أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خالد أبو شرخ - الصهيونية (5) .. حركة التنوير - الهسكلاة -















المزيد.....

الصهيونية (5) .. حركة التنوير - الهسكلاة -


خالد أبو شرخ

الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 03:17
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في بداية طرح هذا المحث أتقدم لجميع قراء وكتاب موقعنا الرائد " الحوار المتمدن ", باعتذاري الشديد على تأخري في طرح باقي مباحث الحركة الصهوينة مدة تزيد عن أربعة اشهر , ولكن ذلك كان خارجا عن إرادتي, وبسبب أزمة إجتماعية مررت بها أبعدتني عن الكتابة في هذه الفترة, باستثناء مرة واحدة, حين هزتنا جريمة قتل المتضامن الإيطالي الأممي فيتوريو في قطاع غزة , امل ان يتقبل من تابع معنا سلسلة هذه المباحث تقبل اعتذاري

حركة التنوير اليهودية ( الهسكلاة )

رأينا في المبحث السابق أن جميع الدول الأوروبية منحت اليهود وكافة الأقليات العرقية والقومية والدينية حقوقهم المدنية والسياسية, وكيف تحقق لليهود قدرا كبيرا من الإنعتاق والتحرر والإندماج داخل الدول التي يعيشون بها, وفي أقل من مائة وخمسين سنه, وهي فترة قصيرة جدا, من وجهة نظر التاريخ الإنساني, وإلى جوار القوانين التي سنت لمساواة اليهود ودمجهم داخل مجتمعاتهم, قامت في كافة المجالات الإقتصادية والإجتماعية محاولات شاملة لدمج اليهود وتحديثهم وللقضاء على هامشيتهم الحضارية والإنتاجية, وتحويلهم إلى قطاع إقتصادي منتج مندمج في المجتمع .
وقد أطلق على محاولة دمج اليهود سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وحضاريا في مجتمعاتهم أسم " حركة الإنعتاق", ولم تكن هذه الحركة فريدة أو قاصرة على اليهود وحدهم, وإنما كانت جزءا من حركة عامة, تضم الأقليات وفئات قليلة أخرى, مثل الزنوج والأقنان والكاثوليك في البلدان البروتستانتية والعكس.
لكن الدولة الحديثة في أوروبا والتي نصلت نفسها من الدين, والتي منحتهم هذه الحقوق, طلبت منهم أن يقوموا بدورهم, وما هو مطلوب منهم, مقابل أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الاولى, وأول من طرح هذه القضية هي الثورة الفرنسية, ثورة الليبرالية والبرجوازية الصاعدة, وثمرة حركة التنوير, و فكرة الاخاء والمساواة والحرية , فقد كانت نظرة الثورة لليهود " كل شيء لليهود كأفراد , ولا شيء لليهود كشعب , فنحن لا يمكن أن يكون لنا امة داخل أمة "

لم تكن إستجابة اليهود لحركة الإنعتاق سلبية, بل كانت إيجابية, وتأثروا بها فأصبحت لهم حركتهم وعقولهم المستنيرة والعقلانية, والتي عرفت باسم " الهسكلاة " وهي كلمة عبرية تعني "التنوير".
ظهرت الهسكلاة بين يهود اوروبا في منتصف القرن الثامن عشر ( حوالي عام 1750م) واستمرت قوية حتى عام 1880م تقريبا وكانت تنادي بـ :
• على اليهود المحاولة للحصول على حقوقهم المدنية الكاملة, عن طريق الإندماج في المجتمعات التي يعيشون بين ظهرانيها .
• أن يكون ولاء اليهود الاول والأخير للبلاد التي يعيشون بها, وليس لقوميتهم الدينية والتي لا تستند إلى أي سند عقلي أو موضوعي .
• فصل الدين اليهودي عن ما يسمى القومية الدينية .
• أن يتلاءم اليهود مع الدول العلمانية القومية في أوروبا .
بدأت حركة التنوير اليهودية في ألمانيا حيث نشأت طبقة رأسمالية تجارية بين اليهود أثناء حكم فردريك الثاني (1740 – 1786 ) وانتشرب في جاليشيا والنمسا وروسيا وبولندا ومع ذلك بقيت حركة ثقافية ألمانية .
ويعد موسى هندلسون (1729 – 1786) الفيلسوف اليهودي الألماني, فيلسوف التنوير اليهودي بالدرجة الأولى, فقد حاول تحطيم الجيتو الداخلي الذي أنشاه اليهود بداخلهم لموازاة الجيتو الخارجي , وقد بذل مجهودا كبيرا ليبين علاقة الدين بالعقل, ورفض الإعتراف بأي جانب من اليهودية تتنافى مع العقل, وذهب إلى أبعد من ذلك, باعتبار ان اليهودية ليست دينا مرسلا من عند الله, وأن موسى في سيناء لم يذكر عقائد, بل ذكر طرق سلوك يتبعها الأفراد في حياتهم الشخصية, وانتقد بشدة سيطرة الحاخامات على الديانه اليهودية, وعلى اليهود, وقام بترجمة أسفار موسى الخمسة إلى الألمانية, بهدف القضاء على عزلة اليهود النفسية, وكتب تعليقات مثيرة ومستنيرة على الكتاب المقدس, وأصدر مجلة لنشر كل ثمار الثقافة العالمية بالعبرية, وأنشأ مدرسة في برلين للاطفال اليهود لتعليمهم الألمانية, وطالب بمنح كل فرد حرية العقيدة ليقرر كل ما يشاء حسب ما يمليه عليه ضميره, وتصوره الأخلاقي, أي أنه كان يحاول ان يجعل من اليهودي فرداً له حريته ووعيه, وليس مجرد وحده في مجموعة قومية دينية تسلبه حريته وانسانيته .

