أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - غناء لقمر بعيد -8-














المزيد.....

غناء لقمر بعيد -8-


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 3363 - 2011 / 5 / 12 - 08:54
المحور: الادب والفن
    


غناء لقمر بعيد -8-

غريب عسقلاني قصة قصيرة

فراء الحملان الرضيعة

زحف الليل ثقيلا سمجا حرمني الذهاب إلى موجة دفئ تحت أغطيتي يقيني الزمهرير في هذه المدينة التي لم تأخذني إلى عاداتها, وكأن المدينة صلبت على سفح جبل انبثق في لحظة عطش فارقة في الصحراء..
قضيت الليل بين الغفوة والصحو يضرب أجفاني ومض شرر مستفز, يعقبه قصف رعد.. تحضر معه لحظات ذعر عشتها أثناء القصف المركز على بغداد أيام الحرب.. كنت ألوذ بحضنه, يأخذني إلى صدره مثل قطة مذعورة بللها المطر, أقرأ نبض قلبه.. أرهف السمع لصوت لهاثه, فيعتصرني مداريا عني خوفه كي أنهار, أو أذوب موتا بين يديه في لحظة خاطفة.. أرتجف برجاء:
- نموت معا, أو نعيش معا!!
تطل عليَّ ابتسامته مسحوب من بئر جف ماؤه.. يحدق في سواد الليل ونقطع الوقت في نوم مضطرب..
وها هو الليل يحضر مع يوم بعيد:
- أعود بعد هدوء الأحوال أو تلتقي حيث تحط بي الرحال.
ذهب ولم يعد..
وها هو الليل يمضي يسحب في أذياله فجرا كسيفا, سحبت عافيه غيوم حبلى بالمطر.. تدثرتُ بالعباءة, وجلست مع قهوتي قرب زجاج نافذتي الموصدة أغفو على رائحة غابت ذات فجأة:
- ضاقت المدينة بي.. أنهم يتعقبوني!!
- لكنكّ لم تقترف المعصية!!
غرس أصبعه في صدري, فوق القلب:
- يطاردوني لأني أعيش هنا.. يجب أن أبتعد.
كم كان منهارا.. أخذتني رجفة أم تاه عنها وحيدها في الزحام.. ناولته العباءة:
-خذها تقيكَ صقيع بلاد الشمال..
وصمت على خوفي من نساء الشمال
- هي وديعة أبي, احتفظي بها حتى أعود.
كم هي عزيزة هذه العباءة, وكم كان يأخذنا هيام عجيب كلما حدثني عن أبيه الراعي, الذي أمضى فصل ربيع في تجهيز فراء حملان أرضعت حتى الثمالة من عشب السماوة وبطن العباءة بالفراء, وقدمها له هدية الزواج, يذهلها شبق الفراء على ادخار الدفء والاحتفاظ برائحة من يلوذ بالعباءة من غائلة البرد, وكم كنت لا أمل من الحكاية وكنت أحبه كل مرة أكثر, وفي كل مرة يأخذني إلى صدره في عب العباءة, فلا أدري إن كنت أغفو عل شبق الحكاية أم جوع إلى الخدر مع رائحته الأثيرة المعشقة بصوف الفراء!!
لكن صباح اليوم كسيف بعيد عن مراعي السماوة, وبغداد باتت بعيدة.. بعيدة..
ألوذ بالعباءة أرصد مع قهوتي المدى على وقع موسيقا المطر.. ألهث مع زاجل قادم من رحلة طويلة.. رفرف الطائر حول النافذة .. مدت له كفي, لطم الزجاج كفي.. أدمى أصابعي نفذ فيَّ شرر ألم.. شهقت دمعتي ولذت بالفراء أشكوه إليه:
".. كم غيمة سأنتظر.. وكم مرة فيها القلب ينفطر,وكم من المسافات تتمدد بيننا تحفر فينا أخاديد الجفاف!!"
وحيدة مع الصمت عل جوعي, مع رائحة ما غادرت المكان, حتى كان يوم داهموا الدار فتشوا الزوايا مزقوا الملابس, كسروا الأيقونات والتحف.. وتوقفوا طويلا أما صورة عروسين معلقة على صدر بهو الدار.. هشموا البرواز شطروا الصورة نصفين أخذوك وشنقوكَ تحت نعالهم على عتبة الدار.. صرخت:
- ولو.. رائحته لا زالت تسكن المكان.
.. تركوني مشطورة بين الحطام والعباءة المعلقة على المشجب منذ غادر.. هل شنقوه أم تراه مشبوحا بين سيقان نساء الشمال, وأخذت ابحث دفء فراء الحملان الرضيعة في فضاء العباءة المعلقة على المشجب منذ غادر صاحبها الدار.. وكنت الجائعة للدفء في رابعة الصيف, يأخذني الخسران كما لسعة برد, يعصف بي الاشتياق!! بينما الزاجل يحوم يحاول أن ينشب مخالبه في زجاج النافذة يطرده الزجاج.. يتأرجح يرفرف.. يسقط .. ويصعد ينال منه اللهاث.. وفتحت النافذ للطائر المتعب, وأخذته إلى فرو العباءة مسحت عن عينيه دمعات حزينة.. وشوشته بلغ يا طير عني:
" كلما يجرح الأرق ذاكرتي تنام عنك ذاكرتي وأنسى حنقي عليك.."
هدل الزاجل فبلني وطار لكنه سرعان ما هوى على شجرة لوز عارية من الأوراق تقاوم جفاف الصقيع.. فتحت النافذة عل مصراعيها للريح وأرهفت السمع لهديل الزاجل يأتيها على رجع نواح..
" هل تعود يوما من حيث لم انتظر!! "
كل الوجوه دونك تشابه, وكل الأزمنة خلف مرايا الروح تشابه, والأغصان تغري أوراق اللوز كل ربيع بالإياب, فيما تقطع ريح الشمال تذاكر الذهاب.."



