أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مثل الزهور سرعان ما يذبل














المزيد.....

مثل الزهور سرعان ما يذبل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5023 - 2015 / 12 / 24 - 19:25
المحور: الادب والفن
    


“كلَّ ليلةٍ/ قبل صلاةِ النومْ/ أهمسُ:/ أيها الملكُ سليمانْ/ ها أنا وجدتُها
وجدتُها/ تلك المرأةَ التي/ ثمنُها/ يفوقُ اللآلئ.”
***
كما يأتي الحبُّ دون دعوة، بوسعه كذلك أن يتبخّر دون إنذار. ولهذا غنّت فيوليتا، في أوبرا فيردي التراچيدية "لا ترافياتا": "دعنا نعيش للبهجة وحدنا، طالما الحبُّ، مثل الزهور، سرعان ما يذبل."
عرّف أفلاطون هذه السِّمة في ربِّ الحب الذي تخيّله الإغريق، فقال: "بحكم الطبيعة، فإن إله الحبّ ليس خالدًا ولا غير خالد. أحيانًا في يوم واحد يضرب بسهمه في قلب الحياة... ثم يموت، ثم... يعود للحياة من جديد." الحبُّ مُتقلّبٌ ذو نزوات، متطاير، متذبذب، غير ثابت؛ بوسعه أن يتبخّر، يُضرم نيرانه، ثم يخبو من جديد.
ولأيّ أمدٍ يستمر سحرُ الحب؟ لا أحد يعرف. فريق من علماء الطب العصبي استنتجوا مؤخرًا أن الحب الرومانتيكي يدوم على نحو طبيعي بين اثني عشر، وثمانية عشر شهرًا. والحقُّ أن دراسة العلماء للمخ البشري تقترح أن الحب بوسعه أن يدوم سبعة عشر شهرًا. على أنني كبروفيسور في الأنثروبولوجي أراهن أن أمد الحب يختلف على نحو كبير، تبعًا لطبيعة الشخوص المتورطين في الحب. معظم الناس قد شعروا بحال عابرة من الافتتان تستغرق أيامًا فقط أو بضعة أسابيع. وكما تعلمون، وكما أثبتنا من قبل، حينما تكون هنا عوائق للعلاقة، فإن ذلك الأجيج قد يظل مشتعلا لسنوات عدة. لأن المحن تؤجج العشق الرومانتيكي. على أن هذه النيران في القلب تميل إلى أن تخبو إذا ما انخرط العشاق في حال الاستقرار اليومي من المتع، حيث يتم إحلاله في منطقة أخرى من المخ: التواصل- الشعور بالسكون والتوحد مع المحبوب.
هل بوسع الحبّ أن يتخذ صورًا عديدة؟ بالطبع، بوسع الحب الرومانتيكي أن يتخذ أشكالا عدّة. بوسعك أن تستيقظ وحيدًا في منتصف الليل تغمرك مشاعر اليأس والإحباط. ثم تأتيك مهاتفة أو إيميل من حبيبتك في الصباح فتبدأ آمالك في الانتعاش. ثم تقابل حبيبتك على العشاء فتتكلم وتضحك فتتحول فورة مشاعرك إلى حال من الأمن والسلام. بعد العشاء تقفزان على فراشك لتقرآ معًا في كتاب، وسرعان ما تغمرك الرغبة الجنسية. ثم في الصباح تختفي حبيبتك وقد نسيت أن تقول لك: إلى اللقاء، ثم تُخلف معك موعدها القادم أو تُخطئ وتناديك باسم آخر- فتدخل في حال اليأس والقنوط والكآبة من جديد.
"يا لها من مطاردة للفرح وسعي محموم نحو ما لا يأتي! يا له من صراع من أجل ما يهرب! يا لها من لعبة الرقّ والمزمار! يا لها من فورة البهجة المتوحشة؟" هكذا كان يعرف چون كيتس بوضوح أن الحب الرومانسي ما هو إلا ثورة اضطراب جُماعها دوافعُ متباينةٌ على نحو وحشيّ ومشاعر مختلطة من حالات ذهنية لا حصر لها. العطف والحنان، الفرح، الرغبة، الخوف، القلق، الشك، الغيرة، الترقب، الارتباك، عدم الارتياح، الخجل: في أية لحظة يمكن لهذا التليسكوب من المشاعر أن ينزاح، ثم يعاود الانزياح من جديد لزاوية جديدة.
"الحب أفضل ما يُشبّه به هو الفيضانات والأعاصير"، هكذا كتب السير ولتر رالييه. نسبح في هذا المد والجزر. ولكن علماء النفس بوجه عام يميّزون بين نوعين أساسيين من الحب الرومانتيكي: الحب المتبادَل- وهو المصحوب بالتحقق والفرح؛ والحب غير المتبادَل- أي المصاحب للخواء، والقلق والهم والأسف. جميعنا تقريبًا جرّب بهجة الحب وأوجاعه.
لسنا وحدنا في ذلك الأمر. في كتابه: "التعبير عن العواطف عند الإنسان والحيوان"، يفترض تشارلز دارون أن الإنسان يتشارك مع الحيوانات "الدنيا" في كثير من المشاعر. بالفعل، الكثير من الحيوانات ذات الفراء وذات الريش تلك التي تشاركنا هذا الكوكب يبدو أنها تشعر بنسخة ما من العشق الرومانتيكي. وهو ما سنتكلم عنه في مقال قادم. للحديث بقية.
***
* من كتاب "لماذا نحب؟ طبيعة الحب وكمياؤه" | هيلين فيشر | المركز القومي للترجمة 2015 | ترجمة: فاطمة ناعوت - أيمن حامد.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهاداتُ الفارس محمد أيمن
- داعش أمام المحكمة الأوزورية
- الغيطاني ونوبل
- حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان
- هذا نجيب محفوظ، وهذه جدتي
- نجيب محفوظ... لقاء أول... لقاء أخير
- أسعد امرأة في العالم
- ضد مجهول ضد الإنسانية
- المرأة وخلط الدين بالسياسة
- حكاية الرجل الشرير
- في ذكراها الأولى: صباح الخير يا صبوحة
- إنهم يكرهون المادة 53
- الشاعر والبرلمان... الطيارة والقطار
- مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات
- الشارع لنا... يا مسز نظيفة!
- خيط رفيع بين الضحية والإرهابي
- سقطة الكردوسي
- صوتُ الرئيس ونفيرُ البارجة
- طفلٌ أصمّ في الجوار
- هَدْرُه علَّمَ الجشَع


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مثل الزهور سرعان ما يذبل