رحمه الله
ورواية رحلة في محطّات الذاكرة للمناضل حيدر حاتم جري تدور أحداثها في ظل النظم
المختلفة ومنذ تفتّحت زهرة شباب حيدر انخرط في صف المعارضة لذلك النظام الذي لا
تتحرّك بيادقه الّا بإشارة من الاسياد وخلال الطواف لمديات تلك الرواية الدقيقة التي يعرّج
فيها على محاولة لتكبيل شعبنا بمعاهدة مذلّة دون ان يأخذ رأيه فيها فتحرّك الشعب العراقي
آن ذاك بكلّ طبقاته مثل موج البحر الهائج والمتلاطم الى ان أسقط تلك المعاهدة المذلّة والمهينة
وفي موقع من مواقع التحدّي كان يصف وصفاً جميلاً واخّاذا لشخصيّة الشاعر الجبل الذي استحال
على شعراء الاجيال التي جاءت ما بعد المتنبي مجاراته حيث لا أحد يستطيع عبور الجسر القائم بين قمّتين فوق
وادي عبقر ليكمل ثالثة الاثافي فالكاتب الذي ما برح يترسّم شخصيّة الجواهري ووجهه الذي تلوح
عليه آثار الجدري وقد رسمه رسماً دقيقاً يتجاوز رؤى الرسّام في مرسمه وكنحّات يقيم تمثالاً
لشخصيّة الشاعر الجواهري الفذ والمكلوم باستشهاد أخيه جعفر الجواهري فالرواية ذات سبك دقيق
وكاتبها يبحر فوق الورق الأبيض الصقيل بعيني نسر وبانتقالات رصينة لاصطياد الجمل المناسبة
لتمدّد الرواية وتشعّبها وانتزاع القارئ من غفلته وربطه في المدار الذي يريده ولم يتح للقارئ
فرصة التقاط الانفاس ثمّ يأخذه للبعيد الى انسيابيّة العشيرة ساعة يشاء وعبر تتبّعي لمعالم الرواية
لم أكن قد تأثّرت وحزنت بإعدام الذين عبروا صحراء الربع الخالي دون ان ينال منهم الخصم
ذهبوا رافعي الرؤوس بكل شموخ وتحدّي وهم ينظرون الى المدن الفاضلة
بعشق عارم وتقديس متناهي يندر له مثيل ولتلك المدن التي يأوي اليها الفقراء والمعوزين في
الأرض وخلال التطواف والرثاء المكتوم بصيغ الحاني على بؤس وضياع الايّام التي
كرّست للعمل المتفاني والمضني على حساب وهدر ليالي الفرح والانس ساعة كانوا
طليقين يسبحون مثل ما كانت الطيور تسبح في فضاء ومحيط الحرّيّة المطلقة دون قيود
ودون شروط ساعة اخذهم دور الروّاد والبحث عن فردوس آمن لا ينازعهم أحد
يوم يشيدونه حجراً بعد حجر وشجرة شجرة بكدهم وبطاقاتهم الخلّاقة التي
تكاد ان تدفع ضيم الأعاصير في وطن يغطس بالفوارق القوميّة والطائفيّة
والمذهبيّة والدينيّة التي هي أكثر انعزالاً وتوجّساً من الأسماك التي تعيش في
محيطها وريبة يكنّ لها مجتمع العوام فككيف إذا كانت الضحيّة يهوديّة وفي زمن
انتصار اليهود الصهاينة على عرب فلسطين وحصراً من المسلمين أكيد ستضاعف
القسوة مصحوبة بالجفاء وقلب ضهر المجن وايغالاً في العذاب وتدوير دواليب الكراهيّة
بأقصى دورانها بالصابئ واليهود الذين عوملوا بسنن الجلّادين الذين تدعمهم القوانين
القاصرة احاديّة النظرة الضيّقة والارث المتحجّر بالحقد والكراهيّة من قبل المجتمع










ولا سوق شاهداً كان لي قريب من عشيرتنا المعامرة هو المرحوم عبد الله المحسن
