أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - ثورة 14 تموز ومسألة العنف














المزيد.....

ثورة 14 تموز ومسألة العنف


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3428 - 2011 / 7 / 16 - 14:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



لعب العنف دوراً مولداً للتاريخ وهذا ما يوضحه لنا تاريخ الثورات العالمية في بعدها الشمولي، إذ لا يوجد أي تغيير جذري وحقيقي دون استخدام حدٍ معين من العنف . هذه الفكرة مستنبطة من الفكرة الرئيسية وهي أن التاريخ البشري هو تاريخ التناقض والصراع بين الطبقات نتيجة تناقض المصالح والرؤى، وهذا ما ينطبق على واقع ثورة 14 تموز باعتبارها نقلة نوعية في ماهيات النظام الاجتماعي السياسي. إذ دللت التجارب إن التغييرات الجذرية وفي سياق تحقيق صيرورتها الذاتية والموضوعية وما ينجم عنها من ولادات اجتماعية فكرية، سترافقها بالضرورة الحتمية آلام ومصاعب وعنف يصيب على الأقل، الطبقات والفئات التي خسرت مواقعها الاجتصادية والسياسية وفقدت امتيازاتها وحظوتها في السلطة. ولذا سيتوقف حدة العنف بالأساس على مدى مقاومة هذه الطبقات المهزومة وطرق عملها المضاد، وهذا يتوقف على مدى تحكمها بعناصر القوة المادية وماهية تحالفاتها السياسية، الداخلية والخارجية. وكذلك وهذا مهم أيضاً موقف المجتمع سيسيولوجيا من مدى استخدام العنف في حل إشكاليات الحياة، وبالتالي حدة الصراع الاجتماعي في كل تجلياته والمتمحور في أحد جوانبه بالسلوك الجمعي، طالما إن لكل إنسان/ جماعة رغبات وحاجات أساسية وهم في سعي دائم لتبيتها. وإذا ما كبتت هذه الحاجات والرغبات فإنها ستولد بواعث قد يكون العنف والنقمة يشكلان العنصر الرئيسي للسلوك الإنساني .
وارى من الضروري التأكيد على إن كل المجتمعات البشرية ، بدون استثناء، استخدمت ولا تزال تستخدم العنف بدرجات متفاوتة نسبياً، المادي منها والمعنوي، طالما للعنف جذور عميقة في الثقافة الإنسانية بصورة عامة. نظرا لحضوره في عمق التاريخ وباعتباره حالة مألوفة. إن البحث في هذه الظاهرة ليس من البساطة بمكان، لذا يجب تفكيكها بالاعتماد على حزمة من العلوم مثل علم النفس ، الاجتماع، الانثروبلوجيا، التاريخ وغيرها. واستناداً إلى ذلك أرى بوجود عوامل رئيسية متداخلة ومتشابكة تؤثر جدلياً في طبيعة ومدى هذا الاستخدام وحيزه الاجتماعي والزمني، منها على سبيل المثال: ماله علاقة بدرجة التحضر والتمدن؛ الإرث الثقافي السيسيوتاريخي؛ الإرث السيكولوجي الجمعي؛ الظروف الجيو سياسية؛ الممارسة المادية لنشاط البشر وتعاملهم؛ طبيعة التركيبة الاقتصادية وانماطها الرئيسية؛ ماهية الوعي الاجتماعي السائد ميثولوجياً أم دينياً، ذو طبيعة صنمية أو خليط منها؛ طبيعة النظرة الفلسفية للحياة؛ درجة الحرمان وسعة الفئات المشمولة به.
تتهم ثورة 14 تموز بالعنف والدموية ، رغم محدودية الكم( لا يزيد عن أثنين وعشرين شخصاً) وهو رقم يكاد لا يذكر مقارنةً بالثورات التاريخية والتغييرات الجذرية التي حدثت في التاريخ الإنساني البعيد أو القريب ، أو تلك التي شهدها العراق المعاصر عند انتقاله من المجتمعات الزراعية المتشظية إلى الدولة المركزية سواءً في : مفاصل التحولات الجذرية، أو/و خلال الصراع السياسي والانتفاضات الشعبية ضد السلطات الجائرة أو غيرها . وعليه إن سمة العنف التي توسم بها ثورة تموز غير موضوعية ومبالغة فيها، وقد نجمت عن جملة مسببات ،كما أزعم، ومن أهمها:
