أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي ( 7 )














المزيد.....

منزلنا الريفي ( 7 )


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 10:50
المحور: الادب والفن
    


‏وقف الطفل مدهوشا لما رآه داخل المسجد ؛ أرائك من حرير ؛ فوانيس من عاج ؛ لوحات مزركشة، غير أن ما لفتته هي لوحة كبيرة كتب عليها : " أبو بكر الصديق رضي الله عنه " ؛ تجول بين غرف المسجد، فلاحظ الزرابي، وهي ترتدي ألوانا زاهية، وها هو المشجب يعلق على الجدار ؛ من هناك تظهر ألبسة الفقيه الفاخرة، وها هي جواربه تفوح مسكا، أما طاقيته فتبدو ناصعة غسلها الخدم ورحلوا، بينما هو مازال في حضرة الإله الأكبر يبتهجان بالدمار الذي ألحقاه بالضعفاء والفقراء .
تساءلت بعقلها المتقد، وها هو شعرها المنفوش ينتصب كأنه يخبر بوصولها إلى فكرة مهمة : " الناس يموتون جوعا، والمسجد ينعم بالخيرات ؟ أين هو العدل الذي يدعو إليه ؟ لماذا يكذب على الناس ؟ ولكن لماذا نحمل المسجد وزر البشرية ؟ ألا نحمله لهؤلاء الذين يتحكمون فيه، ويفقرون هذه الأرض فكريا وماديا ؟ و لكن أ ليس هؤلاء الفقراء هم المسؤولون عن فقرهم ؟ لماذا يسلمون أرواحهم وأجسادهم لهؤلاء الجبابرة، فتراهم يركعون في أكلهم، في شرابهم ؛ في قضاء حوائجهم ؛ في صلاتهم ؟ " .
عندها استخلصت الطفلة : " إن فكرهم المريض هو سبب بؤسنا، و هذا المسجد الذي يفيض نورا هو سبب ظلامنا "، ونادت على صديقها الذي راح يتجول بين غرف المنزل حانقا، انتصب أمامها، ونظر إلى عينيها، وراح يمسح دمعتيها المنسكبتين، وقال لها :

- لا تقلقي يا حبيبتي .

انتزعها من مكانها، وضمها إليه، فقالت :

- كيف لا أقلق، وأنا أكتشف أشياءا صدمتني ؟

رد عليها، وهو شبه متأكد أنها تقاسمه فكرته :

- ما هي هذه الأشياء ؟ منذ سنين، وأنا أرى أفكاري تهتز في هذا العالم المزيف .

انتفضت من صدره، وضغطت على كفيها، وقالت :

- إن هؤلاء الذين اعتقدنا أنهم حماتنا، ما هم سوى طغاة، وأن آباءنا لم يقتلهم إلا جبنهم، فهنيئا لهم بموتهم، أما نحن علينا أن نشيد الحياة في الأرض .

ثم سألها مازحا :

- أية حياة ؟!!

ردت عليه ضاحكة :

- الحياة يا حبيبي، تلك الغائبة عن هذا العالم، هيا بنا لنشيدها ؛ نشيد بسيطها ومركبها ؛ من همسة إلى تحرير الجسد، وقتل الأصنام، وتشييد عالم تسوده الحرية والمساواة ...هيا بنا لنشيد الإنسان .

فقال لها :

- آه أصبحت أفهمك .

ثم اتكأ على فخذها، وقال لها :

- ما اسمك ؟

فقالت له :

- حادة و أنت ؟

رد عليها :

- اسمي العربي ؛ أنحدر من منطقة " موالين الحيط "، وأنت ؟

عقبت عليه :

- أنا أنحدر من " موالين الوطا "، لذا نحن من جبلة واحدة .

انتفض في وجهها صارخا :

- نحن ننحدر من بني الإنسان، أعتقد أنك نسيت الدمار الذي تخلفه الأديان والإثنيات !

*************************

بينما هو يتكلم، حتى ظهرت له صناديق من ذهب ؛ مطمورة في زاوية، أرادت الطفلة أن تأخذها، فقال لها :

- إن الأموال زائلة، ومهمتنا لا تكمن هنا، بل علينا تحرير العقول والأجساد .

*************************

و ها هما الآن ينحدران، و ها هو المسجد يبتعد شيئا فشيئا، ربما سيظل فارغا، حتى يعود الفقيه من ليلته الخمرية ؛ في البعيد ظهر لهما شبح قرب النجوم، ومن حين لآخر يتمايل ويتساقط، وبين لحظة وأخرى يركله وحش مخيف، يحمل سوطا لعله...، أما هما فسارا يمرحان في الغدير، ثم حلت ظلمة .

يتبع

عبد الله عنتار - الإنسان -
28 / 07 / 2013
بني كرزاز - بنسليمان - المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدوار النخبة عند الباحث الأنثروبولوجي عبد الله حمودي
- أدوار النخبة عند عبد الله حمودي
- في طريقي إلى الكلية
- طريقي إلى الكلية
- الطريق المتربة
- عائد من سوس
- علمتني الأيام
- جولة سوسية
- التضامن الأعظم
- رحلة إلى إنزكان
- لحظة أخيرة
- همس الجنون
- إرهاصات العزيب
- 1- الكفاءات الموهومة
- الهسيس
- الحب الإنساني
- النزول
- وهم القائد
- مرآة
- حموضة


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي ( 7 )