تركت فلسفة مندلسون أثرا عميقا في الفكر اليهودي, ويعد مذهب اليهودية الإصلاحية نتاجا مباشرا لحركة التنوير اليهودي ولفكر مندلسون خاصة, وحاول مؤسسوا هذا المذهب وضع صيغة معاصرة لليهودية ملائم للعصر, وعبر عن ذلك الكاتب اليهودي الإصلاحي صمويل هولدهايم ( 1806 – 1880) حيث قال " يتكلم التلمود بأيدولوجية العصر, أما أنا فأتكلم من وجهة نظر الأيدولوجية العليا لهذا العصر لذلك أنا محق ولي الصالحية لعصري " .
أهم ما يميز الفكر الإصلاحي اليهودي وضع المعتقدات الدينية اليهودية في إطارها التاريخي, ومحاولة التمييز بين ما هو مقدس وأزلي, وما هو دينيوي زائل .
فقد أدخلت تعديلات جوهرية على فكرة الوحي والنبوة والشريعة, وكل ما سيطر على الوجدان الديني اليهودي, فلم يكن الوحي بالنسبة للحركة الإصلاحية مطلقا وخالصا وصافيا, بقدر ما كان مختلطا بعناصر تاريخية وزمنية معينة
لم تقف اليهودية الإصلاحية عند هذا الحد, بل اتخذت شكلا متطرفا أكثر في قرارات مؤتمر "بتسبورج الإصلاحي" عام (1885م) حيت قرر المؤتمر أن الكتاب المقدس ليس من صنع الله بل وثيقة كتبها الانسان.
كان هولدهايم يعتقد أيضا أن الدين ليس إلا أداة إبتدعها الإنسان من أجل تطور المجتمع البشري وكأي اداة أخرى لا بد له أن يواكب التطور وان يتم تعديله من حين لآخر, ومن هذه المنطلقات رأى هولدهايم أن اليهودية ولاهوتها وأساطيرها كانا ملائمين للماضي, ولكنهما الان فقدا صلتهما بالواقع, ولا بد من تطويرهما, وأكد أن عقل الإنسان يجب ان يحكم وليس الطقوس والتقاليد الدينية الساكنة.
نستطيع القول أن التيار العقلاني في الفكر الإصلاحي اليهودي, عبر عن رغبة اليهودي في تقبل حدوده التاريخية وواقعة الموضوعي المحسوس, بوصفه إنسانا عاديا لا فردا شاذا, إنتماؤه لأمة من الكهنة المختارين .

في ظل هاتين الخاصتين الأساسيتين للفكر الإصلاحي اليهودي ( وضع المعتقدات الدينية في سياقها التاريخي, والرغبة في تقبل الواقع الموضوعي لليهود) قام زعماء الحركة الاصلاحية مثل " فرايدر ليندر "(1756-1834) و"أبراهام جانجر" (1830-1879) بتعديلات على العبادة الروحية اليهودية, وعلى المفاهيم الدينية , فقد قامت الحركة الاصلاحية بـ:
• إلغاء الصلوات التي لها طابع قومي يهودي
• جعل لغة الصلاة الألمانية بدلا من العبرية
• إدخال الموسيقى والاناشيد الجماعية إلى الصلاة
• السماح بالإختلاط بين الجنسين في الصلوات
• بناء دور عبادة تحمل إسم الهيكل , حيث كان هذا الإسم لا يطلق إلا على الهيكل الموجود في القدس حسب معتقداتهم
وعلى المستوى الفكري أعادت الحركة الإصلاحية تفسير اليهودية على أساس عقلي, أعادوا دراسة الكتاب المقدس على أسس علمية, وأكدوا على أن اليهودية تستند على قيم أخلاقية, تشابه القيم الموجودة بالأديان الأخرى, وركزت على على الجوهر الاخلاقي للتلمود, مهملةً التحريمات المختلفة التي نص عليها القانون اليهودي .