رحمه الله وعبد الله والد الشيخ ريسان ولعبد الله المحسن ولد اسمه تركي ومن خلال
الفكر المتحجّر والغائص في مستنقع القبليّة ولعبد الله المحسن اخت كانت جميلة جدّاً وطاهرة ونقيّة
وكان لعبد الله المحسن قريب ومن أصل العشيرة فطلب يد الأخت فرفضت وكرّر الطلب ولم تتم
الإجابة وبعد ان يأس الخاطب وضع النهوة والى جانب هذا وفي ليلة من الليالي الغادرة كان القمر
قد دخل المحاق هجمت مجموعة ملتحفة بالظلام وهي تطلق الرصاص الطائش فأصابت ولد
عبد الله المحسن تركي وما أدراك ما تركي ذلك الشاب السمح وهو في ربيع
العمر ثمّ هربوا تحت جنح الليل الدامس وعلى الفور تمّ نقله الى بغداد وادخلوه احدى المستشفيات
الاهليّة وكانت اصابته في عظم الفخذ مع تفتّت جزء من عظم الفخذ وبعد أكثر من شهرين تم نقله
الى بيت الوقف الذي كنّا نسكنه وبقي ما يزيد على العامين وكنت اسهر معهما ليالي طويلة وكان
أحد المضمّدين يأتي الى بيتنا ليزرقه الإبر ويعالج الجرح المحتقن بالقيح والملتهب
وكان الرجل يبدو لي في الخمسين من العمر حسب ظنّي وقد وخط الشيب رأسه ويبدو لي رجلاً
دمث الخلق وفي احدى الليالي حصل حديث حول فرهود اليهود بين المرحومين عبد الله وتركي
من جهة والمضمّد من جهة وقال المضمد في تلك الليلة وانا لا اتذكّر الأولى ام الثانية قال كان
جرحى اليهود كثر واكثرهم كانوا في حالة انين وتأوّه واستغاثة وانا اطمئنهم الواحد بعد الآخر
واذهب فأزرقه إبرة وبعد وقت وجيز ينتهي او جملة يعضّ لسانه وكان عدد ضحاياه يزيد على
العشرين ام الثلاثين ممن دفعهم لقارب الموت ولا يلوح على وجهه من ندم ام اسف على الذين
هتكت اعراضهم وسرقت أموالهم والاحياء الذين كتبت لهم الحياة سفّروا عنوة وخرجوا
بما يستر عورتهم وفي عام 1954 كنت موقوفاً عن اضرابا ت شركة الدخّان الاهليّة
ما يزيد على الشهرين واثناء هذه الفترة جاؤوا بثلاثة من اليهود لمركز الكرخ
والموقف كان فيه من الموقوفين ما يتجاوز الثلاثين موقوفاً وجميعهم كانوا من النشّالة
والمخمورين ومن سقط المتاع فعشت مع اليهود الثلاث ومازلت اتذكّر أسمائهم
كان أحدهم في حوالي الخمسة والخمسين من العمر كان أكبرهم يسمّونه أبو الياهو
والأصغر منه وهو في ريعان الشباب يسمّونه إبراهيم عجمي والثالث اسمه الفريد
إخضوري وكان في عمري ان صحّ تقديري كان أبو الياهو رجلاً متديّناً وهو يرتدي الزبون
والغترة ويقوم بتحضير الطعام لنا سويّة وفي ايّام السبت يطلب منّي أن أوقد له النار في الجولة
والاثنان في بعض الأحيان يشاكسانه ويقولان ليلا توقد له النا انّ الفريد كان مصاب بعدّة اطلاقات
وبعض الشظايا كانت مدفونة في رسغ أحدا يديه وكنت أحسّها بوضوح واطلاقة كانت مدفونة تحت
حلمة ديسه وكنت اساعدهم بجلب قدر كبير عن طريق اختي فاطمة رحمها الله
لغرض غسل ملابسهم وعندما علمت كان اليهود يغسلون ملابسهم فيه غضبت عليّة غضباً شديداً
