أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - المكبوت تحت الضلوع يخرج للشارع














المزيد.....

المكبوت تحت الضلوع يخرج للشارع


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5815 - 2018 / 3 / 14 - 10:24
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ما الكتابة الإبداعية إلا النطق بالمكبوت تحت الضلوع ؟ ألهذا حرمت النساء من الكتابة والإبداع الفكرى على مدى قرون؟ رغم أن المرأة اكتشفت الحروف منذ سبعة آلاف سنة، وعلمت اللغة للبشر، لم نسمع عن «لغة الأب» بل هى «لغة الأم» التى يتعلمها الإنسان منذ الولادة، ولحظة الموت لا ينطق إلا بها، شهدت بعملى الطبى الكثير من الموتي، من مختلف الأجناس والمذاهب، لا ينطقون مع النفس الأخير إلا كلمة «أمي»، وأنا أيضا، إن حلت بى كارثة لا أنادى إلا، يا أمى.تعود بى الذكرى إليها، وأنا أشهد هذا الشهر (مارس) مسيرات النساء بالشوارع يهتفن بسقوط النظام الرأسمالى الأبوى العنصري، القائم على القوة والعنف بالدولة والعائلة، والضرب والتأديب للأمهات والزوجات. والقتل باسم الرجولة والشرف والأخلاق، كانت أمى «زينب شكري» تريد مواصلة دراستها لتصبح باحثة بمجال الطب وتكتشف علاجا لمرض السرطان الذى قتل أمها، لكن الأب أخرجها من المدرسة بالضرب، وتم تزويجها لأبي، وهى فى الخامسة عشرة، لتلد تسعة أطفال، ثم تموت بالسرطان وهى فى ريعان شبابها. ثبت طبيا أن الحزن يحدث خللا بخلايا الجسم، مما يؤدى لأورام سرطانية حميدة أو خبيثة، حسب درجة الحزن، إن كان مؤقتا بريئا، أو مزمنا خبيثا، كان أبى زوجا فاضلا يعامل أمى باحترام وحب، لم يتعلق حزن أمى بزوجها أو إحباطها فى حياتها الخاصة، بل إحباطها فى حياتها العامة، لم تحقق أمى شيئا من طموحاتها الفكرية والعلمية، وكانت تنصحنى دائما بعدم إهمال طموحى الفكرى والأدبى لأجل أى رجل، وإن كان إمبراطور الصين.

