أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - من واد زم إلى زحيليكة : رحلة في ثنايا الريف














المزيد.....

من واد زم إلى زحيليكة : رحلة في ثنايا الريف


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4233 - 2013 / 10 / 2 - 00:00
المحور: الادب والفن
    



أثناء خروجنا من واد زم، اجتزنا السكة الحديدية، وتعود هذه السكة إلى أيام الاستعمار الفرنسي ؛ كانت أنذاك ذات خط واحد، ومازالت تحمل نفس الخط، غير أنه في الوقت الذي تقدمت فيه الحافلة صادفنا طريق السيار، فالاصلاحات جارية على قدم وساق . جلست وسط الحافلة، في مكان مطل على النافذة، جلس بالقرب مني شخص مسن، ومن خلال إطلالة على الخارج، طفت حصيدات يعمها الوجوم، ناهيك عن تربة الصنصال، ويستعمل السكان المحليون هذه التربة لإقامة الحواجز، وبناء الزرائب، غير أنه من حين لآخر نصادف بعض المرجات تملؤها طيور النغاف .
التربة في هذه البلاد التي يقال عنها أنها بلاد خيران لا تختلف عن بلاد الرحامنة، أوهاد صغيرة، من مكان إلى آخر نجد حصيدات، تارة تتموج، وتارة تمتد منبسطة .
رغم وعورة التضاريس، وقحالة المناخ، نجد مساكنا منتشرة على طول هذه الربوع، فها هو مسكن يستوطن تحت السفوح الصخرية يحيط به نبات الصبار، وها هو مسكن آخر يتاخم بعض المنعرجات .
نقترب من جماعة " فتاتة " ؛ صبار يعم الربوع، نسوة ينزلن، يتوسطهن شيخ مسن، لا اختلاف بين الأرض المتجهمة، وما يطفو على وجوه سكانها . الأرض تمتص دماء أبنائها، والزمن، والقهر، والتنمية المعطوبة، والإرث الماضوي، كلها عوامل تخطف البريق الثاوي على تلك الوجوه . أتساءل إن كانت علاقة بين فتاتة " والفتات، فعلى أرض الواقع : الطرقات معطوبة، والتنمية مثقوبة ...
نمضي قرابة خمسة كيلومترات شمال " فتاتة " حصيدات تعانق الجبال والكتل الصخرية المتعالية، في الأسفل مساكن إسمنتية تحل محل مساكن حجرية، بالقرب منها حظيرة حجرية تقاوم الزمان، في حين أشجار الزيتون تملأ كل الربوع .
هذه هي الطريق التي مر منها والدي منذ خمسة وأربعين عاما ؛ أجل لقد خاض تلك الرحلة الاستكشافية على متن الدراجة صوب مولاي بوعزة، لقد شق في البداية طريق واد زم، بينما في الرحلة الثانية شق طريق الرماني، لقد اتسم هو وجماعته بالجرأة الكافية، ناهيك عن حب الاستطلاع، فليس من السهل أن تنطلق من بنسليمان،فتجتاز الغابات، والمنعرجات والسفوح والأمطار، ناهيك عن نقص الأموال، والأمية .
من هنا ؛ أخذت على عاتقي أن أدون هذه الرحلة، وأرضي رغبة والدي الذي لطالما حدثني عنها، إن تلك الرحلة ساهمت في حب الاستطلاع لدي أنا كذلك، وها أنا أسير متشوقا لمعرفة المزيد عن هذه الطريق .
تتوقف الحافلة في هذه الآونة في زحيليكة، إنها عبارة عن قرية صغيرة، يتواجد بها سوق أسبوعي تستوطنه الكلاب والحمير، ويقام السوق في منطقة منحدرة تعلوها بعض الصخور، ناهيك عن مزبلة، في محطة زحيليكة باعة متجولون، وبائعو لحوم مشوية، في جانب القرية منازل قديمة، وأخرى حديثة، بالاضافة إلى مسجد قديم تتقدمه مقهى، وأمامها سيارة تبيع الشمام . يتجمهر حولها المشترون، فيشرع في توزيع واحدة على الجميع .
تتحرك الحافلة ببطء، سرعان ما تتوقف الآن، نقترب من الحوانيت، فينفلت الدخان إلى أنوفنا ؛ آه لو أتيحت لي الفرصة والوقت لأنزل ، وأشتري طاجينا، لكن يا أسفاه .
تتورد التربة هنا، وتصبح حمراء اللون شمال زحيليكة، فرغم وعورة التضاريس، فالكهرباء دخلت، وتبدل في هذا الصدد جهود حثيثة، غير أن هذا لا يكفي لتحقيق التنمية المتوخاة، فالتنمية ليست أعمدة الكهرباء، فلابد من طرقات، وتشجيع الفلاحة، وضمان عمل قار، وتحديث العقول، كما أن مسؤولية هذه المناطق يجدر أن تقدم لمن هو غيور عن هذا البلد، وأن ترفق كذلك بالمحاسبة والمسؤولية والمتابعة ؛ الطريق هنا مرممة بشكل جيد، والأرض مثل الزربية، وأشجار الزيتون واقفة كالجنود، نبتعد عن زحيليكة قرابة عشرة كيلومترات، في جانب الطريق نيران تشتعل، ودخان يرتفع إلى السماء .
نغادر إقليم خريبكة بتربته المتجهمة، وها هو زعير يلوح من بعيد، تتماوج الحافلة، نقترب من الأشجار، فنكاد نصافحها، في الجانب الآخر منازل متواضعة، وأشجار مقطوعة، و أكواخ من خشب بناها قطاع الغابة ...

14/ 09 /2013



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات...أمواج متلاطمة ...يونس...المهدي
- كابل
- المواطن - شعيبة - ( 2 )
- المواطن شعيبة
- منزلنا الريفي ( 12 ) / ( بني كرزاز...مواقع - أسماء - ملاحم - ...
- منزلنا الريفي ( 11 )
- منزلنا الريفي ( 10 )
- دروس في الرقص
- منزلنا الريفي (( 9 ))
- لا مبالاة
- منزلنا الريفي ( 8 )
- منزلنا الريفي ( 7 )
- أدوار النخبة عند الباحث الأنثروبولوجي عبد الله حمودي
- أدوار النخبة عند عبد الله حمودي
- في طريقي إلى الكلية
- طريقي إلى الكلية
- الطريق المتربة
- عائد من سوس
- علمتني الأيام
- جولة سوسية


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - من واد زم إلى زحيليكة : رحلة في ثنايا الريف