وكان لرجال التوراة تواجد وبقايا يأتون لزيارتهم لغرض جلب ما يحتاجونه من
مواد غذائيّة ثمّ سفّروا رغما عنهم من نقرة السلمان الى مركز الكرخ ومن مركز الكرخ
الى مطار بغداد فالشعب اليهودي كان شعباً وديعاً وكانت مجاميع تعد بالعشرات يعبرون نهر دجلة
ايّام السبت صباحاً ذهاباً واياباً ولا أحد يمسّهم بسوء وعندما أقول اليهود ودعاء
لا أعني اليهود الصهاينة من الّذين يمثّلون تلك القوى السوداء والشرّيرة
ومرّة قرأ ت منشوراً سرّيّاً تصدره جريدة القاعدة وعلى ذمّتها كانت تتحدّث عن
عن شخص اسمه رودني دخل العراق بصفة جندي انجليزي مع القوّات الانجليزي
ليعتدي على السجناء الشيوعيّن في نقرة السلمان هذا رأي دوّنته على ذمّة من نشره
وهناك رأي آخر يقول انّ رودني دخل العراق ومعه عصابة من الصهاينة مهمّتهم
القيام بتفجيرات في الاحياء اليهوديّة لتخويف اليهود وتمهيد خروجهم الى ارض
الميعاد ارض فلسطين التي اغتصبت بحماية الدولة التي لا تغيب عنها الشمس
سهّلت وشجّعت على هجرة اليهود بموجب وعد بلفور ولسنا ببعيدين عمّا فعله بهم
كلب المانيا النابح وصاحب اسطورة الدم الآري وكيف تعامل مع اليهود وقام بقتل
الملاين بحمّامات الغاز وعادم المركبات وحشرهم بمعسكرات الموت
وعمليّات التجويع والإبادة الجماعيّة والتفنّن بدفعهم للأفران وحرقهم هذا الوحش
كان يصنّف الشعوب والاعراق ويقول المانا صاحبة الدم الآري وكذلك يصنّف
بريطانيا ويصنّف فرنسا بصاحبة الدم الآري ومن ثمّ يستثني شعب فرنسا ويقول انّ
الدم الآري الفرنسي تلوّث لاختلاطه بدم الجزائريّات ويضع العرب في الدرجة
السابعة والافارقة في خانة القرود.
لأعود الى مركز الكرخ
في ليلة من تلك الليالي كنت أقف أمام القضبان الحديديّة لباب الموقف
وانظر من بين قضبانها الحديديّة وإذا بمجموعة من ضبّاط الشرط
وزامل حاتم رحمه الله وسلمان عامل المكس واثنان من المدنيّين
أدخلوهم الى احدى غرف المركز والأصوات ترتفع هذه الحالة امتدّت
قرابة نصف ساعة وكان الحارس في تلك الليلة عليوي وربّما كان على
عتبة احالته على التقاعد كنت اناديه بعمّي عليوي وفي مركز الكرخ موقعين
أحدهما صغير مخصّص لواحد او لا ثنين كان الحارس واقفاً بقربي فنادوا عليه
ذهب وكنت اراه امامي وأخيراً خرج سلمان برفق المدنيّين وعاد عليوي بالمرحوم زامل
وحاول عليوي ان يقتاده للموقف الانفرادي فهتفت به عمّي عليوي واردّد اسمه
لمرّات ان يأتي بالموقوف الى هنا لأننّه صديق لي وزامل يعضّ على شفته لكي اسكت
ويأشر لي بأصبعه ولكنّي بقيت على حالي فعاد بزامل وفتح له الباب فتعانقنا وفرحت به
واقتدته لفراشي وكان دم قد تيبّس على احدا اُذنيه قلت ما هذا الدم قال ضربني
وكان الحديث همسا وبعد ان استسلم جميع من في الموقف الى النوم كانت المصابيح تنير الموقف وكان في الموقف حوض مربّع وفيه فتحة تأدّي الى المجرى العام للمرافق وكان زامل
