أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - النظام السوري: افتراق السياسة عن القيم














المزيد.....

النظام السوري: افتراق السياسة عن القيم


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 3472 - 2011 / 8 / 30 - 08:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ بداية الانتفاضة السورية في 18 آذار 2011، وبعد أن أدرك النظام السوري جدية الأمر وخطورته فتح لنفسه نافذتين للتعامل معها في محاولة منه للنجاة من المصير الذي آل إليه نظاما مصر وتونس السابقين. نافذتان عبر عنهما الخطاب الأول للرئيس وثابر على ذلك في خطابيه التاليين: الأولى هي الإقرار بمشروعية المطالب التي رفعها المتظاهرون والاستعداد للإصلاح، والثانية هي الحديث عن مندسين ومؤامرة وجماعات مسلحة تتستر بالمظاهرات "التي ترفع مطالب محقة".
النافذة الأولى تهدف إلى معالجة الفقر الأخلاقي للنظام، فلا يمكن إلا للصفاقة الخالصة الدفاع عن استبداد أصبح غاية ذاته، استبداد فارغ من أي مشروع سوى حماية ديمومة حكم الفئة الحاكمة. لا يمكن الدفاع عن وضع سياسي مزمن تبتلع فيه السلطة السياسية الدولة وتبتلع عبرها البلد، وما يجر هذا من مضاعفات مشينة مثل الفساد المحمي والمحسوبيات وضياع حقوق وكرامات الناس إلا ما رضت ومن رضت عنه أجهزة أمنية تتحكم بتفاصيل حياة "المواطن" بما في ذلك لقمة عيشه، تتحكم لا لتحمي بل لتعاقب وتؤدب أو تكافئ وترشي وفق معاييرها للولاء. وهذا يخلق بطبيعة الحال دينامية بالاتجاه المعاكس حيث يسعى "المواطن" لكسب رضا الأجهزة الأمنية بالخضوع والتملق والنفاق والرشوة المادية اللامتناهية الأشكال لمسؤولي هذه الأجهزة إذا استطاع وكان من المقتدرين.
حتى أشد المدافعين عن استمرار الوضع السياسي في سورية حماسة يجد نفسه عاجزاً عن إنكار مستوى الفساد وسوء الإدارة في البلد، وقد وجدت هذه الفئة من الناس مخرجاً سياسياً/أخلاقياً لها عبر هذه النافذة التي ذكرناها. منطق هذا المخرج بسيط ويلخص بما يلي: الاعتراف بأن الفساد موجود وكذلك المحسوبيات وتجاوزات أجهزة الأمن الخ، وإن المطالب المرفوعة من المتظاهرين السلميين مشروعة وقد استجاب لها النظام بحزمة إصلاحات يجب إعطاؤها الوقت بالكف عن التظاهر. ولمن لا يثق بجدية النظام في الإصلاح عليه أن ينتظر ويرى ليبرهن على جدية أو عدم جدية الإصلاحات. بذلك تفادى النظام وأنصاره الوقوف موقف المدافع عن الواقع اللاأخلاقي للنظام السياسي القائم. أي انتقل النظام وأنصاره بذلك إلى موقع يشبه الهجوم. وقد بدا هذا المنطق معقولاً إلى حد تبنيه من بعض المثقفين ذوي التاريخ المعارض. الخطوة التالية في هذا المنطق تستند إلى ما توفره النافذة الثانية.
النافذة الثانية تطلق يد النظام للتعامل مع المظاهرات بعنف بدعوى أن هناك مسلحين ومخربين الخ. ولئن كان فتح النافذة الأولى سهلاً ولا يحتاج إلى أكثر من خدمات شفوية (وعود) أو ورقية (مراسيم وقوانين)، فإن فتح النافذة الثانية صعب ويحتاج إلى تعمية إعلامية لفترة من الزمن حتى تتمكن الإجراءات القمعية الفظيعة والاستفزازية من توليد عنف مضاد (يستحسن أن يكون شديد الفظاعة) يجري من ثم التركيز عليه وصبغ كامل الحركة أو معظمها بلونه لتسويغ المزيد من القمع