أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (22)














المزيد.....

منزلنا الريفي (22)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4298 - 2013 / 12 / 7 - 15:50
المحور: الادب والفن
    



تلك الفتاة التي وجدها قرب الحطام، قد ماتت الآن، وارتدى جسدها لباسا أزرقا، أما شعرها الأملس المنسدل على ظهرها، فقد تحول إلى فتات كالغصن الذي نخرته السوسة، أين هو من حب الطبيعة الذي كنه لها ؟ لقد حملت فوق النعش وسط زغرودة عمت الدوار، كان الكل يضحك، لكنه ضحك يمتح من غابة النفاق، وكل شجرة من أشجارها تخفي وراءها الشرور والآثام .
المجتمع غابة، والمرأة شجرة من أشجار الغابة، وكل شجرة تحمل لحافا، فالحقيقة ثاوية هناك، إنها العلبة السوداء بتعبير ماركس، فإذا أردنا أن نعرف المرأة، لا ينبغي أن نعرف ما يرتسم عليها، بل علينا أن نستنطق عمقها، فالمكر يعيش في هذا العمق، إنها رواية غير مقروءة، والقراءة تبدأ من أول حرف، فلنقرأها إذن، لننفذ إلى عمق المجتمع حيث الحقيقة متفرسة كالبومة التي تطل من جحرها ؛ صادفتها باكية هناك قرب النهر، قالت لك : بأنها الوحيدة التي نجت من الدمار الذي شنته جبابرة السماء، آمنت بكلامها، وثقت في توسلات دموعها التي زفرت أنينا مؤداه : إننا سنسير في الطريق، سنحطم الموت، ونبني الحياة، سنرقص للحب، ونغني للأمل على إيقاع الشعر والثورة والطرب .
كانت فتاة جميلة، غاية في الروعة والبهاء ؛ كانت شجرة من أشجار الطبيعة، كانت في الشتاء تدمع، وفي الربيع تضحك، كانت ريحانة تعبق بالأريج طيلة فصول السنة، فتمارس سحرا ما بعده سحر، فتحيط بها زهور وورود تغني تراتيل الحب، وأناشيد الثورة والأمل .
أمل في الحياة، ولكي لا يتحول هذا الأمل إلى سراب، فلابد من ثورة، لأن الثورة هي فعل للأمل وتحقيق له، إنها الممارسة العيانية للأمل، ولكن ما كان للأمل والثورة أن يتحققا ما لم ينبعا من قناعة داخلية، إنها الحب، وبواسطته نستطيع أن نلج الحياة من أوسع أبوابها .
لمن تكتب يا هذا ؟ أ تكتب للإخفاق أم النجاح ؟ الكتابة تعبير عن فشل، وجرح لم يندمل . الكتابة هي غور في اللامفكر فيه، وفي النسيان الذي أبى النسيان . أجل لقد كتبت عن تلك الرحلة التي أبت أن ترتحل، وعن المهمش الذي رفض أن ينهمش، وعن النسيان الذي أبى أن ينسني، وعن الذات التي أبت أن تتذوت، وعن الجدة التي أبت أن تتجدث وسط الأجداث .
لمن تكتب يا هذا ؟ إنك تكتب في منطقة تلاشت فيها الثنائيات لتشيد من جديد، وفي منطقة بدأ فيها الزمن يتلاشى ليبدأ . أجل يا هذا .
عرفت جسدها صغيرة ؛ أحببتها صغيرة ؛ قبلتها صغيرة، افترقت معها صغيرة، فتلاشيتما ذرة ذرة ...، أ يمكن أن تلتقيا ؟ أنت عرفت الحب، لأنك نهلته من الطبيعة، والعودة إلى الأم عودة إلى الطبيعة، وما كانت العودة مفروشة بالورود، فلابد من أمل، والأمل لا يتحقق إلا بالثورة .
لمن تكتب يا هذا ؟ أ تكتب للإخفاق أم النجاح ؟

عبد الله عنتار - الإنسان - /04 دجنبر 2013 - واد زم / وسط المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي ( 21 )
- منزلنا الريفي ( 20 )
- قناني الحياة
- شرارة وعي من داخل التيه من أجل التيه - قراءة تفكيكية في أعما ...
- منزلنا الريفي ( 19 )
- شحوب وغروب
- منزلنا الريفي ( 18 )
- منزلنا الريفي ( 17 )
- منزلنا الريفي ( 16 )
- دموع حبيبتي
- منزلنا الريفي ( 15 )
- الغروب
- منزلنا الريفي ( 14 )
- منزلنا الريفي ( 13 )
- المواطن - شعيبة - ( 3 )
- زوابع وخريف
- من واد زم إلى زحيليكة : رحلة في ثنايا الريف
- ذكريات...أمواج متلاطمة ...يونس...المهدي
- كابل
- المواطن - شعيبة - ( 2 )


المزيد.....




- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (22)