أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - بانتظار آلة الزمن التي ستعري كل شيء














المزيد.....

بانتظار آلة الزمن التي ستعري كل شيء


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 4910 - 2015 / 8 / 30 - 00:52
المحور: كتابات ساخرة
    


أمة تضحك الأمم
بانتظار آلة الزمن التي ستعرّي كل شيء
ماجد الحيدر

أنا، بدون "شقه"، من المؤمنين بشدة بإمكانية اختراع آلة للزمن!
لا تستعجلوا. آلة الزمن التي أتخيّلها، وأتمنّاها، وأحسدُ الأجيال القادمة عليها، ليست كآلات الزمن التي تخيلها الرسامون والمخرجون وصناع أفلام الكارتون والروائيون – ابتداءً بشيخنا خالد الذكر هـ. جـ. ويلز.
إنها لن تكون بأي حال من الأحوال نوعاً من المركبات المعقدة بعشرات الأزرار والأضواء وأجهزة القياس والعدادات، يركبها (ابن المحظوظة) ويدوس على بعض الأزرار ويحرك (قمچي الگير) فتنطلق بسرعة صاروخية عائدة الى زمان سحيق أو قافزة حتى زمان قادم لتتوقف عند سنة يُظهرها عدّاد السنين وينزل منها سائقها والدنيا تدور به ليجد نفسه في غابة من الديناصورات أو مدينة من مدن المستقبل ناسها طوال الرؤوس والآذان، جلودهم خضراء، لا تفرق فيهم بين الرجال والنساء، يركبون عربات بين السيارة والطيارة ، ويرطنون بلغة بين الغمغمة والإشارة.
ما أريده إيضاحه فألفُّ وأدور وأسطر رؤوسكم الكريمة هو إنني مؤمن باستحالة السفر الى المستقبل؛ فهذه مغالطة منطقية (إذا كان ثمة منطق في دنيانا) إذ لا يمكن أن يرى المرء شيئاً لم يحدث بعد، ناهيك عن أن يؤثر فيه، إلا إذا كان حاكما عربيا أو شرقاوسطيا عازما على إجراء انتخابات يعرف نتائجها سلفا!
ولكن السفر الى الماضي شيء آخر. إنه ممكن، نظريا على الأقل، على اعتبار أن كل حدث هو حركة فيزيائية تترك في الكون أثرا يمكن رصده وإعادة تركيبه ومحاكاته، دون أن يمكن تغييره بالطبع، فهو أولا قد حدث وانقضى وبنيت عليه ملايين من الأحداث المتعاقبة وهو ثانياً تاريخنا المجيد الذي لا يمكن أن "نلعب به" لأن ذلك "حرام وعيب"
آلة الزمن سوف تمكننا إذن من رؤية وسماع كل حدث في الماضي وكأننا نشاهد فلماً تسجيليا أو نقلاً مباشراً من.. من شنو، من شنو؟..من إحدى ساحات العز والكرامة أو جلسات البرلمان!
لن نعود بحاجة للتاريخ وكتبه ومعاهده ونظرياته: تكفيك كبسة زر أو ايعاز شفوي للانتقال الى زمان ومكان في الماضي لتتفرج وتسمع ببلاش!
كل شيء سيكشف بالتفصيل الممل والفيديو الذي لا يتطرق اليه شك: من خلاف الصحابة في السقيفة الى ما قالته "الچنة" بغياب عمتها!
أبطال التاريخ وقديسوه، هم والخطوط الحمراء التي تحيط بهم مثل سور سليمان، سيبدون على حقيقتهم المجرّدة!
سنعرف مثلاً أسباب الصراع السني-الشيعي وهل نشأ نتيجة مؤامرة امبريالية-صهيونية أم نتيجة العراك على السلطة؟ سنعرف مثلاً العدد الدقيق لبراميل النفط المسروقة في بلادنا وكل ما دار في كواليس الساسة الأعزاء من صفقات واتفاقات (بهدف خدمة شعبنا بالطبع) وسنعرف كيف ضاعت الموصل وسنجار ومعهما تكريت والأنبار.. وسيحل السلام والوئام في نادي اتحاد الأدباء فلن يعود من مجال لاتهام هذا لذاك بسرقة قصيدته او "الكلام من ورا ظهره" وسيتمتع أصحاب القلوب القوية بمشاهدة اللحظات الأخيرة للزعماء والمشاهير وهم يُصلبون أو يحرَقون أو يشنقون أو يقطّعون أو يسحلون!
وسوف يتم (ترشيق) كل الجامعات والمراكز البحثية في العالم عن طريق إلغاء أقسام التاريخ، قديمة وحديثه.
نعم.. أما إذا كنا رومانسيين فسوف نستعيد في أواخر أيامنا، طعم أولى قبلاتنا وصور الوجوه الحبيبة التي فتحنا أعيننا عليها وتنويمات أمهاتنا ولسع أول عصا هوى بها معلمنا الحنون على أكفنا المفتوحة!
وسنسمع بآذاننا "التي سيأكلها الدود" آيات الشجاعة والبطولة التي يلصقونها بهذا وذاك، وسنرى بأم أعيننا –يا للفضيحة!- كل اللحظات الحميمة التي دارت بين أجدادنا وجداتنا، إلا إذا جمع البرلمان تواقيع 150 نائباً لأجل إقرار قانون يحظر الذكريات الإباحية!
ولن يعود رجال الأمن والمحققون بحاجة للتعليق بالمروحات أو استخدام الصعقات وضرب الكيبلات لأجل انتزاع الاعترافات ولا حاجة للحلفان وجر الآذان.. ولن يسلم وزير أو نائب أو مدير أو غني أو فقير من الإطراء أو التشهير!
هذا "غِيط من فِيط" فأنا أعترف بعجزي عن تخيّل (ناهيك عن تعداد) ما ستحدثه هذه الآلة المرتقبة من ثورات وأعاجيب..
الموضوع إذن خطير جداً، صدقوني، بل ربما سيكون أخطر ما يتوصل اليه العقل البشري الجبار، وستكون له تداعيات هائلة على أخلاقنا، على نمط حياتنا، على منظوماتنا القيمية والاجتماعية والدينية وعلاقاتنا بعضنا ببعض... ولهذا فإنني أنصحك من باب الأحوط وجوباً:
كن حذرا يا عزيزي القارئ. ما تفعله اليوم في سرّك ستعرفه البشرية كلها غداً، فتوكل على الله وابدأ منذ الآن: لا تعبث مثلاً بخشمك أو بشيء آخر وأنت تستمع للخطبة الأسبوعية فربما يستغل أحد ذلك لتكفير أحفادك. ولا تمد يدك الى شيء ليس لك أو تغتب صاحبا فتتسربل بالخزي في غدك. ولا تتشاطر ولا تتحامق ولا تلعب بذيلك ولا تكذب على امرأتك ولا مديرك ولا شعبك.. آلة الزمن ستفضحك عاجلاً أم آجلاً و "تشرّك على الحبل" وقد أعذر من أنذر!



