أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - ذاكرة الزمن المستعار 1














المزيد.....

ذاكرة الزمن المستعار 1


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1044 - 2004 / 12 / 11 - 05:46
المحور: الادب والفن
    


تسألني الغربة يا وطني ... لما أبدلتك بالمنفى
فل تسأل جلادي يا وطني ... هل كان ليسمح لي بأن أبقى !!!
وهل سمح لي بأن أداعب أوراق الكرمة في السهل الأخضر ... أو أداعب طفلة اسمها بيسان ... أسميتها من زمان ... اسماً للحنين للأرض واسماً للزمان المفقود بالسنين ...
من يسمح لي بالغربة أن أداعب طفل ... أو أسافر في ضحكته المنسية بحنين ...

على أبواب حاراتك الثكلى ... رقصنا أطفالا وغنينا الميجنا ... ووزعنا كعك العيد على الجيران ... وتقاسمنا في الحقل بقايا حبات من مشمش نسيها على شجراته الجد العنيد ...

كبرنا يا وطناً يهجرنا حين نكبر ... أو حين نحاول أن نسير فيه ونبحر
كبرنا يا وطني ... والمنفى فينا يكبر
فتصور يا وطنا كيف تكون بلا شعب ... وتصور أن هذا الكون بلا شعبك تصور
كيف يتحول الحزن الطويل حزب نعيش فيه ونكبر ...

مسيرة ثلاثة أعوام بين تفاصيل الوجوه على الأرصفة ... باحثا عن الذكرى ... اطرق باباً من فولاذ ... تفتحه امرأة عشرينية ... أتردد في الكلام ... وتبدأ هي بالحوار ... أدخل وأنتقي ما شئت من كلام ...
أتردد خجلاً في عينيها المتقلبتين بين فرحة وحزن ....
تجيب وبصوت مبحوح .... أنا الذاكرة فأدخل وخذ ما شئت من ماضيك ... وأفصح ما شئت منه للناس ... فأنت الآن داخل حدود الذاكرة ... ذاكرة لا تقبل النسيان ... بين لعب الأطفال ... وهرب من سيارات ... ونعيق وأضواء ... صراخ وشقاء ... شقاوة طفل يكبر ... حتى يصبح أنا

ملئ حدود الذاكرة عدت للخلف اقلبها بين شيطنة الطفل الذي لا يعرف اليأس ... يناله تأنيب الجميع على فعل يصر أنه ارتكبه بقناعته الفردية ... مقتنعاً بأن الحجر والإطار المحترق كفيل بأن يحرر وطن ... يكبر الطفل ويكبر الوطن معه ...

يصل حدود الوعي المطلق ... يتأدلج في الثورة ... يصبح مؤمنا بأن الثورة طريق الخلاص ... ينمو كشجرة تفاح ... يتحزب ... يصبح للحزب لديه قيماً عليا ... يتعلم فن النحو والإعراب ... ودوما يخطئ بها ... يبرر الخطأ بأن الثورة ليست بحاجة لأديب بقدر ما هي بحاجة لمقاتل ... يتصلب في موقفه حد الصخر ... ويبحث في كل مكان عن مخالف بالفكر لينازل ... يُهزم مرات ... ويَهزمهم مرات أيضا ... يقطع خيط الكلام ... يتقلد بندقية ... يبدأ فهم القضية ... يعي الأخطار الداخلية والخارجية ... يتبلور في الوعي ... يرفض الحلول السلمية ... يثور مع الثوار ... يتمرد حتى على الأقدار ... يتصدى لكن من يطعن بالثورة ... يتغرب في المنفى بعيداً عن الوطن ... يبدأ بكامل وعيه يتصلب من جديد نحو فهم الموقف الدولي ... ويبدأ بشحن طاقته نحو التردد في قبول الحلول الوسطية ... دوماً يرفض الوسطية ... ويرفض حتى الحلول النصفية وإن كانت حزبية ... يجد نفسه خارجاً عن موقف الحزب والطاعة ... يرفض أن يكون بوقاً أو إذاعة ... ويكتب

يا وطني فَنِيَّ العمر ولم يفنى الجلاد ... وحتى الأعياد في الغربة غدت أيام حداد ... وتوشح المغني عندما غنى وحيدا بالسواد ...