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غناء لقمر بعيد – 7 -
- غناء لقمر بعيد -6-
- غناء لقمر بعيد -5-
- غناء لقمر بعيد -4-
- غناء لقمر بعيد -3-
- غناء لقمر بعيد -2-
- غناء لقمر بعيد -1-
- قيامة غزة
- العزف على الوتر الثامن – 10 -
- عزف على الوتر الثامن –9–
- عزف على الوتر الثامن –8–
- هذا بيت أبي
- عزف على الوتر الثامن –7–
- عزف على الوتر الثامن –6–
- عزف على الوتر الثامن –5 –
- عزف على الوتر الثامن – 4 –
- عزف على الوتر الثامن – 3 –
- عز ف على الوتر الثامن – 2 -
- عزف على الوتر الثامن – 1 -
- غريب عسقلاني في هموم امرأة خضراء – 7 –


المزيد.....




- لغة الدموع الصامتة
- مصر.. عمر هلال يجمع أحمد حلمي وهند صبري في فيلم -أضعف خَلقه- ...
- فنانة سورية تصبح سيدة نيويورك الأولى...من هي ؟
- صوّر في طنجة المغربية... -الغريب- خلال استعمار الجزائر في قا ...
- يتناول ثورة 1936.. -فلسطين 36- يحصد الجائزة الكبرى في مهرجان ...
- -صهر الشام- والعربية والراب.. ملامح سيرة ثقافية للعمدة ممدان ...
- انطلاق أعمال المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية في بيت ل ...
- رأي.. فيلم -السادة الأفاضل-.. حدوتة -الكوميديا الأنيقة-
- -المتلقي المذعن- لزياد الزعبي.. تحرير عقل القارئ من سطوة الن ...
- موفينييه يفوز بجائزة غونكور الأدبية وباتت الفرحة تملأ رواية ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - غناء لقمر بعيد -8-