يحمل معه قرابة الأربعين رسالة وللمرّة الأوّلى أرى في حياتي هكذا رسائل فالواحدة قدر بندقة مكبوسة وهي كمربّع
زهر الطاولة واخيراً أخذتها منه وتحت حجّة التبوّل القيتها في الفتحة الممتدّة الى
التواليت وعدت اسأله كيف قال يوجد فتق في جيب المعطف ويعزل الجيب عن بطانة
المعطف ولمّا مد أحدهم يده ليبحث على شيء في الجيب ذهبت يده في الفراغ
فاصطنعت حالة من العصبيّة وخلعت المعطف وألقيت به ارضاً وانا أُردّد اتريد
ان اخلع كلّ ملابسي لأظهر عارياً وصار يتحسّ جيوب البنطال فلمّ يجد شيئاً فتركني
وهكذا انتهت لعمليّة أمّا كيف ذهب سلمان عامل المكس بمعيّة هاذين القريبين
فذلك يبعث على الشك وحين دوهمنا في مقهى يقع في منطقة
الفضل وجاؤوا بنا الى مركز الكرخ وسلمان أطلق سراحه واحتفظوا
بي وليس لديّ أيّ تفسير وفي الصباح نود ي على زامل فذهب
مثل من يذهب مع الريح فبقيت وتيّار الظنون ما انفكّ يلحّ ويدفع بي
الى هاجس المتابعة حد الارغام
ويأخذ بخانقي ويسحبني من الخرطوم الى عرض الساحة مثلما يسحب
الخروف الى المذبح ولكنّ انفلت بقوّة الصحو وقلت لنفسي ولم العجالة
وانا خارج اللعبة وفي العاجل القريب قد يفتح باب الطلّسم واكون على
بيّنية وانا في المربّع من عمى الألوان وسوف لن أصب بمكروه
لأنّي خارج القلعة ولكن يصعب عليّ رفيق درب تقذف به الصفة
لقد شغلني وانا في صدد رحلة مع رواية في محطّات الذاكرة وفضولي
يدفعني لغرض الالمام بجوانب تلك الرواية ومهمّتي لطلاء الرواية
باللون المحبّب او برقص المقص على طريقة الروك ا ندرول
وجنون الفيس بريسلي
ولسوف أسير على أرض الحرام لأصل لما أبغي مرافقة الصانع
الحريص على وضع الإطار المذهّب وهو مولع ورديف للتدافع
ولعلعة الرصاص والركض تحت المطر والعاشق لقارب ينساب
على نهر تلوح منه قمّة جبل تجاوزت في علوّها كلّ مراحل التاريخ
المدوّن والمجهول ومجاراة لذلك العاشق الحالم سأسلك الطريق
للرواية وبعد فقد انحدر الكاتب رويداً رويداً على صفحات من الماضي العريق
ليأخذنا صعودا الى قمّة الأحداث وهو يرمي بشبكه ليصطاد ما كان
تحت السطح من شذرات لم تفقد روعتها ولمعانها وبريقها المحتوي على
ألوان قوس قزح فوق نهر التنهّدات وقد لا تشكّل خطوة من سلّم
الصعود ولا سنبلة من البيدر الخزين لما بعد الجيل
الذي تسلّق نخيل الشيخوخة وفي حالة الباب المغلق والسماح لتسلّل خيوط
الشمس على كلّ مربّع من المدينة التي احاول الجولان في شوارعها شواطئها
سطحها نهرها ناسها وما يخزن الرسّام في تلافيف رؤياه المذهّبة حيث يترسّم
(شاغلة الدنيا وملهمة الشعراء)
ومن أزقة الملهمة ومنائرها واسواقها ومقاهيها والمقارنة خلال المنعطفات
القدريّة تقف شاخصاً مع اختلاف الأوطان واللغات والعادات والتقاليد
تبقى (كلمة قبل الموت) شبيهة بالاسطورة فالحارس الجيكسلوفاكي
كان يحمل رأسه على يديه ويصافح ظل الموت في كلّ ليلة جرّاء