أن العنف قد طال أقطاب الحكم الثلاثة عبد الإله ونوري السعيد والملك ؛ وقد عمقه القتل غير المتعمد واللا مقصود لبعض أعضاء العائلة المالكة؛ التمثيل بجثمان الوصي والسعيد؛ وما روجه الإعلام الغربي والقوى الاجتماعية المهزومة؛ الضغط الذي مارسته الطبقات المسحوقة والذي اقترن بعض منه بالعنف المادي؛ التركيبة النفسية للمجتمع وأرثه السيسيولوجي الثقافي؛ صراع الضباط على السلطة ؛ الاحتراب بين الأحزاب السياسية وما صاحبه من عنف؛ وغيرها من العوامل المشتقة والمستنبط مما ذكر أعلاه.
بالإضافة إلى ذلك، تعم أنظمة الحكم في المجتمعات الشرقية ، تداخل بين الوظيفتين الأخلاقية للأب في الأسرة والسياسية للملك، الذي يعد نفسه أباً للجميع مما يضفي عليه كلا البعدين السياسي والأخلاقي ، بحيث لا يمكن الاعتراض على أمره، فقراراته مطاعة واحترامه واجب. بمعنى التنقل من الأخلاق إلى السياسة ومن ثم من السياسة إلى الأخلاق، بغية تبرير الحكم الاستبدادي للملوك والقادة الشرقيين. وإذا انطلقنا من الواقع الملموس وضمن الاستقراء التاريخي لما حدث في قصر الرحاب ومقتل نوري السعيد، ترى هل كان مقتل الثلاثي عملا وحشياً ولا إنسانياً؟؟؟؟ ربما لا يكون إصدار الحكم ملائماً, لكن علينا أن نضيف لا تسويغاً بل توضيحاً، إن نوري والوصي لم يكونا رحيمين بحياة الناس . ثم أيستغرب أن تنبع اللا إنسانية من الأوضاع اللا إنسانية التي كان يعيشها سكان الأكواخ الطينية المحيطة ببغداد وباقي المدن الكبرى؟؟ وكذلك الهامشيون في المدن والحواضر؟؟ والمعدمون والفقراء في الأرياف؟؟ إن نظرة موضوعية فاحصة لماهية إدارة السلطة الملكية التي قادها الثنائي الوصي والسعيد كانت خالية من الرحمة وبالخلاف عن مصالح الأكثرية الشعبية، وصارا طاغيتان من الطراز التقليدي. حيث عبرا عن مدى إستخفافهما بحياة الناس وقيمهم الإنسانية من خلال الاستخدام غير المبرر للعنف المكثف في قمع الانتفاضات الشعبية على مدى 4 عقود من الزمن. وعليه فإن وجهة النظر التي توسم ثورة 14 تموز بالدموية هي نظرة مجتزئة كما أرى، إذ هي:
- بقدر ما هي جزئية فأنها تنظر إلى نصف الكأس الفارغ فقط؛
- بالقدر ذاته تعبر عن المنهج الشكلي في رؤيته للظواهر الاجتماعية؛
- وتفصح عن الجهل بتاريخية العراق السياسي وعدم دراية بما لعبه عنف الدولة، المادي على وجه الخصوص، في تثبيت كيانها وسيطرتها وضمان تنفيذ قرارها المركزي؛
- إنها غير مدركة لأهمية العنف ودوره في التحولات الجذرية باعتباره مولدة التاريخ؛
- تتناسى منهجياً عدم إمكانية النظر في التاريخ من زاوية متجردة كما هو الحال مع الطبيعة ، طالما إن التاريخ هو حصيلة تداخل الذاتي بالموضوعي ، المرغوب بالمفروض، والخيالي بالواقعي؛
- إنها تنطلق من واقع السكون وقيمه وليس من واقع الحركة وديناميكيتها التي تستوجب التفاعل والصراع وضرورتيهما للتطور.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الباحث الأكاديمي عقيل الناصري حول ثورة 14 تموز (2-2)
- حوار مع الباحث الأكاديمي عقيل الناصري حول ثورة 14 تموز
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (6-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (5-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (4-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (3-6)
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963´- سباق المسافات الطويلة : ( ...
- من خفايا انقلاب شباط الدموي 1963 (1-6)
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- تهنئة الى الحوار المتمدّن
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- الحركات العلمانية في العراق المعاصر (3-3)


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - ثورة 14 تموز ومسألة العنف