أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - موت















المزيد.....

موت


مزن مرشد

الحوار المتمدن-العدد: 1168 - 2005 / 4 / 15 - 10:26
المحور: الادب والفن
    


شعرت بثقل كفيه تضغطان على رقبتها ،لأول مرة تدرك مدى قوته الحقيقية ، تكاد تختنق، توقف عقلها عن التفكير بأي شيء، أقصى رغبتها أن تحصل على نسمة هواء،استنشاقة واحدة ولتمت بعدها.
مع ازدياد مقاومتها،ازداد ضغطه على جيدها الأبيض، جيدها الذي كان أول ما احبه فيها،وأول ما قبل منها.
وآخر ما رآه اليوم، خالها الأسود الكبير الذي يقبع ساكنا،ً ساحراً، وسط عنقها .
وضع يده على رقبتها، متحسساً هذه النعومة الغريبة،وهذا الجلد الفتي لامرأة في الثلاثين.
قربها منه بلطف،أطبق على عنقها بشفتيه، وأخذ يداعب أحاسيسها بسيل من قبل الشوق .
قبل ، أخذت تنساب على مهل على كامل الجسد.يتحسس معها عطر الياسمين المنبعث من مساماتها الندية.
لم يكن ينوي أن يصل لقاءهما إلى ذروته، أقصى ما أراده اليوم أن يقول لها بصراحة :" لم اعد أريدك في حياتي".لكنه لم يستطع الحديث فعيناها كانتا أقوى من جرأته وصدرها الجميل كان يناديه بعنف .لم يستطع التوقف بل كان الحب سيد الموقف.
عندما عرفها منذ بضع سنوات لم يطمح بأكثر من علاقة ممتعة قد تستمر لعدد من الشهور وتنتهي بسلام ، ليعود بعدها إلى زوجته وأولاده وحياته أكثر حيوية وحرية وتجدد.
وجد نفسه فجأة غارقاً في حب كبير لم يعشه قط ولم يعرفه من قبل أكتشف أن الحياة بدأت الآن وليس تلك الحياة الأخرى القابعة داخل أسوار المنزل بملل وروتين وزمن لا يتحرك.
ولأن حبل الكذب طال بما فيه الكفاية فقد انقطع أخيراً، وحصل ما كان يخشاه إذ لا بد من الفراق حتى يستمر الزواج وتبقى الأسرة ويكبر الأطفال تحت سقف مستقر هادئ.
لم تكن المرة الأولى التي يبحر فيها في عوالم أنثوية سحيقة ، لكنها المرة الأولى التي يملك فيها سحر الحياة وسر الوجود، المرة الأولى التي يعرف فيها أنه حي وأن له قلباً تملكه هذه المرأة ، قد يموت من دونه.
بعفويتها المعهودة وحبها الكبير استسلمت له بهدوء المهزومين والمغلوبين والعطاشى.
أغمضت عينيها.، ونظرت إليه بعين .
بالرغم من شوقه وحبه ورغبته إلا أن عقله لم يتوقف عن التفكير,كيف سيقول لها أن النهاية قد حانت وأن هذه الجنة الصغيرة سيغادرانها إلى غير رجعة،كانت فكرة الفراق كافية لتسبب له الجنون بل اكثر.كيف سيخبرها أن الزوجة قد علمت وأن هذا الرابط الاجتماعي أهم ألف مرة من حبهما المحكوم عليه سلفا بالموت فهي تعلم قبل أن تبدأ أن لا نهاية لهذا العذاب.
كيف سيقول للحبيبة انه أنكر حبها أمام الزوجة واتهمها هي بملاحقته .وأنه أخبر زوجته برفضه لهذه الفتاة ليبقى مخلصا للزوجة التي تنتظر خطوته التالية ليبقى البيت عامراً.
لكنه اكتشف فجأة أن المشكلة ليست في إخبار حبيبته أو إقناعها بالفراق بل المشكلة الحقيقية فيه هو، كيف سيقنع نفسه بفراقها وتركها لرجل آخر قد يصبح زوجها ،قد يودع أطفاله في أحشائها ويكتشف أغوار روحها وجسدها ولذتها التي فجرها هو وأعلن نفسه مكتشفاً وحاكماً ومحتلا لهذه الأرض الجديدة.
أكتشف ، وفجأة أيضا انه لن يستطيع أن يراها تعيش حياة أخرى بعيداً عنه لن يستطيع أن يجعلها تكمل حياتها بدونه ولا معه. معادلة صعبة الحل لا معه ولا مع سواه ،فلتترهبن إذن .
وتلك الزوجة التي في يوم ما أرادها أكثر من أي امرأة في العالم، الزوجة التي عاشت معه أقسى الأيام وألينها هل يرد لها الجميل بخيانة معلنة أو زواج يهد البيت على رأس من فيه؟
لا،ليس كذلك فقد قرر في هذه اللحظة بالذات قطع العلاقة ، سيقول لحوريته ((الوداع)) و يعود إلى زوجته، يحضرها مع الأولاد إلى المنزل ويبدأ معها صفحة جديدة. سيحاول العودة إلى حبها لا بل سيحبها كما احبها في السابق سيقول لها أنها نزوة ، غلطة لن تتكرر، وأنه يحبها أكثر من أي وقت مضى ،سيطلب منها الغفران ، سيحاول إقناعها ووعدها ان الموضوع انتهى,ولم يعد له اية صلة مع تلك الفتاة.
2-
كل الذكريات أصبحت في رأسه دفعة واحدة في اللحظة التي أحكم ذراعيه حول عنقها في اللحظة التي رآها تتخبط بين ذراعيه تدفعها غريزة الإنسان في البقاء للدفاع عن نفسها وهي تحاول بكل قوتها أن تبعد يديه عن جيدها تحاول أن تستنشق جرعة واحدة من الهواء، تحاول أن تستعيد حياتها التي يسلبها منها الآن من أعطته إياها طواعية بكل رضى.أظافرها جرحت يديه، جرحت وجهه، فمه، ذقنه، لكنه لم يكن بوعيه كان يعيش يوم لقاءهما الأول ،يوم احبها أول مرة ، يتخيل أشياء لا يتحملها، يراها عروسا لرجل آخر .
يراها ترتعش بين ذراعي رجل ثان.
يراها تقبل رجل ثالث ، تعانقه ، تهمس في أذن رجل رابع بحبك
لا يصدق أنها قد تكون لسواه ،وقرر .
قرر أن راحته تكمن في موتها، عندها لن تكون له ولن تكون لسواه أبداً، ولن تؤثر على حياته ومجتمعه، لكنها ستبقى قابعة داخل صدره ستبقى ساكنة في قلبه الذي لن يكون لسواها أبداً .
سيتركها تشاركه أيامه وأحلامه ولحظاته ،وسيفسح لها المجال دائماً لتتوسط فراشه بينه وبين زوجته.

