أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - اليسار الجديد وإشكالية الثورة















المزيد.....

اليسار الجديد وإشكالية الثورة


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4510 - 2014 / 7 / 12 - 12:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظهر تعبير اليسار الجديد بشكل بارز فى خضم أحداث 1968 فى فرنسا أثناء الإنتفاضة الطلابية التى أطاحت بالجمهورية الخامسة تحت حكم ديجول وكان من منظريها التاريخيين " هربرت ماركيوز" وشارك فيها فلاسفة يساريون منهم "جان بول سارتر" و"جان كوكتو" و"روجيه جارودى" وآخرين على أرضية الخلاف مع الحزب الشيوعى الفرنسى " التقليدى" الذى رأى فى حركة الطلاب مجرد تمرد عفوى لن يفضى الى ثورة إجتماعية وطنية بينما كان الطلاب الثائرين وقيادتهم الفكرية يرون فيها ثورة متكاملة وهاجموا بعنف الأحزاب الشيوعية الأوربية واتهموها بالتبعية والعمالة للإتحاد السوفييتى وهاجموا أيضا ما عرّفوه بانحراف لينين عن النظرية الماركسية، وقد واكب تلك الانتفاضة الطلابية فى أوروبا هزيمة 1967 فى المنطقة العربية وتحول بعض الحركات ذات الطابع القومى الناصرى الى الماركسية وأهمها حركة القوميين العرب فى الشام وفلسطين واليمن وأقطار أخرى وأفرزت تنظيمات تتبنى النهج الماركسى كالجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية فى فلسطين وجبهة تحرير ظفار فى سلطنة عمان والجبهة الشعبية لتحرير الجنوب اليمنى المحتل فى جنوب اليمن وتنظيماتها فى الكويت والبحرين وغيرها، وكان هذا الشكل الجديد من اليسار شديد الإعجاب بتجارب الكفاح المسلح وحرب العصابات بديلا عن الإنتفاضة الثورية (التجارب الجيفارية والماوية وحرب التحرير الفيتنامية)، ومن مظاهر هذا اليسار القطيعة المعرفية مع المدرسة السوفيتية فى نهجها الماركسى اللينينى ورفض الشكل التنظيمى التقليدى للأحزاب الشيوعية، هذه القطيعة لا تعنى التخلى عن النظرية الماركسية فى جوهرها ولكن تبنيها من منظور نقدى تطورى.
خلال سنوات التحول التاريخى الكبرى التى شهدت إنهيار الإتحاد السوفييتى فى التسعينات وتبنى معظم الدول "الإشتراكية" السابقة لإقتصاديات السوق والمنهج الليبرالى وظهور النيوليبرالية كأعلى مراحل الإمبريالية والحديث عن نهاية التاريخ، لم تكن المنطقة العربية بعيدة عن كل تلك الأحداث منذ السبعينات فقد شهدت حرب إكتوبر73 التى كانت مقدمة ضرورية لإنهاء حالة الصراع مع إسرائيل باعتبارها آخر الحروب والإرتماء فى أحضان الإمبريالية الأمريكية وبدء ما يعرف بسياسة الإنفتاح الإقتصادى ونمو طبقة من "القطط السمان" كما كان يسميهم الراحل أحمد بهاء الدين وهى شريحة من الرأسمالية الطفيلية الفاسدة والمفسدة والتى تفتقد لأدنى المعايير الوطنية، وتوافق ذلك مع ضرورة تغيير السياسة الشمولية لنظام الحكم لإتاحة الفرصة لتمثيل الطبقة الجديدة والتحول من رأسمالية الدولة الإحتكارية الى نظام السوق، وهكذا نشأت الحاجة لتفكيك التنظيم الأوحد "الاتحاد الإشتراكى" وإنشاء المنابر فالأحزاب وإتاحة درجة من التعبير المستقل، وشهدت هذه المرحلة هجمة شرسة على الطبقة العاملة تمثلت فى تخريب وبيع ماتم إنجازه من صناعة فى العهد الناصرى والغاء ماتحقق لصغار للفلاحين وإعادة الأراضى الزراعية التى وزعت عليهم لطبقة كبار الملاك "الرأسمالية الزراعية" وهدم تجربة التعاونيات الزراعية.
لقد استطاع نظام يوليو منذ عام 1954 تقريبا وفى خضم "أزمة مارس" الشهيرة بين ناصر ممثلا لمجلس قيادة الثورة والضباط الأحرار وبين محمد نجيب والقوى السياسية كلها تقريبا ( الإخوان والشيوعيين والوفد) من عقد صفقة غير مكتوبة بين نظام يوليو وبين أكثر الطبقات ثورية فى المجتمع (العمال) "لا يمكن إختزال الحدث فيما تم تداوله عن شراء النظام ولاء عمال النقل العام للقيام بمظاهرات مضادة" فقد لعب العمال الدور الأكثر تأثيرا فى التحرك المضاد للحراك الجماهيرى الواسع المطالب بالديموقراطية من قوى يسارية وإسلامية وليبرالية ورفع العمال فى مظاهراتهم شعارات تندد بالديموقراطية، وكانت هذه الصفقة فى مضمونها تعنى تخلى العمال عن حرياتهم السياسية طوعا مقابل تحقيق جزء من مطالبهم الإقتصادية فى العمل والأجور والمشاركة فى الأرباح والإدارة وتم تأكيد ذلك بإنشاء الإتحاد العام لعمال مصر فى 1957 وإلقاء القبض على جميع النشطاء الشيوعيين فى يناير 1959 وعلى رأسهم جميع القيادات العمالية والنقابية البارزة والمؤثرة "دون ردود أفعال عمالية ملموسة" ثم إصدار قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الذى يسلب العمال حق التنظيم المستقل ويلحق الحركة العمالية بالتنظيم السياسى للسلطة، ورغم تقديم النظام الناصرى للكثير من المكاسب الإقتصادية والإجتماعية للطبقة العاملة فإن ذلك تم فى معزل عن تنظيمها السياسى "الحزب الشيوعى" وتنظيمها النقابى المستقل، لذا فإن جميع المواجهات التى شارك فيها العمال بعد ذلك ضد النظام منذ أحداث فبراير 1968 "إحتجاجا على الأحكام بحق المسؤولين عن الهزيمة" وانتفاضة الخبز فى 1977 وصولا لثورة 25 يناير تمت جميعها خارج التنظيم العمالى الرسمى بل فى مواجهته أيضا، وقد شكّل الميلاد الجديد للحركة الشيوعية فى نهاية الستينات ومرحلة السبعينات مواجهة عنيفة ضد نظام الحكم وفى نفس الوقت ضد الحركة الشيوعية التقليدية "بما فى ذلك هذا الجزء من اليسار المحسوب تاريخيا على تلك الحركة"، وهكذا فيمكن إعتبار "دون خطأ كبير" أن ذلك اليسار هو جزء من اليسار الجديد بمفهومه العام.
يعتبر اليساريون الجدد أن الإنقلاب على الأفكار الماركسية قد بدأه لينين نفسه فهو من خالف أستاذه "ماركس" فى أن الثورة الشيوعية لا يمكن تحقيقها الاّ فى مجتمع صناعى متقدم فقط ( انجلترا- المانيا- فرنسا) ولكن اختياره لروسيا المتخلفة صناعيا والتى لم تكن فيها الطبقة العاملة قد أكملت وعيها بذاتها قد إضطّره الى الحاق الفلاحين والمثقفين الثوريين الى قيادة الثورة وقام بانشاء الحزب البلشفى على هذا الأساس مخالفا لأصول الماركسية مما إستدعى تسميتها لاحقا "الماركسية اللينينية" نظرا لإضافت لينين عليها، كما أن ما لجأ له النظام السوفييتى الوليد من تفرقة فى الأجور بين العمال على أساس الإنتاجية فيما يعرف ب"حوافز ليبرمان" التى إعتبرها بعض أبرز رفاق لينين خروجا على أبسط قواعد الماركسية وزحف رأسمالى على الاشتراكية وينطبق ذلك على السياسة الإقتصادية الجديدة ( النيب).
لقد إعتبر "ماركيوز" ( أحد أبرز قادة اليسار الجديد) فى كتابه "الإنسان ذو البعد الواحد" أن الطبقة العاملة لم تعد تصلح لقيادة الثورة بعد أن تم مسخها وتدجينها من قبل الرأسمالية وتحولها من طبفة ثورية الى طبفة إصلاحية "على الأكثر"تسعى لتحسين شروط الإستغلال الرأسمالى لا الثورة عليه بينما قضى نظام "الأتمته" على ما تبقى من ثوريتها وخلق طبقة من العمالة المدربة الماهرة التى تحظى بمزيد من فائض القيمة مشكلة ما يعرف بالتكنوقراط، وبعد فقدان العمال لثوريتهم فإن الشريحة التى لم تفقد نقائها الثورى وتستطيع إيقاظ وعى العمال بل قيادة الثورة هم الطلاب الأكثر ثورية وراديكالية بحكم عدم إرتباطهم بأدوات وعلاقات الإنتاج الرأسمالية، وهذا بالضبط ما سعت اليه الحركة الشيوعية بعد 67 والتى حصرت عملها وتجنيدها "الى حد كبير" بين طلاب الجامعات.
فى مقابل الإنحراف اليسارى الذى شهدته حركة اليسار الجديد فى أوروبا فى النصف الثانى من القرن العشرين حدث إنحراف يمينى فى الأحزاب الشيوعية التقليدية فى فرنسا وإيطاليا وغبرها وذلك بالتركيز على العمل السياسى و البرلمانى وحده للوصول للسلطة مما أدى فى النهاية الى خسرانهم للجماهيرية والسلطة معا، بينما قاد الرفض المستمر لليسار الجديد لكل شيئ من السلطة للأحزاب للقادة التاريخيين الى الإنتحارعلى مذبح الرأسمالية فى أكثر أشكالها وحشية" النيوليبرالية" وانتهى به النضال "غالبا" الى الإنضمام لأحزابها الليبرالية أو لمنظمات مدنية وحقوقية ممولة "غالبا أيضا" من نفس الإمبريالية، أو الى الإنسحاب كليا من الحياة السياسية.
القادم: اليسار الجديد وثورة 25 يناير



