جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 18:17
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
يجب أن نجد جامعات ومدارس رسوم التعليم فيها كثيرة وعالية حتى لا يتمكن أبناء الطبقات الاجتماعية الوضيعة من دخولها وإفسادها.
حاولت اليوم أن أجد مدرسة يتعلم فيها ولدي علي تعليما راقيا فأنا الآن بحوزتي ملفه المدرسي وأريد تسجيله في مدرسة راقية قبل بدء الفصل الدراسي الجديد هو وأخته بحيث يبتعدوا عن الطلاب البيئة أو القادمين من بيئة اجتماعية متخلفة لأنني لاحظت في نهاية هذا الفصل الدراسي بأنه قد صاحب شلة معظمهم بيئة منحطة ولا ترتقي لا هي ولا اللي خلفوها إلى مستوى المجتمع المدني والإنسان التقني المتحضر, ولكنني لم أجد, فكل المدارس تقع في حارات حقيرة ونجسة ومخرجات التعليم فيها سيئة جدا,حتى أن المثلية الجنسية أول ما يتعلمها الطلاب الفقراء تكون في المدارس نظرا لغياب عنصر الإناث, وحين يذهب هؤلاء الفقراء إلى الجامعات يصطدمون بالبنات الطالبات هنالك وتحدث مشاكل سنتحدث عنها في مقالٍ لاحق ... وأنا كوني فقير جدا ومعدم..تعبت من التحري والبحث عن مدرسة في حارة مهذبة ومحترمة فجلستُ على الجزيرة بمنتصف الشارع وكدتُ أن أبكي وصدقوني أنني أردت فعلها لولا خوفي من كثرة الأسئلة, فأنا أعلّم أولادي على عاداتي وتقاليدي وعلى فهمي للدين وللسياسة, ولكن في المدارس التي يذهبون إليها يضيع بفضلها كل جهد أقوم به, حتى الأصدقاء الذين يحضرون مع ولدي علي من المدرسة إلى البيت أجلس بعيدا عنهم من غير أن يلاحظوا وجودي وأرقب تصرفاتهم فأجدها كلها تصرفات بيئة حقيرة ومنحطة ولا تتناسب مع روح الحضارة, ولكن من أين لرجل مثلي أن يعلم أبنه في مدرسة خاصة بتكلفة 500دينار لكل فصل دراسي؟, لو كنتُ فعلا أملك هذا المبلغ لأرسلت أولادي إلى مدارس كاثوليكية خاصة, فالمسيحيون عندنا وحدهم من يعلم أولاده في مدارس خاصة نموذجية لكونهم يخافون على أبنائهم من مخرجات التعليم في المدارس الحكومية.
المستوى الاقتصادي, المستوى الاجتماعي,المستوى الثقافي,مثلث متوازي الأضلاع, متطابق مع بعضه البعض, فالذي مستواه الاقتصادي هابط يكون مستواه التعليمي هابط ومتدني ولا ينسجم مع روح الطبقة الاجتماعية التي حضرتها وجهزتها المستويات الاقتصادية والتثقيفية التعليمية, وبالتالي فإن مخرجات التعليم تتلاءم مع تلك المستويات وتأتي نتائجها متطابقة مع رموز الاقتصاد والاجتماع والثقافة, بمعنى آخر أن الأغنياء مستواهم التعليمي إذا تعلموا في مدارس خاصة وجامعات خاصة يكون مستواهم التعليمي متطابق مع الاقتصادي وعدى عن ذلك يحدث خلخلة في مخرجات التعليم وبالمثال على ذلك إذا تعلم أبناء الأغنياء والطبقات المتحررة جنباً إلى جنب مع أبناء الفقراء في مدارس حكومية فإن التعليم الذي يحصل عليه الطلاب الأغنياء من المدرسة لا يتناسب مع روح وعادات الطبقة الذكية المتحضرة والمنفتحة اجتماعيا, وبمعنى آخر أو من جهة أخرى يكتسب أبناء الطبقات الراقية من عادات وتقاليد أبناء الطبقات الدنيا الهابطة والمنبوذة وبالتالي يكون الخلل واضحا في مخرجات التعليم بحيث لا يتلاءم المستوى التعليمي مع المستوى الاجتماعي, وما تشاهدونه في أفلام السينما العربية والمسلسلات من رفض أحيانا من قِبَل الآباء بتزويج بناتهم أو أولادهم الذكور من أبناء وبنات الطبقة الفقيرة يكون على الأغلب هذا النوع من الإجراء والسلوك إيجابي لأنه من المعروف أن الطبقة الفقيرة تؤثر في الطبقة الغنية من حيث العادات والتقاليد فيهبط مستوى العائلة إلى ما دون معدلات الصفر الاجتماعي طبعا ونحن بدورنا نغضب ونقف إلى جانب الطبقة الفقيرة لأننا شاهدنا أخلاق ابن الطبقة المهذبة ونحن نراها مهذبة ونراه على خُلق لأننا مثله من طبقة اجتماعية وضيعة تدعي أن تصرفاتها تصرفات أخلاقية عالية وذات مستوى إنساني وراقي علما أنها ليست من الرقي والتحضر في شيء , وإذا حصل كذا أو كذا فإن النتيجة تكون معروفة وهي عدم الراحة وعدم الانسجام مع الطبقتين ودائما ما نسمع البنت الغنية الدلوعة وهي تقول(أنت مش من مستواي) ونحن نسخر من هذه العبارة ونحقد عليها ويستجيب لنا المخرج فيجعل نهاية تلك البنت سوداء وليلتها مش فايته, وأرجو أن أكرر بأن التلفزيونات العربية أيضا مستوياتها هابطة وصناع القرار في السينما العربية والإعلام مستوياتهم هابطة جدا فدائما ما يميلون إلى إدانة الطبقة الغنية واتهامهم لهم بالتكبر وبالتعالي على الفقراء ودائما النهاية السعيدة تجبر الباشا أو الغني جدا على خطبة بنت الفلاح الفقير من ابن الباشا وذلك لتشجيع الناس على النزول والهبوط بالمستويات الفكرية وهذه مؤامرة تديرها أجهزة الرقابة على مخرجات التعليم.
أنا وأنت وأنتم مع التعليم المجاني ومع حق الجميع في التعلم ولكن صدقوني أنني أنا شخصياً أعاني من هذه المشكلة, فليست المدرسة وحدها بيئة منحطة فأيضا الشارع مثله مثل المدرسة وصدقوني لو دققتم النظر في المدارس الحكومية لوجدتم أنها تشبه الشارع والشوارع التي يقطنها المنبوذون , والجامعة مثلها مثل القهاوي ومثلها مثل الورش الصناعية والمهنية كل مستوياتها منحطة وهابطة ومتسخة جدا ولا تتناسب مع أطروحات المجتمع المدني المتحضر من ناحية التحرر وأنا شخصيا ألاحظ بأن الجامعات في الأردن مثلها مثل الديوان العشائري وطبيعة المشاكل هنالك مثل طبيعة مشاكل أبناء العشائر المتعصبين فيتحول رئيس الجامعة إلى شيخ قبيلة, والأستاذ الجامعي إلى إمام مسجد صلاح الدين أو جعفر الطيار..إلخ, إن تحرر المرأة لا يمكن أن يأتي لا من المرأة ولا من الرجل بل من بيئة أو جامعة تكون مخرجات التعليم فيها قد حققت موضوعات مختلفة مثل: التسامح الديني والتسامح الجنسي, وتحرر الثقافة والاقتصاد نفس الشيء لا يختلف كله عن بعضه البعض, وخصوصا تعليم الفقراء المقهورين فنحن مع تعليمهم المجاني ولكن هذا النوع من التعليم تفرض شروطه الدولة التي تريد امتلاك المعرفة كقوة, فالدولة تريد السيطرة على مخرجات التعليم بفضل احتكارها لسلطة إنتاج المعرفة, تلك المعرفة التي اعتبرها سقراط فضيلة تعتبرها الدول العربية الإسلامية منحطة وهشة ولا تتناسب مع روح الحياة العصرية,نحن مع تعليم المقهورين ولكن المقهورين هنا ليسوا الفقراء بل الأغنياء أبناء الطبقات الاجتماعية التي تختلف عاداتهم وتقاليدهم عن المجتمعات الفقيرة وبالتالي تحدث عملية تصادم مع العادات والتقاليد, وأنا وأنتم مع تعليم الفقراء ولكن المشكلة هي أن الطبقة الفقيرة والتي عاداتها وتقاليدها منحطة إلى أسفل السافلين عملت على زعزعة روح التعليم وأدت إلى تقهقر عادات وتقاليد المجتمعات الراقية والمهذبة عقليا واجتماعيا, لا تستغربوا من كلامي, وأنصحكم جميعا إذا أردتم لأبنائكم مستوى تعليمي واجتماعي راقي بأن لا تدعوا أبناءكم يختلطون بأبناء الفقراء الحثالة والبيئة, المتخلفين اجتماعيا من ناحية المرأة وحقوقها والمتخلفين في طبيعة فهمهم للدين وللسياسة, وفي أي حالة من الأحوال يجب أن تقوم المدارس والجامعات الخاصة برفع رسومها إلى أعلى المستويات لكي لا يتمكن أبناء القرى الفلاحين والبدو المتخلفين من دخولها وإفساد النظام التعليمي فيها , أنا ألاحظ ذلك لأنني يوميا أفشل جدا في تعليم أولادي, فبسبب ظروفي الاقتصادية السيئة لا أستطيع أن أدخل أولادي مدارس راقية ونموذجية وبما أنني أعتبر نفسي راقيا في أسلوب تفكيري فإنني أطمح إلى أن يكون مستوى أولادي التعليمي متوازيا مع مستوى تفكيري ورقيه وتحضره, وبما أنني متناقض من هذين الناحيتين فإنني أقوم بإرسال أولادي إلى المدارس الحكومية فيعودون لي بتعاليم كلها متخلفة عن الدين وعن الجنسين الذكري والأنثوي, ولو كان مستواي الاقتصادي عالي الجودة لأدخلت أولادي مدارس راقية يتعلمون فيها العلوم المدنية المتحضرة.
