أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مازن كم الماز - مواطنون لا أقليات















المزيد.....


مواطنون لا أقليات


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5208 - 2016 / 6 / 29 - 15:02
المحور: حقوق الانسان
    


استعراض لكتاب بهذا الاسم صادر عن مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية 2015 , عمان , الأردن

في كراس بعنوان مواطنون لا أقليات , عن مركز أمية للبحوث الاستراتيجية , عمان الأردن - 2015 الطبعة الأولى , عرض عدد من المثقفين و السياسيين السوريين آراءهم حول قضية شائكة , هي الطائفية , تحت هذا العنوان العريض و الرائع : مواطنون لا أقليات .. لكن الكراس , الذي يفترض أن يعبر عن رأي الإخوان المسلمين السوريين و حلفائهم العلمانيين , يخلق من التشوش و عسر الفهم , و سوء الفهم , عن هذا الموضوع الشائك المعقد أكثر مما يوضح و يشرح .. رغم أن مدير المركز بسام ضويحي يؤكد في مقدمته أن الطائفية دخيلة على أمتنا و حضارتنا و قيمنا و تراثنا , و أنها فقط نتيجة للمؤامرات و الخطط الصهيونية .. ليس رجال الدين هم الذين خلقوا الطائفية , بل السياسيون المأتمرون بأمر برنار لويس و و غيره .. و بنفس اللهجة يؤكد الدكتور عبد الله الطنطاوي أننا "لسنا طائفيين" .. نعم , و هذا هو الدليل : كان للكاتب جيران "من الأكراد و التركمان و الشركس" * , و أصدقاء أكراد و شركس و مسيحيين و علويين و دروز و اسماعيليين , و هكذا أيها السادة , يمكن التأكيد أننا "لسنا طائفيين" , لقد كنا نصادق بعضنا البعض و نعيش بجوار بعضنا البعض , نتحادث , و نتخاصم , و أحيانا حتى نتزاوج الخ الخ .. بل كان هناك سياسيون و ضباط كبار و وزراء و برلمانيون , من غير المسلمين و من غير العرب , في دول يفترض الدكتور طنطاوي أنها دول عربية إسلامية .. لقد بلغ التعايش و وصلت بهم المواطنة إلى أنهم كانوا يأكلون و يشربون , و حتى يعملون في الدولة و الجيش , أحيانا .. لكن كلام الدكتور طنطاوي يخلق من المشاكل أكثر مما يحلها , يعقد المسألة أكثر مما يبسطها , فحتى في ظل نظام الأسد , الذي يصفه الجميع بأنه طائفي , و يصفه بذلك حتى غير الطائفيين , لدينا أيضا جيرانا علويين و دروز و مسيحيين و أكراد و أرمن و شركس , و هناك ضباط و مسؤولين سنة و دروز و اسماعيليين و مسيحيين و أكراد في كل فروع المخابرات السورية في زمن الأسد الأب و الابن و في كل الحكومات السورية في زمن الأسدين , بل غالبا ما ترأس الحكومات السورية الأسدية رؤوساء وزراء سنة !! .. و لأن الدكتور طنطاوي لا يحل لنا اللغز , لنتركه إذن و لننتقل إلى وزيرة ثقافتنا الحرة , لعلنا نحصل على جواب شاف على أسئلتنا .. و بالفعل تأخذنا الدكتورة سماح هدايا إلى الأمام , في عدائها المطلق و إنكارها و شجبها للطائفية و إصرارها على أننا مواطنون لا أقليات في سوريا .. و رغم أنها وزيرة للثقافة الحرة , تبقى لهجة الدكتورة واقعية و لا تندفع كثيرا : تذكرنا الدكتورة أنه "لا يمكن تحقيق دولة مثالية" , و هذه لازمة على لسان المعارضين كما على ألسنة الأنظمة , فعلى الشعوب أن تقنع و ترضى , و الذي يرضى يعيش , لكن هذا لا يعني طبعا أن ترضى بحكم طائفي نصيري , فالواقع غير مرضي و مرفوض طالما كان الحكم لغيرنا , و كان السمع و الطاعة لغيرنا , لأن هذا سمع و طاعة في غير محله و لغير أهله , سمع و طاعة لا يراد بها وجه الله , أو وجه الشعب