نهاية هنري يوغودا - لفيكتور سيرج - 1938

مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5167 - 2016 / 5 / 19 - 01:10
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    

فيكتور سيرج
ترجمة مازن كم الماز

نهاية هنري يوغودا
ستالين يسجن رأس الشرطة السرية السوفيتية لأنه يعرف أكثر مما يجب

أغسطس 1938

الانقلاب البوليسي الهائل الذي بدأه ستالين في يوليو الماضي للقضاء على البلشفية و تثبيت سلطته الفردية يتواصل , و كل يوم يأتي بمفاجآت جديدة . سرعان ما سيتضح أن أهمية هذه الشهور الثمانية عشرة لن تكون أقل من ترودميدور ( الردة الرجعية أثناء الثورة الفرنسية العظمى - المترجم ) الثامن عشر من برومير . اعتقال يوغودا هو الخبر الرئيسي في اليومين الماضيين . حتى أنه غطى على خبر اعتقال كريستيان راكوفسكي , الذي تأكد بالفعل , و على الإشاعات عن إعدام ليون سوسنوفسكي في السجن دون محاكمة , كما حدث للجنرال بوتنا . ( سوسنوفسكي صحافي بلشفي بارز . أعجب به لينين لدرجة أنه جعله المتحدث باسم أول لجنة تنفيذية لسوفييت عموم روسيا . لكن لا يعرف اليوم أي شيء أكيد عن مصيره , و ربما لن يعرف أبدا ) . أعلن بيان الحكومة الذي وقعه كالينين الاتهام الموجه لهنري غريغوريفيتش يوغودا : ارتكابه مخالفات أثناء ممارسة منصبه , و ارتكاب جرائم أثناء تنفيذ مهامه ... أية مهام ؟ يوغودا بلشفي قديم قبل أكتوبر , و عضو في التشيكا , في 1928 تعاطف مع المعارضة اليمينية ( بوخارين , ريكوف ) لكن لفترة قصيرة فقط ... كرئيس للشرطة السرية السوفيتية . لسنوات طويلة نظم القمع ضد التقنيين , و ضد كل معارضة , في كل المجالات . آلاف مذكرات الإعدام تحمل توقيعه . كان يحكم أكبر معسكرات الاعتقال في العالم , منصب أوصله إلى الحصول على وسام كمكافأة على بناء قناة البحر الأبيض - بحر البلطيق , باستخدام عمل السجناء . كان يرافق ستالين دائما , يحرس ستالين , كان يشاهد و هو يتبعه خطوة بخطوة في المناسبات البرتوكولية . كمفوض أول للشرطة الجنائية , قوميسار الشعب للداخلية , عضو اللجنة المركزية للحزب , و آمر الوحدات الخاصة للشرطة السرية , كان في الحقيقة أكثر شخص مثير للرعب في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية , الشخص الذي يتحمل ضميره - بالأمر - أثقل المهمات : رئيس شرطة "الزعيم اللطيف" * . ترأس في هذا السياق التحقيقات السرية ( يا لها من أشياء رهيبة ! ) لمحاكمة زينوفييف و كان مسؤولا عن تنفيذ الأحكام الصادرة بحق المتهمين الستة عشرة . فورا بعد محاكمة زينوفييف - كامينييف - سميرنوف أصبحت فضيحته مشهورة في كل مكان . كان لا بد من كبش فداء ليتحمل المسؤولية عن تلك الكوميديا القانونية سيئة الإخراج . و قبل كل ذلك كان ضروريا التخلص من يوغودا لأنه أصبح بدوره شاهدا مزعجا لا يمكن تحمله . و هكذا جرى اتهامه . لقد ارتكب بالأمر كل الجرائم التي طلبت منه , لكن أسوأها على الإطلاق هو أن يدافع عن نفسه - لأنه يمكنه فعل ذلك فقط باتهامه الآخرين . لقد انتهى الرجل من دون رجعة . إني أرسم صورته لنفسي في إحدى زنازين سجن موسكو للشرطة السرية الذي بناه هو نفسه , و هو يقرأ مرة أخرى القرار الذي وقع عليه هو نفسه مرات لا تحصى , و هو ينتظر التحقيق , ثم المحاكمة و أخيرا تنفيذ الحكم , تلك الطقوس التي يحفظها عن ظهر قلب - أن يفهم أخيرا ما الذي فعله , و ماذا أصبح , و ما الذي فعله أمثاله بالثورة ! و أفكر أيضا برومان رولاند , الذي قابله في موسكو و خصص له مقالا جميلا . الرئيس الأعلى لمعسكرات الاعتقال و لكل القتلة الصامتين في كل سجون اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية , احتل بهجمة واحدة قلب مؤلف جان كريستوفر . أليست الفرصة مواتية لرولاند اليوم ليكتب مقالا جديدا عن يوغودا ليحاول أن ينقذ حياته - ربما لا يوجد ما يكفي من دماء و سخرية في أن يقوم السيد بقمع خدمه في وضح النهار ؟ . كنت قد كتبت في أيلول سبتمبر الماضي : "إن كل جيل أوكتوبر مدانون اليوم , انتهوا , ضاعوا . كلهم يختنقون , كل واحد في مصيدته . آخر الباقين القلائل من الكوادر البلشفية - الليتفونيفونيون , كيريستينسكي , بوبنوف , أنتونوف - أوفسينيكوف - هم أيضا محكوم عليهم بنفس الطريقة أو بأشكال مختلفة . لقد أصبح وجودهم غير متوافق مع وجود النظام" .

* Genial leader

فيكتور سيرج : ثوري روسي - فرنسي , ولد في فرنسا من أبوين روس فروا إلى فرنسا لمعارضتهم القيصر .. بدأ حياته اناركيا فردانيا , سجن لدوره المزعوم مع عصابة بونوت .. اصبح بلشفيا بعد أن ذهب إلى روسيا بعد إطلاق سراحه , و عمل في الكومنترن في اقسامه الخارجية .. عارض ستالين و نفي و سجن , طرد من الاتحاد السوفيتي فقط بفضل تضامن و تدخل الكثير من المثقفين الأوروبيين .. قطع مع تروتسكي في الثلاثينيات بسبب خلافه معه حول كرونشتادت , المجزرة التي أمر بها تروتسكي عندما كان وزيرا للدفاع في الحكومة البلشفية عام 1921 .. ساعد حزب العمال للوحدة الماركسية الإسباني الذي كان بقيادة أندرياس نين أثناء الحرب الأهلية الإسبانية , و الذي كان أيضا قد قطع صلاته بتروتسكي , و تعرض للقمع على يد عملاء الشرطة السرية الستالينية الذين قتلوا نين بطريقة وحشية .. عاش ايامه الأخيرة في المكسيك في فقر و عزلة ...

كريستيان راكوفسكي ( 1873 - 1941 ) ماركسي بلغاري و عضو في الحزب البلشفي و دبلوماسي سوفييتي و رئيسا للحكومة السوفيتية في أوكرانيا , أعدم عام 1941 .

جان كريستوفر - قصة لرومان رولاند .

نقلا عن
https://www.marxists.org/archive/serge/1937/08/yagoda.htm

#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات