أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -رواية-16-














المزيد.....

أمطار الجحيم -رواية-16-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3955 - 2012 / 12 / 28 - 00:52
المحور: الادب والفن
    


*************
بيع الخبز في موقع استراتيجي كالموقع الذي اخترته بعيدا عن الزحام ، والصراخات ، منحني متعة الاستمتاع بمشاهدة قلب بني مكادة النابض . اخترت أن أضع طاولتي التي عوضت بها لوحا صغيرا كنت أضع عليه بعض قطع الخبز ، بينما القطع الأخرى كنت أخزنها في صناديق كرتونية ، مما يجعلها عرضة للضغط ، فتتغير ملامحها الطبيعية ، خاصة وهي ما تزال طرية ودافئة .
من هنا ، من وسط الساحة المحيطة بنافورة ساحة تافيلالت ، كنت أستطيع أن ألتقط مشاهد بني مكادة الأكثر تعبيرا عن منطقة تعيش خارج نظام الدولة ، أو بالأحرى خارج مظاهر الدولة الحداثية .
فقد استطاع الوالي الجديد صديق الملك أن يغير من ديكور المنطقة . وبعد أن كانت هذه الساحة عبارة عن ملتقي تقاطع الطرق ، لا ندري نحن المواطنين البسطاء ، كيف انتبهوا الى هذه الخطة البدائية ليغيروا معالم محور مفتوح على ست شوارع ، ليغلقوه ، ويفصلوا بين الشوارع الست ، ويساهموا في هندسة ازدحامات طرقية في فترة نحن فيها أحوج الى فسحات أوسع ، والى مساحات أشسع .
فتقاطع الطرق تم اغلاق متنفسه القادم من ساحة التغيير ، وربطه مباشرة بالطريق الرئيسي بعد أن كان هامش دائرة "الدوارة " بلغتنا المحلية ،أو الدائرة بالعربية الفصحى يمنح حركة السير بعض هوامش التخفيف من الاكتظاظ المواصلاتي ، أصبحت السيارات والحافلات وعربات النقل مضطرة الى اقتفاء أثر بعضها في متتالية طويلة ، وهو ما خلق ازدحاما ثابتا طول النهار في هذا الشارع الرئيسي .
طاولتي توجد أمام بناية قباضة الضرائب ، التي اقتطعتها الدولة من عمارة سرقت أرضها من ساكنة أرض الدولة ، ولم تنتفع الدولة من هذه السرقة شيئا ، اذ تم تفويتها الى أحد المقاولين الذي ربح أضعاف ما أخذه العملاء ، وهم من رجال الدولة طبعا . قربي باعة السجائر بالتقسيط ، وورق الألمنيوم الذي يستعمله مدمني المخدرات الصلبة ، عددهم ثلاثة في مساحة لا تتجاوز خمسة عشر مترا . عند الساعة الثالثة يبدأ باعة مختلف البضائع يهرولون داخل الساحة . بائع النقانق المشوية يبدأ في اشعال الفحم مضيفا اليه قليلا من الشحم ، فتبدأ الأبخرة ورائحة الشواء تصعد في العالي قبل أن يضع قضبان النقانق والطحال .
وبعد قليل يأتي بائع الحلزون المطهو في الماء مع بعض الأعشاب الطبية ، وهو من مدينة تازة ، يضع عربته قبالتي تقريبا ، ويبدأ في وضع الزلايف ، وهي عبارة عن فناجين مقعرة ومفتوحة ، وهنك ورائي يضع مصطفي سلته المليئة بالحلويات والبسكويت ، وقريبا منه بائع الفل والحمص ، ثم بائع البتلات والشجيرات الصغيرة .
حاول الوالي الجديد وطاقمه الاداري أن يستوردوا مظاهر مراكش بغرس تسعة أشجار من أشجار النخيل على شكل نصف دائرة حسب هندسة محيط النافورة ، التي جعلوا على هامشها درجين ثالثهما يفضي مباشرة الى الساحة الطرقية .
في المساء تمتلئ الساحة بشباب مهاجر من جميع مدن المغرب متمنطقين بشابات في سنهم يدردشون في شؤونهم وربما كانوا يهيئون أحلامهم على وقع الماء المتنافر من النافورات الصغرى المحيطة بالنافورة الكبرى التي تتوسط النافورات الأربع الصغرى . ومع مرور الأيام أصبحت الساحة مكانا أثيرا لجميع الناس تجتمع فيه النساء والرجال والشيوخ مصطحبين بأطفالهم .
وعلى جانب الشارع العمومي تناسل الباعة الهامشيين على جوانب الطريق فوق الرصيف ووسط الشارع المخصص للسيارات ، مما ضيق هامش المساحات المخصصة لمرور السيارات .
عند الساعة الخامسة مساء تبدأ حركة الناس بالانتعاش ويكبر عدد هم، فتمتلئ كل جوانب هذا الشارع الطويل على مسافة مائتي متر ، بالكتل البشرية ، وكأنها في مهرجان هندي ، تتكدس الأجساد في بعضها وتمتزج روائح الأزبال الملقية في الشارع مثلها مثل البضائع المعروضة للبيع ، بروائح ما تنفثه مختلف السيارات العابرة الصغيرة والكبيرة ، وبفعل بطء سيرها فان الدخان الذي تنفثه لا يتلاشى بسرعة في الهواء ، بل يظل مستقرا في نفس المكان .تكثر أصوات المنبهات ، ومرارا نلاحظ توتر السائقين الذين لا يجدون بدا من كظم غيظهم وابتلاع احتقاناتهم .حتى المستعجلة كسيارات مصالح الوزارات وسيارات الموتى والمرضى تجد صعوبة في حمل موتاها أو مرضاها .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعرية المبكرة -1-
- بارمينديس يتهجى أفكاره
- الفيتو الأمريكي والصمت العربي
- تعزية لا شماتة
- الشريعة أم السياسة-3-
- النفاق أو لغة الكون
- العرب والانقسام الأزلي
- شهود لا متأثرون
- الشريعة أم السياسة_2_
- في مفهوم التواضع
- اعدام شاعر
- الجزء 12 من رواية -أمطار الجحيم
- الشريعة أم السياسة...
- الشعوب وما أدراك ما الشعوب
- الشعر والدين ، وتجاوز المتن القديم _1_
- من المسؤول...؟
- طريق أبيض
- بنية- نظام المخزن - بالمغرب
- الشوهة
- أغاني العربي


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -رواية-16-