أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح1















المزيد.....

العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6433 - 2019 / 12 / 9 - 00:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الساحة العراقية اليوم تشهد ولادة الخندق العراقي الواحد للدفاع عن الوطن ومصالحه العليا ومستقبل الشعب العراقي، وبين خنادق مشبوهة تقاتل نيابة عن الأخرين وكل منهم يدع أنه يدافع عما يسمونه مشروع المنطقة، فالخندق الإيراني يرفع شعار المقاومة والممانعة ضد أمريكا وحلفائها، في الوقت الذي لا نجد في إيران نفسها هذا الكم من المدافعين عن مشروع طهران الذي تتولى الحكومة والسلطة في طهران رعايته، في المقابل هناك خندق أخر قد يبدو للبعض أنه مدجن ومسيطر عليه من أكثر من جهة، كل منها تدعي أنها تدافع عن قيم الديمقراطية ومحاربة التدخل الأجنبي في شؤون البلد والمنطقة.
هذا الفرز لم يكن مجرد أفتراض أو تصور لحالة فرضت نفسها على الواقع العراقي بدون علل وأسباب، فمنذ الإطاحة بنظام الحكم الشمولي في عام 2003 تبلور بشكل علني نتيجة إفرازات حالة الصراع على الواقع الجغرافي العراقي وأهميته لكلا الطرفين المتصارعين، وإن نجحت أمريكا وحلفائها الغربيين وفي المنطقة في القضاء على الدولة العراقية ونظام الحكم فيها، إلا أنها لم تتمسك بهذا النجاح وتعمل على يناء المنظومة السياسية التي تكفل نجاح المشروع الذي جاءت من أجله أصلا، وهي بناء دولة ديمقراطية حديثة تعتمد سيادة القانون والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان كما زعمت في مبررات حملتها تلك.
هذا الفشل الأكبر سجل ضدها وسجل أيضا خطأ أخر لا يقل من حيث أهميته في ترتيب الوضع العراقي الجديد، حينما أستجابت وبشكل غير مدروس لأفكار ومشاريع كانت في الأساس منشأها ودوافعها غير عراقية ولا تتسم بشيء من الوطنية، حين زجت بأطراف تعرف هي قبل غيرها أن قرارها وقوتها وتوجهها مبني على نظرية مضادة للمشروع الأمريكي الغربي، في التفاصيل أن الإدارة الحربية وبعدها الإدارة المدنية للإحتلال عملت على تفكيك منظومة الدولة ومؤسساتها الجامعة، معتمدة على أن قواتها وأنتشارها الواسع في العراق قد يكون كافيا لضبط الوضع العراقي بالأتجاه الذي يمهد لبناء دولة مختلفة بعقيدتها وفهمها للواقع العراقي.
هذه الأخطاء الأستراتيجية التي أرتكبتها الإدارة الأمريكية أسست إلى فوضى منفلته لم تتداركها كل الحكومات المتعاقبة التي أدارت العراق من بعد عام 2005، خاصة مع دستور طائفي أعتمد على مفهوم المكونات بدل مفهوم المواطنة، هذا التأسيس قاد إلى نتيجة حتمية أفرزت الواقع المجزأ بعد أن كان مضمرا وخفيا يحتاج إلى مفجر ليظهره للعلن، سبق ذلك في التأسيس أيضا تشكيلة مجلس الحكم الذي قادر العراق لفترة محدودة والذي بني ليس على الكفاءات القادرة على إدراك مفهوم الأنتقالية والتأسيس بل على تجذير الطائفية والعنصرية، والغالب في أعضائه المختارين ممن لا يملك تجربة ناضجة سياسيا وفكريا وغير متحمس أصلا لها، لذا فالجريمة الأساسية في تشظي المجتمع العراقي لم يكن إلا خطأ وخطيئة أمريكية مكلفة لا يمكن بعد ذلك إصلاحها.
الفكر السياسي الشيعي المتخم بالمظلومية وطلب الثأر والتوجس من الأخر حمل معه نموذج سياديني مرتبط كليا بتحقيق نموذج على الأرض يظن أنه قادر على أن يكون الحل، وبالتالي كان التمسك بهذا النموذج ومحاكاته دون فهم حقيقة أن الواقع العراقي يختلف جذريا عن الواقع الإيراني ولا يماثله، لا في القناعات الشعبية ولا بالمعطيات على الأرض وتجاوز حتى فشل هذا المشروع الذي حمل معه مفاهيم قومية أكثر مما حمل مفاهيم دينية مذهبية، كما أن النموذج الإيراني (ولاية الفقيه) لم يأت بعد فترة من الحكم السني المعادي أو المتوجس من النبض الشيعي المنافس، فحتى حكم الشاه لم يكن معاديا للفكر الشيعي بل راعيا له، لكن أسباب التغيير التي حصلت في إيران لا علاقة لها بالمذهب، بقدر ما كان نتيجة حتمية لفشل حكومة الشاه في أن تكون تابعا للمؤسسة الدينية التي تريد تزعم المذهب فحسب، الشاه من جهته يرى في نفسه ونظام حكمه الممثل الرسمي له والمدعوم بقوة عسكرية قمعية لا تسمح بأي صورة من الصور لهذه المنافسة.