الحالة التبادليّة حيث يجئ بالورق الأبيض الصقيل ليستلمه مخدّشاً ومحبّراً
كلّ ذلك الجهد لأجل ((( كلمة قبل الموت)))
تتجاوز كل التخوم وترسب مثل حصاة داخل ساقية ماء جارف وتكبر
مع الزمن مأثورة ومؤثّرة في ظلّ طاحون ساحق وإرهاب باطش
لا يستطيع محو تلك المأثرة ل جاليوس فاوجيك وقيام المحتل باعدامه وزوجته
بسبب انخراطه في المقاومة ضد جحافل المتحل للوطن الام جيكوسلفاكيا
خلال الحرب العالميّة الأولى بعد ان تمّ اعتقاله عبر
وشاية خائن حقود
أُعدم شهيد الوطن واُستاذ الفلسفة ومن الجانب الآخر حميد حدّاد
المُخْتَرق صبيح هاشم غير المميّز بحيدر حاتم أعود فأقول كيف
حصلت هذه المطابقة
العجيبة الغريبة بين وطنين مختلفين في اللغات والعادات والتقاليد اللهّم
الّا في المنعطف لمجرى النهر والمصب الواحد مع تحرّك عربة الحياة لنقطة الهدف
منذ عثر ماركس على تميمة فائض القيمة وحسن المسيرة العابرة من كهوف الظلمات
لفجر يوم تطلّ على شارعه العريض شمس الحقيقة واطروحة القدر لتجاوز تفّاحة نيوتن
واكتشافه الجاذبيّة ودخوله في حوار باطني وصحوة نيوتن والتفّاحة مرّ بها عشرات المئات
وام يلتفت لها كل البشر على مختلف مشاربهم منذ أبينا آدم وللحظة سقوط
التفّاحة ذلك الاكتشاف لتفّاحة نيوتن أشبه باكتشاف فائض القيمة والذي
بموجبه ستحسم جميع المراحل المتكاملة والأدق والأحق سوف لن ينزعه انسان
انسان آخر كما نازع قابيل هابيل وعند تدشين المرحلة الأخيرة سيعيش الإنسان
في الأرض جنّة عدن قادمة على حد قول كارل ماركس وحيث تنتهي كل الشوائب
والاختراقات ويتداعى ويضمحل الاسم المحفور على الرخام لقارون وأحفاده
الذين تسلّقوا السلّم ليستنسخوا الشكل وصفة الدم وما يظهر على الجسد من الشره
المستشري ويذهبوا الى متحف المراحل البشريّة لينصبوا له تمثالاً لغرض الزيارة
والاطّلاع مع المواصفات ومثلما نحن نزور المتحف الذي يحتوي على المتحجّرات
وبقايا اللقى مع هيكل قارون المطلي بذهب الأزمنة السحيقة
وبعد فالرواية تسير على الطريق الممنهج فاتحة ذراعيها للزيارات الخصوصيّة
وغير الخصوصيّة مع تحيّاتي لكاتبها وللمقدّم لها



#شعوب_محمود_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعاء القلب يزهر بالإيمان
- الصليب والعالم المفتوح
- وعاءالقلب يزهر بالايمان
- اطلالة على النافذة
- تصوّرات خارج الأطر
- حين تكسر الأقلام يكسر الوطن
- قارع الأجراس
- الغريقوالقبر المائي
- النوم في سرّة بغداد
- أقرأ في مآتي السحريّة
- البحر والذكرى لها جذور
- القناديل تهزم الظلام
- يوخزني ملح تراب الارض والبحار
- بين آدم الأوّل وجلجامش الكبير
- الحلم
- ولربع قرن والعيون كليلة
- أمّيّة الوثن
- الطموح وجذوة الأرومة
- الطير والقفص
- لصوص بغداد والسارق الحليف


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعوب محمود علي - مرور ب رحلة في محطّات الذاكرة