أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح برو - طفولة إنسانيو














المزيد.....

طفولة إنسانيو


صالح برو

الحوار المتمدن-العدد: 4691 - 2015 / 1 / 14 - 06:34
المحور: الادب والفن
    


لكل قلم حكاية بما فيهم قلمي الذي لم يعد له أثر للوجود كباقي الأقلام التي رحلت عن هذا العالم في ظروف غامضة لا يعلمها إلا كيان المجهول الذي لا يزال يتباهى بلمعان الغموض طيلة بقائه على الحكم وكأنه رب المشيئة.
وهذا ما هو محتوم في دستور الظلام الذي خيّم عرشه على أجيالٍ من الكلمات التي اجتمعت في مقاطعة الألم معاً لأنها حملت هوية الإنسان وهذا ما هو محتوم أيضاّ في رسالة السلام..
ومن هنا، وفي هذا المكان الخالي من أي خوف مشيك، حيث لا أحد يحيط بي ويسمعني سوى هذه الكلمات التي تشاركني بإدلاء الشهادة، سأحاكم نفسي بتهمة لم أسمع بها بعد سوى أني تخليت عن قلمي لظروف خارجة عن طور الأدب كما ذكرتها ذات يوم،
ولكن بعدما مرت بي الأيام واجتاحتني تفاصيل العزلة وحملت من التأمل في رحم روحي توأمين هما الفضيلة والحب على مدة تسعة أشهر سماوية وأنجبت نفسي لاحقاً عرفت أن الإنسانية ليست نزوة أدبية كما أهنت بها قلمي ذات خلوة، إنما وصية السماء الأولى، وخلق الطبيعة الحنون..
بدت حكاية الفتور بيني وبين قلمي يوم اعتكفت على نفسي، ورحت أنشغل بالصمت الذي يشغل كل شيء في سياسة الجغرافيا المطلوبة حسب المساحة التي يمنحها التاريخ لنفسه بين حين وآخر، مما جعل قلمي يقع في هوى صفحة بيضاء مفتونة به أحبا أن يؤرخا حبهما في حكاية سامية إيماناً بالسماء وزمرة الدم الإنسانية الواحدة بخلاف المعتقدات التي باتت في أيادي بشرية ومنحت حق الإلوهية لنفسها لتحرم وتحلل كما يحلوا لها حسب التوجيهات الصادرة من المداخن التي عكرت صفوة الإنسانية...
وبعد تجربة التوحيد والدعوة إلى حب الإنسانية في عالم الحبر
قررا أن يحققا حلميهما ليتزوجا على سنة الأدب، فلم يمنحهما أحد الشرعية بذلك بحجة أن القانون والأعراف متمسكان بالمعتقدات التي ترفض كل ما هو مخالف لوصاياها إضافة إلى ذلك أن عقوبة الموت ستشتد أكثر خصوصاً إذا أنجبا أطفالاً لا يحق لهم الحياة لأنهم خلقوا بطريقة غير شرعية..وهذا ما كنت أحذّر منه قلمي وعشيقته الصفحة البيضاء خشية على حياتهما،فكانا يسخران مني ويقولان: وهل تخطئ السماء في الخليقة لتبلي أصدقائها في الأرض. إلى أن تزوجا حقاً رغم كل الصعوبات.
وبعد فترة من الخفاء عن الأنظار خوفاً من ملاحقة الظلام لكليهما أنجبا طفلاً وسيماً سموه (إنسانيو) الطفل الذي لا يعلم شيئاً عن سر هذا العالم سوى أنه جاء من الحب ليلاعب الحياة التي تقف على ركبتيها وهي بانتظاره منحنية لتحمله على ظهرها وكأنها فرس تقود فارسها إلى جهة جديدة للعالم،ولكن سرعان ما ينتهي الزمن في الأحلام وتطفئ السماء أنوارها وتغلق الأبواب بأقفال محكمة إلى أن أصيب ( إنسانيو) باليرقان الأدبي مما أدى إلى خلل في خمائر الحبر لسبب بسيط ألا وهو عدم تلقي العلاج تحت الضوء المؤدي إلى النور خوفاً من الوصول إلى يدي القارئ، حيث لم يستقبله أيّ دار.فجميع أبواب دور النشر كانت مغلقة في وجهه تحسباً من مخالفة التوجيهات المتعلقة بالمحظورات الأدبية إلى أن ألقي القبض عليهما لكثرة أصدقاء الظلام المتكاثرين في أرجاء المعمورة.
وقتها كان الخيال وسيطاً بيني وبين قلمي بنقل الأحداث والإجراءات المتخذة بحق العاشقين لذلك عرفت أنهم أخذوا من حبره خزعة للوصول إلى صاحب الطلب لعدم اعترافه بأحد ولا عن مدى علاقته بي بعدما مارسوا أشد العقوبات بحقه ككائن معارض إلى أن خطوا بدمه قرارات ومراسيم حتى جفت روحه وسقط شهيداً في سلة المهملات، كما أبعدوا عشيقته عنه، وحكموا على أنوثتها بالأعمال الشاقة كلف السندويشات، ومسح زجاج السيارات إلى أن زاد قلقي، وكثرت شكوكي حتى تنحيت جانباً من شدة الخوف، وبقيت متخفياً عن الأنظار مترقباً عن بعد، بما حملته الأيام من متاع في أسواق تعاظمت عليها المشاهد البصرية على حساب القيّم الروحية إلى أن صارت الكلمات تعزي نفسها بوحدتها بعد مقتل الأرواح....هكذا كنت أقشر السخرية،وأطعمها للعالم وأقول هنيئاً لك يا عصر، وهنيئاً لي عزلتي التي صنعتني موكلاً لحبرٍ لا يموت، ووضعتني حارساً على نفسي لأحاكم نفسي بنفسي ، فآخر ما توصلت إليه هو صدر الليل، وأول ما سمعته عن لسان الدخان الذي جمعني التسكع به مصادفة، وهو يصرخ تحت جسر خرافي يمثل هوية عربستانية:
(هنا يحترق العاشقان، وهنا تمر السخرية، وما من أحد يسمع هذا الصراخ سوى (إنسانيو) الذي تبناه الخيال في دار الأيتام).



#صالح_برو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة سؤال سكير
- الرئيس
- النبي زرادشت
- تلويحتان تقتسمان الأعوام
- مدينة السيتامول
- العنصران
- الغريب
- لوحة أسيوية
- مخالفة ورفاهية حلم
- أصل الخيال
- سهرة مع الظلام
- أمي
- قصيدةٌ سارّة جداً
- ما فعلته مرآة
- ما رواه قلم
- بطل.. لهذا.. الزمان !
- حلم فوضوي
- لقاء صحفي
- قصص قصيرة
- فكرة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح برو - طفولة إنسانيو