أو الوطن أو الأمة , و لا التعايش و لا المواطنة , الخ الخ , لكن عندما نصبح وزراء حتى لو في حكومة مؤقتة في المنفى , فيعود الواقع واقعا و يجب علينا عندها أن نتخلى عن المثالية في مطالبنا و توقعاتنا من ولاة الأمر .. تؤكد الدكتورة هدايا : "من الصعب أن يحصل الإلغاء الكامل لاستبداد الأغلبية لكن بناء التعايش المرضي ضمن الصيغ القانونية و الدستورية في مفهوم المواطنة و دولة المواطنة هو الأمر الجوهري لأي وطن و أمة" ... كلام جميل و رائع و منمق , يحشر فيه كل ما يفترض أن يجعلك تشهق من السعادة : التعايش إلى جانب القانون و الدستور و دولة المواطنة و أولا و قبل أي شيء : الأمر الجوهري ... أخيرا , أنت مواطن يا أخي .. و كما قالت العرب من قبل : ارفع رأسك يا أخي .. لكن ليس كثيرا ... ف"التعايش" يقوم "وفق قواعد يتفق عليها الجميع" , أما أساس التعايش فهو "العقل الجمعي" لا "الجماعاتي" ( لأن الفرد لا يعيش إلا في جماعة , أرجو ألا ينزعج إخوتنا الإسلاميون من أن هذه الفكرة أيضا هي فكرة ماركسية , بل و لينينية قح .. ماركس أيضا لا يوجد عنده سوى العقل الجمعي , هناك أشياء لا تحتاج إلى وحي من السماء كي يؤمن بها البشر ) .. و فجأة يأتيك من الأخبار ما لا تتوقع , فجأة تقصفنا الدكتورة هدايا ببرميل تعايش على حين غرة : "لكن عليه ( أي الأخ المواطن ) أن يبقى مراعيا لقوانين الدولة التي اتفق عليها المجتمع و قواه المختلفة و طوائفه و ممثلوه .. وفق أعرافها السياسية و الأخلاقية و القانونية" , "أما من لا يتواءم مع متطلبات مجتمعه العليا .. لا خيار أمامه سوى الانكفاء أو الهجرة إلى مجتمع آخر" ... "فالوطن يتطلب مواطنا , كذا و كذا , و الوطن يريد مواطنا كذا و كذا" .. هذا هو التعايش إذن : "عقد بين الذات و الواقع" : إن لم يعجبك الواقع يمكنك أن تهاجر أو تنكفئ , بكل حرية و تعايش .. هذا ليس تطهيرا عرقيا , إنه ما يريده الوطن , و ما يطلبه الوطن , لا ما تريده الدكتورة .. أما إشكالية الهوية فتبدأ "عندما تكون مجموعة الأقليات غير ناضجة حضاريا و أقل تطورا من غيرها , نتيجة التهميش و العزلة , و لديها إحساس بالمظلومية" .. و "الأمة لا تعني بالمعنى الصارم عرقا" , "لكنها إطار تنظيمي و سياسي حمل لون الهوية الأكثر ثراءا و قوة و حيوية" , "أما عندما تحمل بالقسر لون عرق فرعي أو مذهب غير قابل للنمو و التطور اجتماعيا فإنها تنهار" .. إذن فهو ليس تطهير عرقي , لأن الدكتورة هدايا لا تستخدم مفهوم العرق بالمعنى الذي يستخدمه الفاشيون أو الذي استخدمه هتلر , حاشا و كلا , إنها تستخدمه بمفهومه الوطني , الذي يضع الوطن "فوق الجميع" ( ما يجعل هذا الوطن يشبه فجأة سوريا الأسد ) .. إنه تطهير وطني إذن .. على هذا النسق تستمر الدكتورة في التنقل بسرعة و "مهارة" بين المواطنة و الأقليات : "العالم توجهه ثقافة سائدة" , و رغم أنها سائدة لكنها "ثقافة تتشارك فيها الثقافات كلها", و أيضا : "لا مسوغ للخوف من الآخر و من الحداثة .. ما دمنا نحافظ على هويتنا" , ثم أيضا : "ثقافات متعددة" و "هوية جامعة" , و وسط هذا التنقل السريع المتعب لعقولنا المتواضعة و وسط براميل المحبة و التعايش و المواطنة التي تقصفنا بها الدكتورة في سماء لا طائفية فيها , تقدم لنا الدكتورة , دون قصد منها على الأغلب , وصفا بليغا لحالتنا : "أما عندما يعمل أحد ما أو فريق أو جماعة على إلغاء هويات الآخرين و تحقيرها أو نبذها أو إقصائها .. فلن تنشأ أمة و وطن و مواطنة .. ستنشأ عصابات و شلل" .. كم هذا معبر فعلا دكتورة هدايا .. لكن الكتاب الرافضين للطائفية لا يتوقفون عن فضح الطائفية و إدانتها , و محاولة قتلها إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا , كما قال الإمام علي : لو كان الفقر رجلا لقتلته , و لأنه ليس رجلا , و لأن الفقر هو من يقتل الرجال , لم يقتله لا الإمام علي و لا سيدنا عمر و لا أبو بكر و لا أي من الأئمة و الصحابة و لا التابعين , رضي الله عنهم و أرضاهم , لكن لننتظر , فربما يولد لهذه الأمة رجال يقتلون الفقر أخيرا , و يقتلون معه أشياء أخرى طالما حيرت العقول و ذهبت بالألباب , و الله أعلم .. و يأتي دور الأستاذ محمد السيد ليؤكد و يقسم على "احترام المسلمين لكل مقدسات أصحاب المقدسات الدينية منذ اللحظة الأولى للقاء الإسلام بأهل البلاد التي فتحت و طيلة تاريخ الإسلام" .. أهل البلاد التي فتحت , التي فتحها المسلمون , عرفوا ذلك الاحترام , أحسوا به , و ستعرفونه أنتم اليوم أيضا , و ستشعرون به , يا أبناء الشعوب المفتوحة الذين أصبحتم اليوم مسلمين بفضل من الله , لكم ما لفاتحيكم و عليكم ما عليهم .. طبعا لا حاجة لسؤال تلك الشعوب المفتوحة , أي التي فتحت , يكفي هنا آراء بعض "المستشرقين" "المنصفين" , لأن ما سنقع عليه إذا سألنا تلك الشعوب المفتوحة , أي التي فتحت , هي فقط بعض النزعات الشعوبية المغرضة المتحيزة ضد عدالة الفاتحين , و هل عرف العالم فاتحين أعدل من العرب , و سترون ذلك اليوم بأم أعينكم مرة أخرى كما رآها أجدادكم من قبل .. يذكرنا الأستاذ محمد بقصة عمر بن العاص و القبطي , التي نحفظها جميعا , مسلمين و مسيحيين , و طبعا قصة جبلة بن الأيهم و الأعرابي , التي نحفظها جميعا أيضا , مسلمين و مسيحيين , كما هتف ذات يوم الشهيد سمير قصير , إذا جاز أصلا أن نعتبره شهيدا , إلا اللهم لأن من قتله كان كافرا , لكن طبعا من دون ال 73 حورية أو أية قصور في الجنة الخ الخ .. لكن لدي همسة صغيرة للسيد السيد , أخي السيد : يمكنك أن تكرر هذا على أي منبر تشاء , في أي مكان تشاء , لكن أرجو ألا تقوله في وجه أخ مجاهد من إخوانك المجاهدين , و لا أمير من أمرائهم الأشاوس , خاصة كلمات عمر بن الخطاب لجبلة بن الأيهم : "الإسلام سوى بينكما" , كما نصحنا آباؤنا ألا نردد هذه الكلمات في وجه شبيحة الأسد , و لم نعمل بالنصيحة , و لعلك ترى ما نرى .. إن نتائج مثل هذا العمل قد تكون وخيمة .. و كي أريح ضميري و أكمل نصيحتي , أرجوك أخي السيد ألا تذكرها أيضا في أي من بلاد الإسلام , لا القائمة اليوم و لا التي ستقوم في الغد , هذا الكلام مخصص للمنابر فقط يا سيدي , لمخاطبة العامة تحديدا , لا لمخاطبة الإخوة المجاهدين و أمراءهم , و لا لمخاطبة آل سعود و لا ملالي إيران و لا ضباط المخابرات الباكستانية أو لمخاطبة أي من خدمهم و حشمهم أو شرطتهم أو مباحثهم , حمانا الله و إياك من مكائد الشيطان يا أخي ... حقا , يا أخي السيد , بمثل هذا حكم الحجاج و زياد بن أبيه و خلفاء بني أمية و بني العباس و بني عثمان , طيب الله ثراهم , و جزاك الله و جزاهم عنا و عن العباد "كل خير" ... أما عن "منجزات" المسلمين العلمية فلم أفهم ما تقصده بالضبط يا سيدي .. عدا عن أنك تتحدث أحيانا عن علماء المسلمين , و لم أفهم أي علم تقصد هل كان ذلك علم الفقه أم الحديث أم أسباب النزول , و مرة أخرى تذكر اسم مارق زنديق