أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - نعظم العقول لا القبور














المزيد.....

نعظم العقول لا القبور


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3883 - 2012 / 10 / 17 - 21:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نعظم العقول لا القبور
كتب مروان صباح / كلما اقترب الإنسان من التواضع والبساطة لامس حقيقته الأولى والأخيرة حيث خُلق منها كي يحيى وتحييا الدنيا به إلى أن يتوارى داخلها وينصهر مرة أخرى من حيث خرج ، دينامية الحياة والموت معضلة تقوى على جميع المحاولات التى يسعى المرء إلى تغيّرها وتأبى الانصياع لرغباته رغم الجهد المبذول من حيث التراكم في تحسين شروط الرحيل بعد ما أدرك يقيناً ان البقاء شيء مستحيل فبدأ يبحث عن رحيل يعوض استسلامه في مواجهة الموت الذي يتفاوت من شخص إلى اخر من حيث الاعداد والاهتمام ، وتعُّود رهنيتها لحجم الإمكانيات المادية والمكانة الاجتماعية للفرد لكنها في المضمون يبقي القدوم والخروج متساويان من حيث ألضرورة ، يأتي الإنسان إلى الدنيا عارياً ويلف على الفور بغطاء كي يقيه من الأذى المحتمل ويرحل كذلك عارياً إلا من غطاء أخر يواري عوراته تاركاً خلفه ما كدح من أجل جمعه ليلاً نهاراً .
لم تكن البساطة في وقت من الأوقات مرتبطة بالفقر بل هي سلوك ينتهجه المرء بعيداً عن كونه غني أو فقير أو عالماً أو متواضع الإمكانيات وذلك نتيجة قناعات يصل إليها دون اكراه عبر محطات متعددة تعزز من قدرته على استيعاب الواقع بشكل أعمق مما تدفعه إلى تجريد ذاته تدريجياً من الأنا التى تعكس لاحقاً لأنماط تحدد شكل حياته ، فإذا كان فقيراً يُعتقد أنه غني وإن كان غنياً ينظر له أنه متوسط الحال ، فمن اهتموا في مجال الفكر والثقافة وعلوم الفقه الديني منذ البداية اتسموا جميعهم بالتواضع والحياة غير مكلفة والسهولة في التحرك بين الآخرين دون تعقيد والرفض الكليّ لبناء حواجز بينهما مع الاحتفاظ لمكانتهم العائدة من المعرفة لا سواها ، وقد قضوا حياتهم منهمكين في انتاج افكار تساهم في احياء ما تراكم في السابق دون أن يخطط المرء منهم ابداً لشكل سيرته بعد مماته باستثناء الأعمال التى يتركها ، الإ انها تأبى رغم المحظورات إلا أن تندفع الأيدي التى كانت مغيبة وغير فاعلة كي تتدخل في رسم شكل المرحلة الجديدة في حضرة غياب الراحل من حيث البقعة التى يتوارى داخلها ، لتبدأ رحلة الإبهام لحد تجعل ممن داخلها لو عاد ورأى ما تم صناعته من مبالغات في الإصراف والتعظيم لأنكر القائم والقائمين وقذفهم بالحجارة وشكك بذاته ، لأنه بالتأكيد لم يصرف من كل هذا الوقت من حياته واختياره للعزلة على متاع الدنيا في البحث والتفكير ليضيف للبشرية شموع اخرى تخفف من عتمة الظلام كي تأتي مجموعة تقدم جسده على المعرفة التى تركها ، فما يحصل من موروث للأسف بات يسبب العديد من الإشكاليات يعمق الخلاف رغم سطحيته لما تطغى من أمور ثانوية بفضل مجموعات تتوارث الأبنية لتصبح مزارات وتُبث الروايات حتى التعاظم وتتحول من جيل إلى اخر لتصبح اسطورة مقابل إهمال مقصود لأن القائمين لم يكونوا بالأصل معنيين في حياته وبعد مماته بعلمه أو معرفته التى اجتهد بإجتراحها وسعى نقلها .
