أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - - تغار من الأقلام-














المزيد.....

- تغار من الأقلام-


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1262 - 2005 / 7 / 21 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


أيقظني صوت الجرس في الصباح الباكر، أفقت وأنا أتساءل من هذا يا ترى الذي يسبق الديك في الصباح ... إنه يوم إجازتي الذي أنتظره كل أسبوع كي أنام فيه فمن يا ترى هذا الذي يقطع علي راحتي وجاء يشاركني قهوة الصباح.
فتحت الباب فإذا هي بالباب واقفة خجولة، وبمجرد أن فتح الباب حتى انطلقت وبداخلها تنهيدة دافئة وقالت:
اعتذر عن إزعاجك في الصباح الباكر وأعلم أنك كنت نائم لأن اليوم إجازتك ولكني أحببت أن أطل عليك قبل أن تدخل الشمس إليك من النافذة. فأنا أعلم أنك لن تفيق إلا عندما تدخل الشمس من الشباك وتدفئك بحرارتها فأحببت أن أسبقها إليك...
- لا عليك عزيزتي ادخلي فأنت شمسي وقمري ومواسمي الأربعة، سأذهب لغسل وجهي وحلاقة ذقني فتكوني قد أعددت القهوة.

توجهت للصالة، وفتحت المذياع، فركضت باتجاهه معترضة وقالت: أيضا فيروز لن تكون عروس الصباح ولن تقول لك (أنا لحبيبي وحبيبي إلي) فاليوم أنا من سيقول لك : أنا لحبيبي فقط.

- كما تريدين، لكن كيف يكون الصباح بلا فيروز وشمس.
تقدمت مني بجرأتها المجنونة قبلتني وقالت: أما زلت مصراً أن الصباح لم يزل نائماً بعد هذا !!
لم يبق عندي ما أقوله فابتعدت عن المذياع واتجهت للشباك وأسدلت الستارة كي لا تدخل الشمس وقلت:
إن كان كل الصباحات القادمة ستكون بمثل هذا الصباح المجنون فإني لن أكون بحاجة لشمس أو فيروز أو غيرها، وربما طعم القهوة كذلك.

رفعت حاجبيها للأعلى في حركة توحي بالتعجب واتجهت للمطبخ قائلة: نسيت وضع القهوة، وسألتني : كالعادة "مرّة".
- وهل يعقل أن تكون غير ذلك، ثم أين كنت البارحة لم أرك طوال اليوم؟
- كنت في السوق طوال اليوم.
- اليوم بأكمله في السوق ماذا كنت تفعلين؟
- كنت أبحث لحبيبي عن هدية.
- وهل وجدت هدية، وهل يستحق هو تعب يوم كامل للبحث له عن هدية !!
- بصراحة لا أدري إن كان يستحق أم لا طالما هو كعادته ينتقص من نفسه ولا يعرف قدره بالنسبة لي لكني بكل الأحوال تعبت واحترت كثيراً في اختيار الهدية فذهبت لبيت صديقتي وأحضرتها لتساعدني في اختيار الهدية معي.
- وهل وفقتم الاثنتان باختيارها؟
- كلا ... لقد كانت معظم اختياراتها سيئة وتقليدية.
- ولماذا؟
- تصور أني عندما قلت لها أريد شراء هدية له واحترت كثيراً ولم أجد ما يناسبه ضحكت مني ساخرة وقالت: أنا أعرف ما يناسبه .. واتجهت بي باتجاه المكتبة في آخر الشارع، وأحضرت مجموعة أقلام وقالت: أنا متأكدة أنه سيعجب بها كثيرا.
- واااااو، أقلام، لقد أحسنت الاختيار.
قاطعتني بصوت غاضب وهي تقول: أجننت أنت الآخر مثلها!!! هل أحضر لك "ضرتي" بيدي !!! أتريد أن تقتلني غيرتي.