ملعون كابن رشد , كما أني مضطر لألفت نظرك إلى قضية تتعلق بهذه المنجزات العلمية , قد تكون غابت عنك , لأنها شديدة التعقيد و نادرة الظهور .. إذا نظرت حولك , كل شيء حولك تقريبا , إذا تأملت في سيارتك , جوالك , تلفزيونك , كومبيوترك , ملابسك , الخارجية منها و الداخلية , إلا إذا كنت ترتدي العباءة العربية القح , و الملابس الداخلية الشرعية السنية للفرقة الوحيدة الناجية رغم أني لا أعرف بالضبط شكل أو لون هذه الملابس , هدانا الله و إياك لما يحب و يرضى من ملبس و غيره , و إذا , أبعد الله الشر عنك و أهلك و عن كل المؤمنين , إذا مرضت أو مرض شخص تعرفه فإن الطب الذي سيشخص ذلك المرض و يعالجه من آلامه , إلا إذا كنت تتداوى و تداوي الناس بالرقية الشرعية , و إذا نظرت في مطبخك يا أخي , و أنت تشرب الماء البارد من برادك , أو تخرج اللحم المثلج من الفريزر الخاصة بك , و الفرن الذي تطبخ عليه زوجتك ذلك اللحم , بالصحة و الهناء , الخ الخ , كل ذلك هو من "اكتشاف" الغرب الكافر , أهلكم الله يا أخي , و من تسميهم علماؤنا الذين لم يكونوا إلا حفنة من الزنادقة الذين لم يكتفوا بكلمات الله و فكروا بطريقة تسمى تفكيرا علميا محاولين فهم قوانين الطبيعة و المجتمع و تسخيرها للبشر , و لا شك عند الكثير من إخوتك و أساتذتك المحترمين من أنهم طليعة المؤامرة على دين هذه الأمة و هويتها .. يمكن أن نشتري البراد أو السيارة , و طبعا الديناميت و البندقية , لكن الفكر الذي ينتجها هو فكر إلحادي مرفوض , غريب , مدسوس , مشبوه , و كل ما يتصل به من شك و حرية في النقد و التأمل و التفكير , هذا فكر تجب حماية الأجيال منه , بكل الوسائل , و أهمها طبعا منعه و ملاحقته و تحريمه بقبضة من حديد , أي بالسيف .. أما أننا من اكتشف كروية الأرض , فهلا شرحت ذلك لإخوتك , أتباع شيخنا الجليل المرحوم ابن باز , الذي أصر حتى مات , رحمه الله , أن الأرض منبسطة , و أن الزعم بأنها كروية هو جزء من المؤامرة الغربية الماسونية على ديننا و أمتنا .. و فعلا كما تقول يا سيدي , إن مفهوم المواطنة الذي تقدمه هو المفهوم الصحيح , بل و الوحيد : نحن , جميعا كبشر , أمة واحدة , من أب و أم واحد , و دين توحيد واحد , فكيف , و لنا دين واحد و إله واحد , و نبي واحد , لا نكون شعبا واحدا , له قائد واحد , و جيش واحد , الخ الخ , و كيف بعد كل ذلك ( بعد كل تلك الأشياء الواحدة التي تجمعنا ) , لا نكون مواطنين ؟ .. لقد تفوقت على نفسك يا أخي , و على الآخرين في كلماتك هذه : و قد "عاش الشعب السوري غالب الوقت منذ الفتح الإسلامي .. بانسجام تام بين مكوناته , و كان أفق الحريات و الحقوق في حدوده المقبولة لجميع المكونات و كان الأفق مفتوحا أمام اي مواطن حتى 1965 ليتسنم أي منصب في الدولة" .. لقد حملت كلماتك البشرى لقلبي الحزين و لقلوبنا البائسة من انتظار ما لا يأتي , فهذا وعد صريح منك و من إخوانك , أننا سنحصل , أخيرا و الحمد لله , على كل الحقوق التي كان يتمتع بها "السوريون" منذ الفتح الإسلامي و نفس الانسجام و التعايش , أنت تعدنا جميعا أننا سنحصل على نفس الحقوق و نعيش نفس الانسجام الذي عاشه أجدادنا تحت حكم الحجاج و قراقوش , فيا سعادتنا و فرحتنا يا أخي , أبشروا أيها الجرحى و الشهداء , أيها المعتقلون و الأسرى , سيحصل آباؤكم و أولادكم , إذا شاء الله طبعا , على كل تلك الحقوق و الانسجام , فقروا عينا و ارتاحوا في قبوركم و سجونكم , إنه "نسيم الحرية" أيها الرفاق , أو ربما خيل الحجاج ... أما الرفيق جورج صبرة فسامحك الله , تقول أن لكل إنسان وطنان , وطنه و سوريا , ناقصنا يعني .. و سامحك الله لأنك ما زلت تقول أن الدين "دينا من أجل خلاص الإنسان و رسالة لتنظيم الشو اسمو .." و أنه "يصبح طائفيا عندما يوظف لأغراض سياسية" , سامحك الله , فأنت لم تحفظ بعد أن الإسلام دين و دنيا , مصحف و سيف , احفظوها بقى .. و لتثبت أننا "لسنا طائفيين" تأتي أنت أيضا بأمثلة لا تختلف كثيرا عن أمثلة من سبقوك و من سيأتون بعدك : الراهب يوحنا الدمشقي الذي عمل مستشارا ماليا عند عبد الملك بن مروان و ابنه الوليد , و الشاعر المسيحي الأخطل , مادح خلفاء بني أمية , و زوجة معاوية , و طبيب معاوية , و عامل معاوية على حمص , و ... معاوية , حتى أنت يا بروتوس !! و يحدثنا الأستاذ جورج عن تاريخنا الطويل مع التعايش و المواطنة : "و كان صوت الشاعر العربي الأخطل , و هو نصراني , يصدح بحرية في قصور الخلفاء الأمويين" , يصدح ! بكل حرية !! و في قصور الخلفاء !!! طالما وجدت المواطنة و التعايش دائما في قصور الخلفاء !! و الحرية أيضا !!! و يضيف الأستاذ صبرة "و من يعرف أن كلمة الخليفة الأموي المقيم في دمشق كانت هي القانون في طول هذا الملك الواسع و عرضه يعرف أهمية هذه الروح السمحة التي أفسحت المجال لحياة مشتركة تنتج حضارة" .. سماحة و حضارة و طول و عرض و كلمة واحدة و قانون واحد و ملك واحد , الخ الخ الخ .... لكن رفيق جورج , أنت فقط تعيد ما سبقك إليه الأستاذ السيد من أن "المسيحيين و الوثنيين و اليهود و المسلمين كانوا يعملون في خدمة الحكومة" ( الإسلامية ) , و ليس عندنا أي شك , أن كل هؤلاء و أكثر قد عملوا بالفعل في خدمة الحكومة , و ما زالوا و سيستمرون بإذن الله , حتى يقضي الناس أمرا كان مفعولا !! طيب , و ماذا بعد .. ثم يستشهد أستاذنا بأبجر بن جابر الذي كان زعيم بكر في الكوفة , و عندما أسلمت بكر بقي هو مسيحيا "و لم ير أحد في ذلك غضاضة" .. فعلا , و لا أي غضاضة .. و أخيرا "ألسنا نعبد إلها واحدا لا يتجزئ ؟" .. فعلا ؟ .. نعبد إلها واحدا لا يتجزئ ؟ من تقصد بالضبط أستاذ جورج : المسلمين أم العرب أم السوريين أم الجهاديين أنفسهم , الذين يكفرون و يذبحون بعضهم بعضا ؟؟ .... و يأتي دور الشيخ دندل جبر , عضو هيئة العلماء السوريين , فيلقي المزيد من الضوء على ذلك التعايش و تلك المواطنة : "النص يدل على جواز استشارة غير المسلم" , و لعل هذا الكلام يفترض أيضا إمكان استشارة المسلمين أنفسهم في أمورهم , و الله و رسوله و أنتم أعلم ... و يستشهد أستاذنا بالدكتورمحمد سليم العوا بأن "الأحكام الخاصة بمعاملة اليهود الواردة في وثيقة المدينة تصلح معيارا للحكم على الآراء الفقهية المختلفة في هذا الخصوص" , لا بأس , أن نتمتع في بلادنا بنفس الحقوق التي تمتع بها اليهود في دولة المدينة لهو أمر حسن و رب الكعبة .. لكن لا تغرنكم كل تلك الحقوق و كل ذلك التسامح , فالنفي و الحصار و الموت و أكثر من ذلك في انتظار كل من ينكث بوعوده أو يرى الحاكم أنه قد نكث بوعوده .. الحاكم هو الذي يعطي , و الحاكم أيضا هو الذي يأخذ .. ثم المزيد من المواطنة و التعايش : "أعطاهم أمانا لأنفسهم و أموالهم و كنائسهم و صلبانهم .. و أن لا تسكن كنائسهم و لا تهدم .. و لا شيء من أموالهم و لا يكرهون على دينهم و لا يضار أحد منهم" , كان هذا عهد أمير المؤمنين