يظهر وجه أمى أمامى بعد ستين عاما من موتها، وأنا أشاهد وجوه النساء الخارجات للشوارع فى بلاد العالم، يشوحن بأيديهن فى وجه الظلم والقهر والهوان، يهتفن فى نفس واحد: يسقط العنف والتحرش بالنساء، تسقط الرجولة الزائفة، تسقط الأنوثة الذليلة، تسقط تعرية أجسامنا للسوق والأرباح، تسقط تغطية رءوسنا باسم الدين والأخلاق، تسقط الازدواجية والتفرقة بين البشر، تسقط عبودية القرن الحادى والعشرين. تختنق أصوات النساء بالدموع، يخرج هتافهن مبحوحا بعمق الألم المكبوت تحت الضلوع، من قلب الجروح النازفة رغم الزمن، على مدى سبعة آلاف سنة تراكمت الأحزان، لم تلتئم جروح الأمهات والزوجات والبنات، ما إن يلتئم الجرح حتى ينزف من جديد، ما إن تتحرر البنت من سجن الأب حتى تدخل سجن الزوجية، ما إن تتحرر من خدمة الزوج والأطفال والأحفاد حتى يهلكها التعب والمرض والإحباط. أكثر ما يهلك المرأة هو الحزن على ضياع عمرها فى الخدمة والطاعة دون جزاء، إلا القهر أو الغدر والخيانة، من الأحبة والأقرباء قبل الغرباء والأعداء، تحزن المرأة على فقدان نفسها واسمها وطموحها العقلي، يقولون لها: ليس لك طموح خارج الجسد، ليس لك حياة خارج الزواج، ليس لك ذات مستقلة يمكنك تحقيقها خارج بيتك وزوجك وأطفالك، يتهمون المرأة الطموح فكريا بالانحراف النفسى والأخلاقي، تدافع المرأة عن نفسها، وإن كانت كاتبة أو طبيبة أو وزيرة، بإعلان طاعتها الكاملة لزوجها، وطبخ المسقعة والكوسة، رأينا بالصحف صورة الوزيرة المصرية الأولى مرتدية فوطة المطبخ تقدم الطعام لزوجها، وأظهرت أشهر محامية مصرية الزهو بمسح حذاء زوجها، وصرحت إعلامية معروفة بأن لزوجها حق تأديبها بالضرب دون إحداث عاهة مستديمة، وبالفضاء الإلكترونى رفعت مجموعة نساء شعار «زوجى هو زوجك» لتشجيع الرجال على الخيانات الزوجية. أكبر المظاهرات النسائية اليوم بالفلبين وكوريا وأفغانستان وبولندة والأرجنتين وأوروبا وأمريكا، وفى إسبانيا نظمت النساء إضرابا عن العمل بالبيوت (8 مارس 2018) على غرار إضراب نساء أيسلندة عام 1975 لمدة يوم واحد، الذى أدى لتوقف جميع دواليب العمل والحركة بالدولة، بما فيها الطائرات والقطارات، ولزم الرجال البيوت يرضعون الأطفال ويطبخون، رفعت النساء الشعار «إن توقفت النساء عن العمل يتوقف كل شيء» تربط النساء الواعيات بين العنف الزوجى وعنف الدولة. وفى عام 2003 وجدت نفسى وسط مظاهرة ضخمة بمدريد، ارتفع فيها الشعار «الاستثمار فى الصحة والإبداع وليس فى الأسلحة والحروب», حطمت النساء الصحون بالشوارع، احتجاجا على جرائم «بوش وبلير وأزنار» فى حربهم ضد العراق (2003)، فأين نحن من الوعى النسائى فى العالم؟



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لا ُيكتب لا يوجد أبدا
- المعارضون للصهيونية بالبرلمان الإسرائيلى
- بعد ازدراء الأديان .. ماذا نشهد من ظواهر؟
- أى أنواع الموت يختار؟
- حتى يا جوافة؟
- هزائم متكررة لم تكسر القوقعة
- القارئات والقراء والإرهاب
- كيف تصنع المرأة رجلا إرهابيا؟
- الخوف من طرح الأسئلة المحرمة!
- تعريف جديد للأدب والكتابة
- عن الألم والكتابة الشخصية
- ويظل حجاب العقل واحدا
- أين نحن من أبى وأمى
- هرقل وغريمه آنتى
- المرأة والاشتراكية
- .. وهل انعدم التساؤل أيضا ؟
- ازدراء الأديان والجماعة فى رمضان
- امرأة رقيقة قاتلة
- التفاحة المحرمة والجاذبية
- فى ذاكرتى مع لغة الأم


المزيد.....




- لأول مرة في التاريخ.. امرأة تتولى منصب رئيس جهاز MI6 في بريط ...
- الاعتذار وحده لا يكفي .. ورقة رصد حول وتحليل لخطابات الاعتذا ...
- نتنياهو يتوعد إيران بسبب -قتل النساء والأطفال-
- مصر.. جريمة اغتصاب سيدة معاقة تهز البلاد
- استقبل الآن تردد قناة كراميش 2025 الجديد على النايل سات لمتا ...
- فوق السلطة: طقوس اغتصاب أطفال تهز إسرائيل ونتنياهو متهم برعا ...
- أيهما أقوى ذاكرة: النساء أم الرجال؟ ولماذا؟
- ” سجلي فورًا متترديش” خطوات التسجيل في دعم ساند للنساء 1446 ...
- دور المرأة المقدسية في إدارة الجمعيات الخيرية -حين يصبح الع ...
- ليبيا..أمر بالقبض على -أحمد الدباشي – العمو- في صبراتة بعد ت ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - المكبوت تحت الضلوع يخرج للشارع