أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي ( 14 )














المزيد.....

منزلنا الريفي ( 14 )


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4244 - 2013 / 10 / 13 - 21:48
المحور: الادب والفن
    


أخوك...

قال برغسون : " إن الذاكرة وعي "، ولكن هل تستطيع الذاكرة أن تستحث كل شيء ؟ هل تنفذ إلى الماضي وتتفرس فيه كما لو كانت هي الماضي ؟ أم أنها لا تنظر إليه إلا من زاوية الحاضر ؟
*********************
لا تحتفظ الذاكرة بشيء، ولكن بصور ؛ صور طفل نبيه ؛ كان يجيد كل شيء، وقادرا على تحمل المسؤولية، ولا يتراجع إلى الخلف .
********************
في خريف 1994 ؛ كنت عائدا من الرباط بعدما قمت بالعملية الجراحية، وداخل الجموع الحاشدة التي وجدت ؛ كان هناك طفل صغير ظل يرمقك ...لكنه كان أكثر قوة منك ...و تساءل مع نفسه : " من يكون هذا الغريب ؟ "، لكن أختكما أوقفت نظرته، وأمرته : " سلم على أخيك " ؛ داعبت وجنتيه، وتحسست أطرافه ؛ عنده عرفت أنه أخوك ...و أن طفولتك ووجودك سيرتبطان به .
********************
كنتما من قبل ترعيان نفس المواشي، و تسبحان في نفس الوادي ؛ تتصارعان على ركوب الحمير ؛ تتعاركان على من يعانق الأم أكثر...أجل...أجل ؛ كنتما من نفس الجيل، قضيتما طفولة واحدة ؛ في مدرسة واحدة، في طريق واحدة...كنت تحميه من الأعداء، ويحميك هو من الأعداء، كنت تبكي على فراقه، وتتألم لمعاناته، كان وجوده يعطيك قوة، وغيابه يعطيك ضعفا .
*******************
لكن أين هو الآن ؟ .............
******************
تجلس في منزل جدتك، و تتفرس أمام صور عمك، فيظهر لك داخل صورة مجموعة أطفال، فقال لك عمك : " هذا أنت، وذاك أخوك، وهذا ابن عمك " ؛ لم تصدق ما قاله لك ؛ كان أخوك هو الأكبر، بينما ابن عمك هو الأصغر ؛ الآن تغيرت المعادلة، كنت ترتدي نعالا عمها التراب، بينما أخوك كان يرتدي سبرديلة " كريكسة " التي هدتها الأشواك، كنتما في الرعي ؛ انظر إلى أخيك و هو يحمل عصا ؛ كان فلاحا ابن فلاح، أما أنت، فكنت مهووسا بالكتب، فكان يقول لك أخوك الأكبر : " تخلص من الكتاب ولو قليلا، فما تقوم به أنت لا يقوم به حتى ابن عامل المدينة " ؛ لم يكن يعرف أخوك أن وجودك ارتبط بالكتب، و أن الحب الذي تكنه لها كحب طفل لثدي أمه .
*****************
سنة 2012، رأيته ؛ عانقته ؛ سألته عن أحواله، لكنك لم تضف شيئا ...هل هذا هو أخوك ؟ لكن أخوك كان طفلا، فأين هو من طفله ؟ طفله اختفى في شخصيته ؛ في قناعه كما اختفى طفلك في قناعك، ألم تسلم عليه و أنت تستحضر طفولتكما ؛ ماضيكما ؟ أجل...أجل .
لكن من أدراني أنه أخوك ؟ إنها الذاكرة يا أخي تخبرني أنه أخي ؛ انظر إلى سحنته، إلى خجله البدوي ؛ إلى لطافته القروية، إن صورته تذكرني بصورة والدي، و إلى أمي وهي تمخض الحليب المربى .
لقد خجلت منه كأنك تعرف كل شيء . إن أسرارك توجد عنده، وأسراره توجد عندك . لهذا السبب سكتما، وحضر الصمت .
*****************
كان هناك كوخ صامت...
****************
كانت هناك فتاة.......
***************
كان هناك طفلان ...
**************
كان هناك...
**************
كنت متكئا على جذع الشجرة، وكانت الأمطار توقفت عن الهطول ...فجأة انطلق صوت مدو : " ...أويلي نت مالك ؟ " ؛ بكت أختك، وانتحبت أمك ؛ كانت جبهته تسيل دما ؛ قال الطبيب : " لو وصلت الضربة إلى العظم . لقضى نحبه " .
**************
سرب من الحمام يسقط تباعا ؛ سألت أخي : " ما معنى الموت ؟ " ، فقال لي : " الموت هو أن تفقد الموجودات روحها، فتراها متكلسة كتلك الصخرة الجرداء " ؛ " الموت هو فقدان للحركة " ؛ " إذا أحد فينا مات لن يرى الآخر أبدا " ؛ تعريف بث في داخلي الفراغ ...
يحمل أخي محفظته السوداء، ويختفي، بينما أنا أمكث جوار الحمام الذي يسقط ثم يسقط، أبكي على موتها، أحملق في امرأة شمطاء ذات أظافر حادة . تجرد كل حمامة من روحها . تتكلس جثثها ...أما أخي، فقد اختفى بين الأحراش ....



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي ( 13 )
- المواطن - شعيبة - ( 3 )
- زوابع وخريف
- من واد زم إلى زحيليكة : رحلة في ثنايا الريف
- ذكريات...أمواج متلاطمة ...يونس...المهدي
- كابل
- المواطن - شعيبة - ( 2 )
- المواطن شعيبة
- منزلنا الريفي ( 12 ) / ( بني كرزاز...مواقع - أسماء - ملاحم - ...
- منزلنا الريفي ( 11 )
- منزلنا الريفي ( 10 )
- دروس في الرقص
- منزلنا الريفي (( 9 ))
- لا مبالاة
- منزلنا الريفي ( 8 )
- منزلنا الريفي ( 7 )
- أدوار النخبة عند الباحث الأنثروبولوجي عبد الله حمودي
- أدوار النخبة عند عبد الله حمودي
- في طريقي إلى الكلية
- طريقي إلى الكلية


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي ( 14 )