أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - موت شجرة الأكاسيا














المزيد.....

موت شجرة الأكاسيا


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4362 - 2014 / 2 / 11 - 13:42
المحور: الادب والفن
    





يعدُّ الشاعر اللبناني الكبيرجوزيف حرب1940-2014، والذي توقف قلبه أول أمس عن القصائد، والحب، والحياة، مساء أول أمس، بعد رحلة طويلة، زاخرة، من الحضور الشعري، ليكون أحد أهم عمالقة الشعر المعاصر، سواء باللغة الفصحى، أوبلهجتها اللبنانية المحكية، التي استطاع عبرها أن يوصل نثيث روحه إلى كل من يسمعه، عربياً، كواحد من المبدعين القلة الذين تمكنت نصوصهم الشعرية من فرض سطوتها على أوسع دائرة، من المتلقين، بحيث تربت أجيال متتالية على إنتاجه الأدبي، سواء أكان ذلك من خلال قصيدته المدونة التي ضمتها مجموعاته الشعرية المطبوعة، أومن خلال سمة الاستماع إليها، لاسيما أن قصائده المكتوبة باللهجة الدارجة ربطت بين تجربته والفنانة الكبيرة فيروز، لتكون بينهما توأمة فنية غنائية عظمى، انتمت إلى الذاكرة الإبداعية، بل ترسخت فيها إلى حدٍّ جدَّ بعيد.

والشاعر حرب، الذي استطاع عبر عقود أن يكون ضمير شعبه، وإنسانه، ناهيك عن أنه نذر نفسه أبعد من ذلك، كي يكون ضميراً كونياً، يتألم ويفرح، متأثراً بمحيطه الخاص، أو العام، على حدٍّ سواء، وهو سلوك لا يمكن أن ينجم، إلا عن روح عميقة، محبة، ورؤى إنسانية، كنتاج لتربية فريدة، ما جعل قصائده التي كتبها على امتداد عقود طويلة، من تجربته مع عالم الشعر،صدى لأبرز تحولات المرحلة التاريخية التي عاشها، وهي المليئة بكبريات الأحداث، بدءاً باغتصاب الأرض، والأوطان،
ومروراً بالحرب الأهلية التي مرَّ بها بلده، وما رتب ذلك من فتن، ودماء، وخراب، ودمار، وإزهاق أرواح أبرياء، كما هي عادة الحرب المجنونة، بالإضافة إلى مأساة الإنسان، تحت نير الجور، والظلم، والفساد، والتجويع، وهي كلها عوامل تستفز المبدع الأصيل، أياً كان، ليتلقط هذه النقاط، البارزة، وغيرها من المؤثرات الهائلة التي تعكر صفوه، عبر قصائد تحاكي الواقع، بما فيه من أسى، وإحساس عميق بالمرارة، بغرض محاولة استنهاض الهمم، كي يتم تجاوزه، حيث هنا-تماماً- تكون رسالة المبدع الذي يربط مصيره بمصير من حوله، على اعتبار المبدع ناطقاً بلسان محيطه، لاهجاً بآمالهم، وآمالهم على حد سواء.

ويلاحظ قارىء قصيدة حرب، وهو صاحب أطول قصيدة في العالم، وهي"المحبرة" الأكثرشهرة، و التي جاءت في حوالي 1750صفحة، كما أنه كان يكتب القصيدة السريعة التي تحتل مجرد صفحة واحدة أوصفحتين، أنه كان يمتلك الثراء اللغوي، بالإضافة إلى مقدرته العالية على توظيف المفردة، فصحى كانت، أم محكية، بالشكل الذي يتوخاه، ضمن سياق الجملة، أو النص، كي تضمخ بدلالاتها، وجماليتها، وكارزميتها، من دون أن يتكىء على بعدها المعجمي، وإن كانت ثيمة الإيقاعين: الداخلي، والخارجي متوافرة في كلتا قصيدتيه: الفصحى والعامية، على حد سواء، حيث شفافية الصورة، وسطوتها، ومقدرتها العالية على التأثير، وهوالسرُّ وراء استظهار الملايين لقصيدته المغناة، بل تمكن قصيدته المدونة، غير العامية، من التجسير تجاه قارئها، كي يستكشف في مناجمها على الكثير من معادن المعاني، والصور،واللغة الجميلة، المصقولة، المشغول عليها بإمعان، بما تؤهله ليكون قامة شعرية، متفردة في المشهد الشعري المعاصر.


إن رحيل الشاعر الكبير حرب الذي ترك وراءه تراثاً إبداعياً جد كبير، ومن بينه" شجرة الأكاسيا- مملكة الخبز والورد- السيدة البيضاء في شهوتها الكحلية...إلخ، ليشكل-خسارة كبرى حقاً- في عالم الإبداع المعاصر، وإن كانت آثاره الإبداعية، ستستطيع أن تواصل حضورها، اليومي، في لجة هذا المشهد، وعلى نحو استثنائي، ما يجعله صاحب أحد أكبر الأسماء المكرسة التي سيستمر أثر خطابها، جيلاً بعد جيل، مادام أن هناك ثمة إحساساً بالجمال، والفن، والشعر، والإبداع. ما يحول غيابه، إلى ولادة ثانية له، وبزوغ روحي جديد ، بل إن ذلك ما يجعل شجرة الأكاسيا التي زرع بذرتها الأولى، دائمة الإيراق، والاخضرار، والزهو، والحضور.


إبراهيم اليوسف



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة المثقف
- جنيف2 وانعدام الأفق
- في حضرة الشعرالمحكي
- اللغة الصحفية
- الكرد وأكاديمية الثورة العليا
- الكرد والائتلاف افتراضات أولى
- بوابة جنيف2: انتبه منزلق خطير إجباري....!
- فوضى المنهج
- حيادية أدوات النص الأدبي:
- الاستبداد الرقميُّ والاستبلاد التقانيُّ
- الثقافة والتحديات الكبرى:
- اللُّغة وجوداً
- دماء جديدة أدب جديد..!
- مانديلا الشخصية الأسطورية
- تلاغيات سورية على أبواب -جنيف-
- حين تكون -مصر- دون فاجوميها
- حول زيارة البارزاني إلى- آمد-
- ولادة مفهوم الزمن
- موت النقد
- إلى مكاني محاصراً بالغرباء..!


المزيد.....




- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - موت شجرة الأكاسيا