عدل الإصلاحيون على بعض الأفكار الرئيسية في الديانه اليهودية, فنادى " أبراهام جانجر" بحذف جميع الإشارات التي تشير إلى خصوصية الشعب اليهودي, من جميع الطقوس والعقائد والاداب اليهودية , وطالب بالتخلي عن فكرة شعب الله المختار كليةً, في حينٍ اخر نادى بعض الإصلاحيين بالإبقاء على هذه الفكرة, مع أعطائها دلالة أخلاقية جديدة, على أن الشعب اليهودي مختارا برساله أخلاقية, ليست قاصرة عليه وحده, بل للعالم اجمع, ويمكن لمن يشاء أن يؤمن بها .
ومن أهم ما عدل به الإصلاحيين فكرة عودة الماشيح, فجعلوها أكثر إنسانية, وأقل أسطورية, ولا تحمل مضمونا قوميا فقد رفض مؤتمر "بتسبرج" فكرة العودة الشخصية للماشيح, وتبنوا فكرة " العصر الماشيحاني " الذي يحل به السلام, ولن يأتي هذا العصر إلى بالتقدم العلمي والحضاري, حيث ان الله يفصح عن نفسه بالتدريج من خلال التقدم العلمي والحضاري, وانتشار العمران والمدنية, وسيؤدي إلى خلاص البشرية كلها, وليس الشعب اليهودي وحده .
كما تأثر الاصلاحيون من الفكر المسيحي, من حيث أن الفكر المسيحي يرى العهد الجديد شكل ميثاقا بين الرب والبشرية اجمع, يتجاوز به ميثاق العهد القديم الذي كان بين الرب وبني أسرائيل وحدهم, دون باقي البشر, فاليهودية الإصلاحية تمكنت من طرح رؤى إنسانية رحبه, لإنها تمكنت من الانتاج على التراث الإنساني بدلا من الدوران في حدود التراث اليهودي التقليدي .
والقول نفسه ينطبق على فهم الإصلاحيين لاسطورة الشتات, والذي هو تقليديا عقاب الرب لليهود بسبب خرقهم لميثاقه معهم, ولكنهم سيعودون إلى أرض الميعاد في العصر الماشيحاني, أما الإصلاحيون فأكدوا ان الشتات حدث ليحقق اليهود رسالتهم بين البشر, وما هو إلا وسيلة لتقربهم من الاخرين وليس لعزلهم .
وبذلك يكون الإصلاحيون قد جردوا الاسطورة من قبليتها وعنصريتها ومن أبعادها التاريخية اللامنطقية .

وذروة البرنامج الإصلاحي الذي أعلنه مؤتمر بتسبورج
" نحن نرى في العصر الحديث عصر حضارة العقل والقلب جامعة,اقتراباً لتحقيق أمل إسرائيل الماشيحاني العظيم لأجل إقامة ممكلة الحقيقة والعدالة والسلام بين جميع البشر, نحن لا نعتبر أنفسنا أمه بعد اليوم بل جماعة دينية لذا فنحن لا نتوقع عودة الى فلسطين أو عبادة قربانية في ظل أبناء هارون ولا استرجاعا لأي من القوانين المتعلقة بالدولة اليهودية"



#خالد_أبو_شرخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيتوريو إبن فلسطين, فلترحلوا يا إرهابيين
- من حجارة فلسطين وياسمين تونس إلى مصر البهية
- الصهيونية (4) .. الإضطهاد والمساواة
- دولة القانون بدون قانون
- الصهيونية (3) .. الدين اليهودي
- الصهيونية (2) .. الجيتو
- صخب هاديء مع يعقوب إبراهامي
- الصهيونية (1)..نشوء المسألة اليهودية
- من الذي تغير؟,, نحن أم الصهيونية؟
- مرة أخرى مع مُنظر اليسار الصهيوني
- يعقوب ابراهامي واليسار الصهيوني
- الفضائية الحلم ... الفضائية الطموح
- هل للقدس مكانة في العهد القديم
- الإنتفاضة الفلسطينية وإجابات الماضي على تساؤلات الحاضر
- العهد القديم..ممنوع لمن هم دون ال18عاما..
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية(5) إكمال الحبكة
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية (4) الرب يطلق الوعد
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية (3) التمهيد للوعد
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية (ج2) لماذا فلسطين تحددا
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية


المزيد.....




- هكذا أنشأ رجل -أرض العجائب- سرًا في شقة مستأجرة ببريطانيا
- السعودية.. جماجم وعظام تكشف أدلة على الاستيطان البشري في كهف ...
- منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي محذرًا: الشرق الأوسط ...
- حزب المحافظين الحاكم يفوز في انتخابات كرواتيا ـ ولكن...
- ألمانيا - القبض على شخصين يشتبه في تجسسهما لصالح روسيا
- اكتشاف في الحبل الشوكي يقربنا من علاج تلف الجهاز العصبي
- الأمن الروسي يصادر أكثر من 300 ألف شريحة هاتفية أعدت لأغراض ...
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب -نشاطات تخري ...
- حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره ويستهدف مواقع للاحتلال
- العلاقات الإيرانية الإسرائيلية.. من التعاون أيام الشاه إلى ا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خالد أبو شرخ - الصهيونية (5) .. حركة التنوير - الهسكلاة -