أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الخوف من طرح الأسئلة المحرمة!














المزيد.....

الخوف من طرح الأسئلة المحرمة!


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5702 - 2017 / 11 / 18 - 13:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



سألت الليل عن نجمى منذ ولدتنى أمي، وقبل الولادة، تنجذب عين الجنين لضوء يبدد الظلمة، وذبذبة تكسر الجمود، تنجذب عينا الطفل للنجوم فيسأل: من خلقها؟ يرد الأب: ربنا، ويسأل الطفل: ومن خلق السماء والأرض؟ يرد الأب: ربنا خلق الكون كله.

كانت جدتى تقول: لكل إنسان نجم يولد معه ويموت معه، وأمى قالت: بين دورة القمر ودورة المرأة علاقة عضوية، وقال المدرس: تتحرك الأرواح الخفية فى الليل، وأحملق مع الأطفال فى الظلمة تخوفا وتشوقا لرؤيتها، ثم كبرنا، وعرفنا فى علم الفيزياء أنها ليست خفية ويمكن رؤيتها بالتلسكوب على هيئة ذرات ، وكان من المستحيل أن تنقسم الذرة ، لكن تطور العلم وجعل المستحيل ممكنا، انقسمت الذرة إلى نواة تدور حولها إلكترونات ونيوترونات، ثم بدأ الأصغر ينقسم إلى الأصغر، مفجرا طاقات هائلة: ذرية ، هيدووجينية، نووية، نيوترونية، وكان يمكن للجنس البشرى أن يبنى بهذه الطاقات الهائلة حياة أكثر حرية وعدلا وجمالا، لولا نشوء النظام الطبقى الأبوى السياسى الاقتصادي، الذى تحول الى نظام ديني، تحت سيطرة الكهنة والفلاسفة مثل «أرسطو» ، جعلوا العبودية قانونا إلهيا، تفرضه طبيعة العبد والمرأة.

كسرت ثورات العبيد والنساء شوكة الكنيسة الأوروبية، وافلتت من المقصلة عقول لم تكف عن طرح الأسئلة المحرمة، واستطاع «جاليليو» بالتلسكوب أن يرى حركة الأرض، سقطت نظرية أرسطو عن ثبات المكان والزمان، واستطاع «نيوتن» أن يكتشف قوانين الحركة والجاذبية، لكنه ظل يؤمن بالمطلق وانفصال الزمان عن المكان، وبدأ العلماء يقيسون سرعة الضوء، واكتشاف «موجات الراديو» داخل المجال الكهرومغناطيسي، والموجات القصيرة (المايكروويف) ثم جاء «أينشتاين» وزميله الفرنسى «هنرى بوانكير» بنظرية النسبية، لتقضى على نظرية نيوتن، وتم التحام الزمان بالمكان فى «الزمكان» النسبي، وجاء «إدوين هابل» بالتلسكوب الجديد ليرى مئات الآلاف من الملايين لمجموعات النجوم والشموس، وسقطت نظرية الأرض مركز الكون، واتسع العقل والكون، ولم يعد الكون واحدا، بل أكوان متعددة، وأصبحت الشمس نجما عاديا متوسط الحجم بين البلايين الهائلة من النجوم .

وجاء شنادرا سيخارا الهندى واكتشف «اللحظة الحرجة»، تلقى النقد الموجع الذى يحدث لكل موهوب مبدع ، لكنه استمر يعمل فى صمت خمسة وثلاثين عاما، ثم حصل على جائزة نوبل هذا العام، فانفجر اسمه فى الإعلام وتسلطت عليه الأضواء، يدرك الكثيرون أسرار الجوائز والروابط بين قوى السياسة والسلاح والمال والإعلام والتعليم والثقافة والعلم والفن والدين، وتظل لجائزة نوبل «مصداقية» فى مجال العلوم والفيزياء، التى تبدو أكثر حيادا وعدلا.

اكتشف «سيخارا» الذبذبات الناتجة عن اندماج نجمين هائلين، لكل نجم كتلة أثقل من هرم خوفو ألف مرة، يبعد عن الأرض بأكثر من مليون سنة ضوئية، كتلته أكبر من كتلة الشمس بعدة أضعاف، كثافته هائلة تجعله أثقل من الجبال، فى داخله تتولد حرارة قنبلة هيدروجينية، ناتجة عن حرقه الهيدروجين وتحويله الى هيليوم، قبل لحظة الاندماج انطلقت قوة جاذبية هائلة، تؤدى إلى انضغاط النجم وفقدانه حرارته، فينكمش الى « اللحظة الحرجة» كما سماها «سيخارا» ثم يموت النجم متحولا الى ثقب أسود، ويخرج من الزمكان ليدخل فى المجهول.

لا يكف عقل الإنسان عن طرح الأسئلة المحرمة، تتلاشى الثنائيات، والفواصل بين الحقيقة والخيال، والعلم والفن، والجسد والروح، والزمان والمكان، تتطور علوم الفضاء لندرك التشابه بين أجسامنا والكتل الأخرى بالكون، تمدنا التفاعلات الكيميائية داخلنا بالحرارة ، نتغلب بها على قوة الجاذبية التى تضغط علينا من الخارج، على مدى القرون، فى إنتاج الاكتشافات العلمية، نكتفى باستهلاكها دون تفكير، وتظل عقولنا سجينة الخوف من طرح الأسئلة المحرمة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعريف جديد للأدب والكتابة
- عن الألم والكتابة الشخصية
- ويظل حجاب العقل واحدا
- أين نحن من أبى وأمى
- هرقل وغريمه آنتى
- المرأة والاشتراكية
- .. وهل انعدم التساؤل أيضا ؟
- ازدراء الأديان والجماعة فى رمضان
- امرأة رقيقة قاتلة
- التفاحة المحرمة والجاذبية
- فى ذاكرتى مع لغة الأم
- لا حياد فى عالم يبطش
- وتزيد المتعة بزيادة المعرفة
- رسالة من فتاة سجينة
- رسالة الى صديق قديم
- متى يبدأ السقوط ؟
- ليست امرأة مثالية
- ما بين البحرين الأحمر والأبيض
- الدين والمرأة والسينما
- الفتاة الصغيرة أمام باب المحكمة


المزيد.....




- احتمال الصراع الأهلي في سوريا يزداد
- الجالية الروسية بعمّان تحتفل بيوم العمال
- نائب وزير الخارجية التركي لبي بي سي: -حرب غير مسبوقة تُشنّ ض ...
- إقالة أم استقالة؟ مستشار الأمن القومي يغادر منصبه على وقع تس ...
- قاضٍ أمريكي يفرج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي ويؤكد حقه ا ...
- سوريا: أنباء عن اتفاق بتسليم السلاح الثقيل ودخول الأمن إلى ا ...
- مركبة فضاء سوفيتية ضلت طريقها وتعود إلى الأرض بعد نصف قرن
- السودان.. الدعم السريع تقصف العاصمة وسط تحذيرات أممية
- مفوض أممي: الرعب في السودان لا حدود له
- سلطات رومانيا ترحل مراسل RT إلى تركيا


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الخوف من طرح الأسئلة المحرمة!