عمر لأهل القدس ... كلما تحدث إخوتنا الإسلاميون يتملكني شعور أنهم يعيدون فتح بلادنا من جديد و أنهم ينظرون إلينا نظرة الفاتحين العرب للشعوب التي فتحوها , و لذلك يعتقدون أنهم يطمئنونا بكلامهم هذا عن السلوك الراقي الحضاري لأساتذتهم الفاتحين الأوائل عندما فتحوا بلادنا لأول مرة .. ثم : "كتاب خالد بن الوليد إلى أهل دمشق تأمينا على أنفسهم و أموالهم و كنائسهم" , و كتاب "حبيب بن مسلمة لأهل تفليس .. أمانا لهم و لأولادهم و لأهليهم و أموالهم ..." .. كلما فكرت بدستور مقترح لدولة الخلافة أو لدول الخلافة أو إمارات الخلافة , التي على منهج النبوة , وجدت نفسي أفكر فورا في الصيغة التالية : هذا عهد أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي أو أبو محمد الجولاني أو الأستاذ رياض شقفة الخ الخ , رضي الله عن كل هؤلاء و أرضاهم , للشعب السوري , بكل طوائفه و أقلياته , أنكم آمنون على أنفسكم و أولادكم و أموالكم الخ الخ الخ .. فعلا بعد كل هذا التعايش و المواطنة لا يبقى أي كلام عن الأقليات ممكنا , أيها الإخوة و السادة : نحن الأقليات في بلادكم , و أنتم وحدكم الأكثرية ... و أنا أيضا أكرر معك , أخي محمد السيد , ما ذكرته عن الشاعر الأمريكي رونالد ركويل الذي قال بعد أن أشهر إسلامه "لقد راعني حقا تلك السماحة التي يعامل بها الإسلام مخالفيه , سماحة في السلم و سماحة في الحرب" , حقا , لقد راعتنا جميعا سماحتكم يا سيدي , فها نحن آمنون على أنفسنا و أولادنا و أموالنا و أدياننا , في بلادنا , كما وعدتمونا , و كما فعل أجدادكم بأجدادنا ... هذا كثير يا أخي , كثير جدا .. كم أشعر الآن بالطمأنينة , و الأمان , و التعايش , و المواطنة , و من يستطيع أن يقول غير ذلك : "من يستطيع أن يجرؤ على القول" بأن هذه ليست "هي روح الدين" ؟ .. أخيرا , فقط للتوضيح و للتذكير : كل هذا ليس طائفية و لا إكراه , كل هذا الكلام تعايش و مواطنة و عدالة و حرية , و لكن أكثر الناس لا يفقهون ... و لا حول و لا قوة إلا بالله .........

* الكلمات ضمن قوسين مأخوذة حرفيا من الكتاب



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشرة نقاط عن المقاومة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأورو ...
- الفصام المعاصر للهوية * الإسلامية
- لا دولة ديكتاتورية علمانية أو دينية ! بل مجتمع حر دون دولة ! ...
- الخميني و -أولوية الروح- لمكسيم رودنسون
- الكذب
- تسقط مكونات الشعب السوري , تسقط طوائف الشعب السوري , يسقط ال ...
- أسطورة الفاتح أو المنتصر - ماكسيم رودونسون
- رسالة مفتوحة إلى الرفاق الاشتراكيين الأممين * - 27 سبتمبر 19 ...
- قبر لينين - بوريس غرويس ( 1986 )
- فانيا كابلان , التي حاولت اغتيال لينين
- مرض اليسارية الطفولي للينين ... و الأممية الثالثة , للشيوعي ...
- من تاريخ الشمولية المعاصر : قانون التمكين 1933
- عندما تقودنا الهمجية
- نقد الأرض و السماء بين الرفيق سلامة كيلة و الراحل العفيف الأ ...
- قف ! اقرأ ! و فكر ! الثوار الماخنوفيون
- نهاية هنري يوغودا - لفيكتور سيرج - 1938
- الصراع السني الشيعي مرة أخرى
- الأناركيون و الحرب الفرنسية الجزائرية - واين برايس
- نداء مجموعة برافدا العمال ( حقيقة العمال ) 1922
- حوار أخير مع صديقي الإسلامي السوري ع


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مازن كم الماز - مواطنون لا أقليات