أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - فوضى المنهج














المزيد.....

فوضى المنهج


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 13:21
المحور: الادب والفن
    


فوضى المنهج


إذا كان هناك حديث عن أن المنهج الإبداعي، يتحول بالنسبة إلى المبدع، في أي مجال كان، إلى مجرد قيد، تضيق به روحه، في ما إذا التزم به على نحو حرفي، لأنه يحد من تحقيقه لخصيصة تجاوز الذات، والآخر، في عالم الإبداع، وهو شرط مهم، بالنسبة إلى أي جنس إبداعي، لاسيما أن الملتزم بأي منهج يتحول إلى مجرد مكرر لأنموذج سابق عليه، وإنه يتحول إلى مثبّط لإحراز ما يوسم بالفتوحات الإبداعية، فإن الالتزام بالمنهج حياتياً، يعد إحدى الضرورات التي لابد منها للمرء، أياً كان موقعه، في مجتمعه، وذلك لأن المنهج هنا مجموعة القناعات والرؤى والقيم والأفكار التي عليه تبنيها في حياته، كي ينطلق منها، لئلا يتخبط في فلوات ودهاليز الحياة، لاسيما وأن روح المرء تنوس-عادة- بين الكثير من المتناقضات، ولابد من تشذيبها، عبر حواضن كثيرة،منها الخلية الاجتماعية الأولى، أي الأسرة، و المجتمع، و المدرسة، وهلمجرا، وقد تكون هناك المؤسسة التي تعكس طموحاته، فيعمل ضمنها، من أجل تحقيق ما يصبو إليه.

وصحيح، أن الخيارات التي تظهر أمام كل امرىء، منذ نعومة أظافره، هي جدّ هائلة، ومتناحرة، لأنها تتوزع بين سمتي الخيروالشر، في كتاب الحياة، أو مدرسة الحياة، حيث منها ما يعزز القيم الإنسانية العليا، ومنها ما ينسفها، ومنها ما ينتصر للحب،، ومنها ما ينتصر للكراهية، إلى أن نصل إلى ذروة هذا التناقض، حين نكون أمام تلك النزوات التي تبدر، من قبل من يمكن من يصنفون بأنهم"أعداء الحياة"، وهم على اختلاف منابتهم، ومشاربهم، ليسوا إلا ضحايا تربوا على ثقافة الغرق في"الأنا"، وإقصاء الآخر، من أجل منافعهم الذاتية، وهي الوباء الأخطر، على المنظومة القيمية، لأنها تدفع للتفكير بتحقيق سعادة من يقع في شباكها، على حساب سواه، وإن أدى ذلك إلى محوه، حيث- من هنا تماماً- تبدأ نزوة إلغاء الآخر، رؤى، ووجوداً، وكياناً، بل ومن هنا أيضاً، تتأجج نزوة إشعال الحروب، التي لا تأتي إلا نتيجة لإعياء العقل، لدى أحد أطراف المعادلة، في أية حرب، في أقل تقدير، دون التفكير بما تخلفه من ويلات ، وكوارث، ودمار، حتى بالنسبة إليه.

وعندما نبصر في سلسلة الانتهاكات التي تمت عبر التاريخ، فإننا نجد أن سببها جميعاً يعود إلى نقطة وحيدة، وهي وجود خلل بين في المنظومة المنهجية، وعدم ارتقاء الضوابط و الروادع الوضعية إلى مستوى الحيلولة دون وقوعها، ولهذا فإننا نجد أن العالم قد دفع منذ نقطة الدم الهابيلية الأولى، وحتى الآن، أرخبيلات دم عظيمة، هي في المحصلة إدانة كبرى في سجل البشرية برمتها، حيث كان- على الدوام- إمكان تفاديها، عبر اللجوء إلى سبل الحكمة، بل وبات العالم الآن، وفي عصر ثورة الاتصالات والمعلوماتية، قادراً على ترجيح كفة نشر ثقافة السلام، ومنع استفحال الإرهاب، بأشكاله المتنوعة، ضد الوجود الإنساني، من خلال الرأي العالمي، وتفعيل روادع الحروب، من لدن الأسرة الكونية الواحدة، في ما لو توافرت النوايا من أجل ذلك.

وإذا كان في مقدورثورة الاتصالات خلق حاضنة لردع أي انتهاك بحق الإنسان، والبيئة، لنكون في عالم متوازن، متحابّ، متكامل، فإن من شأن مفردات هذه الثورة أن تسرطن خلايا النزوة العدائية، بدلاً من معالجتها، وبرئها، وهو ما يدفع طلاب السلام، والحب، في كل مكان للتنادي، من أجل وضع حد لهذا الخلل الوبائي الذي يقرع أبوابنا جميعاً في عالمنا الجميل الجدير بالحرص والحماية.

أجل، ثمة خطر كبير محدق بنا، وسببه هذه الفوضى المتشظية نتيجة طبيعة هذه المرحلة التي تشهد أعظم انعطافة في التاريخ الإنساني، وهي مسؤولية تقع على كواهلنا جميعاً، أية كانت مواقعنا في فضاء الفكروالثقافة والإعلام، بل والتربية، والتعليم، قبل كل ذلك. إنها مهمة لا تتقبل الإرجاء أوالاستمهال، مادامت النار المتأججة تلظي الأخضر واليابس من حولنا جميعاً، وتنذرنا بطوفان دماء كوني، لاناج منه البتة,.

إبراهيم اليوسف
[email protected]



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيادية أدوات النص الأدبي:
- الاستبداد الرقميُّ والاستبلاد التقانيُّ
- الثقافة والتحديات الكبرى:
- اللُّغة وجوداً
- دماء جديدة أدب جديد..!
- مانديلا الشخصية الأسطورية
- تلاغيات سورية على أبواب -جنيف-
- حين تكون -مصر- دون فاجوميها
- حول زيارة البارزاني إلى- آمد-
- ولادة مفهوم الزمن
- موت النقد
- إلى مكاني محاصراً بالغرباء..!
- درس ميكافيلي
- حريق لا يزال مشتعلاً*
- مؤلف النص الإلكتروني في مرحلة -مابعد الموت-
- خريطة المكتبة
- المكتبة
- الأبُ الديناميُّ
- ما الأدب؟
- مشعل التمو: بورترية أول


المزيد.....




- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - فوضى المنهج