أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نوال السعداوي - وزيرة الصحة وطبيبات معهد ناصر














المزيد.....

وزيرة الصحة وطبيبات معهد ناصر


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6022 - 2018 / 10 / 13 - 19:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



أغلب الناس كانوا يعيشون ويموتون أصحاء، لم يعرفوا الأمراض ولا الأطباء، فالمرض حالة غير طبيعية تنتج عن اللاعمل وفقدان الأمل، أو الرغبة فى الموت، حينئذ تتغلب الميكروبات، والفيروسات، وكائنات طفيلية انتهازية، تنتهز فرصة ضعف الإنسان لتنهش جسده وعقله، عاشت جدتى الريفية، لا أحد يعرف عمرها، تشتغل بفأسها فى أرضها، وتأكل من إنتاجها وعرق جبينها، حتى آخر لحظة فى حياتها.

كان أبى قوى الجسم والعقل، مات فجأة بعد أن أحالته الحكومة الى المعاش، مات واقفا كالشجرة، فى شهادة وفاته لم يجد الطبيب سببا للموت إلا التقدم فى العمر، لكن التقدم فى العمر ليس مرضا فى علم الطب الصحيح، وكان أبى فى الستين من عمره، شابا قويا، يمكنه أن يعيش ويعمل حتى التسعين أو المائة، مثل أمه و ابنته، أنا مثلا، أواصل العمل والإنتاج، بعد أن بلغت تسعة وثمانين عاما.

أطل من شرفة بيتى على مستشفى معهد ناصر، المبنى الأبيض الكبير وحديقته الخضراء، دخلته لأول مرة فى يناير 2011، حين زرت شباب الثورة، بعد أن فقأ عيونهم القناصة فى ميدان التحرير، ثم دخلته مرارا، مع المرضى من الأقارب والأصدقاء، وفى كل مرة ألاحظ تطوره وتقدمه، ونشاط الأطباء الشباب والطبيبات، بمشيتهم السريعة ومعاطفهم البيضاء، والأساتذة المستشارين من مختلف التخصصات، بأعلى الكفاءات، ومدير المستشفى ومساعده وهيئة التمريض، النساء والرجال، تلاشت التفرقة بين الرجل والمرأة فى مجال الطب بفروعه المختلفة، حين تخرجت فى كلية الطب عام 1955 كنت شاذة، معادية للأنوثة، حين اشتغلت بجراحة الصدر، فكيف تمسك المرأة المشرط وتفتح الصدور والضلوع، وكانت مهنة التمريض تخص النساء فقط، مثل تقشير البصل والثوم وغسل جوارب الزوج وسراويل الأطفال.

تطورت علوم الطب خلال القرن الحادى والعشرين تطورا مذهلا، أصبحت الجراحات تتم بالموجات الصوتية دون إراقة قطرة دم ، دون ألم، ينهض المريض واقفا بعد العملية ويعود الى بيته، أصبحت هوايتى أن أعود لدراسة علوم الطب وأتعرف على التخصصات الجديدة، فالصحة هى أغلى ما يملك الإنسان، فى هذا العالم المليء بالجراثيم والفيروسات المتطورة الحديثة، تسبق الفيروسات فى تطورها عقول البشر، وما أن يكتشف الطب علاجا لفيروس حتى يولد فيروس جديد أشد ذكاء وضراوة. أين كانت هذه الفيروسات فى زمن جدتى التى قهرت المرض وعاشت وماتت صحيحة الجسم والعقل؟.

أرى معهد ناصر من نافذتى العالية مثل حمامة بيضاء راقدة بجوار الشاطىء، أتمشى كل صباح على الرصيف الفاصل بين المستشفى والنيل، وقد أدخل الى الحديقة الخضراء لأستنشق عبير الزهور، اشتغلت فى مستشفيات متعددة، منها مستشفى قصر العينى الجامعي، ولم تكن هناك زهرة فى مجال الرؤية، انحدر مستوى العلاج والمستشفيات منذ الانفتاح الاقتصادى فى سبعينيات القرن الماضي، إلا مستشفى معهد ناصر، كيف يتطور الى الأمام رغم ضربات القدر؟

بالأمس القريب كنت أتمشى فوق الرصيف الفاصل بين شاطىء النيل وحديقة المستشفي، أقبلت نحوى مجموعة من الطبيبات الشابات، وجوههن مشرقة بابتسامة الأمل، سرنا نتحدث، أسترجع معهن أيام الشباب فى مستشفى قصر العينى القديم. إحداهن جراحة عيون، متخصصة فى الليزر أو الموجات الصوتية، وأخرى متخصصة فى جراحة المخ، والثالثة متخصصة فى جراحة الوجه والفكين، والرابعة تستأصل الحصوة من المرارة بالمنظار، وأخريات فى مجالات أخري.

قلت لهن: منذ ثلاثة وستين عاما، كانت المرأة تتخصص فى أمراض النساء أو الأطفال أو التحاليل الطبية فى المعامل، وكم تعرضت للسخرية حين اشتغلت بجراحة الصدر، أنتن محظوطات لتشهدن المساواة بين زملائكن فى العمل.

نعم، نحن محظوطات يا د. نوال، لكن المساواة لم تتحقق، إذ يحظى الأطباء الرجال بسكن خاص لهم بالمستشفي، أما نحن الطبيبات فليس لنا سكن خاص بنا، وتضطر الواحدة منا إلى العودة لبيتها فى منتصف الليل بعد الانتهاء من عملها، ثم تأتى الى المستشفى فى الصباح الباكر لتستأنف العمل، بينما زميلها الطبيب مستريح فى سكنه بالمستشفي. ولماذا لا يكون للطبيبات سكن خاص مثل الأطباء؟ لأنه لا يوجد مكان بالمستشفي. ولماذا لا يتم توفير هذا المكان؟ لأنه لا توجد الميزانية، ومن المسئول عن توفير هذه الميزانية؟. وزيرة الصحة... هل ذهبتن إليها؟.. يا د. نوال، الطريق الى الوزراء شاق لأمثالنا نحن الشابات المجهولات.

هكذا أوجه هذا المقال الى وزيرة الصحة د. هالة زايد، لعلها تستمع لصوت هؤلاء الطبيبات الشابات.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاطلون والعاطلات عن العمل المنتج
- لماذا تفشل الثورات بقيادة النخب؟
- أم إبراهيم والوزيرة غادة والى
- الصراع فى مجلس النواب ومجلس العائلة
- الجينات الأنانية والكتابة
- البحث عن مأوى بالليل أم نسيم البحر؟
- قانون مدنى واحد لجميع المصريين
- قوة الفكر فى المستقبل القريب
- البحث عن فيلم سينمائى جيد
- تحرير النساء وقضية الاشتراكية
- من أجل ما نفعل؟ أو من أجل ما نكون؟
- إبداع المرأة وسجن اللاوعى
- ما يفوق العمر والأنوثة والرجولة
- السنوات المسروقة من العمر
- المكبوت تحت الضلوع يخرج للشارع
- ما لا ُيكتب لا يوجد أبدا
- المعارضون للصهيونية بالبرلمان الإسرائيلى
- بعد ازدراء الأديان .. ماذا نشهد من ظواهر؟
- أى أنواع الموت يختار؟
- حتى يا جوافة؟


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نوال السعداوي - وزيرة الصحة وطبيبات معهد ناصر