- غيرة؟ عن أي غيرة تتحديثن، إذا كنت تغارين من قيام صديقتك باختيار الهدية لماذا أحضرتها؟
- ومن قال أني أغار من اختيار صديقتي، بل أغار من الأقلام ذاتها أشعر بأنها مقتلي. أغار منها وأكرهها.
- مقتلك!!! لطالما عرفت أن الأقلام والكتابة هي مقتل صاحبها وكم من أديب ومفكر ورسام كاريكاتير كانت أقلامه سبب مقتله.
- أعرف ذلك، ولكني أتكلم عن شيء آخر. عن مقتلي أنا بأقلامك، أحضر لك أقلام لتكتب فيها لغيري، للناس، للعشاق، للوطن، ربما لأنثى أخرى.
ألا تدرك أنني لا أغار من هذه الأقلام فقط، بل من سجائرك أيضا تلك التي تشاركك أنفاسك، من قهوتك المرّة التي تستنشق أوراقك رائحتها، من فيروز، من شمس الصباح التي تستلقي أشعتها بجانبك كل صباح لتدفئك.

انتهيت من حلاقة وجهي وأزلت ما تبقى من رواسب رغوة الحلاقة بالماء عن وجهي، وكانت القهوة تنتشر برائحتها في كل الأجواء، تناولت فنجان القهوة وقلت لها: يا غالية، هل تغارين من الجماد الذي لا يحمل إحساس بداخله، حتى لو كان للأقلام والقهوة والشمس مشاعر أنا على يقين بأنها لن تكون بحجم مشاعرك المجنونة التي حملتك هذا الصباح لي كقطرات الندى في الفجر.
لكن لماذا هذه الأشياء ترافقك وتؤدي دورها في حياتك بشكل يومي وأنا لا أراك إلا عندما تنفك عنك هذه الأشياء، وخصوصا أقلامك، دوما منشغل بها دوما تعبث بها بأصابعك.
- يا عزيزتي هذه الأشياء التي ذكرت تدور في الأيام بروتين يومي، بينما أنت الاستثناء الوحيد الذي لا يشبه إلا نفسه في حياتي. لا تضعي نفسك في مقابل الأشياء العادية، لست كالشمس تأتي من الشباك في الصباح، لا موعد لحضورك ولا موعد لغيابك أيضا.
- وأنت كذلك استثناء لا يتكرر في حياتي.
لذلك أمضيت البارحة اليوم كله بحثا لك عن هدية استثنائية مثلك، رفضت اقتراح صديقتي بأن أحضرك لك أقلام أو كتاب جديد أو تبغ أو ساعة لكن خشيت أن تستخدمها وقت غيابي عنك فتشعر بوجع الغياب.
ولكني حين عدت في المساء للبيت متعبة ودخلت غرفتي وبدأت أفكر في شيء سيكون استثنائي ومجنون مثلك، اكتشتفت ضالتي في نفسي، فلم أجد شيء أكثر جنونا من حضوري لك دون موعد، لذا جئتك بالصباح الباكر.


( انتهت )


20/7/2005م
عمان / الأردن



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما جنته واشنطن من تفجيرات لندن الأخيرة
- لقاء صحفي مع الكاتب الفلسطيني مهند صلاحات بعنوان : ختان الإن ...
- شوق طويل في يوم أطول
- جدل ... ما تبقى بيننا
- في البدء كانت أنثى
- الإرهاب السلفي في خدمة الاحتلال في العراق
- رسائل أنثى شرقية (2)
- ذات القنبلة المشبوهة في بيروت!!
- أشياء شخصية للبيع
- رسائل أنثى شرقية
- فراغ عاطفي بحجم الأحلام
- هو واللصوص ....
- الأنثى الفضيحة
- جريدة الصباح
- صورة شخصية
- محاكمة صدام حسين .... لماذا لا يقول الشعب العراقي كلمته الأخ ...
- طلب انتساب للمخيم
- أوراق ضاعت في المطر
- محاولة لوصف حالة ...
- وجهان ... لقمر واحد


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - - تغار من الأقلام-