|
العفن الجنائزي للماضي والحاضر
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 23:25
المحور:
الادب والفن
رضاب أزرق في الفجر ، يُندّي أثداء فتياتنا المعتلّة . في الأنصاب التي يطقطق فيها الظلام عبر المرايا المعكوسة للأفق ، لا طائر يُحسن عدّ الفراشات في حلمه بين الخمائل . الحديث المتبّجح والهستيري عن النفس في الشعر الحديث ، جرأة متهورة عن الشموليات . عقلنا الباطن يدحر دائماً هالة الايديولوجيات المتكلّسة ، ويبقى على اوفيليا وانتحار أملنا . إشارات بؤس نتضامن في حرارتها مع التجارب التي تحرّك الظلمة المتلألئة . يقول الصعلوك المتواضع وهو يزحف بين النفاية في هملايا انشداده الى العالم الأسفل : { شككتُ في اصلاح القصيدة . أيّامي تتذبّذب في أرض وطني المحترقة } الخ الخ الخ . لا وطن للقصيدة . كلّ واقع كسيح ، وكلّ كلمة تكتظ ببضائع وأشلاء فاسدة . تحرّضنا الهندسة الخطرة للخيال ، على أن نكتب غير مبالين بالوفاء للآلىء الأخلاقية للمجتمع .
عوالم السلطة
أجْلسُ في الحَديقة مُراقباً الطيور التي تتلوّى في الرنين المتواتر للزمن . الرتابة الثقيلة لحياتي التي تعوزها الانفعالات ، ممرّضة تضاجع مريضها المصاب بالسرطان . نعاس يهبّ من زرائب ، تُصلب فيها آلاف الأمهات ، تقذفه أسلحة ملوك حمقى ، ويلوّث الأثير والرّهافة النفعية للأفق . في الماضي كنتُ أتنّزه في بلادي التي يغطيها رماد براكين الإهانة ، مع موتى فَصَلهم الفن الوحشي للحرب ، عن الحياة ، وأرتعد من السم المتقاعس في وجوه النساء المحترقة . الظمأ الى الحلم الانساني ، تطبق فوقه الحجارة السوداء لعوالم السلطة . جبابرة ينتظمون في السفالة ، ويتحّكمون في الشرارة العابرة لفجرنا . غوغاؤهم يصعدون أشلاء ما نحلم به ، بتثاؤب يُرغي في النسيم الذي يتحرَّق بمحاذاة المستنقع المسمّم لخريفنا الذي يحيق به الهلاك . كنتُ في بحيرة النائمين ، أنسجُ أيّام حياتي بأمراض لا إيمان يُنّجي منها ، وأوشيها بأصداف جروح مملوءة بشتائم أوباش مأجورين . الموت العريق في عنفه ، أكبر من حيازة نسمة حضارة . هل أفلَت هورمون حلمي ، من ميتته المرتقبة ؟
خسارة فادحة
تعاقدٌ طويل في التجربة الكاملة لخسارتنا الكبيرة ، نحنُ الذين عجزنا عن اقتحام المفتاح في سنوات الحرائق . كلّ حلم تلّمسنا فيه رماد الكراهية ، لم يمنحنا صفو نسمة تائهة ، والمستقبل يرهن نفسه في إنجماد طويل على تنفساتنا المجروحة . النساء اللواتي أحببناهنَّ في حديقة العصافير المحتشمة ، انطفأت نجوم شبابهنَّ ، وكبرنَ في الليل الكئيب للمشرحة . هل آمنّا بمخلص ما ، يُسقط عنّ أيّامنا الصخور المسمومة للشمس ؟ خسارتنا فادحة ، وزمننا خسيس ، يلهو به المُصفق ، والديّوث ، واللص ، والقاتل ، وتحتضر فيه الانسانية ، مُكبّلة بالدنس من شاطىء الى آخر .
العفن الجنائزي للماضي والحاضر
يطوّق بدائلنا الذين ناموا في الاهرامات ، الصدى المحْمي للزمن . الظل الغامر والمنفى ، لا يمنحان حياتنا البهاء والكمال في ما يحيا وما يموت . هل كنّا شهود زور في تحرّقنا الى الأفعال المريعة التي ارتكبها أسيادنا الحمقى . خسّة مفرطة تلك التي منحناهم فيها إبادتنا . نحتاج الآن للتخلّص من التبشير بجروحنا المفتونة بالملح ، ومن شرائعنا المخزية ، الى بوق ننفخ فيه السم ، صوب العفن الجنائزي للماضي والحاضر . فلاّحون ورعاة هجروا أيّامهم المعمورة بندى الجداول ، واقتيدوا بقسوة لبناء الأضرحة المغناطيسية للملوك الآلهة . الطائر في الجبال والنبيذ في هيكل الربّ ونحن نريد الآن هرطقة جديدة تنّجينا من طغيان آلهتنا التي تبيدنا في كلّ حين .
3 / 9 / 2012
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقل الأضاحي
-
مصائرنا المصفوعة بيأسها المريع
-
ثلاث قصائد
-
نصوص الحرب
-
يتضوّع الفجر الشقيق للحبّ رخيماً على المحبين
-
الحمقى الذين يسهرون في كهولتهم
-
دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة
-
6 قصائد
-
اللحظة / الحركة
-
الهديل المرتعش لحمائمنا فوق الخرائب
-
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة { 5 قصائد }
-
تقديم القرابين . 8 قصائد
-
ميراثنا المعشوق بين الدموع
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
-
العتمة . الفناء
-
صلاتنا الى الرغبة
المزيد.....
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|