كان الصراع بين المؤسسة الدينية بمعظمها ونظام الشاه لم يكن صراع مذاهب كما هو في العراق، بل كان صراع زعامة وتدجين للأخر ومحاولة تزعم لا أكثر من ذلك، الصراع الخفي في العراق ومنذ أيام حكم الدولة العثمانية وما قبلها وبعدها في العراق كان صراع مذاهب، صراع إرادات ومحاولة إقصاء، هذه الحقيقية لم تحضر في بال المؤسسون لجمهورية بريمر، فأنخرط كلا القيادات القيادتين المتنافستين في مشروع رفض الأخر، برز في الجانب الشيعي شعار (ما ننطيها) بينما برز في المشروع الأخر شعار (الحقانية التأريخية)، لذا فالإنقسام وفقا لرؤية الإدارة الأمريكية ينتهي عندما نحدد لكل فئة ما يناسبها كحجم وليس كمشروع بناء دولة (حصة) في إدارة العراق، دون أن تضع أو تؤطر هذه المحاصصة بإطار وطني يجمع المكونات وفقا لمبدأ أن الجميع عراقيون، والجميع عليهم واجب أن يبنوا وطن بالتنافس الشريف وليس بالصراع الذي يشتت الجهد الوطني ويعرقل بناء الدولة الجديدة.
هكذا أنتهى المشروع الأمريكي الجديد بتقسيم العراق مذهبيا ودينيا وعنصريا وعلى ل فريق أن يدافع عن وجوده وهن رؤيته، لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد بل أنقسم كل بيت إلى فروع وأتجاهات متصارعة فيما بينا لأختلاف المنهج الواجب أتباعه أو للطريقة التي يتم في التحكم بالفئة والمكون، البيت الشيعي أنقسم بين الوافدين الذين يرون أن لهم الحق كاملا في تزعم الطائفة أما لصراعهم السابق وما يسمونه بالجهاد ضد نظام البعث، وبين شيعة الداخل الذين يرون أحقيتهم في مقدار الصمود والتضحيات التي قدموها من أجل بقاء المذهب وقدرته على المقاومة، كان هذا الصراع الرئيسي بين الفريقين الشيعيين والذي أختار فيه القسم الثاني مقاومة الأمريكان بأعتبارهم قوة محتلة أنتهى دورها فقط في إسقاط النظام السابق، فيما تمسك الفريق الأول بالبرغماتية والعمل مع المحتل حتى يتم تثبيت أركان البيت الشيعي وهيمنته على القرار العراقي.
في الجانب الأخر كان الموقف السني مذهولا تماما من تخلي أمريكا وحلفائها الأقربون والذين يشتركون معه بالمذهب عنهم، وظنوا أن تسليم مقاليد الحكم للأغلبية الشيعية يعني أستهداف عميق ومؤثر لتغييب دورهم عن الساحة وربما إبعادهم نهائيا بسبب ولائهم السابق للنظام المنحل، كان البيت السني أيضا منقسم على نفسه فالبعض يرى أن لا يجب أن تترك الساحة للقوى الشيعية وعليهم تعبئة المجتمع السني بقوة للعودة للسلطة من خلال صناديق الأقتراع والعملية السياسية التي بنيت على تقديرا للعدد الديموغرافي، وبالتالي يمكنهم الرجوع ولو جزئيا لصناعة القرار السياسي، وكان يتزعم هذا الأتجاه الأخوان المسلمون والمتحالفون معه.
أما الفصيل الأخر فتزعم مقاومة الأحتلال وكل من يتعاون معه وخاصة الشيعة، ترهيا لهم ومحاولة العودة للسلطة بالقوة من خلال إضعاف الوجود الأمريكي وتصفية القيادات الشيعية البارزة، فكان من المؤكد أن هذا الفهم سيكون مفتاحا للتعاون مع كل صوت أو قوة تعادي الأمريكان وشعارهم دوما كان زوال الأحتلال، وهكذا تم فتح الباب واسعا أمام أي جهة يمكنها أن تعمل لتحقيق هذا الهدف، خاصة القوى التي تحمل السلاح من بقايا النظام السابق أو حتى من القوى التي يمكن أن تدخل العراق بعنوان المقاومة، ونشأ بعد ذلك تحالف عسكري عريض بين فصائل جهادية متطرفة وتنظيم القاعدة الإرهابي ليكون الخصم مع المشروع السني داخليا وضد المشروع الشيعي بكل قواه.
تكاثرت الخنادق وكل خندق تمترس بالقوة الشعبية التي تتبعه، وأصبح العراق ساحة تصفيات لها وكل خندق وجد من يدعمه خارجيا ويدافع عنه، أما لمصالح سياسية أو أقتصادية أو مذهبية، في حين بقي قطاعات واسعة من الشعب العراقي في الأرض الحرام الفاصلة بين المتصارعين، ودفع مئات الألاف من أفراده دون ثمن لمجرد أن يشعر بعض المتصارعين أنهم أقوياء على الأرض، حتى أنفجر الصراع على أشده في حرب اهلية كان عنوانها الطائفية بكل عمقها التاريخي والسياسي عام 2006، في الفترة التي كان فيها النظام العراقي الجديد يتخبط بين واجب بناء دولة وبين الرغبة بالانخراط المسلح في هذه الحرب خشية من أن تذهب منجزاتهم ما بعد الأحتلال أدراج الرياح.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزوة السنك بين صمت القبور وصراخ الصقور
- ثوار ومندسون والطرف الثالث
- المؤامرة الأمريكية!؟
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة ح2
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح2
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح1
- الخطوة التالية ح2
- الخطوة التالية ح1
- العراق في قلب العاصفة
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح2
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح1
- التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح1
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح4
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح3
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح2
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح1