أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 17














المزيد.....

سيرَة حارَة 17


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4461 - 2014 / 5 / 23 - 17:02
المحور: الادب والفن
    


1
" ابن بدليس "، كان من أشهر فتيان حارة الكيكية. كانت له مشية خاصّة، لا تجوز سوى لأمثاله من القبضايات؛ حيث يدفع بجسده الى الأمام بينما رأسه يهتز مع كل خطوة. وفي العادة، كان على القبضاي أن يُبرز خصوصاً سلاحه الأبيض من زناره أو ردائه؛ إن كان موسىً أو شبريّة أو كندرجية أو حتى شنتيانة....!
عندما ظهرت صرعة الشعر الطويل، في بداية السبعينات، فإن " ابن بدليس " خالفَ مظهر القبضاي عندما اقتدى بهذه الصرعة. والده، جينما كان يُعيّر بشكل ابنه هذا، فإنه كان يُجيب: " صحيح أنّ شعره طويل هكذا، ولكن شبريته طولها هكذا "، يقولها وهو يشير بيده....!
ذات يوم من تلك الأيام، كان " ابن بدليس " يسير في الجادة ( أسد الدين ) وهوَ يتبختر بمشية القبضاي، وكان يرفع كل مرة يده بالسلام على هذا وذاك من المارين. وكان أصحاب المحلات، المتجمعين كالعادة مع جيرانهم على طرفيّ الجادة، يلعبون الطاولة أو يتحدثون. فجأة، وبينما كان صاحب الشبرية يمرّ من أمام هؤلاء، وإذا به يتعثر ويكاد يقع على وجهه. عند ذلك، أشهر شبريته وصار يضرب بها الأرض هاتفاً بغضب وقد أخذه الخجل: " ولك أختك عرصه "....

2
خالي الكبير، أغمض عينيه أبداً على صوَر القهر والعذاب، التي توالت على مرأى منهما خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة. في حياته، كان الخال انساناً بكل معنى الكلمة، كريماً وشهماً وطيباً. كما أن صفة العناد، الكردية، تأصّلت فيه؛ هوَ من أصرّ إلى النهاية أن تظل السيجارة مشتعلة بين أصابعه بالرغم من تحذيرات الطبيب، المتكررة. من جهتي، أدين لهذا الخال الرائع بذكريات جميلة من طفولتي، عندما كان يأخذنا في السيارة ( أو الباص أحياناً ) في نزهات عديدة، كانت احداها الى حوران؛ حيث تسنى لي زيارة درعا وبصرى الشام وبحيرة مزيريب. وكنت في سن صغيرة، لما انقلبت بنا الحافلة التي كان يقودها الخال بسرعة كبيرة كعادته. إلا أننا، على أيّ حال، خرجنا من الحادث بجروح بسيطة....!
من جهته، كان الخال على درجة كبيرة من الطيش خلال مرحلة طفولته. إذ كان يغافل جدّنا غالباً، فيمضي بسيارته رفقة بعض الأصدقاء خلال دروب الحيّ العتيقة. أحد أصدقائه هؤلاء، كان ابن جيرانه الملقّب " بعنو "، أيْ صاحب القامة المربوعة؛ والذي سيشتهر لاحقاً باسمه الحقيقيّ: عبد الرحمن آله رشي....!
خالنا الكبير، دفع مبكراً ثمن طيشه، حينما أصيبت قدمه بكسر بليغ في حادثٍ بسيارة أبيه نفسها. وقد بقيَ يعرج على هذه الرجل بشكل ملحوظ. ثم استمر على هذا المنوال في صباه، وخصوصاً أنّ الانفصال وقعَ آنذاك بين والديه. إلا أن الجدّ كان مجبراً على الاعتماد على هذا الابن البكر، طالما أن شقيقه الآخر كان بعد غلاماً صغيراً. وقد ذكرت لنا الوالدة، كيف كادت في صباها أن تذهب ضحية حادث مريع، عندما كانت مع خالنا هذا في طريق الربوة. إذ كانت الأم مع عمتها في المقعد الخلفيّ لسيارة الجد، فيما كان أخوها يقودها وقد جلس بجانبه قريبهم " ابن نيّو ". هذا الأخير، كان يحث الخال على زيادة السرعة ويهتف بحماس كلما تجاوز سيارتهم المركبات الأخرى. فجأة، فقد الخال السيطرة على السيارة في احدى المنعطفات الخطرة، فانقلبت على جنبها: " ولولا عمود كهرباء حديديّ، كان منتصباً هناك على طرف الطريق، لكانت سيارتنا قد هوت في الوادي "، اختتمت الأم الحكاية وهي تضحك.

3
" حسّون "، ما غيره، تعلّم بعض القراءة والكتابة عندما كان بعمر متأخر؛ أي مثل الأديبين العالميين جان جينيه ومحمد شكري....
قبل حوالي ثلاثة عقود ميلادية، نشرت مجلة " الثقافة الجديدة " أول مقال لي. فأخذت نسخة منه وأطلعت شقيق " حسون " الكبير عليه. هذا الشقيق، كان آنذاك يتعاون مع الحزب الاشتراكي الكردي السوري، المقرّب من جلال الطالباني. في اليوم التالي، طلب مني " حسون " أن اقرأ مقالاً كتبه وقال أنه ينقد فيه آراء الطالباني كذا وكذا. ولأن الخط غير مفهوم بالمرة، فقد رحت اقرأ بصوت عال هكذا: " برجغ طر ططم قمبق لقم وكج الخ.. ". فسحب صاحبنا مقالته العتيدة من يدي، قائلاً وهو يضحك: " أختك على أخت الطالباني "....
في أحد تلك الأيام، كنت سهراناً مع صديقنا الفنان بلند ملا عند " حسون ". وكان مضيفنا هذا قد بدأ متابعة فيلم أجنبي، فيما كان يعبّ الويسكي. وقال بعد قليل: " الآن سيقوم البطل بكيت وكيت ". وفعلاً، هذا ما حصل. ثمّ أعاد صاحبنا الأمر: " الآن، سيحصل للبطلة كيت وكيت ". يا سيدي، هذا ما جرى لها ( من غير معنى طبعاً ). ولكن، حينما فتح " حسون " فمه في المرة الثالثة كي يتنبأ بأحداث الفيلم، فإن بلند هتف به: " أخي، اذا كنت شايف الفيلم من قبل فدعنا نحن نتابعه "
" لا، أنا لم أشاهد الفيلم من قبل "، صرخ صاحبنا بغضب وهو يضرب الطاولة بقبضته حتى اختلط حابلها بنابلها. ثمّ تابع " حسون " القول: " أنا.. أنا.. "، فقلنا له معاً: " اي..؟؟ "، فتابع يقول: " ولك أنا أعظم مخرج بالعالم "....



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاجرُ موغادور: الفصل الثالث / 4
- تاجرُ موغادور: الفصل الثالث / 3
- تاجرُ موغادور: الفصل الثالث / 2
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل الثالث
- تاجرُ موغادور: الفصل الثاني / 6
- تاجرُ موغادور: الفصل الثاني / 5
- تاجرُ موغادور: الفصل الثاني / 4
- تاجرُ موغادور: بقية الفصل الثاني
- تاجرُ موغادور: تتمة الفصل الثاني
- تاجرُ موغادور: الفصل الثاني
- تاجرُ موغادور: تكملة الفصل الأول
- تاجرُ موغادور: متابعة الفصل الأول
- تاجرُ موغادور: بقية الفصل الأول
- تاجرُ موغادور: تتمّة الفصل الأول
- تاجرُ موغادور: الفصل الأول
- تاجرُ موغادور: المدخل
- تاجرُ موغادور: المقدمة
- سيرَة حارَة 16
- سيرَة حارَة 15
- سيرَة حارَة 14


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 17