أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - أوراق ضاعت في المطر














المزيد.....

أوراق ضاعت في المطر


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1162 - 2005 / 4 / 9 - 12:00
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

فجأة بدأ بجمع علبة سجائره وقلمه وعلاقة مفاتيحه وارتدى سترته مستعجلاً وقال وهو ينظر بالساعة : اعذروني، يجب أن أغادر، لدي عمل هام يجب أن أقوم به، وغادر مسرعاً الغرفة.

طُرق الباب، قمت لفتح الباب ... وجدته يغطي نفسه بسترته ليتقي البرد وهمّ بالدخول وهو يقول لي : ابتعد عن الطريق بسرعة، الجو في منتهى البرودة في الخارج وأتمنى أن لا يسقط المطر الليلة وينتظر على الأقل حتى غداً.

استغرب أحد الأصدقاء من أمنيته بعدم سقوط المطر ونحن في بداية الشتاء ونتلهف لسقوط أولى القطرات من السماء لتسمح آثاماً عنا كما تقول جدتي، وتغري الأرض بأن تعبق برائحة أخرى.

جلس قرب المدفأة يرتجف وهو يقول : إن الشتاء جاء مبكراً هذه السنة، لم أتوقع أن يأت بهذه السرعة ولما كنت قد خرجت الليلة.

سأله ذات الصديق الذي استغرب أمنيته في عدم سقوط المطر قائلاً وبسخرية واضحة : هل خرجت لتزرع الأرض في منتصف الليل لكي تتمنى أن يتأخر سقوط المطر حتى غداً أم أنك خرجت للتعاقد مع صاحب الجرار الزراعي ليهيئ الأرض لزراعتها ؟
هل تحدد للسماء موعداً لبكائها !!

أجابه وفي لهجته نوع من السخرية كذلك على السؤال : هل ما زلتم بسطاء لهذه الدرجة في التفكير، ليست كل علاقات البشر هي علاقة بين العامل وصاحب العمل ... هنالك أمور في الحياة تفوق هذا التصور.
ومن ثم ألقى كالعادة خطابه التنظيري الذي أسمعنا إياه أكثر من مرة حين يأتي علينا نتحدث بأمورنا البسيطة ومشاكلنا اليومية العادية فاستطرد قائلاً : أراهن أن أي منكم لا يفهم معنى السياسة، ولا يفهم دوره القومي أو الفكري في المجتمع، لقد تم حشوكم بأن تعيشوا بسطاء وتموتوا بسطاء.

قاطعته قائلاًً :هل غدت البساطة تهمة أو جرم في مفاهيمك السياسية ومفاهيم حزبك ؟
ألم تكن مثلنا بسيطاً قبل انتسابك لهذا الحزب الجديد وأنت تعلم عبثية انتسابك إليه، ألم يكن كلامك سابقاً بأنه من العبث أن يؤمن المواطن العربي بالتغيير الذي يأتي عن طريق أحزاب المعارضة النفعية في ظل هذه الأنظمة، ما الذي غير قناعاتك، وما الذي أفقدك بساطتك في تحليل الأمور ؟

تجاهل كلامي وهو يركض باتجاه الشباك ويداه فوق رأسه في حركة تشير إلى وقوع ما لا يسره وقال بلهجة مشحونة بالغضب والحزن : يا إلهي ... لقد سقط المطر وذهب كل تعبي هباء، هذه الغيوم الغبية لم تستطع الانتظار حتى الغد حتى تفتح الناس بيوتها وتقرأ البيانات الملقاة على أبواب البيوت ... حتى السماء تأبى أن يقرأ الناس البيان السياسي الذي أصدره الحزب اليوم... ما هذا الحظ السيئ ... لقد ضاع تعبي تحت مياه المطر .

فقلت في محاولة لمواساته : يا صديقي من يعمل في الليل دون قناعته المطلقة فيما يعمل سيذهب عمله ببساطة أدراج الريح وضحية مياه المطر .. إن بيانك السياسي لن يمنع السماء من أن تمطر ... فحاول أن تتعاطى مع الوضع الحالي وتسخيره لصالحك بدلاً من تمسكك بالأمنيات المستحيلة ... حاول لمرة واحدة فقط أن تعمل في نور النهار خير ألف مرة من أن تعتمد على ظلام الليل في إخفائك.



انتهت


بقلم : مهند صلاحات
عضو تجمع الكتاب والأدباء الفلسطينيين



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة لوصف حالة ...
- وجهان ... لقمر واحد
- طفل
- الأنثى ... وأدوات الكتابة
- مشهد
- شارون يفضل القهوة العربية المرّة
- عن ...فتاة تتزوج الحقيقة
- ميلاد الفجر في غزة ...
- أحلام المجانين ... ليلة صيف
- أتى عيد العشاق... سيدتي
- هل تحولت السلطة الفلسطينية إلى مركز أمني جديد في المنطقة الع ...
- محاكمة الذات بالمعايير المبدأية
- لا بد أن يسقط القمر
- وصايا الشهداء
- شعارات / قصة قصيرة
- قررت الزواج ببحر غزة
- الخطأ في شمولية الحكم على الفكرة / ردا على مقالة محمد الموجي ...
- محاولة لترجمة النهى في ليلة راس السنة
- من يحسن قراءة الوطن على أعتاب السنة الجديدة ؟
- المُخٌلِّص


المزيد.....




- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - أوراق ضاعت في المطر