3-

لازالت بين يديه، بين الحياة وبين الموت، بين مصدقة و مكذبة، لن تستطيع تصديق ما يحدث، لقد بدأت تشعر بالخدر، بالذوبان، بالوهن القادم من الأعصاب إلى أطراف الأصابع.
عندها رأت جدتها تجدل لها ضفيرتها الصغيرة وتحكي لها قصة الحسناء سجينة البرج وضفيرتها الطويلة .
رأت والدتها تهدهد لها حتى تنام ،تتذكر رائحتها وصوت أغنياتها العذب والشامة الكبيرة في عنقها التي لا تنام إلا بعد أن تديرها بين أصابعها الصغيرة بضع مئات من المرات.
رأت أمامها ابن جيرانهم الصغير حبها الأول وقبلتها الأولى في حقل الزيتون في ضيعتها الجميلة ،رأته يبتسم لها ويبتعد.
عاد إليها إحساس الخدر تنميل بشع يبدأ باحتلال كامل الجسد .
شعرت بالحزن، بالندم على اليومين الماضين اللذين لم تره فيهما ، حاولت جاهدة إبعاد يديه عن عنقها، لا لتمنعه من خنقها، بل لترى وجهه الذي تحب، لتودعه قبل الذهاب.
لتتلمس تفاصيل ملامحه بكفيها كما تفعل دائماً.تهاوت دمعة على خدها،حزناً على الخريف القادم الذي لن تراه ،على المطر المنهمر الذي لن يبلل شعرها بعد الآن حزناً على أيام جميلة ظنتها قادمة معه.
شيئا فشيئا فقدت القدرة على المقاومة فقدت التركيز وغابت في عتم قاتم
عتم طويل حلقت بعده فوق الغيوم طليقة حرة ترى البشر من بعيد، وتسخر من علاقاتهم المزيفة.
بدأت تتنفس بعمق وبصوت مسموع.



#مزن_مرشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصحيحا لمعلومات جريس الهامس
- معوقات ام عقوبات امام الاستثمار في سورية
- عودة
- الوسادة
- سجن
- الغريب
- حلم
- ديمقراطية
- العرافة
- حمى الاسهم ترفع حرارة السوريون
- الحرب على النساء!!!!
- المرأة والعولمة
- الطفل ومخاطر العولمة
- العولمة والاستثمار
- البعد الاقتصادي ومواجهته
- الوصايا الإثنى عشر للمستثمرين الدوليين
- اقتصاد العولمة الحر!!!


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - موت