أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - هزائم متكررة لم تكسر القوقعة














المزيد.....

هزائم متكررة لم تكسر القوقعة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5734 - 2017 / 12 / 21 - 10:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



شهدت منذ طفولتى هزائم متكررة لبلادنا فى مواجهة قوى بريطانية فرنسية إسرائيلية أمريكية، تجمعت تحت اسم الأمم المتحدة داخل مبنى شاهق بمدينة نيويورك، يشهد كل عام مؤتمرات سلام وشراكة وتعاون وديموقراطية، تتضاعف بعدها الدكتاتورية والحروب المتطورة بأسلحة دمار شامل وتكنولوجيا التجسس والقتل بالريموت، لم نعد نرى القتلة، فقط المقتولين وأجسامهم المتفحمة بالنار الذرية أو الهيدروجينية أو النووية الأشد لهيبا من جهنم.

قال المدرسون فى طفولتنا إن نار جهنم صنعها الله ليحرق من لا يؤمنون بالله والرسول، أما نحن المسلمين فسندخل الجنة، وفى مقدمتنا الملك الصالح، يدعو له مشايخ الأزهر من فوق المنابر أن يحفظه الله للأبد حاكما للبلاد، وكانت الذات الملكية مقدسة تعلو فوق النقد مثل الذات الإلهية وأكثر.

بعد سقوط الملك تحولت الذات الملكية الى الذات الجمهورية، وبعد احتلال إسرائيل لأرض فلسطين ارتفعت الأصوات من فوق المنابر تدعو الله أن يحرق إسرائيل، وبعد أن أصبحت الولايات المتحدة الحليف الأكبر لإسرائيل تصاعد الهتاف «تسقط إسرائيل وأمريكا»، لكنهم لم يسقطوا، بل تضخمت قوتهم وتوحشوا، رغم انتهاكهم المواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن ومباديء الأديان والقيم الإنسانية والأخلاق، وإستمروا فى قتل الشعب الفلسطينى واحتلال أرضه تنفيذا لوعد الله لهم فى التوراه، وأخيرا صدر قرار «دونالد ترامب» بنقل السفارة الأمريكية الى القدس، وكله بأمر الله.

كان «أمر الله» هو السلاح الأقوى فى الحروب منذ ظهور الإنسان على وجه الأرض حتى يومنا هذا, وهو سلاح «مراوغ» مثل كلمة الديموقراطية والعلمانية، وقد أعلنت إسرائيل مؤخرا أنها «دولة يهودية» لمجرد الإحتفاظ بالأرضى المحتلة، وإحتلال المزيد من الأراضى من النيل الى الفرات، كما ورد فى الكتاب المقدس.

رغم ما نشهده من هزائم متكررة، وما نعانيه من ضربات متتالية من إسرائيل والقوى الإرهابية التى تقتل وتنهب باسم الله، رغم الدعاوى المستمرة لتجديد الفكر الديني، إلا أننا فشلنا فى كسر القوقعة، التى يقبع داخلها عقلنا المقهور المستسلم للأمر البشرى المستتر تحت أمر الله.

فى المدرسة كان أخى يسقط فى الامتحان، ويقول إن الله أراد له السقوط ، ولو أراد الله له النجاح لنجح ، وإذا نجح رغم إرادة الله سيدخل النار، وكان أبى يعرف أن أخى يكره المدرسة ولا يذاكر الدروس، ويتهرب من مسئولية سقوطه ويلقيها على الله، ويقول أبى لأخي: لا تراوغ مثل «معاوية» الذى كان يقول لمن يتهمه بظلم الناس «يريد الله ما أفعله، و«لو كره الله ما أفعله لمنعه»، أدركت منذ تلك اللحظة كيف يرتدى الظلم السياسى قناع «إرادة الله»، وأصبحت أرفض أى شيء يفرض على باسم أمر الله، وكان أبى وأمى يشجعانى على ذلك منذ طفولتي، أصبحت أحترم عقلى القادر بالحوار والإصرار، أن يفرض إرادتى الحرة على أى إرادة تحاول السيطرة علي، لكن إحترامى لعقلى وإرادتى أصبح «جريمة» فى نظر القوى المسيطرة فى الدولة والدين والعلم والطب والأدب والثقافة وغيرها.