من جهة وتشويه صورة الانتفاضة الشعبية من جهة ثانية. وقد حقق النظام التعمية الإعلامية بمنع دخول وسائل الإعلام العربية والأجنبية إلى سورية، وساعده في تفعيل وظيفة هذه النافذة فيما بعد العنف المضاد الذي مارسه بعض المتظاهرين ولاسيما في منطقة جسر الشغور. وفق هذا التحليل لا يستبعد أن يكون النظام قد مارس بعض العنف ضد نفسه، إن جاز القول، لتبرير استخدام العنف، ولاسيما أن الأمن الموازي أو غير الرسمي (وهو ما يعرف في سورية باسم الشبيحة) مناسب للقيام بمثل هذا الدور، في المراحل الأولى على الأقل. وليس هذا ابتكار جديد على أجهزة الأمن، بل هو ممارسة مألوفة تمتد من حرق الرايخستاغ في ألمانيا حتى تفجير كنيسة القديسين بالاسكندرية.
غيّر النظام توصيف حجته مراراً من مندسين إلى سلفيين إلى إرهابيين إلى مجرد جماعات مسلحة، دون أن يحمل هذا التغيير في الوصف أي قيمة (ما خلا فضح الكذب) ذلك أن كل هذه التوصيفات تؤدي الغرض منها وهو تبرير التعامل العنيف والدموي مع التظاهرات.
لكن مع الوقت، وبفضل استمرار المظاهرات وكفاحيتها المدهشة رغم كل أشكال القمع، ورغم كل الخدمات التي قدمها للنظام عن غير قصد بعض المشايخ السعوديين والسوريين الذين تكلموا بفتاوى طائفية دموية صريحة، ورغم ظهور بعض الأشكال الرهيبة من العنف المضاد الانتقامي، تتراجع وظيفة النافذة الأولى حيث يتبدى بعد شهور أن النظام عاجز عن إصلاح نفسه وأنه لم يلامس، حتى في وعوده، نقاط الوجع السوري مثل موضوع التوريث والاحتكار السياسي. وتتراجع وظيفة النافذة الثانية مع سقوط المزيد من المدنيين العزل، وبذلك يتقلص الهامش الأخلاقي للنظام وتتخذ الصورة شكلها الحقيقي لكل من يريد أن يرى: نظام يدافع عن نفسه في وجه تطلعات الشعب الجسورة والمحقة.
ويمثل استمرار التعامل الأمني مع المظاهرات الاحتجاجية فشلاً أخلاقياً للنظام حتى لو استطاع قمعها، ويشكل الفشل الأخلاقي مقدمة لهزيمة النظام لا ينقذه منها سوى أن تفتح له نافذة جديدة من خارجه هذه المرة. إما من جانب الانتفاضة إذا تسلحت وتعسكرت، أو من جانب الدول الغربية إذا تدخلت عسكرياً. في الحالتين يكتسب النظام أخلاقية ما في دفاعه عن نفسه، مما قد يطيل في أمد الأزمة، ويعقد تبعات التغيير.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في علمانية اللاعلمانية
- عقدة نقص الدولة الفلسطينية
- العلمانية والديمقراطية وفك الاحتكارات
- عن العلمانية والديموقراطية
- لماذا الصحوة الإسلامية؟
- تعليق على مشروع البرنامج السياسي للتجمع الوطني الديموقراطي ف ...
- في شأن إعدام صدام حسين
- حول اعتقال علي الشهابي
- حرب لبنان ومأزق -العقلانية- السياسية
- سوريا السوريالية
- عن الداخل والخارج مساهمة في الحوار الجاري
- الخارج وفق محددات الداخل - المثال السوري
- الوحدة الوطنية بين السلطة والمعارضة في سورية
- قبل الرماء تملأ الكنائن
- أية علمانية وأي إسلام؟
- مفهموم الوطنية..مقاربة عامة
- مفارقة السياسة الامريكية في المنطقة
- إعلان دمشق ..تقدم في الشكل وتراجع في المضمون
- دنيا الدينالاسلامي الأول - 6
- دنيا الدين الاسلامي الأول - 5


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - النظام السوري: افتراق السياسة عن القيم