أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 2














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6390 - 2019 / 10 / 25 - 04:16
المحور: الادب والفن
    


" مع ذلك، تمّ خداعي سواءً بعلم حمّوكي، أو بدون علمه مثلما أقسمَ على المصحف الشريف "، تمتمَ عليكي آغا الصغير من بين أسنانه وكان من القهر في غاية. شعرَ بالخدر في يده اليمنى، التي ركّز عليها جسده، فتزحزح رويداً كيلا يوقظ الطفلة الصغيرة. بعد نحو نصف ساعة، كان جالساً في الحديقة مع حميه، المفترض. من الكدر، العائم على سحنة زوج ربيبته، أدرك أوسمان أنّ ثمة مشكلة مهمة تواجهه. ولكنه، كالعادة مع أجيره السابق، أرادَ أن يُفضي هوَ ما بنفسه. هكذا بقيَ مسترخٍ على الأريكة، محاطاً بالنبات والأزهار، بينما الطيور تشدو على هامات الأشجار المثمرة. تشاغل بتأمل رمانةٍ، انشقت إلى نصفين، وقد بدت أزرارها من شدة النضج أشبه بحبات العقيق. ولعله فكّرَ عندئذٍ بامرأته الولود، وأنه برغم مضيّ عام على مجيء الصبيّ الثاني لم يجلب لها حليةً تُفرح فؤادها. بعد نيله رشفاتٍ من فنجان القهوة، المرتجف بين أصابعه، تنحنح عليكي آغا الصغير وما لبثَ أن بث همّه للرجل السعيد، الجالس بمقابله.
" ياو تعتبر أنك في ورطة، مع أنّ أحداً غيرك لا يعلم بأمر سرقة الماشية "، قال ذلك العم أوسمان ببساطة. ثم أضاف، " تقول، أنّ تجارتك تأسست على مالٍ حرام؟ فما هوَ ذنبك أنت، طالما أنّ الأمرَ لم يصل إلى علمك سوى مؤخراً؟ ". لم يبدُ على ملامح الآخر أنه اقتنع بحجج حميه، وعلى ذلك بادر للقول: " ولكنني الآنَ على علم في آخر المطاف، أفلا يتعيّن عليّ أن أرد ثمن تلك الأغنام لأصحابها؟ "
" نعم، ولكن بشرط أن تستعيد ثمنها أولاً من أولئك اللصوص. وبالطبع، فإن هذا محالٌ. الحل الآخر، أن تبرئ ضميرك، بأن تقوم بإبلاغ السلطات عنهم. وإنها لحماقة فعلُ ذلك، بالأخص حينَ نتذكّر أنّ والد ليلو قضى بمدية أحدهم لمجرد أنه دافع عن بيوت الفلاحين الصوالحة "
" إذاً لا يبقى عليّ سوى التوجه إلى الحج، عسى أن يغفر الله لي تورطي بالصفقة المشينة "
" إنك كنت تدفع الزكاة عن مالك في خلال السنوات الثلاث تلك، ولن يطالبك الرب بترك أعمالك من أجل طلب الغفران لذنب لم تقترفه. وأقول لك الصدق، أنّ بقاء ابني على قيد الحياة كان سببه اختراع ذلك الدواء، البنسلين، وليسَ ذهابي إلى الحج.. هكذا أكّد لي ذات مرة، صديقي الأمير؛ ولو أنني أظنّ بأنه من جماعة الماسونيين! "، قال جملته الأخيرة بنبرة رصينة. ابتسمَ عليكي آغا الصغير في نفسه، وربما فكّرَ بغرابة أطوار معلّمه السابق: " أراهن فيما لو أنّ طائراً أسقط عذقه على رأسكَ الآن، أنك ستتطيّر وتفكّر بالحج مرة أخرى، تكفيراً عن كل كلمة فهتَ بها للتو! ". الغريب، أنّ السيّد أوسمان لم يُنادى قط من قبل الآخرين ب " الحاج "، فيما أنّ ابنه البكر هوَ من نالَ هذا اللقب مذ لحظة ولادته وللسبب الذي نعلمه. مع ذلك، كان الرجل قد برَّ بقسمه ألا يقرب الخمرَ. المولود الجديد ( وهوَ جدّي لوالدتي )، سيُضيف مستقبلاً إلى عادة الشراب، عادةَ الهيام بالنساء؛ لدرجة الزواج بأربع، عدا ما ملكت أيمانه من عشيقات.

***
البدويّ راعي الأغنام، وكان قد أصبحَ شاباً الآنَ، سُمحَ له بالذهاب إلى أهله. ولكن معلّمه طلبَ منه التريث، ريثما يتدبّر له شخصاً موثوقاً يُمكن أن يرافقه في الطريق. في أوان انتظاره، طرأ تغيّر ملفت على مزاج الشاب، المدعو " حمّاد ". ليسَ فقط عدم تحمّسه في الإلحاح على الرحيل، بل وأيضاً ما ينبئ أنه مشغولٌ بقضية ما لا تتعلّق بالعمل. وعلى أيّ حال، بدا بمزاجٍ أقرب إلى الرضا والغبطة. مثل كل أبناء مهنته الرعاة، ما كان له صديقٌ سوى كلبه الوفيّ. هذا الحيوان، كان حمّاد قد لمّه من الطريق فنظفه ورعاه ثم علّمه أصول الحراسة.
الإسطبل، المتعدد الحجرات، كان قد بناه عليكي آغا الصغير في البستان العائد لحميه، المرحوم موسي. كانت تمرّ بإزائه الساقيةُ، المتعهّدةُ ري الأراضي الواقعة إلى الجهة الغربية من البستان، العائدِ ملكية غالبيتها للصوالحة. أشجار الصفصاف، كانت تتمايل على الضفة العليا للجدول النحيل، وقد كمن خلفها بكثافة ملفتة، أعوادُ القصب، الشبيهة براياتٍ خضراء . أما الضفة الأسفل، فإنها عبارة عن أجمة من النباتات القصيرة الساق والتي تتطاول صيفاً كرماحٍ مُشرعة. أبعدَ إلى نفس الجهة، كانت تتراءى غيضةُ الحور بكل غموضها الفاتن، والمثير رغبة صبيَة الحارة في اكتشاف مجاهلها. ولكن حمّاد في سعيه اليومَ ظهراً إلى الغيضة، كان لديه هدفٌ آخر. ها هيَ أمامه، مَن شغلت فكره في الآونة الأخيرة بحيث سلا أمرَ الأهل، الذين انقطع عنهم قسراً لما يزيد عن الثلاث سنين. معها، كانت الغيضة تتحول إلى منقلبٍ آخر؛ إلى روضة من رياض الجنّة، ولكنها الحورية الوحيدة فيها. لو أن أهل الفتاة، وكانوا من عائلة أعيان معروفة بالحارة، قد اكتشفوا أمره، لصلبوه صبراً على إحدى أشجار الحور: العائلة، القادمة أصلاً من ديريك مازيداغ، كانت تملك الأرضَ المزدهرة بالخضار والمحاطة بالأشجار المثمرة، وتقع مباشرةً إلى الشمال من الغيضة. ثمة، امتلكوا استراحة صيفية من دور واحد، يُحيط بهم بدَورهم خدمٌ ومزارعون على أهبة الاستعداد دوماً لسماع الأوامر وتنفيذها.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل الثالث
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 2


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 2