أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - العرافة














المزيد.....

العرافة


مزن مرشد

الحوار المتمدن-العدد: 977 - 2004 / 10 / 5 - 07:48
المحور: الادب والفن
    


فتحت كفي ، نظرت ملياً إلى خطوط يدي ، قالت بتأن من يوشك أن يعلن عن أهم اكتشاف بتاريخ البشرية:
n عمرك قصير ، لن تعيشي طولا ،اجرعي من الحياة ، اشبعي منها فغروبك أصبح قريب.
توقفت عن الكلام أمعنت النظر في كفي المفتوح من جديد رفعت نظرها إلى عيني مباشرة . عيناها واسعتان وجميلتان هذا ما فكرت فيه وأخذت أتأملها ، شعر أسود أملس لامع ينسدل فوق كتفيها كأفعى نادرة ، يحدد بقوة ملامح وجهها ويحيط به كإطار ، وجهها أسمر يلوح بحمرة الشمس ووشم كبير يتوسط ذقنها المدببة ، وجه غجري جميل هارب من أزمنة بعيدة .
عدت أستمع إلى حديثها الذي لم يتوقف وهذه المرة فقد هذا الصوت القوي الثقة واجتاحه شيء من الخوف :
n يذهلني هذا الامتداد
دلت بإصبعها إلى خط في كفي لا أميزه ، قلت :
n أي امتداد؟....وما معنى هذا؟؟؟
وضعت إصبعها عليه مباشرة ورسمته على كفي كي أحسه إن كنت لا أراه ، قالت:
n لا أدري ، هل هو حياة بعد موت...!!! لا أدري لم أشاهد مثله من قبل
هل كان فعلا غريبا هذا الخط الذي أعرفه في كفي منذ ألف عام ، هل تحمل راحة يدي خطوطا غير موجودة في راحات الآخرين؟
سحبت يدي من بين يدي العرافة القاسيتين ، أطبقت أصابعي بشدة خشية أن تهرب خطوطي بعد أن افتضح أمرها ، ونهضت.
عندما أصبحت وحيدة وهدأ الضجيج ، فكرت مليا ماذا لو كانت هذه الخطوط هي فعلا خطوط مصائري ، ماذا لوكانت تحدد عمري وقدري وحيواي ...ماذا لو كانت صادقة؟.
هل هذا يعني أني سأموت قريبا ، إذا لا بد أن أفكر مليا ما هو الشيء الذي وجب علي انجازه قبل أن أفاجأ بوفاة طارئة وقريبة الى هذا الحد.
بقيت معلقة بين خطوط يدي، تتجاذبني أطرافها ،أتعلق قليلا بخط الحظ ، أقفز منه الى خط العقل، لكنني أعود لألتصق بخط العمر . يبدو أن هذا العمر هو فعلا أكثر ما يهمنا وأغلى مانملكه ، لكننا لا ندرك ذلك الا عندما نصبح على محك حقيقي كأن يؤكد لك أحدهم انك ستموت في الغد.
أصبحت سجينة كفي ، بل سجينة تلك الكلمات ، سجينة عيني العرافة ، صدى صوتها لا يزال يتردد في رأسي ، يعلو ويعلو حتى يصم أذنيّ : " عليك أن تفعلي شيئا"
نظرت الى ساعتي ،انها الرابعة صباحا ، فكرت، لا يهم ما دام الموت قادم ، رفعت سماعة الهاتف ضغطت الأزرار بسرعة وبساطة ، لم أكن أظن أنني أحفظ رقمه عن ظهر قلب :
· أيقظتك...آسفة.......
رد صوته النائم وقد استغرب اتصالي فليس من عادتي أن أكلمه كثيرا فكيف في مثل هذه الساعة:
· لا مشكلة ... خيرا هل هناك شيء
قلت:
· ألا تقول عني بأني مندفعة...
شعرت بصوته أنه يحاول أن يستجمع حواسه ليفهم لماذا أتصل في هذا الوقت:
· نعم ..نعم ... قلت ذلك ....لكن......
· لدي اعلان لك قبل أن أموت
رد بسرعة وكأن أحدا أيقظه في هذه اللحظة وليس جرس الهاتف قبل دقيقة :
· ماذا...ماذا تقولين ..من الذي سيموت ...ولماذا؟؟؟
· كنت أفكر ما هو أهم عمل علي القيام به قبل موتي....لذلك أردت أن أستشيرك بالموضوع...
هدأت نبرة صوته وبدأ يحاول أن يتلمس طرف الخيط ليفهم ما الذي يدور حوله:
· ماذا تقولين ؟......هل تريدين ممازحتي في هذه الساعة؟
· أبدا لم أكن في حياتي جادة بقدر ما أنا الآن ، لا أمزح أبدا لكنني أكتشفت أنني خبأت عمري كله من أجل هذه اللحظة كأنني ادخرته لأنفقه دفعة واحدة والآن....في الأمس قدمت لي نصيحة ...قلت أنه علي ألا أندفع تجاه الآخرين ،وألا أتبنى الدفاع عن أحد مهما بلغت علاقتي به أليس كذلك...
· نعم ....لكنني نصحتك بصداقة وحرص لم أكن أعلم أن حرصي عليك سيجرحك...فقط أردت....
لم أدعه يكمل ، قلت له على الفور كمن قرر أخيرا أن يطلق على رأسه الرصاصة الأخيرة لينتهي من مشهد مسرحي طويل ويسدل الستار:
· اسمع ...يبدو أنني لم أعش قبل أن أرى هذه العرافة ، لذلك قررت أخيرا أن أكون هادئة وغير مندفعة وأن أفعل ما أراه أهم عمل لا بد من انجازه قبل موتي...
· ............
وبقيت صامتة أنا أيضا كلانا يسمع أنفاس الآخر فقط
قال:
· هل تعتقدين أن الهاتف خلق من أجل الصمت...
· لا أعتقد شيئا ما أعرفه الآن شيء واحد
أنني عشت عمري كله أبحث عنك



#مزن_مرشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمى الاسهم ترفع حرارة السوريون
- الحرب على النساء!!!!
- المرأة والعولمة
- الطفل ومخاطر العولمة
- العولمة والاستثمار
- البعد الاقتصادي ومواجهته
- الوصايا الإثنى عشر للمستثمرين الدوليين
- اقتصاد العولمة الحر!!!


المزيد.....




- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...
- مراكش.. المدينة الحمراء تجمع شعراء العالم وتعبر بهم إلى عالم ...
- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - العرافة