أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - الكلب المهجور














المزيد.....

الكلب المهجور


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 5978 - 2018 / 8 / 29 - 15:46
المحور: الادب والفن
    


شقراء ألمانية جاءت في مهمة إلى "تييرا دي الميريا"، كانت تنتمي لجمعية تهتم برعاية الكلاب المتخلى عنهم، وقيل لها بأن عند تقاطع طريقها هذا الذي هي فيه مع الطريق التي تربط "سان اغوستين" ب"لاس نورياس" يوجد هناك "موقف" للعمال المهاجرين سيخبرونها عن وجود كلب من نوع الماني ينام بأنبوب قناة كان قد حطم الفيضان جزء منه، لكن لا زال صالحا لتأمين سقف مربع بالنسبة لكلب، عندما وصلت إلى "الموقف" أخبرها العمال الذين ينتظرون هناك فرصة شغل بمكان وجود الأنبوب ، وحين اقتربت منه قابلها "الجنيرال اعبابو"، كان يبدو عليه أنه قد فاق لتوه من النوم وهو لم يغسل بعد اطرافه، كان ممشوقا يبحث في العشب عن عقب سيجارة تركه ليلا ليفتح به عينيه في الصباح، سألته عن الكلب الألماني الذي ينام في الأنبوب، أخبرته بأن عمال "الموقف" أخبروها بأنه ينام في الأنبوب مشيرة بيدها إليه، ابتسم في وجهها وهو يسألها هل تملك سيجارة، سلمته إياها وهي تبادله الابتسام بشيء من الخجل، اما هو فأخذ السيجارة وهو يردد: قالوا لك بأنه ينام هنا ؟
ــ نعم سيدي!
ــ وماذا ستفعلين انت به؟ فهو كلب أنس هذه الأعشاب؟
ــ سآخذه إلى مقر جمعيتنا لنعتني به
ــ إذا خذيني معك فأنا الكلب المقصود الذي حدثوك عنه
كان "الجنيرال" قد أحرق كوخه البلاستيكي المتواجد بالقرب من المكان في ساحة فارغة من المشاتل البلاستيكية المحيطة بها بينما الأنبوب الذي تركه الفيضان يوجد في ساحة مجاورة يربط بينهما (أقصد بين الساحتين) خط ضيق بين المشاتل، كانت الساحة الاولى ، في الحقيقة، عبارة عن أكواخ بلاستيكية لأكثر من عشرة مهاجرين أغلبهم بدون اوراق إقامة، وفي ليلة صاخبة بالسمر في جو مخمور بأنواع الخمور من نبيذ وجعة وقنينات ويسكي، تحول السمر إلى عراك صاخب جال فيه اعبابو طولا وعرضا، كان الكل يقصف بما اوتي من قنينات النبيذ والويسكي وطاسات الجعة في كل الاتجاهات، وكان نصيب القصف سقف أكواخ القبيلة البلاستيكي الذي هم انفسهم أفراد ساكنيها، وكان الامر أشبه بانتحار ذاتي، كان الخلاف قد نجم بسبب من نفس الخلافات في السكر، ذلك الشكل من أشكال تمثيل الحماقة كما يقول بعض الجديين الفرنسيين: "السكر نوع من الخروج عن العادة، عن الروتين العملي، عن الجد والجدية وممارسة بعض الحماقات المضحكة"، لكن عند قبيلة اكواخ البلاستيك يبدو كما لو كان تصفية حسابات، نجم الخلاف عندما زار "بوشواقر" قلعة الأكواخ لإنزال بعض من سكانيها، كان "بوشواقر" هذا في كل ايام العطلة الأسبوعية يمارس مهنة سائق "سيارة أجرة" ، بسبب من انعدام وجود النقل الحضري في بحر البلاستيك، يتكلف هو وبعض المهاجرين الآخرين بتأدية الواجب من نقل العمال المهاجرين قاطني الأكواخ البلاستيكية إلى التسوق، خصوصا في عشية السبت حيث تنتعش اسواق إلخيدو بزبناء من طينة أخرى، وفي الليل يقوم هؤلاء، أصحاب سيارة الأجرة غير القانونيين، بنقل زبناءهم أيضا إلى سوق المومسات المهاجرات والمتواجد ب"لاموخنيرا"، مومسات من درجة "جوطية" بأثمنة متناسبة مع أجور العمال المهاجرين، وكان خلاف "الجنيرال اعبابو" (هكذا كانوا يلقبونه) نجم على خلفية أن "بوشواقر" اخل باتفاق سابق مع الجنيرال عندما كان في مهمة تسوق إلى