لقد كانت مستويات التعليم الجامعي في القاهرة وفي دمشق منذ بداية تأسيس الجامعات عالية جدا وذات مضمون بحيث تنسجم وتتوازى مستويات التعليم مع المستوى الاجتماعي للمتعلمين وكان الطلاب من ذوي الطبقات الاجتماعية الراقية وكانت مخرجات التعليم تفعل فعلها في الوظيفة وفي البيت والأسرة والشارع, إلى أن أصبح التعليم مجاني وللجميع أو من حق الجميع بفضل الثورات التي تطالب بالمساواة بين الجنسين وبين طبقات الشعب , وزد على ذلك أن الفقر الذي تتسع جيوبه طال أبناء الطبقات الغنية فتراجع ألئك من خطوطهم المتقدمة إلى الخطوط المتخلفة فدخل أبناء الأغنياء أو أبناء الذين كانوا أغنياء إلى المدارس الحكومية المجانية وتأثر أولئك الأبناء بمستويات زملائهم من الفقراء, وقياسا على ذلك لنعمل سوية على مراقبة (حي الحسين أو جبل الحسين) في العاصمة عمان إذ كان ذلك الحي يسكنه فقط الوزراء وأبناء الطبقات الاجتماعية الراقية ولكن بفضل عوامل التاريخ دخل الفقراء إليه وبنوا فللاً وبيوتا فاخرة وأثروا في مستويات أبناء الذوات والطبقات الراقية فهجرت تلك الفئات بيوتها أو باعتها ورحلت إلى السابع أو الرابية أو الخامس والمهم إلى عمان الغربية, لقد دخل الفقراء إلى الجامعات وأفسدوها بمستوياتهم الاجتماعية المتدنية, صحيح أننا جميعا ننادي بالتعليم المجاني وبحق الجميع في التعلم ولكن الفقراء يجلبون معهم إلى الجامعات مستوياتهم الاجتماعية والتي أغلبها مستويات منحطة وسافلة وتكاد أن تمتلئ الجامعات بالحثالات من أهل الحارات الذين مستواهم الاجتماعي متخلف جدا, وبنظرة سريعة وعاجلة على صور الطالبات في جامعة القاهرة في الثلاثينيات –وهي متوفرة في الجوجل-وعلى صور الطلاب والطالبات في الجامعة الأردنية إبان تأسيسها وتخريج الدفعات الأولى منها نجد جميع الطالبات لا يلبسن الحجاب أو البرقع أو الخمار أو النقاب وهذا يدل على أن المستوى الاجتماعي يتناسب مع المستوى التعليمي والاقتصادي, ولكن بفضل التقدم والتطور دخل الفقراء الحثالة ضمن هيكلة النظام التعليمي الجديد وبدل أن يقوم الأغنياء من ذوي الطبقات الاجتماعية الراقية بالتأثير في عقلية الطلاب الفقراء جرت العملية بالشكل المعكوس نتيجة دعم الدولة للتخلف فعمل الفقراء في التأثير بمستوى الطبقة الاجتماعية الراقية وجرفوها إلى مجتمعاتهم وعاداتهم وتقاليدهم البيئية المنحطة .
ثلاثةُ مستويات من مستويات التقدم والحضارة والثقافة يجب أن يكونا متساويات الأضلاع وهن: المستوى التعليمي والمستوى الاقتصادي والمستوى الاجتماعي, وإذا اختلت تلك المستويات الثلاثة أو إحداها فهذا يعني أنه لا يوجد انسجام طبيعي وتكون الصحة النفسية مهددة بالخطر..
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
