أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمدى عبد العزيز - لم أحب رباب














المزيد.....

لم أحب رباب


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5101 - 2016 / 3 / 12 - 12:10
المحور: الادب والفن
    


أنا أيضاً من دراويش الممثل المبدع الفذ أحمد ذكي عملاق فن التمثيل المصري أو فن التشخيص كما كان هو يحب أن يسمى مايفعل

وقد بدأت أتابع أعماله منذ مسلسل الأيام الذي جسد فيه شخصية طه حسين
وهو في هذا المسلسل قد قام بثورة في الأداء التمثيلي لشخصية الإنسان الكفيف بديلاً عن تلك الطريقة النمطية الساذجة التي كانت تقدم في الدراما والسينما المصرية

غير أنني أرى أن أحمد ذكي في قد بلغ في التحفة السينمائية المصرية ( أرض الخوف) قمة يصعب على الكثيرين اعتلائها في الأداء التمثيلي

فلازلت مندهشاً حتى الآن من تلك البراعة التي كان يروي بها الأحداث وكيف كان يشيد - عبر تنوعات ونتؤات نبرات صوته وتدرجاتها وانعطفاتها - عالماً دراميا منفرداً وموازياً للعالم الدرامي المتجسد في أحداث الفيلم وهو يقوم بالسرد المصاحب للأحداث في الفيلم

مازلت معلقاً بعبارته الشهيرة في الفيلم
( لم أحب رباب)

قالها بصوت ممزق خارج من أعماق روح ووعي الإنسان النقي النظيف الطاهر المتمثل في شخصية الضابط (يحيى المنقبادي) وهو في حالة انحشار وانضغاط عنيف تحت ذلك الجلد السميك المغلق المسام والفتحات لشخصية الضابط المرتشي( يحيى أبو دبورة) تلك الشخصية الإجرامية العتيدة والتي حكم علي يحيى المنقبادي باسم الواجب وبمقتضي المثل والقيم الوطنية أن يظل مقرفصاً بوعيه الإنساني النبيل وبضميره الرافض لعالم يحيى أبو قورة متكوراً حول نفسه داخله يقاوم في نفس الوقت تلك القشرة المعدنية السمكية التي تشكلت عبر عالم بالغ الإنحطاط والجرم وأرض موحلة بالدم والخراب البشري تم إسقاطه عليها في مهمة أبدية لارجوع منها ولانهاية لها إلا خلوداً ...

تماماً كما أسقطت الأسطورة آدم من جنة السماء النظيفة الطاهرة الساحرة البهيجة المثالية ليرتطم بعالم الأرض السفلي الملطخ بالخطيئة مشتبكاً في صراع أبدى مابين الخير والشر والطهر والخطيئة والدم والزرع إلى أن يأتي عليه وقتاً يصبح صاحب التكليف الأعلى وهماً زائفاً بمقتضى متغيرات تمت في العالم العلوي و تركت يحيى المنقبادي غريقاً في بحار من الأسئلة الوجودية وفريسة لصراع الشخصيتين داخله وإن ظل متعلقاً بفردوس شخصيته الأولى التي كان عليها قبل أن تطأ قدميه أرض الخوف

ذلك العالم السفلي الذي كتب عليه الاشتباك مع ملابساته إلى النهاية والمشي على اشواكه واوحاله حاملاً لمهمة فرغ مضمونها مع إكتمال فساد العالم بفعل تحولات جرت في غفلة منه أو رغماً عن إرادته
يعاني من إنقطاع الحبل الذي يستند عليه ويربطه بقوة داعمة في الأعالي تحولت فجأة إلى وهم عظيم بحجم خيبة الرجاء لمن فرد كفيه فوجد أنه بعد مسيرة العمر قد كان قابضاً على الهواء

فيمضي حاملاً قدره ورشاشه وخوفه العظيم متسربلاً بدم من قتلهم بمقتضى تلك الرسالة المقدسة دونما سماء تحميه أو سلطة تدفع عنه انتقام العالم السفلي مع خطف ماتيسر في حدود الاستطاعة من لحظات مبهجة أو أوهام متجسدة للسعادة والحب تحت أمطار الرصاص المقعقعة في أيما سماء يكون هو تحتها كمسيح جديد يدفع حياته على صليب تحولات وتبدلات قوى المركز الكوني ووحل العالم الأرضي الذي غال في الفساد

يظل معلقاً كما هو مشبوحاً مابين سيرته الأولى كيحيي المنقبادي ومابين تاريخه السفلي الذي يرفضه تماماً كيحيي أبو دبورة الذي لم يعد بالمستطاع ممارسة فعل القطع معه أو قبوله أو الانسلاخ عنه كقدر أمسك بتلابيب كيانه المعذب