مسيرة ثلاثة أعوام بين تفاصيل الأيام ... ابحث عن ذات كاملة في بلد لا تألف حتى الوجوه الباسمة فيه رغم تكرارها في المشهد اليومي ...

سير اللحظات يتعطل حين يمر وجه يشبه بتفاصيله وجه ألفته في البلاد البعيدة ...
تمتصني الأرض في لونها الأحمر الداكن كلما حاولت استلطاف زهرة ليست من نرجس بري عشقتها قبل سنين على سفح جبل يشمخ أمام منزلي البعيد ... أحس بغيرة زهرات نرجس نقلتهن من الجبل وقَبِلنَ بالحياة في حوض منزل بعد أن قطعت وعوداً شتى لهن بعدم الخيانة الزهرية أو النرجسية ... رغم أن هذا النرجس نرجسي الطباع ويعشق ذاته مختلفاً عن كل الأشياء ... إلا أن زهراتي كنَ عاشقات ... عاشقات للأرض التي أحزنهن فراقها ...

تجدد دائم للذاكرة المستعارة في المنفى ...
ليست ذاكرة حقيقية ... ولا وجوه دقيقة ... ولا أصوات رقيقة ...
كل وجه يأخذ مداه الحقيقي في البعد عن الواقع ... وكل وجه يبتعد مداه عن خطى الوطن البعيد ...

كل شيء يتقمص الاستعارة المكانية والزمانية في هذه الغربة ...
غرفتي بأغراضها المبعثرة في كل الأنحاء القصيرة المدى لا تشبه شيئا من واقع ...
وَهمٌ بتفاصيله الدخانية كدخان سجائر لا تخرج من الزفير المتعب إلا وهماً ... وتهرب سريعا باتجاه الشباك الغربي وتعبر بين الأصابع والستائر ...

صوت العصافير عند الفجر كصوت فيروز من المذياع ... لا حقيقة أن فيروز تسكن المذياع ... ولا هذا المذياع قد استشار فيروز بنشر صوتها الأثيري عبر كل الأجواء ... وهذه العصافير أيضا استعارة من عصافير تنشد في فجر الوطن ... وحتى الشمس استعارة شمسه لحظة الشروق الصارخ بكل الصباحات الصيفية ... أيضا استعارة

كل شيء خارج نطاق الوطن البعيد ... يبقى قيد الاستعارة بكل معانيها وأشكالها من استعارة مكانية وزمانية وعاطفية وفكرية ... تبقى هي ذاتها استعارة



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجريمة ... حين تحاول أن تكون ثقافة لشعب مقاوم ...
- نبوءات الشهداء
- أنفلونزا
- الإيدز ... والحاكم العربي
- صدام حسين .. رجل المهمات الصعبة في صياغة المشروع الأمريكي ال ...
- انقلاب الموازيين ... جامعة النجاح في نابلس مثالا
- الأنثى والبليد
- عمل المرأة بين الرأي والواقع المفروض
- منظمة التحرير والغوص في وحل أوسلو
- الأرملة الشقراء ... وأرامل الشهداء
- القدس ... بين التدويل والادعاءات الإسرائيلية ومعضة الإنتخابا ...
- حول مشروع الشرق الأوسط والإستراتيجية الأمريكية
- أحمق ... وأحلام صغيرة
- ردا على مقالة المنظر الأمريكي شاكر النابلسي (3000 توقيع على ...
- الأحزاب العربية بين الواقعية والخيالية الغريبة
- قراءة في المشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط (وسياستها في ...
- ختان الإناث ... بين العلم والدين القانون
- عندما يكتب الدولار قصيدة
- خصخصة حكومية
- الحمار يعلن الإضراب


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - ذاكرة الزمن المستعار 1