أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - مزن مرشد - الجحر














المزيد.....

الجحر


مزن مرشد

الحوار المتمدن-العدد: 1486 - 2006 / 3 / 11 - 09:25
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


متقوقعا على ذاته.
دفن رأسه بين ركبتيه وانحنى على نفسه أكثر فأكثر .
من النافذة الوحيدة أطلوا عليه، رؤوا وحدته، رؤوا عذاباته،رؤوا الرائحة تنبع من الجدران، لكنهم لم يشعروا بشيء.
لم يعنهم الشعور،لعل الكلمة كانت جديدة تماما عليهم،حقيقة جديتها ليست باللفظ أبدا بل بوجودها في دواخلهم .
نهض مسرعا،استهوته رائحة العشب الندي،رائحة الأرض المبللة اخترقته كالنهر.
ركض، تدحرج على العشب ، عاد صغيرا.
امسك يد أمه تمرغ بفستانها الأزرق- طالما عشق لونه-اشتم رائحتها من جديد،حملته بين ذراعيها رفعته عاليا في الهواء،من فوق، رأى عينيها الباسمتين وثغرها الضاحك،أسنانها البيضاء ،من فوق لمح قطة بيضاء أراد أن تنزله والدته سريعا ليلحق بها.
في الزاوية المعتمة،أكثر الزوايا إضاءة، أراد أن يكون مكانه ، مدركا أنه ربما لا يكون قد اختار هذه الزاوية بالذات أصلا ، لكنه اقنع نفسه بأنه صاحب القرار ، فللمكان طاقته أيضا، لأول مرة يدرك أن للرائحة لون ووجه.
افترش الرمل في ورشة البناء ونام ، استبدلت رائحة العشب في منخريه ، عبق لمكان برائحة البيتون والرمل، خشنت يداه، ثخنت أصابعه،ازداد الم ظهره، استقام من رقدته ، حمل تنكة مليئة بالبيتون المجبول الطري ، رائحته تهيمن على كل شيء حوله،حملها وصعد بها الطوابق الثلاث .
شعر بعينه الوارمة تخرج من وجهه،أمرها بالعودة الى محجرها،منعتها ركبته من الخروج فقد ضغط عليها من جديد، كان خائفا أن تهجره هي الاخرى.
عفراء هجرته للمرة الثالثة، وللمرة الثالثة لم يفهم لماذا تهجره ولماذا تعود ولماذا يبقى على حبها، الثالثة ثابتة قالها في سره واستراح، لن يحزن، فكر، على الأقل سيكون لديه الوقت لينشغل بإتمام مشروع، على الأقل سيكون لديه الوقت كل الوقت نعم الوقت، الوقت، الوقت، ماذا يفعل العاقل بالوقت.
رائحة الموت تنبعث من الجدران، ورق الصحف تفترش الأرض، ممزقة، تتمازج الرائحة بين الورق والغائط والنشادر المكثف، جرائد بلا كلمات، لا أثر للكلمات عليها، يلوح في رأس إحدى الصفحات لون باهت، قد يكون كان احمرا يوما ما.
من النافذة الوحيدة أطلت عينان سوداوان، سوط انطلق منهما باتجاه جسده.
برد جميل ، يلبس معطفه، المعطف الأجنبي الذي اهداه له بديع قال له " هاد بيقبر البرد"
فعلا القبر شيئ رائع ، دافئ،أمين، رحيم ، فيه كل شروط الراحة اللامشروطة.
تقلب في تكوره ، برد لسعه مثل حرق طازج .
عاد لسباته الليلي .
أراد أن يصرخ ، أن يتدحرج على العشب الندي، أن يشتم رائحة أمه، أن يرفع تنكة البيتون ، أن يلبس المعطف الأجنبي ،أراد أن تعود عفراء أو سواها ، أية امرأة في هذا الصقيع فلا معنى للوقت هنا، لكن أكثر شيء رغبه على الطلاق كان القبر ،القبر الذي أصبح هنا حلما.
سائل دافئ انساب بين قدميه، تنفس الصعداء، تململ قليلا،أدرك أنه حي.
الجدران البنية أصبحت تنبض ، نبضها يضغط على رأسه، ضغط رائحة تؤكل غزا انفه ،فأران اثنان يشاركانه جحرا.
ابتسم ، لأول مرة يشعر بالسرور ، الفئران تشعر، لن يكون وحيدا.



#مزن_مرشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تذكار من سورية
- التأليف والترجمة في وزارة الثقافة ‏
- نساء في مهب الريح والتهديد - الحكم العرفي - لعدم الترخيص
- نائب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية د:يسري أبو شادي.. از ...
- جمعية الحجر الأسود السكنية وحكاية الكلب المفقود .. فشلت في ت ...
- الصناعة وتحديات الشراكة السورية-الأوروبية ... الاستفادة منها ...
- سورية...من حلم السيارة الى سيارة الحلم
- حي السيدة عائشة..تعويضات متواضعة لخمسمائة أسرة مهددة بالاخلا ...
- إذا كنا نخشى البالة كيف سندخل في شراكة أوروبية
- في البدء كانت الكلمة
- موت
- تصحيحا لمعلومات جريس الهامس
- معوقات ام عقوبات امام الاستثمار في سورية
- عودة
- الوسادة
- سجن
- الغريب
- حلم
- ديمقراطية
- العرافة


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - مزن مرشد - الجحر