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا والإسلام السياسى
- الأقباط وثورة 30 يونيو
- الأقباط وثورة 25 يناير
- الأقباط والثورة (1)
- الكبت الجنسى كمدخل طبيعى للتحرش
- داعش .. ومحاولة الإستيلاء على العراق
- دون مكابرة .. مصر بلد فقير الموارد
- المشير عبد الفتاح السيسى .. وصناعة الزعيم
- ملاحظات سريعة حول الانتخابات الرئاسية
- الإخوان المسلمون والصعود الى الهاوية
- الإسلاميون ونهاية التاريخ
- حقيقة -الجيش المصرى الحر- فى ليبيا
- الجنرال السيسى .. والغموض المتعمد
- إنتقال الحكم .. إنقلاب أبيض فى البيت الحاكم بالسعودية
- فتاة المصنع .. فيلم يخصم من رصيد محمد خان السينمائى
- حقيقة علاقة عبد الناصر التنظيمية بالاخوان و حدّتو
- تدمير البحرية التجارية فى مصر .. خطة ممنهجة
- فنزويلا بين الثورة والثورة المضادة
- وداعا عبد المجيد الخولى.. شهيد الفلاحين
- شبه جزيرة القرم ...محورالصراع بين روسيا والناتو


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - اليسار الجديد وإشكالية الثورة