أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله خليفة - عزيز السيد جاسم (1-3)














المزيد.....

عزيز السيد جاسم (1-3)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3956 - 2012 / 12 / 29 - 11:40
المحور: سيرة ذاتية
    



المناضل والكاتب العراقي الراحل عزيز السيد جاسم عاش حياة دراماتيكية مأساوية، ومثل مثقف التغيير الضائع بين الشموليات الحزبية والحكومية المختلفة.
في بدء حياته قارب حياة العمال فاشتغل في مصنع ثلج، فقارب الحزب الشيوعي العراقي وانضم إليه، وكان ذلك زمن الخمسينيات والتحضير لانقلاب 14 تموز 1958 الذي شارك عزيز السيد في التحضير له والمساهمة فيه.
مجموعةٌ من التناقضات حكمت لحظة هذا الانقلاب، الذي دخل نفس مسار التطور المعقد المتناقض في العالم العربي الإسلامي، حيث لا توجد قوى اجتماعية تحديثيةٌ تقودُ التحول الديمقراطي، فكل من تنظيمي البرجوازية والعمال كانا شموليين، غير قادرين على تجسيد مستوى الطبقتين على الصعيد العالمي الوطني.
الحزبُ الشيوعي من جهةٍ كمعبرٍ عن العمال، وحزب البعث كمعبر عن البرجوازية، كانا محكومين بمصدرين فكريين سياسيين خارجيين مستوردين، الشيوعي في ارتباطه بالنسخة الرأسمالية الحكومية الروسية الشمولية، والبعث بارتباطه بالنسخ القومية الفاشية المنتجة سابقاً في ألمانيا وأيطاليا.
إن مستوى تكوين الحزبين الغائصين في ترب شعبية وقبلية ومذهبية لم يكن بإمكانه من إنتاج ثورة ديمقراطية عراقية، ولهذا فما حدث هو انقلاب عسكري بقيادة البرجوازية الصغيرة المتذبذبة بين الإيديولوجيات والطبقات، وهذا المسارُ الموضوعي تجسدَّ في شخصياتٍ عسكرية مثّلتْ هذا التذبذبَ المغامر في جهات شتى حادة، زاوجتْ بين التغييرِ الاقتصادي الاجتماعي المفيد وبين المشكلاتِ والكوارث، بدلاً من التوجه إلى أسسِ الحداثة الديمقراطية العالمية وخلقها بشكلٍ متدرج وطني تعاوني.
وجد عزيز السيد جاسم نفسه في هذه الدراما التاريخية، في تربة العاملين الفقراء يحملُ ميراثَ أسرته الموسوية ذات الجذور الشيعية الثقافية، فجمع بين الكدح المادي والانتاج الثقافي.
عضويته في الحزب الشيوعي اصطدمت بين إيديولوجية الحزب ومستواه الثقافي العميق. فالحزبُ كان يحملُ نسخةً روسية تحجرت في المركز نفسه، وغدت مفردتا القوميةِ والدين خارج البؤرة، وتكمنُ في البؤرةِ الطبقةُ العاملةُ ودورُها القيادي التاريخي المزيحُ للطبقات الأخرى. هذا ما أدى مع عوامل وجهود سياسية أخرى إلى سلسلةٍ من التطورات الحارقة في العراق بدءًا من عقد الخمسينيات.
مثقف مثل عزيز السيد لم يكن بإمكانه تقبل مثل هذه النسخة الجافة غير المرتبطة بالواقع وجذوره التاريخية، رغم أنه من المساهمين في صنع الانقلاب وسيطرة طبقة غير طبقته راحت تجرب في الناس والواقع. هذا يعبر كذلك عن شلل طلائع الطبقة العاملة في المركز الروسي وفي العراق معاً، حيث غدتْ البيروقراطياتُ السياسية تحركُ تاريخَ التجريب الحارق.
لكن وعي عزيز السيد لم يتوجه إلى معرفة الخصائص العامة للتطور، والاختلافات المحورية مع الشيوعيين بدايةً ومع القوميين بعد ذلك.
فقد كان رفض الدين وتقزيم القومية بمثابة صدمة غريزية لم تتبلور نظرياً، وسوف تؤدي التراكماتُ المعرفية السياسية إلى بعض من هذه الرؤية التي لم تكتمل.
الخروج من الحزب الشيوعي لم يخرجه من اليسار ومن البحث الفكري، ومن مقاربة قوى التغيير الصاعدة في تدفق البرجوازية الصغيرة التي راحتْ تتحول من العسكريين التموزيين إلى القَبليين السنةِ العسكريين الشموليين.
وعزيز إذ يعبر هو ذاته عن هذه الطبقة المتأرجحة فقد بقي في تدفقها السياسي، يرفض الهجوم وقمع القوى السياسية من هذا الطرف أو ذاك، ويؤيد تعاوناً بين هذه القوى لمواصلة إنجازات انقلاب تموز الذي قام بتحولات في الريف والصناعة لتحويله إلى ثورة، تبتعد عن الانقلاب والعسكر لتكونَ تحولات بين قوى سياسية وطنية مشتركة في مشروع.
وهو في هذه الدعوة والتأثير يتعرض للسجن والاضطهاد في سنوات الستينيات العراقية الدموية العنيفة.
مثلما يقوم بمواصلة الحفر في التراث وكتابة الأعمال الفكرية والأدبية، لكن هذه المعرفة لم تصل إلى فهم عميق واسع للطبقة التي انضم إليها واشتغل في وسطها مناضلاً أو معارضاً، وطبيعة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية وكيفية الخروج منها، وهي إشكاليةٌ سوف نرى جذورَها في الطرح الفكري لديه، فكتاباتُهُ لا تنفصلُ عن عمله السياسي، وهي التي تجعله يتخذ مواقفَ سياسية بعينها.
إن رفضَ الشيوعيين للدين وتقزيم القومية وهو أمر رفضه عزيز وانسحب من تجسيداته السياسية، لكنه كذلك لم يقبل بتضخم الدين والقومية وتحولهما إلى شكلين استبدادين كما لدى البعث، لكن عملية التجاوز الجدلية لكلا الموقفين، لم ينتج لها معرفة كافية مغيّرة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشرقُ العربي الإسلامي في مهبِّ العاصفة
- البناءُ التحتي القبلي العابرُ للتاريخ
- معسكرانِ متخلفانِ
- مرحلةُ دخولِ الأريافِ في الديمقراطية
- انزلاقٌ نحو الفوضى
- في انتظارِ غودو
- المذهبيون السياسيون إلى الوراءِ دائماً
- الإسلامُ التوحيدي والوطنيةُ
- المحافظون أمريكيين وعربا
- المذهبيون السياسيون والقومية
- المذهبيون السياسيون والاستبداد
- الفكرُ الغربي في حقبتهِ الحديثة
- حقبتانِ من الدين
- سلبياتُ التحديثيين والدينيين
- دعْ الإنسانَ حراً
- المنضمون إلى التقليديين
- الطائفيون والهياكلُ السياسية
- مرحلةٌ جديدةُ للريفيين
- الأساسُ الفكري للانشقاق
- الوحدة الأوروبية نموذجا للخليج


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله خليفة - عزيز السيد جاسم (1-3)