كان واضحا لى أن السلطة السياسية العليا تتحكم فى كل شيء ثم تتخفى وراء أمر الله، وأصبحت هدفا للهجوم الضاري، والإتهامات الخطيرة، أقلها «الكفر» وعدم الإيمان بالقضاء والقدر، وكان السادات، رئيس الدولة حينئذ، قد أعطى نفسه لقب «الرئيس المؤمن» وأصبح حاكما بأمر الله، تحت إسم الديموقراطية ، يشجع القوى الدينية السياسية، ويزج بالسجون المعارضين له، والمشايخ من حوله يشيعون أن حجاب المرأة هو أمر الله، والقيم الظالمة المفروضة على النساء هى شرع الله، ومنها تعدد الزوجات وتزويج القاصرات وعمليات الختان واستبداد الأب فى الأسرة، وغيرها من العادات الموروثة منذ العبودية، والتى أصبحت سائدة فى بلادنا، تحاصر العقل داخل قوقعة الجمود والخضوع لكل محاولات القمع والاستعباد المتخفى وراء الدين، بهدف إستلاب إرادتنا الحرة، واختيارنا لأفعالنا، ومسئوليتنا عن سلوكنا فى حياتنا العامة والخاصة، وإضعاف إرادة الشعب وقدرته على الثورة وإسقاط النظام الظالم، ومنذ سبعة أعوام تجمعت الملايين فى ميدان التحرير، وأسقطت مبارك، لكن القوى الدينية السياسية أشاعت أن «إرادة الله» هى التى أسقطته، وكان هدفهم إجهاض الثورة، واستلاب إرادة الشعب وإعادة العقل الى القوقعة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القارئات والقراء والإرهاب
- كيف تصنع المرأة رجلا إرهابيا؟
- الخوف من طرح الأسئلة المحرمة!
- تعريف جديد للأدب والكتابة
- عن الألم والكتابة الشخصية
- ويظل حجاب العقل واحدا
- أين نحن من أبى وأمى
- هرقل وغريمه آنتى
- المرأة والاشتراكية
- .. وهل انعدم التساؤل أيضا ؟
- ازدراء الأديان والجماعة فى رمضان
- امرأة رقيقة قاتلة
- التفاحة المحرمة والجاذبية
- فى ذاكرتى مع لغة الأم
- لا حياد فى عالم يبطش
- وتزيد المتعة بزيادة المعرفة
- رسالة من فتاة سجينة
- رسالة الى صديق قديم
- متى يبدأ السقوط ؟
- ليست امرأة مثالية


المزيد.....




- بعثة أممية لتقصي الحقائق بشأن السودان تحذر من -الفظائع الممن ...
- إسرائيل تستهدف مواقع جديدة وتسلم جثامين 30 فلسطينيا إلى غزة ...
- ترامب ينقلب على بوتين ـ الغرب يُصعد سقف المواجهة ضد موسكو
- كيف غيّر الذكاء الاصطناعي مشهد التعليم في فرنسا؟
- تونس: محاكمة دامت سبع دقائق للقاضي السابق أحمد صواب
- بين الفِراش والسياسة... من هي حقًا أيقونة السلطة والإغراء: ك ...
- تنزانيا: نحو 700 قتيل في احتجاجات مناهضة للحكومة تزامنت مع ا ...
- أطعمة معلبة يجب أن تكون موجودة في خزانة المؤن
- عاجل | مسؤول أميركي للجزيرة: الرئيس ترامب يبحث مع إدارته إمك ...
- FBI يحبط مخطا إرهابيا في ميشيغن عشية الهالوين


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - هزائم متكررة لم تكسر القوقعة