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمة أضحكت الأمم-بين شعارات تظاهراتنا وشعارات المقامة الساسان ...
- من الأدب الساخر-المقامة الدرنفيسية
- من شعر كارل ماركس - عازف الكمان
- من الأدب الكردي المعاصر - ضجر - قصة قصيرة لصبيح محمد حسن
- بوسترات شعرية - شعر دلبرين هالو - ترجمة ماجد الحيدر
- بشراك كردستان.. سأفوز بعرب آيدول
- أنا والناس والمدينة - شعر بدرخان السندي ترجمة ماجد الحيدر
- داعش وآذان داعش - شعر مؤيد طيب - ترجمة ماجد الحيدر
- الفخ - قصة قصيرة كردية بقلم عصمت محمد بدل
- من الأدب الكردي المعاصر- خورشيد الكاتب - قصة قصيرة لعبد الخا ...
- من الأدب الكردي المعاصر - حسن ابراهيم - التاج الذهبي- قصة قص ...
- من الأدب الكردي المعاصر - محسن عبد الرحمن -قصتان قصيرتان جدا
- عن البطل العاري وبندقيتيه - قراءة في رواية عبد الكريم يحيى ( ...
- زبيب - قصة قصيرة من الأدب الكردي
- لوي ماكنيس - قصيدة شمس الحديقة
- ثمة دائماً حرب قبل أخيرة - شعر ماجد الحيدر
- من الأدب الكردي- مكالمة هاتفية - قصة قصيرة
- انفلونزا المسلسلات التركية - القسم الثاني
- تيد هيوز - الغراب تخونه أعصابه
- تيد هيوز - قصيدة خط النسب


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - بانتظار آلة الزمن التي ستعري كل شيء