|
حِصانُ طُروادة في حكومةِ المالكي
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 4495 - 2014 / 6 / 27 - 10:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هكذا يعيد التاريخُ نفسه ، عندما يتخلّى الحاكمُ عن شعبه ، ويمارس سياسة التوازن بين أصدقائه وحلفائه من جهة وبين أعدائه من جهة ثانية .
في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ العراق ، تعمل في الساحة السياسية قوىً تؤمن بمبدأ " الغاية تبرر الوسيلة " ، ولذلك نرى ممارسات لا تنسجم مع القيم الأخلاقية أو الإجتماعية أو حتى الدينية .
أدار عبد الكريم قاسم ظهره إلى الشعب وقواه الوطنية المخلصة فإنعزل عن الشعب ، وجاءت حفنة من البعثيين ، لا يتجاوز عددهم السبعين نفراً ، وإستطاعوا أن يقلبوا النظام ، وظلّ هو على عناده ، ولم يسلّم السلاح إلى الشعب ، رغم المطالبة بذلك ، ليدافع الشعب عنه وعن الجمهورية ، بحجة باطلة ، أنه لا يريد حرباً أهلية ، متوهماً أن عصابات البعث سوف تعامله على ما تم الإتفاق عليه عند إستسلامه لهم ، ولم يتصوّر ما قد يجري بعد ذلك ، متناسياً نصيحة الجواهري له بعد فشل محاولة إغتياله في عام 1960 . تصوّر الأمر معكوساً وخذ مثلاً عمّا يجرّونه لو أنهم نُصروا
تمرّ أربعون سنة ذاق فيها العراقيون أقسى آلام الدكتاتورية والحرمان من أدنى الحقوق الإنسانية ، إلى أن " عطف " بحالهم الإستعماريون و " حرروهم " من دكتاتورية الطاغية صدام .
فرح الشعب في البداية آملاً في حياة جديدة تختلف عن سابقتها ، ولكن القوى " السياسية العراقية " المرتبطة بألف خيط وخيط بأجندات ، لم تتفق يوماً على نقطة فيها خدمة العراق والعراقيين ، رغم أن أبواق الجميع تعزف ألحاناً وتنشد أناشيد للوطن .
سُن دستورٌ مليءٌ بالألغام ، موادّه حمالة لألف تفسير ، وجرت إنتخابات ، أتهمت بالتزوير ، وفاز فيها مَن فاز ، وتآمر فائزون على فائزين وتشكلت حكومة لا تمثل غير الطامعين بالسلطة من أجل تحقيق المغانم ، متفرّقين حسب إنتماءاتهم إلى مراجعهم المحلية أو الإقليمية أو الدولية . عشرُ سنوات كان شاغل الجالسين في السلطة إستخدام أخس الوسائل في نهب المال العام دون تقديم أبسط الخدمات الضرورية لأبناء الشعب . ولما خرجت جماهير الشعب في تظاهرات وإعتصامات كوفحت بأشرس الوسائل ، وما إنكشف من ممارسة التعذيب في لجان التحقيق والمعتقلات السرية جعل حتى المنظمات الدولية تستنكرها .
في السنوات الثمان الماضية ، وبسبب تهميش المالكي لحلفائه ، وتركيز جميع السلطات بيده ، وممارسته الفردية للسلطات ، شعر بإنعزاله عن قاعدته الإجتماعية التي كانت السند الذي رفعه إلى سدة الحكم ، ولذلك فقد غيّر المالكي توجهه ، بقصد تقوية مركزه في القوات المسلحة ، فبدل أن يلبي مطاليب الجماهير بحقوقها المشروعة ، أعاد إلى القوات المسلحة والوظائف العليا الحساسة في الدولة ، عتاة القادة العسكريين والبعثيين من أمثال عبود كمبر وعلي غيدان وقاسم عطا وغيرهم كثير ، متوهماً أنهم سيبنون له جيشاً مهنياً يطيع أوامره بإعتباره القائد العام للقوات المسلحة . لم يخطر ببال المالكي أن هؤلاء ، وبموجب خطة مدروسة من حزب البعث ، هم كحصان طروادة في صُلب نظامه ، وسيكونون الكماشة التي تبدأ الحلقة الأولى من مؤامرة حزب البعث للعودة إلى السلطة . فالوقائع ، من يوم إحتلال داعش للموصل ، تثبت يومياً سلسلة الإنسحابات المفاجئة للجيش من مواقعه وتسليم الأسلحة والعتاد والآليات إلى داعش صالحة للإستخدام . إن هؤلاء الذين وثق بهم المالكي و لا يزال يحتفظ بهم في مواقعهم القيادية ، رغم هروبهم من ساحة المعركة أمام داعش ، إنما يعملون في إطار تلك الخطة المحبوكة بدقة إما لعودة البعث إلى السلطة أو تقسيم العراق .
رسالة أوجهها بإخلاص إلى القادة السياسيين الشرفاء وعلى الخصوص قادة الإئتلاف الوطني أن الوقت لا يتسع لتأجيل القرار الحاسم ألا وهو : إقصاء المالكي ، أو أي قائد آخر من كتلة دولة القانون من عملية تشكيل الوزارة الجديدة وعدم منحه اولاية الثالثة ، و هي الخطوة الأولى لوضع العراق على أوّل درجة من سلّم ينجيه من الهاوية المرسومة له .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة مفتوحة إلى المالكي
-
مُؤامَرَةُ تقسيمِ العراق - مشروع بايدن -
-
خارطةُ طريق إنقاذ العراق
-
مُغامَرةُ حافةِ الهاويةِ
-
حَذاري من لعبة الشيطان
-
الصَّحافة
-
مسألةُ ثقة
-
النَّزَعُ الأخير .. !
-
يخسأ الفاسدون
-
داعش والداعش المصنوع
-
حكومةُ أزمات !!
-
حوار مع عبد القادر ياسين و مصير الشيوعية وأسباب إنهيار الإتح
...
-
الشَفَقَة ..!!
-
ما أشبهَ اليوم بالبارحة !
-
مُتَوَرِّطٌ أخوك لا بَطَر
-
مسمارُ جُحا في المنطقة الخضراء
-
تبّت الأيادي
-
حبلُ الكذبِ قصير !
-
إنتهازية أعضاء المجلس
-
أينَ المالكي من عبد الكريم قاسم ؟
المزيد.....
-
كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم
...
-
طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة
...
-
مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
-
الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
-
ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
-
انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج
...
-
مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
-
غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
-
ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|