أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - المواطن - شعيبة - ( 2 )














المزيد.....

المواطن - شعيبة - ( 2 )


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4215 - 2013 / 9 / 14 - 20:04
المحور: الادب والفن
    


-1-

يغادر " شعيبة " الريف، لم يسبق له أن ذرف الدموع في حياته، لكنه في هذه اللحظة ذرفها، لم يذرف قطرة أو قطرتين، بل ذرف شلالات، كيف لا يذرفها و هو يجرب الحب لأول مرة في حياته، قذفته الحياة في المدينة، فلم يظهر أمام عينيه إلا الأدخنة والضجيج والهرج والاكتظاظ، هنا في الريف جرب معنى الصمت، والحب والوحدة، والعودة إلى الذات...غير أن هذه المعاني كلها الآن مضت، وها هو الآن يستقل سيارة ويعود إلى أرض الظلام .

-2-

يخرج من منزل جدته، ويعرج على قبر حبيبته، يعانق الجدة تلو العناق، يرفع يده مشيرا إلى السيارة قصد الوقوف، توهمه بذلك، لكنها لا تلبث مواصلة سيرها، يعود جوار جدته، تقترب سيارة أخرى، يشير إليها، توشك على التوقف، ثم تواصل، فيعاود عناق جدته، وتتكرر المحاولة، ثم يغادر الريف .

-3-

ينزل " شعيبة " من الحافلة، يحمل على ظهره حقيبته المهترئة، يمشي عبر الشارع المغبر، فجأة تخرج قطة من " البركاصة "، يركلها، فتعضه، ينهال عليها بالحقيبة، تطير عليه بمخالبها، فيركلها من جديد، فتسقط جامدة .

-4-

يقترب " شعيبة " من " البركاصة "، يركلها، فترفض السقوط، يدخل إليها، يمسك بالأزبال، فيرميها في كل المواقع، بعض منها يرتطم بالجدران، و آخر بالسيارات ؛ الشارع أصبح كالسوق، كل الأشلاء مرمية، و " شعيبة " يضحك ( هههههه) ؛ خرج الآن من " البركاصة "، و انطلق نحو القطة و هو يقول : " ههه تعالي يا قطتي الرائعة هههه "، فتح ستار سرواله، و شرع في التبول ؛ انتهى الآن، ثم مسك بها، ثم رماها، ارتطمت بالجدار، فقدت رأسها، أخذها من جديد، ورماها في الشارع، غير أنها أخطأت هدفها، واخترقت إحدى السيارات، فقال له صاحبها : " هاداك ولد القحبة، حشمتي، أو لا محشمتيش "، عندها أطلق شعبة ضحكة ماجنة هيهيهههههه، وأطلق ساقيه للريح، أما الشارع، فأصابه الشلل .

-5-

تسلل " شعيبة " عبر الأحراش، وبعد هنيهة، أطل على فسحة، هناك يتراءى حيه الصفيحي، يضحك، يتلوى، وتارة أخرى يتوقف، ثم يقول : " ههههه، إنهم مازالوا على قيد الحياة ".

-6-

تخرج الأم من " البراكة "، تحملق فيه، ثم تعاود الحملقة ؛ " إنه هو "، " ليس هو " ؛ اسكتي أيتها العنزولة إنه هو " ؛ " أويلي المسطي جاي ؛ ناري ناري ناااااري، تعالوا ليا شدوني، شدوه " ؛ تلطم أفخادها، تندب " حناكها "، تضرب " الرطاوة "، تقول : " المسخوط جاي، الشفار جاي، رزقي غادي يديه، ناري...ناري...نااااااري "، تتمرغ على الأرض، تنهق كالأثان، لكن لم يسعفها أحد، يقترب " شعيبة " منها، ثم ينطق : " الميمة أنا جيت " ؛ تقف مستقيمة، وتطلق نحوه نظرة حادة، وتأخذ " كرتا "، ثم ترشقه " غبر علي رجع فين كنتي ؛ لاش جاي "، يقترب منها، فيقول : " الميمة راني غير توحشتك أو جيت "، ترشقه، يتجنب الحجارة المتراشقة، فيجثو على ركبتيها، ثم يقبل رأسها، تعانقه، وتأخذه إلى " البراكة " .

-7-

تطبخ له براد " أتاي "، يشرب، ثم يمزجه بالخبز، يملأ جوفه، يحس بالانتعاشة، يترك " الصينية " مرمية، فيذهب إلى رأس الدرب، هناك يترقب الفتيات ؛ لا واحدة تأتي، يأخذ سيجارة بالمجان من عند " عبيقة مول لحانوت "، " يتكيف "،يعود لى حاله، يحس أن معدته تسرحت، وعقله شرب نفسه، تمر بجانبه فتاة " مسندرة "، فيهمس إليها : " وفين النونوسة، والغزالة "، تواصل سيرها، ينحني أمام رجليها، فيدندن في أذنها : " منشوفوش معاك " ؛ تتعالى عليه، تتكبر، تتعجرف، تحس أنها تملك العالم، بينما هو يتراجع تدريجيا كالكلب المركول، ينظر إليها نظرة ملؤها الحسرة، يكاد يبكي، لكنه سرعان ما يستجمع قواه، ويقف وقفة الرجال، ويقول : " أنا ماشي كلب، أنا بنادم "، ثم واصل : " واا القحبة، راك غادة تهزيه غادة تهزيه، بية أو لا بلابية "، ثم أطلق قهقهة ههههههههه...

عبد الله عنتار - الإنسان - / 13 شتنبر 2013 / واد زم - المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطن شعيبة
- منزلنا الريفي ( 12 ) / ( بني كرزاز...مواقع - أسماء - ملاحم - ...
- منزلنا الريفي ( 11 )
- منزلنا الريفي ( 10 )
- دروس في الرقص
- منزلنا الريفي (( 9 ))
- لا مبالاة
- منزلنا الريفي ( 8 )
- منزلنا الريفي ( 7 )
- أدوار النخبة عند الباحث الأنثروبولوجي عبد الله حمودي
- أدوار النخبة عند عبد الله حمودي
- في طريقي إلى الكلية
- طريقي إلى الكلية
- الطريق المتربة
- عائد من سوس
- علمتني الأيام
- جولة سوسية
- التضامن الأعظم
- رحلة إلى إنزكان
- لحظة أخيرة


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - المواطن - شعيبة - ( 2 )