أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبوعبيد - الثأرُ من الفنّ














المزيد.....

الثأرُ من الفنّ


محمد أبوعبيد

الحوار المتمدن-العدد: 3506 - 2011 / 10 / 4 - 23:29
المحور: الادب والفن
    


بعد أن بدأ المواطن العربي يستعيد عافية الشهيق بحرية، ولو بتباطؤ دون تواطؤ، يبدو أن ضحية جديدة ستحل مكانه أيام قمعه وهي الفن.

يا للمفارقة العجيبة التي قد ترهق "أليس" في بلاد العجائب أكثر! فالمواطن تحت الحكم الديكتاتوري مقموع مكبوت مكتوم صوته، بينما الفن له فمٌ لا ماء فيه، وبعد انقشاع هذا الحكم، يعود المواطن ليشعر بأن له فماً بات بمقدوره استخدامه، بينما يصبح الفن مكبلاً مقيداً. علاقة شائكة لا يعرف ضراوة شوكها إلا المشرقيون.

بعض الذين طالما شكوا سلب حرياتهم، يصبحون على خطى من سلبوهم إياها، ولو بذرائع مختلفة، فالديكتاتور، أصلاً، كانت له حججه في سيماء حكمه، ومُضحِكُها أنه لم يكن يرى في نفسه الحاكم المستبد، وكان يرى حُكمه يوطوبياً يُسْعَد به المحكومون. وهكذا بدأ يتصرف بعض من اعتلوا صهوة الثورات، وأتيحت لهم الفرصة، أخيراً، أن يسعوا للحكم، وأولى ضحاياهم الفن.

كأنهم على عداء مع سائر الفنون، وكأن الفن كان السبب في الردح الزمني السوداوي إبان الحكم الشمولي، فيحسبهم المرء أنهم بصدد الثأر من المسرح والسينما والغناء والرسم والنحت. والأمثلة على هذه الفوضى الرؤيوية كثيرة، خبطت أكثر من مكان مشرقي، فما عَلِموا أن الفن بريء من تلك الحقب السوداوية براءة الذئب من دم يوسف.

إن معاناتنا كانت، وما انفكت في بعض منها، مع أنظمة حكم مستبدة، ولم تكن يوماً، ولن تكون، مع الفنون، لأن الفن ببساطة متناهية غير مستبد، ولا يفرض على أحد أن يحبه بالإكراه والقوة، وإنْ كان يأسرنا بجمالياته وخيالاته.

عندما انتهى عصر صدام حسين، ارتكبت بعض الجهات العراقية إفكاً وخطايا في حق الفنون، عندما حاربت المسرح والنحت والموسيقى، وكأنها السبب في ما آلت إليه أحوال العراقيين طيلة عقود. والأمر عينه يتكرر، بكل أسف، في "مشرقيات" أخرى، هي على شفا الوقوع تحت سلطة من يرون في الفنون طاغية مستبداً، كمصر وتونس وغيرهما، وكأن العالم العربي في نظرهم لم يكن يعاني إلا من فنانة مسرح، أو أغنية، أو متحف، او مقطوعة موسيقية، فخلا من كل مشاكل الفقر والبطالة والتعليم والاغتصاب والعنف الأسري، فأنموذجهم في "مثالية" الحكم هو قندهار.

إن الفن ليس صندوق "باندورا" الذي انبعثت منه الشرور والرزايا في حقب الاستبداد، وليس من الإنصاف تحميله وزر الديكتاتوريات، فمن الأوْلى طمـأنة المواطن العربي حول مستقبله المعيشي ومستقبل أولاده، بدلاً من بث الرعب في الفنانين وتابعيهم، وتصوير الفن على أنه تماثيل "باميان" يجب تحطيمها بطريقة طالبان.

في الماضي، مواطن مكبَّل وفنٌ شبه حر، اليوم مواطن شبه حر وفنٌّ مكبل، لذلك لن ننعم بالحرية إلا برتقها: الإنسان والفن, دون فتقهما.



#محمد_أبوعبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا.. حتى في الكُفرِ جهلٌ
- صبرا وشاتيلا.. الذكرى المنسيّة
- نِصْفُ حُرّية أفْضَلُ مِنْ عَدمِها
- العرب والغرب .. نقطة جعلَتْنا نكتة
- الشباب يرسمون مرحلة جديدة
- محمود درويش غائبٌ في حَضْرتِه
- فرصتان أمام المسلمين
- أين استنكار المسلمين لمجزرة النرويج!!
- سيّارة -إسلامية-
- شاكيرا في إسرائيل
- إناث في انتظار -الاغتصاب-
- دون الحاجة إلى -العربية- أو -الجزيرة-
- القدس
- حزب النفاق.. الأكثر صدقاً
- احذروا العطْس.. فإنه -مؤامرة- غربية
- المقال.. للعائلات فقط
- مقطع -يوتيوبي- لمدرّس غير -يوطوبي-
- أكبر سجن في العالم.. عند العرب
- خياران لا ثالثَ لهما
- مجتمعٌ بلا امرأة حُرّة .. مجتمعٌ مهزوم


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبوعبيد - الثأرُ من الفنّ