سوق المومسات، لقد اتفقا على وقت أن يعيده "بوشواقر" من السوق الموخنيري، لكن هذا الأخير لم يلتزم باتفاقه بسبب قال عنه أنه كان بسبب صفقة لا تعوض، حصلت له صفقة "كورسى" بثمن مناسب فرض على اعبابو أن يترجل أكثر من سبع كيلومترات إلى "لاس نورياس" ومن ثمة أربع كيلومترات اخرى إلى كوخه وهو في حالة سكر لا يغفر لها بسبب النبيذ وعطر المومسات، وكان من حظه، أو من سوء حظه ان أوقفته دورية الحرس المدني بالطريق وهو خارج من "لاموخنيرا"، وبعد تفحص بيانات أوراق إقامته، اتهموه في البداية بأنه متابع لكونه ينتمي إلى منظمة إرهابية جهادية مما جعله ينتفض ويعلن صاخبا أنه مثلهم عسكري مغربي بشكل من الإستعطاف المستأنس كون مهنة الجندية تمثل قاسم مشترك بينه وبين رجال الحرس المدني، وبعد أخذ ورد فرض على الحرس المدني التأكد من بياناتهم، أكدوا له أنه متابع من طرف قضاء "مورسيا" بسبب سرقة دجاج رياضي (دجاج من مزرعة غجرية كان يستعمل للملاكمة قصد الرهان بالمال)، وعليه يجب أن يبيت في المخفر وتقديمه في ما بعد لقضاء "إلخيدو"، أخبروه بان المسالة ليس فيها سجن ولا تعدو اكثر من أمر روتيني، لكن بعد الترغيب والتثمل الباهظ الوطأة والمواساة بحياة "الميليتير" (الحياة العسكرية) اقترحو عليه إصاله إلى كوخه بشروط هي: أن يلتزم بالذهاب إلى قضاء إلخيدو يوم الإثنين وان يمنحهم 50 يورو ثمن نقله إلى كوخه، وكان قد قبل الأمر بدون تردد.
عندما أقبل بوشواقر في ذلك المساء الصاخب إلى قبيلة الأكواخ لينزل بعض المتبضعين، تذكر فيه "الجنيرال" كل مصائبه، أخبره بان اخلاله بالإتفاق كاد يتسبب في أن يكون ضحية سجين متهم بالانتماء للقاعدة الإرهابية، بدأ حوارهما بنوع من العتاب واللوم إلى مزايدات فارغة مرورا بالقصف العشوائي بالزجاجات حيث سيلهب الوضع جميع سكان القبيلة وانتهاء بإشعال النار في كل الأكواخ، ولم يستطع كل هذا الشباب الطامح الذي يقطن هذه الاكواخ إطفاء الحريق بسبب خطأ انفعالي، كان أحدهم قد اتصل هاتفيا بالحرس المدني للإبلاغ عن حريق، فهرب الجميع عندما علموا بالأمر لانعدام وجود وثائق الإقامة الشرعية لأغلبهم وتركوا النار التي بدأت في كوخ "الجنيرال" تلتهم كل الأكواخ.
في اليوم التالي سيتدبر كل عنصر من عناصر قبيلة الأكواخ مصيره وسيبقى "الجنيرال" وحده بدون مأوى بسبب من خصوماته مع الجميع، لم يجد مكانا يقضي به بقية أيامه، وكان يبيت كل لياليه في الساحة الخالية المجاورة إلى أن جاء يوم ممطر اضطره ليختفي من المطر في أنبوب قناة تصريف مياه الفيضانات التي تركها فيضان سابق بالساحة، وبقي على تلك الحالة حتى جاءه ملاك ألمانيا.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول عمل التنسيقيات والمنتديات الاجتماعية
- جار القردة
- حول عسكرة الحسيمة
- ماركس في المغرب، لم يمت بعد!
- سكت دهرا فنطق كفرا
- المقاطعة المغربية وردود الفعل
- حول المقاطعة المغربية
- كل يوم يمضي يكتشف ترامب أنه ليس وحده الحاكم
- المعايير الدولية!؟
- الفرجة الدبلوماسية من خلال صدام قوى وازنة
- إذا تهت فاقبض على الأرض
- الكوارث المضحكة
- الله عاهر
- أزرو وحدها الشاهدة!
- إضرابات -القفاز- بمناجم جبل عوام
- عودة إلى أزمنة مهدي عامل الرائع
- التجمع الوطني الكاتالاني
- تحية خالصة للحوار المتمدن في ذكراه 16
- الزفت وقانون تغريم الراجلين
- إلى الجحيم من لا يتضامن مع فلسطين


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - الكلب المهجور