من الطبيعي أن تعظم الأمة رجالها الصادقين الذين سهروا الليالي وواصلوها بالنهار ومازالوا يضيئون الشموع داخل مدافنهم لمن يواكب اعمالهم ويراكم فوقها ، لكن من غير الطبيعي والمستهجن أن تغوص الأمة في قضايا لا تقدم ولا تأخر بل تحجب رائحة الاشتمام للإبداع والتطور وتنزلق في زواريب لا تؤدي إلا للتخلف والإقصاء الذاتي قبل الأخر لها ، فهناك العديد من العلماء تخلدت اعمالهم وتتناقل من جيل إلى أخر وتطبع انتاجاتهم بكثافة لكثرة اقبال قرائها حيث تُعتبر مراجع اساسية في تكوين اعمالهم المنشودة ونتذكر اسماء هي على الدوام عالقة في الذاكرة لقوة تأثيرها الإيجابي كالكواكبي الذي عاش ايامه مطارداً من عسس السلطان وانتهى به الأمر مسموماً في مصر ولم يُعّرف قبره لكن كتبه التي استطاعت الهروب من نيران الانتقام الفكري وعلى الخصوص كتابه طبائع الاستبداد الذي أصبح ركيزة من ركائز الفكر العربي حيث ايقن الكواكبي أن لم يكن للمستبد أن يستبد على الناس إلا إذا وجد البيئة المناسبة له ، لهذا نرى أن هناك من يرغب في استبداد الناس لكن من خلال منطقة بعيدة عن الكرسي الحكم متسلل إليه عبر قنوات أخرى لعدم توفر إمكانية حصوله على جزء حتى لو كان بسيط منه ، جاعلاً من الأضرحة والمقامات كرسي من نوع اخر للوصول إلى جيوب الناس كي يستعبدهم بطرق التخويف والترهيب والأمل الكاذب بهدف اخضاعهم واستغلالهم من الناحية المادية والمعنوية .
لقد حُرقت كتب ابن رشد إلا أن اسمه أخترق التضاريس وأصبح في الغرب يسمى بالشارح الأكبر لأرسطو ، وحرق ابن حيان التوحيدي كتبه بنفسه نيابةً عن موتورين العصور المختلفة التى ترى أن الإشعال النار بها دواعي كي تريح العقل من الإجابة عليها أو تطويرها بعد ما ضاقت به الأيام ورأى ايضاً بأن كتبه لم تنفعه في وقت تقدم الرغيف على العلم فجمعها وأحرقها فلم يسلم منها غير ما نقل قبل الإحراق لكنه لقب بشيخ الصوفية وفيلسوف الأدباء ، تختبر الأحداث الجسام منسوب الوعي لدى المجتمعات فإحراق الكتب يعتقد حارقها أن سيؤدي إلى غايته تماماً لن تفلح هدم الأضرحة في لجم قاصديها لأن المسالة تكمن في العقل الذي يحمل الفكر ، فأن كان هناك سبيل لا بد من هدم تلك الأفكار من العقول وعدم اللجوء إلى الوسائل التى تفاقم من المسائل حيث لا تقدم أي حلول جذرية بل العكس تماماً تؤسس إلى كراهية عمياء معطوبة البصيرة مما يساعد إلى أفراغ ما تبقى بالمخزون لتصبح خالية باستثناء النوافذ المهشمة التى يتسرب من تشققاتها الهواء الذي يرتطم بالجدران ويعود محملاً بأنفاس تعتقت لدرجة التعفن ، لا رجاء من هؤلاء إلا أن يعاد وضعهم في سلم الأولويات كفئات ضُللت لسنوات طويلة بل توارثت عن جهل لأنماط غرائبية عن العقل اولاً وتحتاج إلى ترميم بدقة فائقة تزيح بشكل تدريجي ما تراكم من امراض وصلت إلى اجزاء عميقة وحساسة تتطلب ايدي تستطيع التعامل مع المشارط كي تستأصل الكتل التى تداخلت مع الحقيقة وتستبدل بالمعرفة التى انتجها الراحليّن كي يتخلوا عن النوافذ لصالح الأبواب ثانياً .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمَّة اقرأ لا تقرأ
- مسرحية شهودها عميان
- تونس وهي
- فياض ... لا بد من نقلة أخرى نوعية
- على خطاك يا فرعون
- الضغوط تواجه بمزيج من الشجاعة والحكمة
- ثنائية القوة والضعف
- العربي بين حكم الديكتاتور أو ديمقراطية تفتت القائم
- ثراء يصعب فهمه أو هضمه
- الشعب هو الضامن الوحيد لمستقبله
- راشيل جريمة كاملة دون شهود
- من مرحلة الخوف إلى التربص
- من جاء إلى الحكم على ظهر دبابة لن يرحل إلا تحتها
- أقنعة نهاريةُ وأخرى ليلية
- حفيد أم وريثا
- تسكع من نوع آخر
- اجراس تكفي لأن تثقب طبلة الأذن
- تحالف المشوهين
- بين قسوة العربي على توأمه والعدو
- فحم يتحول إلى ماس يتلألأ


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - نعظم العقول لا القبور