( لم أحب رباب)
كانت عبارة رفض
أم عبارة استغاثة بعالم منشود
تحت وطأة عالم وحشي؟
أم كانت عبارة التبرؤ من ذلك الدنس البشري الذي أجبرت قدمي يحيى المنقبادي على السير في أوحاله مدفوعة ً بإرادة مركزية داعمة تبتعد شيئاً فشيئاً إلى أن تتلاشى وتترك صاحبها وحيداً مخذولاً عاري الصدر لاظهر له في مواجهة مصير لم يكن يظن أنه سيكون كذلك ؟

أم كانت بحثاً عن الحب في عالم شديد القسوة يقدم إختيارات فاسدة للحب والحياة لاتحقق الراحة الإنسانية ولا الحب كفعل أبدى يعتنقه الإنسان ؟

( .. لم أحب رباب ...)

مازال ذلك الصوت وتلك العبارة تشتبك بأذني منذ سنوات كثيرة مرت على مشاهدتي لهذا العمل الرائع المكتمل العناصر ابتداءً من موسيقى راجح داود النافذة إلى أغوار الروح إلى كاميرا المخرج الرائع الشديد الموهبة والحرفية داود عبد السيد إلى عبقرية فن التمثيل المصري أحمد ذكي الذي أيقظ كل عبقريات عناصر الأداء عند هؤلاء الممثلين العظام الذين شاركوه الأداء في هذه الملحمة البصرية الدرامية الرائعة ابتداءً من الراحل العظيم حمدي غيث الذي جسد شخصية (هدهد) معلم الباطنية تاجر المخدرات الحكيم والفيلسوف والعالم بأسرار ونواميس وقوانين ذلك العالم السفلي وكذلك قوانين عالم العدل المطلق السماوية وكافة شفرات العلاقة مابين الخير والشر كتاجر مخدرات منذ الصبا إلى شيخوخة العمر
ومروراً بالرائع عبد الرحمن أبو زهرة في دور الرسول الذي حمل الرسالة من القوي العليا وتحمل أوزار حملها كنبي ذهب إلى مصرعه بقدميه ، إلى الممثلة ( فيدرا) أو (فرح) التي قامت بدور فنانة الديكور أحبها وتعلق بها المكنون الحقيقي ليحيى المنقبادي من داخل يحيى أبو قورة الذي ظهر لها كرجل أعمال ثري لم تعبأ هي بقشرته ونفذت إلى حقيقته كتاجر مخدرات وإلى روحه كرجل يحمل ضميراً يمزقه وقلباً إنسانياً رقيقاً يحب به فاختارت بشجاعة أن تقبل التحدي وتعيش به مبتهجة ومعذبة لتكون هي كل صلته بالحياة النظيفة التي يتمنى أن يعيشها كما لو كان لم يصبح هو يحيى أبو دبورة وظل على مادته الأولى كيحيي المنقبادي

ثم إلى ذلك الممثل الرائع الذي لا أعرف اسمه والذي قام كرجل الجهة العليا وكقوة مركزية غامضة بتكليف الضابط يحيى المنقبادي بالنزول إلى العالم السفلي حيث الصراع بين الخير والشر تحت تلك الجلدة السمكية المتمثلة في هيئة الضابط المرتشي الفاسد تاجر المخدرات المجرم القاتل يحيى أبو دبورة

حمدي عبد العزيز
9 مارس 2016



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة حارسة الحياة
- فى قضية الروائى أحمد ناجى
- مقاطعته وعزله وإسقاطه أمر ممكن
- دكاكين بلا بضاعة تستحق الزبائن
- شعبطات الصبي المشاكس
- مكاتبة ومكاشفة للرئيس
- تنبيه عاجل
- هل من طريقة لاستعادة ذلك الصبي ؟
- أن تنهض جدتي
- أربعة شروط عاجلة كي لانذهب إلى مالارجعة فيه
- قبل أن يغادرنا يناير
- حول مقولة شباب الثورة وعجائزها
- في ذكرى الإندلاع الشعبي الكبير
- شعب تونس وشعابها
- في انتظار أن تحضر الدولة
- في ذكرى إنتفاضة 1977 المجيدة
- تأملات كروية
- إسلام البحيري والثمن المدفوع
- تحالف إشعال الحرائق
- أستاذي وصديقي.. محمد خليل


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمدى عبد العزيز - لم أحب رباب