أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - لا بد أن يسقط القمر














المزيد.....

لا بد أن يسقط القمر


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1103 - 2005 / 2 / 8 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


في شوارع المدينة الهادئة
لا يكسر الضجيج سوى صوت حبات المطر

أسير بمفردي باحثاً عن فكرةٍ أو عن بشر
عن شيء يختزل حزني
أو بلد يروي عطشي
فلا أجد شيء
يمكن أن يكسر وحدتي
في التغلب على كآبة هذا الضجر
سوى أن أنتصب عاشقاً
أو أواري جثة ذاكرتي تراباً أخر
وأحتل مدينة أو قصرْ

في شوارع ذات المدينة المسكونة بالضجر
يلاحقني أينما سرت وحيداً وجه القمر
لا يستتر خلف المرايا والغيوم
لا يخشى تسرعي في لعنه
أو سحق صورته المرسومة على بركة من ماء المطر

ما همُّّ ولكنه القدْر
إن شاء أبقاني وحيداً على إسفلت المدينة
أو زادني ضجراً فوق الضجر
حتى إذا ولد الصباح
قال الناس : لقد إنتحر

مصاب بدوار القمر الذي لا يكف عن إستفزازي لحظة
ويسافر عبر الصحاري والمدن
يعانق وحده بنرجسية شوق الوطن
وأنا وحدي أصارع وحدة المدينة
وصوت حبات المطر
على إسفلت المدينة التي
ضجر منها كل البشر

ما همٌّّ إن شاءت المدينة أن تعانقني وحيداً
وأنا أهرب عن شوقها
ومن فسقها
ومن نفاق البشر

ما همٌّّ إن لم أنتظر
ميلاد النهار فيها
كي ابدأ رحلة الضجر التي أورثني إياها هذا القمر

تفاصيل المدينة أحفظها عن ظهر قلب
إن شئت رسمتها لوحة زيتية بلونين إن حلّ القمر
وإن شئت فصلتها دشداشة مخملية
حتى إذا غادر الفرسان هذا الميدان
ألبسته للفرس المريضة التي تركها الفرسان خلفهم
في ساحات هذه المدينة
مثلي وحيدة
لأنها غير قادرة على متاعب السفر
أو أستل مشاعل نيرون
واشعل المدينة
بالحرائق
إنتصاراً لوجه حبيبتي التي خطفها القمر

لكنني ما زلت في سَفر
رغم البلادة في دمي
ورغم الشقاوة في فمي
حتى الأن لم أنتصر
وفي كل يوم في هذه المدينة كنت أنكسر
على مرأى من هذا القمر
كان يضحك
كان يلومني على موتي
وأنا كنت أحتضر

فل يندثر
فل ينغمر في نزواته النرجسية هذا القمر
كي يغدو سائحاً بين الأمصار
وأرى وجهه حزيناً على بطاقات السفر

في شوارع المدينة المسكونة بالضجر
كان وجه القمر
يلاحقني
يداعبني تارة
وتارة يعكس على وجهه صورة الوطن البعيد
ليحفزني على أن أنتحر

لكنني ... وبرغم شقاوة القمر
سأنتصر
وإن كنت في هذه اللحظات أحتضر
وأسمع كل ما في داخلي
على إسفلت المدينة ينكسر

قررت أن أحشد الجماهير على أرصفة المدينة التي هجرها البشر
في الليل الذي حاصرته حبات المطر
ونحيك مؤامرة ضدّ هذا القمر
ونعلن الثورة ضدّ الغربة
وضدّ القهر

ولكنني أعلم أن المدينة خالية حتى من أنفاس البشر
فمن معي سيقوم بالتمرد
ومن سيساعدني في هذه اللحظات
بالثار من القمر
ومن سيشعل فيّ همةً
أو أكلفه بمهمة إغتيال هذا القمر
قل أن ينتهي العمر
ويسبقني الزمان نحو النجاة بمعشوقتي التي تنتظر

كنت أعلم أن الصبره وحده مفتاح الفرج القادم
ليخلصني من وجه القمر

إنتظرت غيمة حبلى من الأفق تأتيني
لتغطي عني وجه القمر
لكنها هربت بعيداً
وحمّلتني مسؤولية التقصير
والتدمير
وحتى تسول المتسولين
في الحواري الخالية
وعايرتني بضجري
وإتهمتني بعشق الشكوى
بل، وسارت خلف جنازتي
حين قالوا : لقد إنتحر
هذا الخائف من وجه القمر

لم أكن لأموت
دون أن أعلن إنتحار القمر
ولم أكن يوماً خائفا من القمر

جبت المدينة مسرعاً
وجمعت كل أحبال المشانق المعلقة
ونصبتها على بوابة المدينة
فجاء المخلص من أخر الأرض
حاملاً معه جيوش من العشاق والفلاحين
ومن أفاقوا مبكرين
سارت جيوش الفاتحين
خلف قائدها الفجر

صاحت شمس الصباح
معلنة سقوط القمر
على سطوح البيوت التي هجرها أهلها
وأنا أعلنت تأييدي لجيوش الفاتحين بقيادة الفجر

ما همٌّ إن لم أنتصر بمفردي
مادمت مؤمناً
أن خلف الليل
وخلف وجه القمر
هنالك فجر سينتصر
وأنه مهما طال السفر
لا بد لي أن أعود للوطن
ولا بد لهذا التسلط في عيون العتمة أن يندحر

وما همٌّ إن شاء
و أم لم يشأ القدر
أن أبقى مندحر
فأنا قبل ميلاد هذا الفجر
كنت مسكوناً بالضجر
مصلوباً على أعمدة الغربة والغرابة
لكنني قررت أن أثور
فسقط وجه القمر
وتسلمت الشمس الراية
وأعلنت إنتضار الضوء
على من تعالى على الضياء
حتى وإن كان القمر

نعم ...

لقد سقط القمر
لقد سقط القمر



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصايا الشهداء
- شعارات / قصة قصيرة
- قررت الزواج ببحر غزة
- الخطأ في شمولية الحكم على الفكرة / ردا على مقالة محمد الموجي ...
- محاولة لترجمة النهى في ليلة راس السنة
- من يحسن قراءة الوطن على أعتاب السنة الجديدة ؟
- المُخٌلِّص
- التكفير سلاح الجاهل ... ردا على الأستاذ محمد الموجي حول كفر ...
- علمانية الفرد العربي ... الحقيقة المرفوضة
- الأندلس الجديدة ... والطاغوت على أبواب المدينة
- لماذا أبو مازن مرشح الإجماع الفتحاوي
- الحوار المتمدن ... ويكفي أن نقول هو المكان السليم للحوار الم ...
- ذاكرة الزمن المستعار 1
- الجريمة ... حين تحاول أن تكون ثقافة لشعب مقاوم ...
- نبوءات الشهداء
- أنفلونزا
- الإيدز ... والحاكم العربي
- صدام حسين .. رجل المهمات الصعبة في صياغة المشروع الأمريكي ال ...
- انقلاب الموازيين ... جامعة النجاح في نابلس مثالا
- الأنثى والبليد


المزيد.....




- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - لا بد أن يسقط القمر